كتب: منى ربيع
لم تكن رصاصة واحدة في القلب تلقاها الزوج المخدوع من زوجته التي أحبها واخلص لها ووضع بين يديها أولاده وماله؛أنها سوف تطعنه في ظهره وتكسره امام كل الناس، لم يصدق أنها المرأة التي وقف امام أسرته من أجلها، تحمل شقاء الغربة حتى ترتاح هي وأولاده في أرض الوطن.
على مدار عشرين عاما عمل احمد في احدى الدول العربية، يلبي لزوجته كل متطلباتها هي واولاده الثلاثة، تبدل بهم الحال وانتقلت بسببه لمستوى مادى آخر، اصبحت تملك شقة وسيارة فارهة والتحق ابنائها بالمدارس الدولية؛ وعاد الزوج من غربته- وكأن لسان حاله يقول ليتني ما عدت- عاد ليعيش في جو الأسرة الذي توحشه كثيرا لكنه فوجئ بالكارثة التي فاقت كل تصور ولم تخطر له على بال؛ زوجته التي سلمها ماله وحاله ومحتاله خلعته منذ عامين وتزوجت من آخر، والمفاجأة في شخص هذا الآخر!
كاد احمد أن يموت من هول الصدمة لا يعرف ماذا يفعل؟ أو اين يذهب فزوجته باعت الشقة وانتقلت لتيعش مع زوجها الجديد في يوم وليلة اصبح بلا مأوى أو زوجة او اولاد كل ذلك اصبح فيه في يوم وليلة هباءً منثورا، طرق جميع الابواب لكنه اصطدم بأن الخلع لا استئناف له لم يجد امامه سوى تقديم بلاغ للنائب العام وشكوى في مجلس الوزراء، فكيف يتم خلعه بدون ان يعرف؟ كيف يتم الغدر به بهذا الشكل؟
مأساة أحمد يرويها لنا بأسى وحزن بعد عشرين سنة قضاها في الغربة، في السطور التالية.
منذ أكثر من عشرين عاما كان أحمد في زيارة خالته وهناك التقى بفتاة تصغره في العمر بثلاث سنوات أعجب بها منذ الوهلة الأولى، موظفة في احدى المطابع، ويتيمة الأم، عرضت عليه خالته أن يتزوجها، فهي فتاة طيبة وستعيش معه على المرة والحلوة وليس لها أي طلبات سوى الستر وراحة البال، هكذا بررت الخالة الأمر لابن شقيقتها، وما كان على أحمد إلا أنه وافق وتقدم لخطبتها واستمرت الخطبة لمدة عام بعدها تزوج من اهـب مر العام الاول من الزواج انجبا فيها ابنتهما سارة، وبعد عدة اعوام اخرى انجب طفلة، وطفل آخر.
مضت ست سنوات من الزواج؛ وبدأ الحال يضيق بأحمد ولانه أيضا كان يريد أن يحقق لزوجته كل ما تتمناه، اخذ الزوج يبحث عن عمل إضافي حتى يوفر لأسرته حياة كريمة ويعوض زوجته التى احبها عن سنوات الشقاء التي عاشتها، إلى أن أتت له فرصة عمل كفني مصاعد في احدى الدول العربية، سافر احمد وهو يحلم لزوجته وابنائه بحياة كريمة، كان يعمل ليل نهار حتى يحقق لهم ما يحلمون به لدرجة أنه كان يحرم نفسه من أجل ان يرسل إليهم الأموال التى يطلبونها، وبعد عدة اعوام كبر خلالها الأبناء أرادت الزوجة إلحاقهم بالمدارس الدولية، وبفضل الزوج االمتغربب انتقلت لتعيش في شقة أكبر، وكان أحمد يحضر إلى مصر مرتين في السنة يأتي محملا بالهدايا لزوجته وابنائه، يسافرون يتنزهون في عدة مصايف دون أن يبخل عليهم ثم يعود لعمله مرة أخرى.
حامل الأمانة
سنوات طويلة قضاها أحمد في الغربة لا يعكر مزاجه سوى شيء واحد وهو انه بعيد عن زوجته وأولاده الثلاثة لايهمه أو يشغله شيء سوى أن يسعدهم ويحقق لهم مطالبهم التى يحلمون بها، حتى وصلت ابنته الكبيرة إلى مرحلة الثانوية العامة، وبعد أن انتهت منها ألحقها باحدى الجامعات الخاصة، كما أرادت الام أن تنتقل من فيصل إلى حدائق الأهرام، واخذت الزوجة تشجع زوجها على العمل أكثر حتى يحققون ما يحلمون به.
