قبل موته.. أنشد شعرا فى حضرة زوجته عن الفراق، قال فيه : وإنى إن ذهبتِ لى اعتذار / لقد قلّت جموعى مع رفاقى !
هو السلطان الأشرف طومان باى آخر سلاطين المماليك، واسمه يعنى قائد فرقة عسكرية، وكان حسن المنظر متوسط الطول ذهبى اللون واسع الجبين أسود العينين واللحية، كان عمره ٤٤ عاما فقط، عندما وشى به عربان البحيرة، إلى السلطان العثمانى سليم، وشنقوه على باب زويلة فى أبريل من عام ١٥١٧م، وتُرك معلقا ثلاثة أيام حتى جافت جثته، وربما شعر السلطان سليم بفداحة فعلته، فأرسل ثيابا لتكفينه، وثلاثة أكياس من الفضة للتصدق عليه، ثم أنزلت جثته لتوضع فى تابوت، وأُرسلت إلى الشرابشيين، والتى تعرف الآن بحى الغورية، وصلى عليه القاضى أصيل الطويل حسبما أوصى، ودفن بالحوش الجنائزى بمجموعة السلطان الغورى، والذى أعده الغورى لدفن جواريه وعتقائه، وأثناء غسله وجدوا عليه جبة صوف لونها أحمر أوصى بدفنه بها، تشير إلى انتسابه للصوفية، وتلقبه بألقابهم مثل: أبو الفقراء والمساكين. بكاه الناس وأولهم النساء، وصرخن عليه قبل وأثناء وبعد شنقه، لتعلقهن الشديد به، لأنه كان رغم مدة حكمه القصيرة، والتى لم تتعد الثلاثة أشهر وأيام، من السلاطين الذين لم يقربوا الفواحش كالزنى والخمر، وألغى المظالم والضرائب، التى فرضها السلطان الغورى قبله، وبعد موته أصبح بطلا شعبيا، تروى سيرته مصحوبة بالخرافات والكرامات، فى قهاوى مصر على امتدادها، كنوع من المقاومة السلبية للمحتل العثمانى، وكان كل من يمر بباب زويلة، يقرأ له الفاتحة.