حكايات | بعين مغمضة وأخرى مفتوحة.. هل ينام البشر مثل الدلافين؟

صوره موضوعية
صوره موضوعية

فكر جيدًا قبل التجربة فقد يكون الأمر في غاية الصعوبة ذلك التحذير قد يبدو مقلق في البداية ولكنه يمهد لطبيعة التجربة والتي تبدأ بكونك أمام خطر ما وتريد النوم ليكون الاختيار بين النوم المسيطر عليك لعدم قدرتك على فتح عينيك أو التركيز وبين بقاءك على قيد الحياة فماذا ستختار؟

اختيار ليس من واقع الخيال وإنما حقيقة واقعية فقد يجبرك البقاء في الصحراء أو الاستقرار فترة ليست بالقصيرة على طريق مهجور أن تختار ما بين الأمرين ونظرًا لصعوبة الاختيار تجد أن الضرورة تجبرك على الجمع بينهم ليكون الحل في النوم بنصف دماغ مع غلق عين واحدة على شرط بقاء النصف الآخر من الدماغ مستيقظا والعين الأخرى منتبهه ومستعدة للحماية والدفاع في حالة أي خطر.

ليظهر السؤال الأكثر منطقية في هذه اللحظة هل هناك طريقة للنوم مثل تلك وإذا كانت حقيقة من يمكنه استخدام هذه الطريقة في النوم؟ وكون السؤال منطقي فالإجابة عليه تكون بسهولة نعم توجد طريقة نوم مثل تلك تسمى "النوم نصف الدماغي الأحادي بطىء الموجة" فيما يطلق عليه "نوم الدلافين".

هنا تظهر إجابة مباشرة للسؤال الثاني من يمكنه استخدامها؟ ولكن يبقى سؤال هام عن سبب ربط التجربة بالبشر وأن الدلافين هي من تعتمد هذا الأسلوب في النوم فإذا كنت تريد أن تكتشف سر ارتباط البشر بنوم الدلافين عليك فهم بداية الأمر.

النوم هو الوقت الذي يفقد فيه أي كائن حواسه التي تساعده على الاتصال بما هو محيط به حتى الحيوانات تعد فترة نومها نقطة فاصلة في حياتها، حيث يقوم الحيوان بإيقاف الأنشطة الدماغية الخاصة به لعدد من الساعات في ظل بيئة أكثر خطرًا يعني أنه يترك نفسه فريسة سهلة للحيوانات المفترسة ولذلك طورت بعض الحيوانات قدرتها على النوم حتى تتعامل بالشكل الافضل مع هذه المشكلة وتحافظ على بقائها على قيد الحياة ومن بين هذه الحيوانات هي الدلافين.

حيث طورت الدلافين طريقة نومها حتى تأقلمت مع بيئتها الشرسة ومع طبيعة ايقاعتها اليومية واستمرار بقائها على قيد الحياة وذلك عن طريق النوم بأحد نصفي الدماغ بينما تبقى مستيقظة بالنصف الآخر مع بقاء إحدى العينين مفتوحة خلال فترة النوم أما الأخرى فيتم غلقها ليدخل في نوم في سلوك يعرف باسم "النوم نصف الدماغي الأحادي بطيء الموجة" اي حالة النصف نائم نصف يقظ بحسب موقع " scientific American".

وحقق هذا النوم في النهاية للدلافين إمكانية الاحتفاظ بسمتين البقاء على قيد الحياة وهما الرئتين لتنفس الهواء وآليات الحفاظ على درجة حرارة أجسامها شبه ثابتة في المياه ووفقا لدراسة تم إجراؤها في عام 1964 عن النوم نصف الدماغي توصل الباحثون أن الدلافين بإمكانها النوم باستخدام جانب واحد من الدماغ مع ملاحظ أنها تغلق عين واحدة في أثناء استراحتها اليومية ما يمكنها من الاستمرار في مشاهدة ما حولها والاستماع لما يحيط بها وذلك بحسب تسجيلات جهاز تخطيط كهربية الدماغ.

حيث تتمكن الدلافين من خلال النوم نصف الدماغ الأحادي التحكم في نصف الدماغ اليقظ من دماغ الدولفين في السباحة والطفو للسطح من أجل التنفس كما تتيح العين المفتوحة والمرتبطة بنصف الدماغ الآخر المستيقظ للدولفين الانتباه للحيوانات المفترسة والسباحة بانسجام مع رفاقها بينما يحظى النصف الآخر من الدماغ بالراحة. 
 

وفيما يتعلق بتحدي بقاء الدولفين محافظا على درجة حرارة جسمه وسط درجة حرارة الماء البارد التي تعرضها لفقدان كبير في حرارة أجسادها فإن حالة النوم نصف ناىم ونصف يقظ يساعدها على الحفاظ على دفء أجسادها من خلال تحريك زعانفها وذيولها بشكل مستمر للسباحة والصعود بالقرب من السطح خلال نومها.

حتى أن بعض الطيور طورت قدرتها أيضا لتتبع اسلوب النوم نص الدماغي حتى تحقق التوازن بين الحاجة إلى الراحة والحذر الدفاعي مثل البط البري خاصة من هم لديهم مسؤولية حراسة السرب ويتمركزوا على أطراف المجموعة حيث ظهر أن البط الذي ينام وعينه مفتوحة ويتمركز على أطراف المجموعة تظهر لديه مستويات من النوم نصف الدماغي أعلى بمقدار 150% من البط الموجود في منتصف المجموعة وكلما تحرك البط باتجاه منتصف المجموعة يزداد نومه الكلي.

ومع زيادة البحث عن طريقة نوع الدلافين والذي يعد مثال فريد على التكيف مع البيئة وإظهار التوازن بين الحاجة إلى النوم والبقاء على قيد الحياة ساعد ذلك العلماء على فهم اضطرابات النوم لدى البشر حتى اكتشفوا نوعا يشبه النوم نصف الدماغي عند البشر لتكون التجربة حقيقية ففي بعض الحالات يتمكن البشر من النوم بنصف دماغ ولكن الاختلاف يكمن في غلق كلا العينين.

فطبيعة البشر لا تمكنهم من النوم نصف الدماغي ولكنهم في بعض الحالات يلجأون إلى أسلوب نوم مشابه له فبحسب دراسة قام بها باحثون من جامعة " براون" كشفت أن الأشخاص الذين يقضون ليلة في بيئة غير مألوفة لهم يعتمدوا على النوم بنصف دماغ حيث اظهرت تسجيلات كهربية الدماغ أن هؤلاء الأشخاص لديهم موجات بطيئة تدل على النوم العميق في نصف الدماغ الأيمن ونشاط سطحي لموجات بطيئة في النصف الأيسر من الدماغ في إشارة على زيادة الانتباه.

حيث كان نصف الدماغ الأيسر أسهل في تنبيهه من النصف الاخر لتكون هذه الإشارة مقتصرة على تأثير الليلة الأولى ويختلف بحلول الليلة الثانية وتكون هذه الحالة مرتبطة أيضا بطبيعة الأمهات الذين يستيقظن بسهولة وسرعة دون غيرهن على أصوات البكاء أو الضوضاء الأخرى التي يحددن أنها صادرة عن أطفالهن الرضع.

لتكشف دورة النوم والاستيقاظ للدلافين ومرورها بحالتي الوعي واللاوعي في الوقت نفسه عن الغاز دائما ما ارتبطت بطبيعة نور البشر ومنحت إجابات عن سر سرعة استيقاظ الام عند سماع صوت طفلها كما قدمت تبريرات على عدم الشعور بالنوم المريح عند قضاء ليلة في مكان غير مألوف.