تقوى الله

الصيام ونزول القرآن

جلال السيد
جلال السيد

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، إن معنى نزول القرآن فى رمضان أن ابتداء نزوله كان فى شهر رمضان وفى سورة القدر تحديدًا لليلة التى ابتدأ فيها نزول القرآن؛ قال تعالى: (إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ  وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ  لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ  سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، ونلاحظ أن القرآن نزل على رسول الله ، فى ثلاث وعشرين سنة هى مدة الرسالة، وقال تعالى: "وَقُرآنا فَرَقْناهُ لِتَقْرأَهُ عَلى النَّاسِ على مُكْثٍ وَنـزلْناهُ تَنـزيلًا" ويقول المرحوم د.عبدالله شحاتة، فى كتابه تفسير القرآن الكريم، إن العلماء لهم عدة آراء فى كيفية نزول القرآن، الرأى الأول وهو رأى الشعبى أن ابتداء إنزاله فى ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجمًا فى أوقات مختلفة فى سائر الأزمان على النبى..

وهناك رأى آخر وهو رأى مقاتل بن سليمان أنه نزل من سماء الدنيا فى ثلاث وعشرين ليلة قدر من ثلاث وعشرين سنة ينزل فى كل ليلة قدر ما قدر إنزاله فى تلك السنة، ثم ينزل به جبريل منجمًا على رسول الله، والرأى الثالث وهو رأى الجمهور أن القرآن نزل الى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجماً فى ثلاث وعشرين سنة، ويرى أصحاب هذا الرأى أن للقرآن تنزلات ثلاثاً، أولًا التنزل الأول إلى اللوح المحفوظ، حيث قال تعالى: «بل هو قرآنٌ مجيد  فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ»، والتنزل الثانى من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى سماء الدنيا، والدليل قوله تعالى: «إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ»، والتنزل الثالث من سماء الدنيا إلى رسول الله  فى ثلاث وعشرين سنة، حيث قال الله تعالى: «وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا»، ويرى بل هو قرآن مجيد البروج الآية ٢٠. إن الحكمة فى تخصيص هذا الشهر بالعبادة والصيام هى أنه الشهر الذى أُنزل فيه القرآن، وشملت على البشر فيه هداية الرحمن، فحق فيه أن يعبد الله فيه ما لا يعبده فى غيره تذكيرًا للناس بأنه الشهر الذى نزل فيه القرآن هداية للناس..

ولأن الله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، فقد قال تعالى: «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ  لشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ومَنْ كان مريضًا أو على سفرٍ فعدة من أيامٍ أُخر»، والمرض أو السفر إذا كان أحدهما يُجهد المريض أو المسافر، فله أن يفطر وعليه عدة أيام ما فطر؛ لكى يصومها بدلًا منها، وحدد العلماء المرض وهو الذى إذا صام فيها يزداد عليه المرض ويشق على المريض وأكثر العلماء قالوا إن هذه الرخصة مخصصة للمريض الذى إذا صام وقع فى مشقة عظيمة وضرر بالنفس..

والله يريد بنا اليسر.. ورأى بعض العلماء أن الصائم المضطر إلى الإفطار عليه تعويض ذلك بإفطار أى صائم ويكون إفطاره صدقة أو زكاة.