حقائق من كواليس الملاعب والغرف المغلقة.. الوجه الآخر لدورة البحر المتوسط

نعمة سعيد
نعمة سعيد

لعبت دورة البحر المتوسط بمشاعر الناس سواء عن معرفة أو عن جهل أو عن عدم دراية كاملة.. وغالبا كانت الأغلبية فى حالة احتفال يومية مع كل ميدالية احرزها بطل من أبطالنا.. وكان التركيز على موهبتين هما ''كريمة'' التورتة المصرية فى منافسات وهران الجزائرية.. بسنت حميدة فى العدو.. ونعمة سعيد فى الأثقال.. وبالتأكيد كل بطل عرق وشرف بلده يستحق الحلاوة والاحتفال به والتكريم وخصوصا الواعدين الذين يستحقون اهتماما خاصا قبل أوليمبياد باريس.. لكن لابد أن تخرج من رحم الضجيج الصاخب وقفة ودقيقة صمت للتأمل من أجل الصالح العام ومن أجل مستقبل الرياضة المصرية.. ليست ظاهرة صحية أن نحتفل فقط ونكتفى بالمظاهرة الإعلامية..

وللموضوعية والمصلحة العامة يجب أن نعرض الوجه الآخر لدورة المتوسط حتى يكتمل المشهد وتستعد الرياضة المصرية على أسس سليمة للاوليمبياد القادم بلا خديعة أو حسابات منقوصة..

بسنت حميدة

أولا.. ومبدئيا لم يكن مقبولا من وزارة الرياضة واللجنة الأوليمبية إخفاء حقيقة أن نتائجنا فى دورة الجزائر اقل نوعيا من الدورة السابقة لها فى أسبانيا.. لماذا؟.. لأننا فى اسبانيا كنا فى المركز الخامس وأصبحنا فى الجزائر فى المركز السادس رغم أن إجمالى الميداليات٤٥ فى اسبانيا و٥١ فى الجزائر إلا أن مقياس الترتيب والأفضلية للميداليات الذهبية وكانت ١٨فى أسبانيا و ١٣ فى الجزائر.. إذن كان التطور أفقيا لا رأسيا.. وهذا يتطلب وقفة وإجابة عن أسباب تراجع الذهب رغم أن دورة الجزائر شهدت ٤ ميداليات جديدة لكفاءة فردية شابة من بسنت ونعمة من حسن حظنا ظهورهما فى هذا التوقيت.. وقفة اخرى لنسأل لماذا سبقتنا الجزائر فى المركز الرابع.. وقبل ذلك لماذا تسبقنا تركيا فى المركز الثاني.. هل هذا يليق بالرياضة المصرية الرائدة؟!..وهل كنا من ٤ سنوات فى أسبانيا أفضل.. وأصبحنا الآن أقل..

اقرأ أيضًا: نعمة سعيد تتوج بذهبية الكلين في دورة ألعاب البحر المتوسط بالجزائر

ثانيا: لم تكن شفافية ان يخفى جميع من ارتبطوا بالدورة عن الرأى العام أن الدول الكبيرة فى حوض المتوسط لعبت بفرق الصف الثاني.. وبالتالى كان يجب على الأقل أن يكون ترتيبنا أفضل من السادس وألا تفلت الذهبية من الفرق الجماعية ومن بعض المسابقات الفردية..

ترتيب مصر فى دورة  إسبانيا

وثالثا: ماذا كان الهدف من المشاركة فى الدورة ؟.. هل لكسب ميداليات ربما تخدعنا مستقبلا ام لتواجد له مبررات سياسية وهذا مهم ولا نعترض عليه .. أم للإعداد للدورة الاوليمبية.. والإجابة لم تكن محددة وواضحة فى حوارات الوزارة واللجنة الاوليمبية قبل المشاركة.. بل شهدت الكواليس معركة متشابهة كادت تلغى المشاركة من الأصل.. اللجنة الاوليمبية لم تكن تريد المشاركة لأن الاتحادات تشكو من ضعف الدعم والاعداد والمخصصات المالية.. والوزارة تصر على المشاركة لأن الضرورات السياسية أهم.. وبعيدا عن هذا الخلاف لماذا أصلا تشتكى الاتحادات من نقص الدعم وضعف الإعداد؟!.. لماذا لاتتوفر موارد للمناسبات الكبرى تناسب حجمها وقيمتها للبلد بينما تتوفر فى مناسبات أخرى أقل أهمية وقيمة.. لماذا لا نضع أولويات عملية وآليات لتنفيذها بعيدا عن الشعارات والكلام الدعائى الرنان..

ترتيب مصر فى دورة الجزائر

ورابعا.. لماذا سافرت البعثة المصرية فى طائرة خاصة واحدة بما قد يضر بها أمنيا وماليا..القاعدة بعد تكرار حوادث الطيران الحامل لبعثات مهمة ألا يسافر الجميع على طائرة واحدة .. قواعد الامن والتأمين تقول ذلك.. ثم أن بعض المنافسات تبدأ بعد أيام طويلة من الإفتتاح ولا داعى لوجودها من البداية بما يضاعف التكلفة وبالملايين.. ولذلك طلبت الاتحادات أن تسافر قبل بدء المنافسات بــ٢٤ ساعة فقط.. حتى تستفيد من التدريب فى القاهرة بدلا من البحث عن ملاعب تدريب هناك لم تكن متوفرة لأن ألعابا محددة تبدأ متأخرة مثل القوس والسهم والرماية والجودو وألعاب القوى والسلة واليد والأثقال والتاكوندو والسلاح.. ولماذ تم السماح لاتحاد السباحة فقط بان يعتذر ويفضل المشاركة فى بطولة العالم.. وطبعا الرأى المعارض لهذا حسم الرفض بالإشارة إلى أن حجز تذاكر لرحلات متقطعة فى وجود طائرة خاصة سيصبح مخالفة مالية.. بينما فى الحقيقة السفر بالطائرة الخاصة وعليها كل أفراد البعثة زاد من ميزانية المشاركة بقيمة 2 مليون جنيه كان يمكن توفيرها..

خطاب اللجنة الأوليمبية للوزارة يتضمن طلب استبعاد سفر البعثة فى طائرة واحدة

وخامسا.. لماذا لم نسمع عن لجنة تقييم تعمل بجد على دراسة المشاركة وابعادها وفوائدها وخسائرها.. وما حدث من أخطاء يجب تداركها وكيف تكون الدورة قاعدة انطلاق كاشفة لمستوياتنا المتوقعة مستقبلا...

وسادسا.. ماهو بروتوكول رعاية المواهب الجديدة التى برزت فى الدورة.. ونحن نعرف أن الرياضة المصرية تفتقر لنموذج رعاية وتترك ذلك للصدفة ومجهود خاصة من اللاعبين أنفسهم الأمر الذى يسبب هجرة وعمليات تجنيس تضعنا فى حرج.. لماذا لا تنسق الوزارة واللجنة الأوليمبية لوضع إطار ثابت للرعاية مادامت تفتقر للموارد المالية لدرجة أدت لاشتباك قبل السفر للجزائر..

هذا الكلام كله ليس تقليلا من انجاز الشباب المتفوق الذى اسعد المصريين بميدالياته ولكن هو دعوة للإتزان فى التقييم ومواجهة الواقع ومراعاة الشفافية والموضوعية والتحليل العلمي.. كى يكون لنا مستقبل وامل وحلم فى أوليمبياد باريس..