الأزمـات تضـرب أمريكا| إطلاق النار «العشوائى» واختفاء «لبن الأطفال» أبرزها

بايدن وخلفه الأرفف الخالية من ألبان الأطفال
بايدن وخلفه الأرفف الخالية من ألبان الأطفال

كتب: خالد حمزة

-تشريع‭ ‬يمنع‭ ‬شراء‭ ‬الأفراد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬21‭ ‬عاما‭ ‬البنادق

- أمريكا‭ ‬الأولى‭ ‬عالميا‭ ‬فى‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬بين‭ ‬المواطنين

- الأرفف‭ ‬خاوية‭ ‬من‭ ‬ألبان‭ ‬الأطفال‭ ‬والولايات‭ ‬تعلن‭ ‬الطوارئ

- بايدن‭ ‬يلجأ‭ ‬لقانون‭ ‬يعود‭ ‬للحرب‭ ‬الباردة‭ ‬لاستيراد‭ ‬الألبان

 

بينما كان مجلس النواب الأمريكى يقر مشروع قانون حماية أطفالنا، الذى يرفع بموجبه الحد الأدنى لسن شراء البندقية الهجومية فى الولايات المتحدة إلى 21 عاما، ويمنع بيع مخازن الأسلحة ذات السعة الكبيرة، كانت طائرة آتية من ألمانيا تحمل أكثر من 31 طنًا من عبوات حليب الأطفال المجفف، على وشك الهبوط فى إحدى الولايات الأمريكية، وسط حالة طوارئ أعلنها عمدة نيويورك إريك آدامز، بسبب النقص الحاد فى حليب الأطفال على مستوى البلاد.

 

الأسلحة النارية عنصر أساسى فى أسطورة الولايات المتحدة وتاريخها، فهل يمكن تصور أبطال الغرب الأمريكى، يواجهون بيئة طبيعية معادية، ويحاربون قُطّاع طرق وخارجين عن القانون والهنود الحمر.. بدون بنادقهم؟!.. والجدل حول تقنين انتشار الأسلحة فى الولايات المتحدة الأمريكية، تجدد بعد إطلاق النار العشوائى بمدرسة ابتدائية فى ولاية تكساس، حين فتح شاب ذو 18 سنة النار داخل مدرسة ابتدائية، موديا بحياة 21 ضحية 19 منهم أطفال، قبل أن تقتله الشرطة.

 

وفى تعليقه على الحادث، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إن افقدان طفل يشبه اقتلاع جزء من روحك، وتشعر كأنك غارق فيه، ولا تستطيع الخروج منه، علينا تحويل هذا الألم إلى عملب، وتساءل بايدن امتى سنقف فى وجه لوبى السلاح؟ب، وبلغة الأرقام حسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تحتل الولايات المتحدة المركز الأول فى العالم من حيث انتشار السلاح بمعدل بلغ سنة 2020 نحو 120٫5 مليون بندقية لكل 100 مليون مواطن أمريكى، وفى سنة 2018 فقط بلغ عدد البنادق المتداولة على الأراضى الأمريكية ما يزيد على 390 مليون بندقية، وتتعدى الولايات المتحدة بذلك عدداً من مناطق النزاعات بالعالم، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط.

 

وتتزايد حوادث إطلاق النار العشوائى واستهداف المدنيين، فقد سجلت الولايات الأمريكية أكثر من 600 إطلاق نار خلال 2020 وحدها، مقارنة بـ419 خلال 2019، وأدى 25 من هذه الحوادث إلى قتل جماعى، خاصة بين تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات ومرتادى المراكز التجارية، ويميل الأمريكيون إلى معارضة انتشار الأسلحة عشوائيا، ويطالبون بتشريع وتقنين صارم لها، ويرى 52% من الأمريكيين ضرورة تقنين صارم للأسلحة النارية، مقابل 35% يرون بقاء قوانين السلاح كما هى.

 

ومنذ حملته الانتخابية أمام الرئيس السابق دونالد ترامب، الداعم للسوق الداخلية للأسلحة، تعهد الرئيس الأمريكى جو بايدن بتشديد الخناق على هذه التجارة، وكان آخر إجراءاته ما أطلقه فى أبريل الماضى لمحاربة انتشار الأسلحة، الذى يلزم الشركات المصنعة لنماذج هذه الأسلحة، بإرفاق أرقام تسلسلية بها يُمكن تتبعها من خلالها بموجب قانون تتبع الأسلحة، لكن هذه الإجراءات دائمًا ما تصطدم بعقبات كبيرة داخل الكونجرس، حيث تمول لوبيات تجار السلاح، معارضة قوانين تقنين تلك التجارة بأموال طائلة، وعلى رأس هذه اللوبيات الجمعية الأمريكية للبنادق، التى تبلغ ميزانيتها السنوية 300 مليون دولار، أنفقت منها فقط فى 2020 ما يزيد على 2٫2 مليون دولار على الضغط السياسى داخل الكونجرس، كما أنفقت الجمعية إعلانات تليفزيونية تخدم مصالحها، إضافة إلى الإعلانات عبر الإنترنت.

 

الغريب هنا، أن بعض المؤيدين لاقتناء السلاح من الحزب الجمهورى يؤيدون ذلك علنا، فقد نشر عضو الكونجرس عن الحزب الجمهورى توماس ماسى، صورة مثيرة للجدل على صفحته الخاصة فى تويتر، يظهر فيها مع عائلته بجانب شجرة عيد الميلاد، يحملون بنادق رشاشة أوتوماتيكية، مرفقة بعبارة اعيد ميلاد سعيد.. نطلب من سانتا (بابا نويل) إحضار الذخيرة.

