عاجل

أوراق شخصية

أغلى ما يملك الإنسان

آمال عثمان
آمال عثمان

كلنا نبحث عن السعادة، ولكن كل منا يرى سعادته فى أمر مختلف عن الآخر، البعض يرى أن السعادة فى المال، ويعتقد البعض أنها فى الحب، وهناك من يراها فى تحقيق الذات والنجاح فى العمل، فى حين يعتقد آخرون أنها فى الصحة والعائلة أو الأصدقاء، أو غيرها من الأمور الموجودة فى الحياة، وكثيراً ما نفشل فى الوصول إليها، والسؤال أين نجد السعادة؟ وهل هى فى متناول أيدينا أم بعيدة المنال؟

الإجابة وجدتها فى أسطورة قديمة تقول: إن «كبير الأبالسة» أعد مأدبة طعام فاخرة تحوى كل ما لذ وطاب، ودعا إليها الشياطين المردة والأبالسة، ليبحث معهم عن وسيلة يسرق بها أهم وأغلى ما يبحث عنه الإنسان، وحينما طرح عليهم السؤال، اقترح أحدهم سرقة ثروة الإنسان، فقال له: بل نزيدها حتى تكثر مشاكله، ويزيد شقاؤه، واقترح آخر سرقة عقله، فرد عليه قائلاً: إذا سرقنا عقله فكيف يدرك ويشعر بالتعاسة؟!

وفى نهاية المطاف وقفت شيطانة شريرة شمطاء، وقالت: «يا إبليس يا عدو الخير إن السعادة هى الهدف النهائى الذى يسعى إليه الإنسان، فدعنا نسرق سعادته»، ابتهج إبليس بهذا الاقتراح الخبيث، وأدرك أنه يحقق ما يصبو إليه، ولكن ظلت لديهم مشكلة أخرى، أين يخبئون السعادة حتى لا يعثر عليها الإنسان؟ أجاب أحدهم: «نخبئها فى أعماق البحار حتى لا يصل إليها»، وقال آخر: «بل نخفيها فى أقاصى الأرض لكى لا يعثر عليها»، فرد «إبليس» قائلاً: «إنها بضع مئات من السنين ويخترع البشر الطائرات والغواصات عابرة القارات، ويتمكنون من الوصول إلى أقاصى الأرض وأعماق البحار».

وهنا قالت نفس الشمطاء: «يا إبليس يا صاحب كل الشر والأذى، أخفيها فى مكان لا يخطر على بال البشر، حتى لا يستطيع الإنسان المنكود الوصول إلى سعادته، دسها فى أعماق قلبه، وحينها سوف يبحث عنها فى الثروة، وفى الشهرة، ومع الجنس الآخر ولن يدركها، لأن السعادة حينها ستكون بداخل نفسه وليست خارجها»!!

طار إبليس فرحاً بكلام العجوز، وانحنى لها وألبسها جمراً من النار، ومن وقتها والإنسان يبحث عن سعادته، ويفتش عنها فى كل مكان، إلا فى داخل أعماقه ودواخل نفسه، فالسعادة لا تمنح من أحد، ولا تهبط علينا من حيث لا ندرى، وإنما الإنسان هو الوحيد القادر على أن يصنع سعادته، هكذا تقول الأسطورة، وهكذا تمنحنا الأساطير العبرة، وتوجه أنظارنا إلى حقائق قد تغيب عنا وسط زحام الحياة.