ولان احمد كان يحب زوجته بجنون كان ينفذ لها كل طلباتها وبمجرد أن يقبض راتبه يرسله لها، لتحضر ما تشاء، وبالفعل استطاعت شراء الشقة التى تحلم بها والتحقت الابنة الكبرى بالجامعة الخاصة، وكتبت الزوجة الشقة باسمها واشترت ايضا سيارة فارهة، وفي تلك الفترة رأى احمد الشقة أثناء وجوده في مصر، وهي لا تزال على الطوب الأحمر لم يتم توضيبها بعد.
وسافر مرة اخرى لمعاودة عمله وفي تلك الفترة اخذ اشقاؤه وأسرته ينصحونه بكتابة اي ممتلكات لديه باسمه هو ولا يأمن لزوجته، لكنه رفض نصيحتهم بل وحدثت بينهما مشاكل كبيرة بينهما، بعد أن اوهمته زوجته بأن اشقاءه يغيرون منه ومنها لأن أبناءها يعيشون في مستوى أفضل منهم، صدق احمد ماتقوله زوجته بشأن عائلته، واصبح لايحكى لهم أي شيء لدرجة أن احد اشقائه كان يعمل معه في نفس البلد ولا يأتمنه على ارسال اموال لزوجته وابنائه حتى لا يعرفون ماذا يجني من الأموال؟!
واستمر الحال هكذا حتى سافرت له زوجته، وهناك افتعلت معه مشكلة وكان ذلك في 2017 وظلت معه لمدة ثلاثة أشهر، ولانه كان يحبها صالحها واحضر لها الهدايا حتى لا تغضب منه مرة أخرى، وعادت بعدها الى مصر لتستكمل فرش الشقة الجديدة التى اشتراها في منطقة حدائق الأهرام وظل الزوج في عمله، واستمر الحال على ما هو عليه يحدثها تليفونيا ومكالمات فيديو كأي زوجين، ويرسل لها كل ما تحتاجه من مال وهدايا؛ وفي منتصف عام 2018 تعرف على احد الاشخاص في البلد التى يعمل بها واستضافه في منزله واصبح الاثنان صديقان، وبدأ يثق به وبعد فترة من تعارفهما اخبره بأنه سيعود إلى مصر، فطلب منه احمد أن يقوم بتوصيل بعض الهدايا والمال لزوجته.
وبالفعل عندما عاد صديقه لمصر قام بتوصيل الهدايا لزوجته واتصل به وابلغه بأنه وصل الأمانة، واستمر الوضع هكذا، الزوج في عمله في الخارج والزوجة في مصر لعامين آخرين، يتصل بها ويحادثها عبرمكالمات الفيديو وعندما كان يخبرها بأنه يريد العودة ترفض وتطلب منه الاستمرار في العمل حتى ينتهون من تعليم ابنتهم الكبرى فجامعتها الخاصة تحتاج الكثير من المصاريف!
الصدمة
وفي منتصف عام 2020 اتصلت حماة أحمد، واخذت تسأله هل هناك مشاكل بينهما؟ وهل هما فعليا اتفقا على الانفصال؟ فوجئ احمد بما تقوله تلك السيدة واخبرها أن هذا الحديث عاري تماما من الصحة، فهو وزوجته على وفاق كامل وأنه يرسل لها ما تحتاجه من أموال وهدايا؛ وفي نفس التوقيت اتصلت به ابنته تطلب منه هاتف محمول وجهاز لاب توب لانها تحتاجهما في دراستها، وافق الاب واخذ يسألها عن والدتها وكان الوقت متأخرا ليلا لانه يطلبها ولا ترد لتخبره انها غير موجوده شعر الاب بالقلق خاصة بعد محاولته الاتصال بها اكثر من مرة، اتصل الأب بابنته مرة ثانية وهو يخبرها بأنه سيعود إلى مصر بعد عشرين يوما، هنا ارتبكت الابنة لتطلب منه ألا يعود وبعد أن ساد الصمت بين الاثنين للحظات فجرت الابنة الصدمة التي لم يتوقعها؛أمها خلعت نفسها منه منذ شهرين، ظن الاب أن ابنته تمزح معه، قال لها ساخرًا من دعابة ابنته، اماما خلعتني نكته بايخه يا حبيبتيب!، لكنه فوجئ بالابنة تؤكد له ما يسمعه وأن والدتها تكرهه ولا تريده، وبعدها اغلقت هاتفها في تصرف أغرب.
