القضاء يتصدى لمخالفات المباني.. تفاصيل

مخالفات المباني
مخالفات المباني

أسماء سالم

شهدت الدوائر المختلفة بمجلس الدولة خلال الفترة الاخيرة نظر العديد من القضايا المتعلقة بمخالفات البناء، وأصدرت المحاكم الإدارية عدة أحكام رادعة بإلغاء التراخيص الممنوحة من الجهات الإدارية لبعض الاشخاص والشركات ومنع توصيل المرافق لبعض المباني بسبب إصرار البعض على مخالفة القانون وتجاوز شروط تراخيص البناء الممنوحة لهم بهدف تحقيق مكاسب طائلة بغض النظر عن مخالفة القانون وتعريض حياة السكان للخطر.في السطور التالية نستعرض تفاصيل بعض القضايا والأحكام الصادرة بخصوصها.

 

“ما ضاع حق وراءه مطالب»، مثل يُضرب على صاحب الحق الذي لا يكل ولا يمل من المطالبة بحقه وإصراره على إزالة خطر يواجهه بالقانون ولا غيره؛ صدر قرار ترخيص بناء لمالك، لبناء عقار ١١ دورا، ولكن فوجئ الجار أنه سوف يتضرر من هذا الارتفاع، لذلك تقدم بدعوى قضائية يطعن على ترخيص العقار ١١ دورا، وأكد الطعن، أن قطعة الأرض الصادر بشأنها الترخيص المذكور ملاصقة للعقار ملك المدعي.

ألغت المحكمة الإدارية العليا، تراخيص قرار جهة الإدارة المتضمن الترخيص للمواطن ببناء قطعة أرض ببناء بدروم وأرضي و ١١ دورا، وقضت بإلزامه ببناء ٦ أدوار فقط بناء على تقرير الخبير الذي حدد أقصى ارتفاع يمكن أن يحصل عليه الطاعن هو ٦ أدوار، وأنصف القضاء جار المواطن الذي يمتلك عقارًا ملاصقًا لقطعة الأرض ويتضرر من هذا الارتفاع الذي صدر لبناء قطعة الأرض وبناء على بيانات غير صحيحة، مما حدا به لإقامة الدعوى، وألزمت المحكمة مالك الأرض بالمصروفات القضائية .

 

«عداد ميه»!

في مدينة العبور، خصصت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لشركة الاستثمار العقاري قطعة الأرض رقم (7) بلوك ( ۱۸۰۲۸)الحي التاسع مدينة العبور، وتم إقامة عقار، ثم تقدم رئيس اتحاد شاغلي العقار، بطلب إلى جهاز مدينة العبور للموافقة على تركيب عداد مياه للبدروم، إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن تركيب العداد، لوجود مخالفات بالعقار تمثلت في زيادة غرف السطح عن النسبة المقررة بالترخيص الصادر للعقار وقد صدر قرار الإيقاف رقم ۲۷۹ لسنة ۲۰۰۹.

 

ورأت المحكمة، أنه لما كان العقار المشار إليه، وإن كان قد حصل على ترخيص بناء، إلا أنه خالف شروط الترخيص بزيادة غرف السطح عن النسبة البنائية المقررة بالترخيص، وبالتالي لم يحصل العقار على شهادة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تفيد مطابقة الأعمال لشروط الترخيص، ومن ثم يحظر على الجهات القائمة على شئون المرافق، تزويد العقار أو أي من وحداته بخدمات المرافق .

 

وأيدت المحكمة الإدارية العليا؛ قرار رئیس إدارة التشغيل والصيانة بمدينة العبور، برفض تركيب عداد مياه ببدروم العقار بمدينة العبور، وذلك لمخالفة العقار الاشتراطات البنائية بزيادة عدد الغرف عن النسبة المقررة، ورفضت المحكمة طعن رئيس اتحاد الشاغلين وألزمته المصروفات القضائية.

 

واستندت المحكمة، على أن المُشرع حظر إقامة المباني أو توسيع القائم منها، أو تعليته أو تعديله أو تدعيمه أو إجراء أية تشطيبات خارجية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة، ولا يتأتى الحصول على هذا الترخيص إلا بناء على طلب يقدمه المهندس أو المكتب الهندسي المعتمد إلى ذات الجهة مرفقة به الرسومات والمستندات اللازمة وشهادة بصلاحية الأعمال للترخيص، كما حظر على الجهات القائمة على شئون المرافق تزويد العقارات المبنية أو أي من وحداتها بخدمات المرافق، إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، تفيد صدور ترخيص بالمباني المقامة ومطابقتها لشروط الترخيص وتعتبر هذه الشهادة بمثابة رخصة لتشغيل المبني .

الجامعة وأوقاف المنيا

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى حفظ النزاع بين جامعة المنيا ومديرية أوقاف المنيا، بخصوص القرار الصادر عن محافظ المنيا بتخصيص مساحة (614,92) م2 أملاك دولة منافع عمومية، لصالح مديرية الأوقاف والمقام عليها مسجد التوحيد، وذلك لنكوص جهة الإدارة عن تقديم ما طلبته الفتوى من أوراق تثبت ما انتهى اليه عمل اللجنة المُشكلة .

