صانع النجوم خالد جلال: الترفيه مهم فنيًا لكنه ليس الهدف الأول |حوار

خالد جلال خلال حواره للأخبار
خالد جلال خلال حواره للأخبار

أحلم بمركز إبداع شامل بكل محافظة وكشافين للمُتميزين

«أزمة المسرح» مصطلح كل العصور ويختفى بتبنى الدولة الفن الجيد

أسطورة حية تعرفه كواليس المسرح، تحفظ الخشبة تحركاته، لكنه دومًا قادر على مفاجأتها، الإخراج المسرحى له ليس عملًا إنما رسالة آمن بها وحب ذاب فى تفاصيله.

وعلم له أساتذة صار أبرزهم بعدما تعلم على يد مثله الأعلى فؤاد المهندس وكرم مطاوع، فأدرك رسالته وصار أيقونة الإبداع المسرحى خالد جلال.. «الأخبار» تحاور المخرج الفذ تسأله عن أزمة المسرح ورأيه عن المحتوى المقدم وهل يجوز تقديم أعمال للضحك فقط، ويُحدثنا عن دور الفن فى سمو الروح، وتحديات الفنان الحقيقى وكيفية تخريجه لنجوم مركز الإبداع وحلمه الذى لايزال يتمنى تحقيقه.


كيف تُقيِّم الفنون المُقدمة حاليًا وهل هناك أزمة بالمسرح؟
فى كل العصور كان هناك مسرح جيد وآخر رديء حتى فى الستينيات التى يُشار إليها بأنها العصر الذهبى للمسرح، لكن المخرج الكبير عصام السيد أصدر وقت إدارته للمسرح الكوميدى كتابًا اسمه «أزمة المسرح»، جمع خلاله كل المقالات التى بها كلمة أزمة المسرح منذ الأربعينيات.

واكتشفنا أن أزمة المسرح كانت موجودة فى الأربعينيات وكذلك فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، ففى كل العصور كان يُقال إن هناك أزمة فن ومسرح، والسؤال متى ينتصر الجيد، الإجابة حين تنتبه الدولة لدور الفن كما يحدث الآن فيحصل الفن على نقلة عظيمة فى التقدير.

والرئيس السيسى بنفسه مُطلع للغاية على الحياة الفنية وهو أمر جديد، فلم يكن سائدًا قبل ذلك فكرة أن رئيس الجمهورية يشاهد عرضًا مسرحيًا، ويتفاعل معه ويضحك ويدعو ولى عهد المملكة العربية السعودية لمشاهدته مثلما فعل الرئيس فى مسرحية «سلم نفسك»، فهو يعشق دور الفن والثقافة ويُقدره، وعلى المبدعين أن يعوا أن هناك من يؤمن بدورهم وعليهم استغلال هذا الإيمان فى هذه الفترة، ومحاولة إظهار نُبل أعمالهم.


رغم أن الشائع أن أصحاب الخلفية العسكرية دائمًا يكونون صارمين فى التعامل؟
بالعكس، فالرئيس لديه درجة عظيمة من درجات الإنسانية التى حين تتواجد لا تندهش بعدها أنه يحب الفن، وهو ما يظهر بوضوح فى تفاعله مع أسرة شهيد، أو طفل مصاب أو مريض، فهذه لمسات إنسانية شديدة جدًا، لدرجة أنه أطلق عليه جابر الخواطر، فهو يعرف معنى مساعدة الإنسان وعظمته، لذا عليك أن تطمئن مباشرة لشخص يعى دور الفن ويريد أن يُطور الإنسان، وينقل حياته للأفضل.


رسالة سمو
هل العمل الفنى الذى يهدف للضحك أو الترفيه فقط يعتبر صاحب رسالة ؟
لا مانع من تقديم أعمال من باب «الترفيه» لكن ليس فى جميع الأوقات، فهناك أوقات يكون الوطن فى حاجة أن تقدم عملًا مفيدًا، ورغم أن الترفيه مفيد لكنه ليس الهدف الأول للفن، بمعنى أنه حين نسمع أغنية مثل «أنت عمري» وهى قصة حب وعشق.

وليست عملًا وطنيًا لكنها تسمو بروحك وأنت تستمع إليها فتتغير للأفضل، فيكون لديك «ذوق» فى الكلام والمشاعر ونبل فى التعبير عن أحاسيسك فهى الآن صاحبة رسالة، وهو الفارق فى أن تسمع «كلامًا سخيفًا» وقد يكون خارجًا فى قالب أغنية وتتصور أنه يدخل ضمن إطار «الترفيه»، فهو ترفيه يعود بك خطوات للخلف، وتجد نفسك تتحدث بلغة لا تليق مع أولادك وأمام زوجتك وأشقائك حتى أصبحت بعض الكلمات غير اللائقة طبيعية فى كلامنا.


