طومان باى

خالد حمزة
خالد حمزة

قبل‭ ‬موته‭.. ‬أنشد‭ ‬شعرا‭ ‬فى‭ ‬حضرة‭ ‬زوجته‭ ‬عن‭ ‬الفراق،‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ : ‬وإنى‭ ‬إن‭ ‬ذهبتِ‭ ‬لى‭ ‬اعتذار‭ / ‬لقد‭ ‬قلّت‭ ‬جموعى‭ ‬مع‭ ‬رفاقى‭ !‬

هو‭ ‬السلطان‭ ‬الأشرف‭ ‬طومان‭ ‬باى‭ ‬آخر‭ ‬سلاطين‭ ‬المماليك،‭ ‬واسمه‭ ‬يعنى‭ ‬قائد‭ ‬فرقة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وكان‭ ‬حسن‭ ‬المنظر‭ ‬متوسط‭ ‬الطول‭ ‬ذهبى‭ ‬اللون‭ ‬واسع‭ ‬الجبين‭ ‬أسود‭ ‬العينين‭ ‬واللحية،‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬٤٤‭ ‬عاما‭ ‬فقط،‭ ‬عندما‭ ‬وشى‭ ‬به‭ ‬عربان‭ ‬البحيرة،‭ ‬إلى‭ ‬السلطان‭ ‬العثمانى‭ ‬سليم،‭ ‬وشنقوه‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬زويلة‭ ‬فى‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬١٥١٧م،‭ ‬وتُرك‭ ‬معلقا‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬حتى‭ ‬جافت‭ ‬جثته،‭ ‬وربما‭ ‬شعر‭ ‬السلطان‭ ‬سليم‭ ‬بفداحة‭ ‬فعلته،‭ ‬فأرسل‭ ‬ثيابا‭ ‬لتكفينه،‭ ‬وثلاثة‭ ‬أكياس‭ ‬من‭ ‬الفضة‭ ‬للتصدق‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬أنزلت‭ ‬جثته‭ ‬لتوضع‭ ‬فى‭ ‬تابوت،‭ ‬وأُرسلت‭ ‬إلى‭ ‬الشرابشيين،‭ ‬والتى‭ ‬تعرف‭ ‬الآن‭ ‬بحى‭ ‬الغورية،‭ ‬وصلى‭ ‬عليه‭ ‬القاضى‭ ‬أصيل‭ ‬الطويل‭ ‬حسبما‭ ‬أوصى،‭ ‬ودفن‭ ‬بالحوش‭ ‬الجنائزى‭ ‬بمجموعة‭ ‬السلطان‭ ‬الغورى،‭ ‬والذى‭ ‬أعده‭ ‬الغورى‭ ‬لدفن‭ ‬جواريه‭ ‬وعتقائه،‭ ‬وأثناء‭ ‬غسله‭ ‬وجدوا‭ ‬عليه‭ ‬جبة‭ ‬صوف‭ ‬لونها‭ ‬أحمر‭ ‬أوصى‭ ‬بدفنه‭ ‬بها،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬انتسابه‭ ‬للصوفية،‭ ‬وتلقبه‭ ‬بألقابهم‭ ‬مثل‭: ‬أبو‭ ‬الفقراء‭ ‬والمساكين‭. ‬بكاه‭ ‬الناس‭ ‬وأولهم‭ ‬النساء،‭ ‬وصرخن‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬وأثناء‭ ‬وبعد‭ ‬شنقه،‭ ‬لتعلقهن‭ ‬الشديد‭ ‬به،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬رغم‭ ‬مدة‭ ‬حكمه‭ ‬القصيرة،‭ ‬والتى‭ ‬لم‭ ‬تتعد‭ ‬الثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬وأيام،‭ ‬من‭ ‬السلاطين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يقربوا‭ ‬الفواحش‭ ‬كالزنى‭ ‬والخمر،‭ ‬وألغى‭ ‬المظالم‭ ‬والضرائب،‭ ‬التى‭ ‬فرضها‭ ‬السلطان‭ ‬الغورى‭ ‬قبله،‭ ‬وبعد‭ ‬موته‭ ‬أصبح‭ ‬بطلا‭ ‬شعبيا،‭ ‬تروى‭ ‬سيرته‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالخرافات‭ ‬والكرامات،‭ ‬فى‭ ‬قهاوى‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬امتدادها،‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬السلبية‭ ‬للمحتل‭ ‬العثمانى،‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يمر‭ ‬بباب‭ ‬زويلة،‭ ‬يقرأ‭ ‬له‭ ‬الفاتحة‭.‬

[email protected]