في العيد القومي لجنوب سيناء..

خبير آثار يرصد أمنيات شعوب العالم بالوادي المقدس

خبير آثار يرصد أمنيات شعوب العالم بالوادى المقدس فى العيد القومى لجنوب سيناء
خبير آثار يرصد أمنيات شعوب العالم بالوادى المقدس فى العيد القومى لجنوب سيناء

تحتفل محافظة جنوب سيناء بعيدها القومى يوم 19 مارس من كل عام، يوم رفع العلم المصرى على طابا، وفي هذا الإطار يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار ظاهرة يحرص عليها زوار دير سانت كاترين من كل الجنسيات وهي وضع لفافة مكتوب بها أمنياته أثناء زيارته للوادي المقدس داخل دير سانت كاترين والذي يضم شجرة العليقة الملتهبة وبئر موسى وكنيسة التجلي والجامع الفاطمي داخل الدير، حيت يتعانق برج الكنيسة مع مئذنة الجامع فى هذا الموقع المبارك ثم يقوم الزوار بطى هذه الأمنيات بشكل رسائل الحمام الزاجل لوضعها بين مداميك جدار كنيسة التجلى المطل على الوادى المقدس مما يؤكد إستشعار كافة شعوب العالم  قيمة هذا المكان وبركته وترك أمنياتهم عند مغادرة الموقع.

ويضيف الدكتور ريحان بأن الوادى المقدس طوى والقدس الشريف ومكة المكرمة باركها المولى عز وجل وأقسم بهم سبحانه وتعالى فى سورة التين، والمقصود بالتين والزيتون أرض القدس وطور سينين هى سيناء والبلد الأمين مكة المكرمة، وأرض مصر كلها مقدسة فهى أرض وطئتها أقدام الأنبياء وعاش بها نبى الله إدريس واستضافت أنبياء الله إبراهيم ويعقوب ويوسف وإخوته وتربى بها نبى الله موسى ولجأ إليها نبى الله عيسى فى رحلة العائلة المقدسة طفلًا وعاد منها صبيًا وتجلى سبحانه وتعالى عليها لنبيه موسى عند شجرة العليقة الملتهبة وكلم على أرضها نبى الله موسى ربه كما تجلى للجبل فدكه حين طلب نبى الله موسى رؤية المولى عز وجل وناجى نبى الله موسى ربه مرة ثانية حين تلقى ألواح الشريعة وتحكى شجرة العليقة المقدسة داخل دير سانت كاترين قصة المناجاة ويحكى جبل موسى خلف الدير قصة تسلم ألواح الشريعة ومناجاة المولى عز وجل ويحكى جبل التجلى المواجه لجبل موسى وله طبيعة جيولوجية خاصة تؤكد دك هذا الجبل قصة التجلى الأعظم.

ويوضح الدكتور ريحان أن العالم أدرك بركة هذا المكان منذ القرن الرابع الميلادى حين جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين فى رحلة حج إلى القدس وسيناء، وبنت فى حضن شجرة العليقة المقدسة بالوادى المقدس بسيناء كنيسة صغيرة خصصت للعذراء مريم أدخلها الإمبراطور جستنيان داخل أسوار دير طور سيناء الذى أنشأه فى القرن السادس الميلادى وتحول اسمه إلى دير سانت كاترين بعد العثور على رفات القديسة كاترين على أحد جبال سيناء والذى حمل اسمها .

ومنذ القرن الرابع الميلادى أصبحت سيناء وجهة الحجاج المسيحيين من الشرق والغرب وبعد بناء الدير كان هناك خط زيارة محدد للحجاج حيث يصعدون إلى جبل موسى وهناك بوابتين على الجبل، بوابة الاعتراف وبوابة الغفران ثم يهبطوا من الجبل إلى الدير عبر الباب الشمالى الشرقى وهو باب الزيارة الحالى بعد التطوير وتغيير مسار الزيارة ثم يتجهوا إلى الوادى المقدس وبعده كنيسة التجلى وحين زيارة كنيسة العليقة المشتعلة يخلعون أحذيتهم تأسيًا بنبى الله موسى وهكذا يحج الأحفاد إلى الجبل المقدس والدير ويتركون أمنياتهم حتى الآن.

