الحرب الروسية - الأوكرانية تحتل مركز الصدارة

ماكرون وبوتين فى أحد لقاءاتهما التليفونية
ماكرون وبوتين فى أحد لقاءاتهما التليفونية

أحدثت حرب روسيا على أوكرانيا والتغيرات الجيوسياسية المتسارعة لهذه الأزمة صدمة كبيرة لدى النخبة السياسية الفرنسية، انعكست على الحملات الانتخابية للمرشحين وأحدثت ارباكا كبيرا لهم، لأنهم لم يتوقعوا هذه الحرب، وشعروا أنهم وقعوا فى ورطة لأنهم كانوا يدعمون بوتين ويعتبرونه مثالا.
وضعت الحرب مرشحى الانتخابات الرئاسية أمام اختبار صعب باعتبار أن المواقف التى سيتبنونها قد تؤثر على صورتهم ومستقبلهم السياسى وعلى موقعهم فى استطلاعات الرأى عند الناخبين. فقد همشت هذه الأزمة الحملات الانتخابية والمواضيع التى تطرح عادة فى مثل هذه المناسبات السياسية، خاصة المحبذة لبعض المرشحين اليمينيين، كالهجرة والإسلام والحجاب ومكانة المسلمين فى فرنسا والغرب.. وأصبحت السياسة الخارجية وحرب روسيا على أوكرانيا الموضوع الرئيسى فى الانتخابات، وهذا يعتبر ضربة قاصمة لكثير من المرشحين، خاصة اليمينيين المتطرفين.


. يعد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المرشح الأوفر حظا فى الانتخابات الرئاسية المقبلة بفضل المعارضة المتواضعة، والتطورات الاقتصادية الإيجابية، والتراجع فى أعداد الإصابات بكوفيد، وذلك حتى قبل الغزو الروسى لأوكرانيا.. لكن ما حدث الشهر الماضى من تطورات على صعيد الغزو الروسى جعل إعادة انتخاب ماكرون لفترة رئاسية ثانية يبدو نتيجة حتمية لتلك التطورات.. فمع استمرار القتال فى أوكرانيا، تحول اهتمام الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعى فى فرنسا لتغطية الحرب، مما أدى إلى تراجع التركيز على حملات انتخابات الرئاسة الفرنسية.


 فى ظل الحرب اختلفت مواقف مرشحى الانتخابات، وفى موقف يميل إلى المناورة بين التنديد وتشديد العقوبات والحوار يحاول الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون مسك العصا من الوسط فى الحرب، ففى البداية ندد ماكرون بقرار الرئيس الروسى بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتى لوهانسك ودونيتسك الانفصاليتين، ودعا إلى فرض «عقوبات أوروبية موجهة» ضد موسكو. وبعد الحرب الروسية قام ماكرون بدور الزعيم الذى تترأس بلاده الاتحاد الأوروبى.. لكن فى الوقت الذى تواصل فيه فرنسا مع حلفائها الأوروبيين فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والرياضية وحتى الثقافية على روسيا يواصل ماكرون محاولاته المتكررة لإيجاد حل سلمى لهذه الحرب من خلال حواره مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ومكالماته الهاتفية التى لا تتوقف معه. فمن المهم أيضا للفرنسيين أن يكون لبلادهم دور هام على المستوى الدولى.. أما مرشحة حزب التجمع الوطنى مارين لوبان، التى استقبلها فلاديمير بوتين فى عام 2017، وتواصل تسديد قرض بقيمة 9 ملايين يورو حصلت عليه عام 2014 من بنك روسى - فأعلنت فى بداية الحرب عن «أسفها إزاء قرار بوتين»، داعية إلى «القيام بكل شيء من أجل العودة إلى الحوار بهدف ضمان الأمن فى أوروبا». وبعد بدء الحرب دعت لوبان إلى «الوقف الفورى للعمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا»، وتؤكد اليوم أن «الخط الأحمر» الذى تجاوزه الرئيس الروسى فى أوكرانيا «يغير جزئيا نظرتها له».


لكن لوبان فى المقابل تواصل التقلب فى موقفها، إذ رفضت فى يناير الماضى خلال تجمع حاشد فى مدريد مع مجموعة من الأحزاب اليمينية الأوروبية التصديق على فقرة من إعلان مشترك بشأن أوكرانيا تدين «العمليات العسكرية الروسية على الحدود الشرقية لأوروبا».


كما أنها تحاول التذكير فى كل تجمعاتها وخطاباتها بالالتزام الذى أقره حلف شمال الأطلسى «ناتو» (NATO) إلى موسكو فى أوائل التسعينيات بحيث «لا يمكن أن تكون للحلف قوات على الحدود الروسية»، كما تريد انسحاب فرنسا من الحلف والتوقيع على «اتفاق مع روسيا».


وعلى خطى لوبان أبدى المرشح اليمينى المتطرف إريك زمور إعجابه بالرئيس الروسى فى كثير من المناسبات، ووصفه بـ»الوطني»،. لكنه فى الأيام الأخيرة غيّر مواقفه السابقة ووصف بوتين بأنه «ديمقراطى استبدادي»، كما أدان «هذا الاستخدام للقوة بلا تحفظ» من قبل روسيا، ودعا فى الوقت نفسه إلى «معاهدة تكرس نهاية توسع الناتو» للرد على «المطالب الروسية». ونتيجة لتقلبه فى المواقف تضاعفت حملات السخرية منه على منصة تويتر حتى وُسم بـ«فلاديمير  زمور».