صناعة الجوع

عمرو جلال يكتب: عندما صرخ الذئب: حاكموا الثعلب الذى يأكل الدجاج؟

عمرو جلال
عمرو جلال

بأموال دافعى الضرائب الأمريكيين قامت السفارة الأمريكية بالقاهرة بنشر أعلاناً ممولاً (مدفوع الأجر) على صفحات التواصل الاجتماعي يستهدف المصريين بداية من يوم 19 مايو الجاري... المنشور استهدفني كما استهدف مئات الآلاف غيري حتى الأمس وهو عبارة عن جزء من تقرير نشرته وكالة رويترز الأمريكية ويفيد بأن ٣٠٠ ألف طن من القمح الأوكراني كانت في طريقها إلى مصر تم احتجازها وان هناك سفينة شحن واحدة تم تحميلها بالقمح لمصر وعالقة في ميناء أوكراني... ثم يتابع تقرير رويترز ليقول "إن روسيا تقوم بقصف الحقول الأوكرانية وتدمر أنظمة التخزين والنقل فيها وإن أفعالها تهدد الأمن الغذائي العالمي حيث تتعرض بلدان في أفريقيا والشرق الأوسط لخطر كبير"... انتهى المنشور الممول إعلانيا وبدأت معه علامات استفهام عديدة... هل يمكن إقناع المصريين بمعاداة روسيا من أجل سفن قمح محتجزة لا تمنعها لاستهداف مصر بل لأهداف أخرى؟...ألم يقم بعض المزارعين الأمريكيين والأوروبيين في القرن الماضي والحالي بتدمير محاصيل من القمح والطماطم وألقوا بالحليب في النهر للحفاظ على أسعاره مرتفعة بدلا من بيعها وتصديرها للدول الفقيرة؟... هل قامت الولايات المتحدة منذ بداية الأزمة بخفض أسعار القمح الأمريكي لمساعدة المصريين أم أنها ضاعفت من سعره لأعلى مستوى لم يحدث منذ أكثر من 8 أعوام؟... كيف يقتنع من الغابة بذئب جاء يصرخ مطالبا بحاكمة ثعلب لأنه يأكل الدجاج؟!
في كتاب "صناعة الجوع... خرافة الندرة" للكاتبين فرنسيس مورلابييه وجوزيف كولينز كتب الدكتور فؤاد زكريا مقدمة للنسخة العربية قال فيها:


"لقد أصبح الغذاء في عالمنا سلاحا سياسيا مستخدما ببراعة لتذويب مقاومة الشعوب الفقيرة وإخضاعها لسياسة الدول التي تمسك مفاتيح مخازن الغلال في العالم... وفي عالمنا العربي جربنا الابتزاز الغذائي أكثر من مرة... كان أشهرها في السنوات القليلة التي سبقت حرب ١٩٦٧... الحقيقة أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان لكن بغير الخبز أيضا لا يحيا الإنسان ولا يمتلك قراره".


ستتملكك الدهشة ويستفزك الغضب حين تقرأ في الكتاب عن فضائح ألبأن الأطفال والتلاعب فيه وعن حرص شركات الغذاء العالمية على تكوين عادات غير اقتصادية يذهب ضحيتها التعساء في العالم النامي... لقد أصبح الكثير منا يتباهى بكل ما هو مستورد وأصبحت كلمة صنع في مصر "عيب" والنتيجة أننا أصبحنا دون إنتاج حقيقي وعندما جاءت الإرادة القوية كانت العقبة أننا أصبحنا أكثر من 100 مليون فم.


لست شيوعيا ولا من دراويش روسيا ولكن السياسة الخارجية لمستر بايدن متخبطة للغاية... الشعوب العربية عانت وتعاني من السياسات الأمريكية خلال الأعوام الماضية؟... الإعلانات الممولة وعمليات التجميل لن تجدي نفعا؟... مواطن العالم الثالث كما تسموننا أصبح غاضباً منكم وليس من روسيا... دعمكم الأعمى لإسرائيل... معونات تمنحونها لنا وتستفيد شركاتكم من كل دولار فيها أضعافا مضاعفة... وأخيرا قرار الإدارة الأمريكية برفع 5 مجموعات متطرفة من قائمتها السوداء للإرهاب الأجنبي من بينهم "الجماعة الإسلامية" المصرية ومجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس "هو أمر غير مفهوم ولا يتماشى مع علاقات الصداقة المصرية الأمريكية.
لقد أصبح علينا أن نعتمد على أنفسنا... إن ننتفع بكل قطرة من مواردنا أو لتموت أرادتنا وندع غيرنا يستغلها أو يظل إلى الأبد متخلون أو نتقدم على طريقتنا الخاصة لا على طريقتهم هم.