فتوى جدلية| الرد على دعوى الخطأ في توقيت صلاة الفجر

فتوى جدليه
فتوى جدليه

أحضر بعض المصلين فى المسجد كتابًا به بعض الآراء الشاذة التى تقول بأنَّ صلاة الفجر لا تجوز بعد الأذان مباشرة، ولا بدَّ من الانتظار لمدة 25 دقيقة، حتى تجوز الصلاة وإلا كانت باطلة فما مدى صحة هذا الكلام؟


يجيب عنه د.شوقى علام مفتى الجمهورية


الفجرُ يُعرَف بعلاماته التى جعلها الشرع أسبابًا دالَّة عليه، وذلك بانتشار ضوئه المستطير فى الأفق، كما بيَّن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بسنته بيانًا واضحًا: فرَّق فيه بين الفجر المستطير الصادق الذى يدخل به وقتُ صلاة الفجر والذى ينتشر ضوؤه يمينًا وشمالًا، وبين الفجر المستطيل الكاذب الذى هو كهيئة المخروط المقلوب..

فأخرج البخارى ومسلم فى «صحيحيهما» عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الفَجْرُ»، وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حَتَّى يَقُولَ: «هَكَذَا». وقال زهير -أحد رواة الحديث- بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى، ثم مدها عن يمينه وشماله..

وأخرج أبو داود والترمذى وحسَّنه فى «سننهما» عن طَلْق بن على رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَلَا يَهِيدَنَّكُمُ السَّاطِعُ الـمُصْعِدُ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا، حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمُ الأَحْمَرُ».. وقد فَهِم علماء الفلك المسلمون والمختصون فى المواقيت هذه العلامات والمعايير الشرعية فَهمًا دقيقًا، ووضعوها فى الاعتبار، وضبطوها بالمعايير الفلكية المعتمدة.. فالتوقيتُ الحاليُّ صحيحٌ يَجبُ الأخذُ به.

لأنه ثابِتٌ بإقرارِ الـمُتخصِّصين، وهو ما استَقَرَّت عليه اللِّجانُ العِلمية، ولا ينبغى إثارةُ أمثالِ هذه المسائلِ إلَّا فى الغُرَفِ العِـلميةِ الـمُغلَقةِ التى يَخرجُ بَعدَها أهلُ الذِّكر فيها: مِن الفَلَكِيِّين وعلمـاءِ الجيوديسيا بقرارٍ مُوَحَّدٍ يَسِيرُ عليه الناسُ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ «النساء: 83».

وما لم يَحصُل ذلك فالأصلُ بَقاءُ ما كان على ما كان؛ لأنَّ أمرَ العباداتِ الجماعيةِ المُشتَرَكةِ فى الإسلام مَبنِيٌّ على إقرارِ النِّظامِ العامِّ بِجَمْعِ كَلِمَةِ المسلمين ورَفْضِ التناوُلَاتِ الانفِرادِيَّةِ العَشْوَائيَّةِ للشَّعَائرِ العامَّة، وفى مِثلِ ذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّى النَّاسُ»، أخرجه الترمذى فى «سننه» وصَحَّحَه مِن حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها..

كما أنَّ دعوى الخطأ فى تحديد الفلكيين وعلمـاءِ الجيوديسيا لوقت الفجر هى دعوى باطلة لم تُبْنَ على علمٍ شرعيٍّ أو كَوْنيٍّ صحيح، وهى افتئاتٌ على أهل الاختصاص وأولى الأمر، وشقٌّ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الالتفاف حول العلماء والأخذ بما صوَّبوه، فلا يجوز القول بها، ولا نشرها فى الناس..

وبناءً على ما سبق: فإنَّ دعوى الخطأ فى تحديد أهل العلم من الفلكيين والشرعيين لوقت الفجر دعوى باطلة؛ لم تُبْنَ على علمٍ شرعيِّ أو كونى صحيح، وهى افتياتٌ على أهل العلم وأولى الأمر، وشَقٌّ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الأخذ بما صوَّبه العلماء، فلا يجوز القول بها ولا نشرها فى الناس.

اقرأ أيضا

هل يجوز قضاء صلاة التراويح الفائتة بعد الفجر؟ أزهري يجيب |فيديو