عاجل

جمال الشناوي يكتب: هل تغلق مصر الفيسبوك ..يوم الجمعة؟ 

الكاتب الصحفي جمال الشناوي
الكاتب الصحفي جمال الشناوي

قبل عامين سافرت إلى الصين لحضور منتدى إعلامي لدول الحزام والطريق.. وهناك اكتشفت أن تليفوني بات غير صالح إلا لإجراء المكالمات فقط ..فلا وجود ل وسائل التواصل ..الصين صنعت عالمها الموازي..تعلمت من تجارب سقوط وانهيار أوروبا الشرقية. ودرست كيف تفكك الاتحاد السوفيتي فحظرت  الصين وسائل التواصل الغربية ..وقدمت نماذج محلية نجحت بشكل كبير في جذب الشباب الصيني إليها .

الخطر الذى يمثله الفيسبوك ..ليس سياسا في المطلق ..لكنه أخطر  اقتصاديا واجتماعيا .. والغريب أن مصر لاتقترب من جرائم الفيسبوك حتى الاقتصادية منها .

لا أعرف هل لدى وزارة الاتصالات أو حتى وزارة المالية أي خطط لمحاسبة الفيسبوك على الأقل ضريبيا وتحصيل حق الدولة والشعب ..؟

لا أعرف هل لدى وزارة الاتصالات أي وسيلة لمحاسبة تلك المنصة على سرقة وبيع بيانات المصريين ..؟ ..والأدلة كثيرة على تسريب البيانات الخاصة بعشرات الملايين من المصريين


في بريطانيا.. اكثر دول العالم تحررا ..وأقدمها في تطبيق الديمقراطية أتهمت حكومتها عملاق التواصل بجمع معلومات بالغة الأهمية حسب ما نشرته صحيفة "ديلى ميل "..عبر عدد من التطبيقات الشائعة ..وتم حصر ١١ تطبيقا منها تطبيق خاص بقياس معدل ضربات القلب ..وعندما أجرت  صحيفة أمريكية عريقة هي "وول ستريت جورنال" ..تحقيقا استقصائيا بمعاونة خبراء تكنولوجيا المعلومات من شركة ديس كونيكت..اكتشف الخبراء  أن ٦ من أشهر تطبيقات الصحة واللياقة البدنية نقلت المعلومات الشخصية إلى شركه فيسبوك  ..وأن ١١ تطبيقا  آخر تقوم بذلك أيضا  .

وقال كبير مسؤولي التقنية في شركة Disconnect باتريك جاكسون للصحيفة: "إن ما يحدث هو فوضى كبيرة، ولا يرتبط بشكل أو بآخر بوظائف التطبيقات التي يتم استخدامها من أجلها".
وخلص التحقيق إلى أنه في  بعض الحالات، كانت "المعلومات الدقيقة للغاية" يجري إرسالها إلى فيسبوك بعد ثوانٍ من إدخالها في التطبيق، حتى إذا لم يكن لدى المستخدم حساب على منصة التواصل الاجتماعي .
 
