بعد براءتها.. عادت لتنتقم

عادت .. لتنتقم
عادت .. لتنتقم

هاتفها شقيقها، باكيا، قال «كفى هروبا من الواقع، عودي، فقد أظهر القضاء براءتك، وليس هناك ما تهربين منه.

كنا على ثقة بطهارة شرفك، لكن عليك الآن أن تعودى قوية، ودعى الغربة نهائيا، وارتدى ثوب المحاماة الذى هجرتيه، وترافعى أمام القاضى عن حقك فى رؤية وحضانة أولادك.


أضاف: «لا تهربى ثانية أختاه، أنت على حق، وأولادك فى حاجة إليكِ، كلنا مستعدون لفتح صفحة جديدة معك، فليس بعد براءة القضاء، كلام، أما زوجك فانتقم القدر منه قادم لا محالة».

كانت تستمع إلى المكالمة وعيناها تذرف الدموع، فهى تدرك جيدا وقع هذه البراءة على حياتها كلها، فقد تحولت من امرأة منبوذة، لوثت شرف العائلة إلى ابنة بريئة، الجميع يحاول التقرب منها وطلب الصفح والعفو، بعد أن ألقوها بحجارة الرذيلة، وجعلوها مذنبة لا يقترب أو يتواصل معها أحد.

لكن رغم كل هذه المعاناة، لم ينطق لسانها خلال المكالمة سوى بكلمة واحدة.. الحمد الله، تبعتها بعبارات كثيرة تسائل شقيقها فى لهفة: «هل علم أولادى ببراءتي؟، هل شرح لهم أحد أسباب الحكم؟، حضروا الجلسة أم لا؟، إجابات هذه الأسئلة هى ما تعنينى يا أخي، رجاء حاول بكل الطرق أن تصل إليهم وتخبرهم أننى سأعود، سأرتدى ثوب المحاماة، وسأقف أمام القاضي، أطالب بحقى ورد كرامتي.. وحضانتى لهم التى فقدتها ظلما.

أضافت: «كل ما يعنينى هم، أما طليقي، فلن أترك حقى منه، فقد اتهمنى فى شرفي، وجعل أولادى يشهدون ضدي، وهو سبب سفرى وغربتى، ورغم كل ما فعله لم يتملكنى اليأس، تابعت قضيتى أولا بأول مع زميلى المحامي، حتى منّ عليّ الله بالبراءة».

أنهت الزوجة المكالمة واعدة شقيقها بالعودة قريبا مرفوعة الرأس، باحثة عن حقها فى حضانة أولادها .. وبعد ثلاثة أشهر عادت إلى بيتها فى القاهرة، جهزت أوراقها.. وتوجهت إلى محكمة الأسرة بمدينة نصر، طالبة من القاضى حقها فى رؤية وحضانة أولادها.

ارتدت الزوجة لأول مرة روب المحاماة، بعد غياب ١٤ عاما، حيث كان قد اشترط عليها زوجها ترك عملها كمحامية، والتفرغ لتربية أولادها.

وقفت أمام القاضى تحكى مأساتها.. قالت: «سيدى القاضى، اتهمنى زوجى وأنا فى عصمته بارتكاب جريمة الزنا، قدم للمحكمة صورا ومحادثات بينى وبين زميلى فى العمل وزعم أنها اتفاق على الخيانة، رغم أننى قدمت للمحكمة ما يفيد أن زوجى مزور، وأنه تم اتهامه أكثر من مرة بالتلاعب فى أوراق جهة عمله، وصدر حكم بحبسه ٣ أشهر، بحانب خبرته فى برامج المونتاج، فهو يعمل بإحدى القنوات الكبري.

ليس ذلك فقط سيدى القاضى، قدمت للمحكمة ما يثبت أن زوجى «الإعلامى» زرع كاميرات فى حجرة النوم والحمام، وقام بتصويرى بملابس البيت، واستغل ابنى فى فتح هاتفى وإرسال الصور من رقمى لرقم زميلى، بل والتحدث معه كتابة على أنه أنا، وغيرها من التفاصيل التى لا مكان لها اليوم فى هذه الدعوى، وكانت سببا فى براءة شرفي.

لكن سيدى القاضى ما آلمنى هى شهادة ابنى الأكبر ضدي، حيث زعم أمام القاضي، أننى كنت اتحدث مع شخص غريب عبر الهاتف بغياب والده، وكنت أرسل له صورا خاصة .