اتصل الزوج بأشقائه يخبرهم بما حدث، حاول الوصول لزوجته وأبنائه لكنه لم يعرف لهم طريقا، ذهب اشقاؤه إليها في شقتها بحدائق الاهرام لكنهم فوجئوا بها باعت الشقة وكانت الصدمة الأكبر انها تزوجت من آخر بعد إنتهاء شهور العدة!، عاد الزوج المخدوع من الخارج يحاول الوصول لزوجته لكنها اختفت وكأنها كما يقولون فص ملح وذاب، حتى اكتشف المفاجأة الأكثر غرابة؛ عندما فوجئ شقيق الزوج المخدوع باتصال من الصديق حامل هدايا ومال الزوج وظنه صديقه في نفس البلد، يطلب منهم ألا يبحثون عن طليقة شقيقه، شعر الشقيق الأكبر بالصدمة من طلب الرجل الذي وثق فيه شقيقه، وعندما سأله عن السبب اخبره بأنها أصبحت زوجته.
سقط الزوج مغشيًا عليه من هول مايسمعه فهي لم تكتفِ بالخلع والنصب عليه وقيامها بأخذ أمواله وهو في الغربة وهي مطلقة منه خلعًا بل قامت بالزواج من صديقه، لم يجد الزوج المخدوع سوى الذهاب إلى النيابة العامة لتقديم بلاغ ضد مطلقته هـ.ع وقلم محضرى أسرة بندر ومركز الجيزة حمل رقم 11757 لسنة 2020.
أزمة
تحدثنا مع الزوج عن معاناته وعن ما حدث له حيث بدأ حديثه بكلمات تغمرها الدموع مؤكدًا: كنت اثق فيها ثقة عمياء.. اعتبرتها حب عمرى وكل حياتى تزوجتها عشرين عاما لم ابخل عليها بشيء، اشعر وكأني في كابوس فزوجتى التى أحببتها ووقفت ضد جميع أفراد اسرتى من أجلها باعتني وخدعتنى وطعنتتى في ظهرى.
ألم يساورك الشك بما فعلته قبل سفرك في المرة الأخيرة، ألم تشعر ولو لمرة أنها تغيرت انها تتهرب منك؟!، يصمت الزوج قليلا ثم يتحدث قائلا: اطلاقا لم أشعر بأي تغيير طرأ، بل كانت تطلب منى اموالا باستمرار لها ولأولادها، وعندما اخبرها بأننى سأعود كانت تضع على كاهلى مصاريف ونفقات طائلة، ولاننى احبها لم استطع أن ارفض لها طلبا نهائيًا.. كنت أصبر على شقاء الغربة من أجلها.
لماذا وقفت أمام أفراد أسرتك من اجلها؟
كانوا يرون اننى اخطئ في ثقتى العمياء بها وكانوا دائما يحذروننى منها لانهم لم يرتاحوا لها، وانا على العكس ظلت مراية الحب عندي عمياء ولما لا وهي حبيبتى وام ابنائي الذين أعاني مشقة الغربة من اجلهم، كنت أرى انها تستحق أي شيء فهي صبرت معى في بداية زواجنا، وأنا كنت اعوضها عن سنوات الشقاء التى رأتها في حياتها، عاشت يتيمة مع زوجة اب وكنت اريد أن اعوضها عن كل عذاباتها، اتذكر كانت تقول لي أن اشقائي يغيرون منها ومن أبنائها لانها لا تحرمهم من شيء فأولادنا اعضاء في احد النوادي الكبرى ويمارسون الرياضة ويلتحقون بأفضل المدارس وكنت أصدقها، وكم أنا نادم لأني صدقتها.
كيف تلقيت خبر قيامها بخلعك؟
كدت اموت من الصدمة مرتين، المرة الاولى عندما أخبرتني ابنتى بأن والدتها خلعتني من شهرين، وفي المرة الثانية عندما نزلت مصر واكتشفت أنها سرقتني وتزوجت صديقي، وقتها لم استطع تمالك نفسي من الصدمة، فهي كانت تحدثنى يوميا اثناء تلك الفترة وكنت ارسل لها الاموال، بصورة دورية مع اصدقائي، ولم اشعر بشيء، كنت احدثها عبر مكالمات الفيديو وكنت اراها بملابس المنزل كالمعتاد لم يتغير شيء بل كانت تغازلنى وأغازلها كأي زوجين فكيف لي أن اشك أنها في نفس الوقت تعيش مع رجل آخر.