 

وأثارت الصورة انتقادات حادة، ودافع العضو عن حيازة السلاح بقوله اإنه مجرد تقليد متوارث لحيازة الأسلحة واستخدامهاب، ودعمًا لزميلها نشرت عضو الكونجرس الجمهورية لورين بوبارت، صورة مشابهة لها مع أبنائها الأربعة بالسلاح، بجوار شجرة عيد الميلاد، ووصف مغردون الصورتين بالإرهاب المحلى، ورغم كل هذا الجدل، يبدو أن الحد من التخلص من الإطلاق العشوائى للنار فى أمريكا، مازال أمامه طريق شاق وطويل.

ولم تهدأ أمريكا بعد تلك الأزمة، لتضاف لها أزمة خانقة طالت ملايين الأسر الأمريكية، فالولايات المتحدة تواجه نقصا فى لبن الأطفال منذ عدة أشهر، بسبب مشاكل الإمداد وقلة الأيدى العاملة، بسبب إغلاقات كورونا وتفاقم الوضع مؤخراً، ولهذا شدد كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس بايدن على الحاجة إلى التفكير فى جذب المزيد من المنافسة فى الاقتصاد الأمريكى، والحصول على عدد أكبر من منتجى ألبان الأطفال، حتى لا تتحكم شركة واحدة بسلاسل الإنتاج.

 

وحسب صحيفة وول ستريت جورنال، حول السبب الحقيقى للأزمة يرى البعض أن فرط التنظيم من جانب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، كان أحد الأسباب الرئيسية، خاصةً أن 98% من ألبان الأطفال المباعة فى الولايات المتحدة محلية الصنع، بينما لا يسمح القانون الامريكى بسهولة للشركات العالمية، للتنافس مع الشركات الأمريكية المنتجة لألبان الأطفال، بسبب موافقات الإنتاج أو التعريفات المفروضة على الواردات.

 

وتعقدت الأزمة أكثر بعد الإعلان عن أن أكثر من40% من تجار التجزئة، قد نفد مخزونهم من ألبان الأطفال، وبينما يوصى اختصاصيو الصحة بالرضاعة الطبيعية للأطفال، حتى يبلغوا 6 أشهر من العمر، تقول الأرقام الفيدرالية إن 1 من كل 4 أطفال فقط، يعتمدون على لبن الأم فى ذلك العمر بأمريكا، وتنتج الولايات المتحدة 98% من ألبان الأطفال الذى تستهلكه محليًا، بينما تستورد منتجات من المكسيك وتشيلى وأيرلندا وهولندا، وقالت إدارة الغذاء والدواء إنها ستعلن عن خطوات إضافية باستيراد بعض منتجات ألبان الأطفال. 

صار من المألوف يوميا أن تجد صورا للأرفف الخاوية فى متاجر التجزئة، وزادت نسبة نفاد المخزون لألبان الأطفال على مستوى البلاد من 31 لـ40%، وشهدت بعض الولايات معدلات نفاد المخزون، تجاوزت نسبة 50%، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى فى أمريكا، منشورات لمعلومات مضللة خطيرة، عن وصفات منزلية لتحضير ألبان الأطفال، رغم أن شبكات التواصل الاجتماعى مثل افيسبوك وتيك توك ويوتيوبب قد اتخذت بالفعل خطوات للتحذير من الصور ومقاطع الفيديو والمنشورات المشابهة، وإرفاقها بمعلومات تشير إلى أضرار مثل هذه الوصفات، وفى بعض الحالات إزالتها فإن حملتهم على هذه المنشورات المضللة غاب عنها التنسيق والتنظيم فاستمرت هذه الوصفات فى الانتشار واستمر معها تعريض الأطفال للخطر.

 

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة ايونيسيفب ومنظمة الصحة العالمية فى تقرير للأمم المتحدة، أن صناعة اللبن الصناعى البالغة 55 مليار دولار، تستخدم استراتيجيات تسويق غير أخلاقية، كما حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، من أن تسويق لبن الأطفال، لا يزال منتشرا بشكل غير مقبول، ودعا لتبنى اللوائح المتعلقة بالتسويق الاستغلالى، وتطبيقها على وجه السرعة لحماية صحة الأطفال، بينما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس بايدن، قرر إنشاء جسر جوى واللجوء لقانون يعود إلى حقبة الحرب الباردة لحل أزمة نقص ألبان الأطفال، ويتمثل بجانب الجسر الجوى فى إعلان الطوارىء بعدد من الولايات الأمريكية، التى تعانى نقصا حادا، إضافة لتدخل الجيش فى عمليات التوزيع والاستيراد من الخارج، بطائراته العسكرية العملاقة.

 

وأعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، عن سلسلة من الإجراءات لزيادة العرض، وقالت إنها ستنفذ عمليات تسهِّل على مصنعى ألبان الأطفال الأجانب، بيع منتجاتهم داخل الولايات المتحدة، واقترح النواب الديمقراطيون فى مجلس النواب مشروع قانون، بتمويل إدارة الغذاء والدواء بـ28 مليون دولار لمعالجة النقص، حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، لكن من غير الواضح ما إذا كان الجمهوريون، يدعمون مثل هذا الإجراء أم لا.