قال صراحة: «نعم أمى خانت أبى، كانت تتحدث مع شخص عبر الهاتف وأبى غير موجود، وجدتها تصور نفسها بقميص النوم وترسل له الصور» ورغم أن كل ما ذكره كان ادعاء كاذبا وغير حقيقي، إلا أن المحكمة أخذت بشهادة ابنى والمستندات المزورة التى قدمها الزوج وصدر حكم بحبسى ٦ أشهر».
لم أستطع تحمل شهادة ابنى ضدي، وطعنه فى شرفي، شعرت أن وجودى بجوار أولادي، قد يودى بحياتى من كثرة التفكير فيما حدث..

قررت البحث عن عمل بالخارج، ومن خلال زوج شقيقتى وجدت وظيفة فى دولة الإمارات بإحدى الجمعيات الحقوقية.. سافرت.. حتى ظهرت براءتي.

أقولها صراحة وفى حضور عائلتى، لم يكن هروبا سيدى القاضى كما ظن البعض، لكننى شعرت وقتها أن بقائى هنا فيه هلاكي، طعن الجميع فى شرفى، تخلى أشقائى عن زيارتى، هجرنى الجميع، حتى أطفال العائلة رفضوا الاقتراب منى، وزملاء العمل طمعوا فى جسدى، أصبحت رخيصة عند الجميع، أما أولادى فقد حذفوا كل صورى معهم على السوشيال ميديا، أنكروا لزملائهم أننى أمهم ، تبرأوا منى، وحقق والدهم ما كان يصبو إليه.

نعم استغل زوجى سفرى وحكم الحبس الصادر ضدي، وأقام دعوى حضانة للأولاد، وحصل على حكم نهائى بحضانتهم، دون أن يتم إعلانى سيدى القاضي.
«عام وأنا أقاطع الجميع، طعنت على الحكم، قدمت لزميلى المحامى كل أوراق براءتي، رفض ابنى الأكبر العودة لتكرار شهادته أمام القاضي، فقد شعر بالجرم الذى ارتكبه، لكننى سامحته، فأنا أعلم المغريات التى قدمها والده له لإجباره على الطعن فى شرفي، ومع انتهاء العام الأول أصدر القاضى حكما ببراءتى من تهمة الزنا.

لم يكن سيدى القاضي، هناك مبرر للبقاء فى الخارج، بعد حكم البراءة، عدت وأنا محملة بداء الانتقام، كل ما يهمنى أن يعرف أولادى أننى شريفة، وأن ما فعله والدهم معى هو جرم يجب أن يحاسب عليه.

كان نتاج هذا القهر، أن أصابنى مرض السكر بسبب حزنى على طعن زوجى فى شرفى، وصورتى فى عقل أولادى، ولحقتنى أمراض أخرى بعد تخلى الجميع عنى، رغم أننى قدمت لهم الأدلة والبراهين التى تثبت براءة شرفى.

أنا الآن سيدى القاضي، أطلب الحكم بتمكينى من رؤية أولادي، حتى أستطيع أن أشرح لهم حقيقة ما حدث، فهم الآن يكرهونني، فقد غرس ذلك الزوج المجرم، كل عوامل الكراهية فى عقولهم ناحيتي.. صور لهم أننى زوجة خائنه، تركتهم من أجل رجل آخر، وهربت معه وتخليت عنهم.

.. بعد مداولة القضية، عدة جلسات.. قضت المحكمة بإلزام الزوج بتمكين الزوجة من رؤية أولادها ٣ ساعات يوم الجمعة.

تقول الزوجة أمل. م «هذا الحكم هو البداية، فقد أقمت دعوى حضانة لأولادي، ودعوى أخرى مدنية طالبت طليقى بـ١٠ ملايين جنيه تعويضا عن الآثار المادية والمعنوية التى أصابتنى جراء اتهامه لى بالزنا، ليس ذلك فقط بل عن كل كلمة كراهية ناحيتى غرسها فى عقول أبنائي. طوال السنوات الماضية».
وأضافت «فى اليوم الأول لتنفيذ حكم الرؤية، رفض أولادى الاقتراب منى، جلست بجوارهم لكنهم كانوا يبتعدون، نعم مازالت صورة الأم الخائنة التى غرسها والدهم فى عقولهم مترسخة بجذورها، لكن رغم ذلك لن يتملكنى اليأس، أمامى معركة قضائية كبيرة لتصحيح هذه الصورة، وستنتهى بفضل الله بحضانة أولادى، وقتها سيعلم الجميع أن الحق عاد لأصحابه.