بيومى: الاجتهاد فى العشر الأواخر ضرورى لتحصيل أجر ليلة القدر

د. بيومى إسماعيل
د. بيومى إسماعيل

ما أسرع الأيام وانقضاؤها، فما أن يبدأ رمضان إلا وتمر أيامه بسرعة ولم نشبع منها بعد ونجد أنفسنا فى خير أيام الله تعالى وهى العشر الأواخر من رمضان، ولقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يوليها اهتماما خاصا لعظم شأنها، ففى الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها: (كان النبى إذا دخل العشر شد مأزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وفى رواية أيقظ كل من يطيق الصلاة)، يفعل صلى الله عليه وسلم ذلك ليشهدوا أيام الله سبحانه وتعالى ويتعرضوا لنفحاته لعل أحدهم يصاب بنفحة فلا يشقى بعدها أبدا. 

وعن هذه الأيام المباركة وفضلها يحدثنا الدكتور بيومى إسماعيل من علماء الأزهر قائلا:من عادة الناس أنهم يصيبهم الكسل عند نهاية العمل فأراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يغير هذه النظرة وان يعلمنا أن نهتم بأعمال الخير بالاجتهاد وليس بالتهاون والكسل فإنما الأعمال بالخواتيم ، روى أن أبي هريرة  قبل موته رضى الله عنه اجتهد اجتهادا عظيما فلما سئل عن ذلك قال: إن فرس السباق إذا كان فى آخر مرحلة من السباق انما أتى بكل ما عنده. 

فالعشر الأواخر من رمضان فيها من الخيرات الكثير وفيها من الفضائل والأجور العظيمة منها الاعتكاف، فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر الا أن يكون مسافرا جهادا فى سبيل الله. 

فالاعتكاف من السنن الثابتة دل عليها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واجماع الأمة والمقصد منه تفريغ القلب للعكوف على الذكر والعبادة، لالتماس الأجر بتحرى ليلة القدر وبالبعد عن الدنيا بكل ما فيها من مآسيها ومباهجها، وقد اعتكف النبى صلى الله عليه وسلم واعتكف أصحابه من بعده رضى الله عنهم.

وقد قيل إن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتكف فى العشر الأواسط من رمضان يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له ثم ابينت له أنها فى العشر الأواخر فخرج على الناس فقال أيها الناس أنها كانت ابينت لى ليلة القدر وإنى خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان (اى يدعى كل منهما الحق لنفسه ) فنسيتها فالتمسوها فى العشر الأواخر من رمضان فى التاسع والسابع والخامس.

وقد كان عبد الله بن عباس رضى الله عنهما يحلف ولا يستثنى انها ليلة ٢٧ وهو اجتهاد منه ، ورجح الإمام النووى رضى الله عنه أنها تتنقل من الوتر من العشر الأواخر من رمضان لاختلاف الأحاديث الواردة فى ذلك .

فمن الخسران العظيم أن يمضى المسلم هذه الأوقات الثمينة فى اللهو والعبث واللغو الزائل وهذا من مكر الشيطان وتلاعبه بهم وصده اياهم عن سبيل الله . 
وليلة القدر شرفها الله على غيرها من الليالى ومَن على الأمة بها وأنعم عليها بجزيل خيرها قال تعالى: «إنا انزلناه فى ليلة مباركة»، فمن بركة ليلة القدر أن القدر نزل فيها وقد وصفها الله بأنها ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم من أوامر الله المحكمة العظيمة المتقنة التى ليس فيها خلل ولا نقص ولا باطل قال تعالى :»ذلك تقدير العزيز العليم» .


فليلة القدر ليلة عظيمة يقدر الله فيها ما يكون فى السنة إلى ليلة القدر من العام بعده وما يقضيه الله تعالى من أوامر حكيمة وأمور جليلة وهى ليلة خير من ألف شهر يعنى فى الفضل والثواب والأجر لذا من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، فالعبادة فيها تساوى ثلاثا وثمانين سنة والملائكة تتنزل فيها وهم لا يتنزلون إلا بكل خير وبركة ورحمة حتى تضيق بهم الأرض وهى ليلة سلام حتى مطلع الفجر لكثرة السلامة من العذاب لما يقوم به العبد من طاعة الله ، قال مجاهد فى تفسيره إن الشيطان لا يستطيع أن يعمل فيها سوء.   


ومن علاماتها أن الشمس فى صبيحتها تكون بيضاء لا شعاع لها لكثرة صعود الملائكة فمن حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنا طلقة لا حارة ولا باردة وتصبح الشمس فى صبيحتها حمراء ضعيفة، فالعبرة بمن قام مخلصا لله ولم يشغل نفسه فى أى ليلة تكون فمن قام مع إمامه حتى انصرف فقد قام ليلة القدر وللأسف البعض يفسر علامات ليلة القدر بطريقة غريبة مثل عدم نزول المطر أو العواصف وعدم سماع صوت الحيوانات وهذا ليس له أساس من الصحة. 


اقرأ ايضا | حكومة أون لاين| «الإفتاء» توضح أجر قيام ليلة القدر