شىء من الأمل

تضخم غير أورجانيك!

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

قبل أن تندلع الحرب الأوكرانية ومعدلات التضخم فى العالم  تتجه للزيادة نتيجة الارتفاع فى أسعار الطاقة، ونحن فى مصر تأثرنا مثل غيرنا بهذا التضخم المستورد من الخارج حينما أخذت أسعار عدد من السلع المستوردة فى الارتفاع فى أسواقنا ..

وجاءت الحرب الأوكرانية بعقوباتها الاقتصادية على روسيا  لتزيد طين التضخم بلة فى العالم بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة الحبوب التى تعد روسيا وأوكرانيا من أكبر المصدرين لها، وانفلت عيار الأسعار فى أسواقنا ..

غير أن المتابعين للشأن الإقتصادى يرون أن التضخم  لدينا ليس كله مستوردا من الخارج أو ناجما عن أزمة الاقتصاد العالمى  التى تسببت فيها جائحة كورونا أو ناجما عن تداعيات الحرب الأوكرانية .. وإنما قدر من هذا التضخم صناعة محلية ، بَعضُنَا يسميه جشع التجار، والبعض الآخر يسميه فوضى الأسواق وعدم انضباطها لغياب المنافسة وشيوع الممارسات الاحتكارية! 


فإن التضخم المستورد من الخارج لا يظهر عادة تأثيره بشكل فورى، وإنما هو يأتينا مصاحبا لكل دورة استيرادية من الخارج، بينما الأسعار لدينا انفلت عيارها مع الأيام الاولى من اندلاع الحرب الأوكرانية وقبل أن نستورد سلعا أو مستلزمات إنتاج من الخارج بأسعارها المرتفعة الجديدة، وأيضاً قبل أن تعيد الحكومة النظر فى أسعار الطاقة للمصانع،   وبدون أن تفرض أعباء ضريبية إضافية  جديدة على المنتجين أو التجار أو المستوردين ..

بل إن هناك سلعا لا نستوردها من الخارج أو يدخل فى إنتاجها مستلزمات إنتاج من الخارج ارتفعت أسعارها فور اندلاع الحرب الأوكرانية رغم أنها استوردت بأسعارها القديمة..

وذات الأمر ينطبق على الخدمات أيضا وفى مقدمتها الخدمات الصحية حيث تبارى أطباء فى زيادة الكشف على المرضى فى عياداتهم الخاصة، مثلما فعل محامون ومحاسبون وأيضاً أصحاب الحرف المختلفة، وهو ما يعرف بعدوى التضخم التى تدفع كل من فى مقدوره التخلص من عبء التضخم أن يحمله للآخرين، وهذا لا يملكه بالطبع أصحاب الدخول الثابتة من الموظفين والعمال لذلك يكون تأثير التضخم عليهم أكثر من غيرهم.. وهكذا ليس كل التضخم الذى أخذنا نشكو منه مستوردا من الخارج وإنما بعضه صناعة محلية..

أو ليس كله طبيعيا أو أورجانيك كما يحلو للبعض وصفه وإنما هو مصنوع لدينا بسبب الممارسات الاحتكارية التى تفقد أسواقنا الانضباط المطلوب والذى تزيد الحاجة إليه فى أوقات الأزمات..

وهنا يصبح  ضروريا التدخل الحكومى لفرض الانضباط على الأسواق لتخفيف ضغوط ارتفاع الأسعار على أصحاب الدخول المحدودة الذين يتعين عدم استفزازهم أيضا إعلاميا !