بريطانيا عاودت المحاسبة وهذه المرة في البرلمان ..عندما شرع في إعداد قانون بفرض غرامات   تصل إلى 10 في المئة من الإيرادات السنوية العالمية أو 18 مليون جنيه إسترليني (24.2 مليون دولار)، أيهما أعلى، لعدم الامتثال  الفيسبوك للقانون البريطانى .
وبحسب مسودات القانون والمقترحات. قد يواجه المسئولين في شركات التواصل الاجتماعي إجراءات جنائية في غضون عامين إذا فشلوا في القضاء على المواد الضارة بالمحتوى
وهوه ما قلته  نادين دوريس، الوزيرة البريطانية للشؤون الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية، للنواب البريطانيين  في جلسة استماع بشأن مشروع قانون السلامة عبر الإنترنت  وأن تغيير اسم فيسبوك إلى ميتا  وتغيير العلامة التجارية لن يمكنهم من التهرب من الملاحقة .
  بريطانيا ومنذ مقتل النائب البريطاني ديفيد أميس جراء تعرضه للطعن حتى الموت. تتهم عبر نواب من حزب المحافظين. مواقع التواصل بالمسئولية.. وأن الحسابات الوهمية التي تنشر خطاب الكراهية ..وعدم الكشف عن هوية المستخدم الحقيقية  عبر منصات الاجتماعي ساهم في جريمة القتل .
جرائم الفيسبوك ليست سياسية أو اجتماعية فقط.. لكنها أيضا اقتصادية.. وهنا قضايا كثيرة من مؤسسات وشركات تتهم الفيس بالتلاعب بالبيانات والترويج لحساب مستثمرين ضد آخرين.. وليس ببعيد الدعاوى القضائية التي اقامها صندوق المعاشات "التقاعد" في ولاية اوهايو الأمريكية ..واتهامه لعملاق التواصل بانتهاك قوانين سوق المال ..وتضليل الجمهور عمدا والتسبب في خسائر كبيرة للمستثمرين بما في ذلك صندوق التقاعد الأكبر في أوهايو والذي يدعى أوبرس(OPERS) بحسب ما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس.ونشرت الوكالة ومؤسسات إخبارية أخرى  التسريبات التي كشفها موظفين خرجوا من فيسبوك و الذين حذروا من جرائم ضد الخصوصية للأفراد ..وتشجيع على الجريمة وتسهيلها  بناء على وثائق الشركة الداخلية، المعروفة الآن باسم "أوراق فيسبوك " والتي سربتها خبيرة البيانات السابقة في فيسبوك فرانسيس هوجن.
وقال المدعي العام في ولاية أوهايو، ديف يوست ، في بيان له تعليقا على القضية : "  فيسبوك  يقول  إنه كان يهتم بأطفالنا ويحارب ضد استغلالهم عبر الإنترنت، لكن في الواقع كان يخلق البؤس والانقسام من أجل الربح". "نحن لسنا  بشر  بالنسبة لمارك زوكربيرج، نحن منتج ويتم استخدامنا ضد بعضنا البعض بدافع الجشع".


الغريب أن بلدا كبيرا مثل مصر.. يتردد كثيرا في محاسبة تلك الشركة التي تنشر جرائمها على نطاق واسع ..فهى تسمح ببيع وتجارة المخدرات والسلاح ..وتسهيل الدعارة ..ناهيك عن تهرب واسع من دفع الضرائب المستحقة عن أنشطتها التجارية التي تربح منها المليارات .
لا أعرف هل تطورت مصلحة الضرائب ..وبصراحة اسمها "مصلحة" تجعلني ارتاب في كل محاولات تطويرها ..هل لديها من وسائل الرصد والمتابعة لأنشطة ميتا او الفيس التجارية الضخمة ..وتقدير قيمة الضرائب المستحقة عليها ، حتى لو كان التقدير جزافيا ..أم أن موظفينا ليس لديهم القدرات 
الفيسبوك له كثير من المميزات ..لكنه يبدو كمجرم هارب من القانون ...كثير من الدول غربا وشرق تلاحقه وتفرض عليه احترام قوانينها  والحقيقة أن الشركة العملاقة تهتم كثيرا بالتزام قوانين العالم الغربي ..ولا تبالى في بلادنا .. ولا أعرف سببا لأن تغض وزارة الاتصالات الطرف عن جرائمه في مصر.
جربوا إغلاقه في مصر ولو ليوم واحد أسبوعيا وليكن يوم الجمعة ..ليأتوا إليكم يتفاوضون ويدفعون ضرائبهم ...ويدققون في منشورات الأخبار الكاذبة والتسويق للجريمة وتسهيلها ..غلق الفيسبوك يوم الجمعة ربما أعاد التواصل بين الأهل والأقارب ..ومنح الشعب أجازة من أخبار كاذبة ..وجروبات توزيع المخدرات وتسهيل الدعارة .
هل من مجيب ؟