وينوه الدكتور ريحان إلى وجود طريقان مشهوران للحج عبر سيناء، طريق شرقى وطريق غربى،  أمّا الطريق الشرقى فهو للمسيحيين القادمين من القدس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حاليًا) إلى النقب ثم وادى الحسى إلى وادى وتير الذى تتوفر فيه المياه من بئر الحسى وبئر صويرا ويجاور وادى وتير أيضًا عين فرتاقة وبها جدول صغير يفيض بالماء طوال العام، ثم يسير الطريق فى وادى غزالة إلى عين حضرة ثم وادى حجاج وبه تلال من حجر رملى بها نقوش نبطية ويونانية وأرمينية ثم يسير إلى سفح جبل جونة إلى وادى مارة ثم يدخل سفح جبل سيناء وطول هذا الطريق حوالى 200كم من أيلة إلى الجبل المقدس الذى أطلق عليه عدة أسماء منها جبل موسى وجبل سيناء وجبل المناجاة .

 ولفت الدكتور ريحان إلى قيام العالم ميخائيل ستون بأعمال مسح أثرى ودراسة لنقوش وادى حجاج بهذا الطريق حين زيارته لسيناء عام 1979، وقد وجد بهذا الوادى نقوش أرمينية عددها 55 نقش أرّخها ما بين القرن (الأول إلى الرابع الهجرى / السابع إلى العاشر الميلادى) منها نقش لأحد المسيحيين يقول (أنا ذاهب حول موسى) يعنى جبل موسى وآخر يقول (أنا رأيت القدس) وأن وجود مثل هذا العدد من النقوش الأرمينية فى الطريق الشرقى بسيناء وعدم وجودها فى الطريق الغربى يدل على كم المسيحيين الأرمن القادمين إلى جبل سيناء من القدس .

ويتابع بأن الطريق الغربى يبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس، عسقلان، غزة، رافيا (رفح)، رينوكورورا (العريش) أوستراسينى (الفلوسيات) ،كاسيوم (القلس)، بيلوزيوم (الفرما)، سرابيوم (الإسماعيلية)، القلزم (السويس)، عيون موسى، وادى غرندل،  وادى المغارة، وادى المكتّب، وادى فيران إلى جبل سيناء وطول هذا الطريق من القدس إلى القلزم 400كم ، ومن القلزم حتى جبل سيناء 300كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 700كم .

ويشير الدكتور ريحان إلى رحلات الحج إلى الوادى المقدس والقدس عبر التاريخ  حيث توافد المسيحيون من كل بقاع العالم لزيارة الأماكن المقدسة بسيناء وهم آمنين مطمئنين فى ظل التسامح الإسلامى التى سارت عليه الحكومات الإسلامية فى المنطقة حيالهم، وقد زار سيناء عددًا من المسيحيين لا يمكن حصرهم وكثير منهم كانوا من شخصيات ورتب عالية، وعددًا من الرّحالة الأوربيون أمثال بورخارت الذى جاء من سويسرا مرتين عام (1232هـ/ 1816م) وعام (1238هـ / 1822م) وشاهد ثمانمائة من المسيحيين الأرمن جاءوا من القدس ومسيحيين روس وخمسمائة مسيحى من أقباط مصر.

  وكان كثير من العظماء والملوك والأمراء على اتصال دائم بدير سانت كاترين ويمدونه بالهدايا ومنهم من ملوك فرنسا شارل السادس ولويس الحادى عشر والرابع عشر  وإيزابيل ملكة أسبانيا والإمبراطور مكسيمليان الألمانى  وقياصرة روسيا  ولا تزال هداياهم بالدير حتى الآن.