 

بداية الواقعة بتخصيص محافظ المنيا مساحة (614,92) م2 أملاك دولة منافع عمومية بالقطعة رقم (4) حوض الحكيم نمرة (19) زمام مدينة المنيا، لصالح مديرية الأوقاف والمقام عليها مسجد التوحيد، وهو ما حدا بالجامعة إلى طلب عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع على سند من أن مساحة الأرض مملوكة للجامعة، وتندرج ضمن الأراضي الصادر بشأنها القرار الجمهوري رقم (104) لسنة 1972 باعتبار مشروع إقامة كليات ومرافق جامعة أسيوط بمدينة المنيا من أعمال المنفعة العامة، والتى تسلمتها الجامعة منذ إنشائها، وأنه مدون على الخريطة المساحية أن مساحة الأرض مدرسة الزراعة المتوسطة والتى تحولت إلى المعهد العالي للزراعة ثم كلية الزراعة التى تتبع جامعة المنيا .

كما ان الأرض محل نزاع قضائي بين الجامعة وجمعية نور البيان الإسلامية بالمنيا التى تعدت على هذه المساحة بالبناء عليها، ومقام بشأنها الجنحة رقم (23407) لسنة 2012 جنح بندر المنيا، وورد بتقرير الخبير المودع فى هذه الجنحة ملكية الجامعة لقطعة الأرض .

وأكدت الفتوى؛ أن الجهة طالبة عرض النزاع (جامعة المنيا)، لم ترفق بطلب إعادة العرض الماثل أو بأي من الكتب الموجهة منها لاحقًا إلى إدارة الفتوى لوزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني والتعليم العالي والبحث العلمي والجامعات، ما انتهت إليه أعمال اللجنة التي انتهت الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في سبتمبر ٢٠١٩، إلى تشكيلها .

وإذ لم تُقدم الجامعة في طلب إعادة عرض النزاع الماثل ما يُعد إجابة لما انتهت إليه الجمعية العمومية، الأمر ذلك يُنبئ عن عدولها عن طلب عرض النزاع على الجمعية العمومية، مما يتعين معه حفظه دون أن يغلّ ذلك يد الجهة عارضة النزاع عن معاودة الطلب مستقبلا فى ضوء ما يتراءى لها بعد انتهاء اللجنة من عملها وإعداد التقرير المشار إليه.

حي البساتين

امتلك شخصان قطعة الأرض بالمعادي الجديدة حي البساتين محافظة القاهرة، وهذه الأرض تقع ضمن تقسيم الشطر الاول الخاص بإحدي شركات الاسكان و التعمير، وثبت من حافظة مستندات الدولة، أن الاشتراطات البنائية المرفقة بقرار اعتماد مشروع التقسيم الذي تقع به أرض الطاعنين، أن ارتفاع المبانى بحد أقصى 13 مترًا، ومن ثم يغدو طلب الطاعنين تبعا لما تقدم ونتيجة له، بشأن منحهما ترخيص بناء العقار السكنى المملوك لهما بارتفاع مرة و نصف عرض الشارع على قطعة الأرض المذكورة متجاوزا للحد الأقصى المقرر بالاشتراطات المشار إليها، وهي ١٣ مترًا، ويتعين على الجهة الإدارية الالتزام بالاشتراطات البنائية لتقسيم المنطقة الكائن بها قطعة ارض الطاعنين باعتبارها في مصاف القيود القانونية المتضمنة في القوانين واللوائح، ويكون مسلكها المتمثل في رفض طلب الترخيص متفقا وصحيح حكم القانون ولا يجب إلغاؤه .

أيدت المحكمة الإدارية العليا، قرار محافظ القاهرة ورئيس حي البساتين، المتضمن رفض منح الترخيص لقطعة أرض يمتلكها مواطنان اثنان، ويرغبان في بناء عقار سكنى بارتفاع مرة ونصف عرض الشارع، متجاوزين في ذلك الحد المسموح للبناء، ورفضت المحكمة طعن المواطنين، مؤٔكدة ضرورة الالتزام بالبناء حد أقصي ١٣ مترًا، وحمَّلت المحكمة الطاعنين المصروفات .

ولم تأخذ المحكمة، ما قدمه الطاعنان من مستندات تفيد إصدار جهة الإدارة لعدة تراخيص بارتفاع مرة ونصف عرض الشارع، لعقارات مجاورة لعقاره، ذلك لأن إصدار تراخيص بالمخالفة للقانون لا يصلح سندًا أو مبررًا لإصدار تراخيص أخرى مخالفة، لأن الخطأ لا يقاس عليه .

كما لم تأخذ المحكمة أيضًا، بما تمسك به الطاعنان من سبق صدور أحكام من محكمة القضاء الإداري، بمنح العقارات المجاورة للعقار تراخيص بالبناء مرة ونصف عرض الشارع، فذلك مردود عليه بأن نطاق الحجية القانونية للأحكام المستشهد بها يقتصر على أشخاص الخصوم في الدعاوى التي صدرت فيها تلك الأحكام - ودون أن تمتد إلى غيرهم وبمراعاة أن حجية هذه الأحكام هي حجية نسبية ذاتية قاصرة على أطرافها، وبالتالي فلا يجوز لمن لم يكن خصمًا في هذه الدعاوى أو متدخلا فيها التمسك بها في مواجهة الجهة الإدارية في نزاع آٔخر، مما يتعين معه رفض الدعوى .