لكن اليوم نجد الشباب بعيدين عن المسرح والقراءة كيف نجذبهم مرة أخري؟
حين توليت مسئولية صندوق التنمية الثقافية قدمنا مواسم نجوم المسرح الجامعي، وهى أشبه بمسابقات الجامعة لكن لها شروط معينة، وعلى الرغم من ضعف الإمكانيات لكنها غزيرة الإبداع، وكل عام يقدم الشباب من كل مصر مسرحيات من المسرح العربى والعالمى وتقام لهم لجنة مشاهدة ثم لجنة اختيار ثم لجنة تحكيم.

ونختار 10 عروض تتنافس على جوائز مواسم نجوم المسرح الجامعي، وأعتقد أن الجيل الذى يتخرج من مواسم نجوم المسرح الجامعى الذى أُقيم منه 4 دورات حتى الآن؛ هو شباب مختلف جملة وتفصيلًا وهو مهتم جدًا بالمحتوى والفن الحقيقى أكثر من الشكل و»الشو».


إبداع المحتوي
وفى مركز الإبداع كيف يختار خالد جلال الفنان الحقيقي؟
تلمع عيناه ويأخذ نفسًا عميقًا ويقول: نسبة إصابة الهدف فى دفعات مركز الإبداع كبيرة للغاية فـ 8 من كل 10 يصيبوا مرمى الهدف، والاختيار الأول سر النجاح فيما بعد، ونحن نختبر المتقدمين على مراحل مختلفة لمدة 5 أشهر لاختيار 100 شاب وفتاة لديهم موهبة وسلوك مميز.

وخلال التدريب تستكمل نواقص هذا الفنان الشاب وتعلمه كيف يدخل السوق الفنية منضبطًا، وذلك من خلال عدد ساعات تدريب مهولة تجعل مركز الابداع الفنى يلقب بالمركز الروسي، لأنه أشبه بالماكينة الروسية التى تعمل 24 ساعة فليس لدينا إجازات.

ونتدرب على الغناء والإلقاء والاستعراض والتمثيل الإذاعي، لنؤهل طلابنا للوسط الفنى فيتخرجون لديهم درجة من الخشونة والفهم ومُدركون كيفية مواجهة الأزمات وتجدهم مُميزين فى الأماكن التى يعملون بها.

أحيانًا عدم الحصول على عائد مادى كبير يشكل عائقًا أمام تقديم محتوى جيد.. كيف ترى هذا التحدي؟
إذا اتفق الجميع على فكرة تقديم عمل فنى جيد سيكون العائد المادى موجهًا للفن الجيد، وجميع خريجى مركز الإبداع بدأوا من دفعة بيومى فؤاد ونضال الشافعى وحتى محمود الليثى وإسلام إبراهيم مرورًا بدفعة حسام داغر وعمرعبد العزيز، جميعهم تخرجوا فى مدرسة فنية إمكانياتها ليست كبيرة ماديًا لكن محتواها عظيم، وخرجوا جميعا للسوق الفنية وهناك من انتقى اتجاهه وآخرون اختاروا الحياة التجارية ودخلوا دائرتها.


وماذا عن رأيك فى إعادة تقديم أعمال مسرحية قُدمت فى فترات سابقة أو ترجمة أعمال فنية من ثقافات مختلفة؟
فكرة إعادة تقديم الأعمال الفنية أمر طبيعى ويحدث فى كل مكان بالعالم أن تقدم كلاسكيات المسرح مثل هاملت ويوليوس قيصر، وعليك الانتقاء فما يصلح للتقديم لجمهور العصر الحالي، فبعض الأعمال من الوارد ألا تكون مناسبة.


كشافو التميز
ما الحلم الذى لاتزال تتمنى تحقيقه؟
أحلم أن يكون هناك مركز للإبداع فى كل محافطة بمصر، وأن يكون شاملًا الفن والهندسة المعمارية والطب والاقتصاد، يجتمع فيه الشباب المميز فى كل مهنة، لكنه يتطلب أشخاصًا من الباحثين الكشافين الذين يبحثون بين الـ 3000 حديثى التخرج بفئة معينة عن 10 مُميزين ولديهم أحلام وتطلعات وأفكار فى بنية عملهم وعلينا أن نبحث عن الشباب الموهوب الجاد، وأعتقد أن هذا إن تم سيخلق حالة عظيمة فى المستقبل.


وهل ترى أن هناك قدرة لتنفيذ فكرة «الكشافين»؟
يجب أن نبحث عمن لديهم تجرد من فكرة «الأنا»ولديهم الاستعداد والقدرة للبحث عن الآخر، لأن هذا الشخص الذى يُفضِّل تلميذه عن نفسه وهم فئة إن بحثنا عنهم سيخرج طبيب ومهندس ورجل اقتصاد عظيم يستطيع أن يعلم ويمنح المعرفة والعلم .

اقرأ ايضا | وزيرة الثقافة تشهد ختام «نجوم المسرح الجامعي»