بعدها يصمت أحمد والدموع تملأ عينيه ويتابع: انا ظللت لمدة عام كامل لا أصدق ما فعلته بي، لم أذق طعم النوم، انام بعد تناول المهدئات واستيقظ من نومى مفزوعا على ذلك الكابوس، عام كامل احبس نفسي في المنزل بعد عودتى من الخارج، احاول الاتصال بأبنائي لا اعرف الوصول إليهم، اخبرونى انهم يريدون الحياة مع والدتهم وانهم لا يريدون أن يعيشوا معى، استطاعت أن تجعل ابنائي يكرهوننى، لا اعرف كيف فعلت ذلك، ابنتى الكبرى كانت ولازالت قرة عينى، لم ارفض لها طلبًا طول حياتها، الآن وانا غير قادر ماديًا لا تريدني.
هل تواصلت مع زوجها بعد عودتك من الخارج؟
لم أفعل ذلك قطعا ظننته صديقي لكنه خاننى لا اعرف كيف بدأت علاقتهما أو تزوجا لكنها الحقيقة التى ظهرت امامى ولا استطيع تصديقها من بشاعتها فهي خلعت نفسها ونصبت علي وتزوجت دون أن اعرف، فأي أخلاق تلك التي تبيح لزوجة أن تفعل ذلك في زوجها.
كيف خلعتك غيابيًا؟
منذ عام 2016 وانا في الخارج لم اعد فيها إلى مصروهذا مثبت بجواز سفرى واكتشفت انها كانت ترسل لي اعلانات المحكمة على عنوان شقتنا بحدائق الاهرام التى لم أدخلها إلا مرة واحدة اثناء تجهيزها، ونظرًا لسفرى لم ارها بعد استكمال تأثيثها، وعندما عدت إلى مصر اكتشفت انها باعت الشقة وذهبت لتعيش مع ابنائي لدى زوجها استطاعت بث سمومها في رأس ابنائي الثلاثة وانها تضمن لهم حياة الثراء معها واننى لا استطيع الانفاق عليهم بعد عودتى وبعد انتهاء عقد عملي في الخارج.
هل حاولت التفاوض معها لإعادة اموالك التى اخذتها بعد الطلاق؟
أشقائي فعلوا ذلك وكانت المفاجأة عندما عرفنا انها باعت الشقة وعندما سألها اشقائي على ثمنها، اخبرتهم بأنها انفقتهم على الاولاد حاولوا التفاوض مع زوجها عسى ترسل الاموال التى كنت ارسلها اثناء الطلاق،الغريب أنهم وافقوا في البداية ثم تهربوا من الرد على اشقائي، أنا لا اريد شيئا سوى حقي انا تغربت لأكثر من عشرين عامًا من اجلها واجل ابنائي ومافعلته معى هو خيانة أمانة، فلم يتم اعلاني بقضية الخلع، عندما سألت اكتشفت أنه لا يوجد بها استئناف، وزواجها أيضًا خيانة حتى لو رسمي فهي استمرت تحدثنى وتخدعنى وكأننا زوجين واستنزفتنى ماديًا عامين لا اعلم فيها اننى اصبحت مخلوعًا، بعدها تنهمر الدموع من عين احمد ثم يتحدث قائلا: حررت بلاغا ضدها وضد قلم المحضرين لأن ماحدث هو تلاعب والآن اريد ان أرى ابنائي، للأسف طريق المحاكم طويل ويحتاج اموالا وانا لا أملك حاليا سوى ملابسي التى ارتديها، أنا لا استطيع النزول للعمل او مواجهة الناس بعدما فعلته زوجتى، ظللت عاما كاملا لا استطيع مقابلة أحد اخاف من نظرة الناس لي، وفي النهاية اختتم احمد حديثه قائلا؛ بأنه يتمنى ان يتبنى قضيته محامي لمواجهة الظلم الذى وقع عليه ومساعدته في أن يرى ابناءه الثلاثة الذين لم يرهم منذ ست سنوات.