تأجيج الموقف بالترويج لأخبار مغلوطة ومحاولات لإثارة الرأى العام العالمى

ألاعيب الإعلام وازدواجية المعايير

آثار  عمليات عسكرية سابقة منذ ٨ سنوات
آثار عمليات عسكرية سابقة منذ ٨ سنوات

كتبت: دينا توفيق

ازدواجية إعلامية وحملات تضليل.. معلومات مغلوطة ونشر أكاذيب.. استغلال لأحداث سابقة لتأجيج الموقف وإشعال الأزمة.. إرهاب وترهيب لإثارة الرأى العام.. نشر الفتن وتشتيت الانتباه نهجها.. التلاعب وزرع الانقسام سلاحها.. براعة فائقة فى قلب الصورة ومن ثم الحقيقة.. استراتيجية اعتاد عليها الإعلام الغربى عامة والولايات المتحدة خاصة لتمرير المخططات وتحقيق الأهداف.
 

مخطط يرغبون فى تمريره، حتى قبل اشتعال الصراع الروسى الأوكرانى، عمل الإعلام الغربى على تأجيج الموقف بالترويج لأخبار مغلوطة ومحاولات لإثارة الرأى العام العالمى. ومع شن القوات الروسية هجماتها وإعلان الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» عن بدء «عملية عسكرية» فى أوكرانيا، تعمد الإعلام الغربى إخفاء أن خطوة موسكو جاءت نتيجة تحرك الناتو بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، بتسليم أسلحة إلى كييف وإجراء مناورات عسكرية «استفزازية» فى البحر الأسود وقرب الحدود، هو ما أشعل الصراع ودفع الروس إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة.. بعد انهيار الاتحاد السوفييتى ومعه حلف وارسو، بدأ توسع حلف الناتو شرقًا فى إثارة حفيظة روسيا وريثة السوفييت، التى تؤكد أن وعدا قطع بعدم التوسع شرقًا. سردية يرفضها الناتو بينما يستشهد بها بوتين حتى فى حربه على أوكرانيا. كما كان إغفال ذكر التحركات والعمليات التى قام بها الجيش الأوكرانى خلال الثمانى سنوات الماضية لمقاطعتى دونيتسك ولوهانسك فى إقليم دونباس شرق أوكرانيا، والتى أدت إلى المزيد من القتلى والجرحى فى صفوف المدنيين الناطقين باللغة الروسية، بالإضافة إلى تعمد قطع المياه والكهرباء والغاز عن الأوكرانيين فى الإقليم لم يذكر عنها شيئا الإعلام الغربى الذى يروج طيلة الوقت عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب فى تقرير مصيرها، حتى مع تعيين الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكى» خلفًا لـ»فيكتور يانولوفيتش» بعد أن أطاحت به الولايات المتحدة نظرًا لقربه من بوتين وقبول مساعدته ورفضه لقرض صندوق النقد الدولى لحل أزمة بلاده الاقتصادية.

كل ذلك ولد شعورًا لدى المتابع للأحداث للتمييز والتحيز للجانب الأوكرانى وحكومة كييف الموالية لواشنطن والداعمة له.
ازدواجية المعايير فى التغطية الإعلامية اعتاد الإعلام الغربى عامة والأمريكى خاصة عليها لتمرير أهداف سياسية وتحقيق مصالح الولايات المتحدة وحلفائها حتى وإن كان الثمن حياة الشعوب. تساؤلات عديدة طرحتها تغطية الإعلام الغربى للصراع الروسى الأوكرانى، خاصة مع محاولاته لإثارة الشفقة على ضحايا الحرب من بعيد، والتركيز خلال الأيام الماضية على رد الفعل على «العمليات العسكرية الروسية» دون ذكر الدافع للقيام بهذا.

وقد كان هناك تعمد لإغفال أصوات الأوكرانيين الذين عاشوا مع تهديدات زيلينسكى منذ عام 2014 والنيران والقذائف التى أتت على البنية التحتية فى شرق أوكرانيا. لقد اهتمت المواقع الغربية والصحف والمجلات بالتركيز وعرض وجهة نظر النظام الأوكرانى. وتم اتهام الإعلام الغربى والشخصيات السياسية بالازدواجية فى المعايير لاستخدام منافذهم ليس فقط للإشادة بالمقاومة المسلحة الأوكرانية للقوات الروسية، ولكن أيضًا لإثبات مخاوفهم من كيفية حدوث مثل هذا الصراع لأمة «متحضرة». قال كبير مراسلى شبكة «CBS» الإخبارية الأمريكية فى كييف «تشارلى داجاتا» «هذا ليس مكانًا، مع كل الاحترام الواجب، مثل العراق أو أفغانستان التى شهدت صراعًا مستعرًا لعقود. هذه مدينة متحضرة نسبيًا وأوروبية نسبيًا - لا بد لى فى اختيار هذه الكلمات بعناية أيضًا - مدينة لا تتوقع فيها ذلك ، أو آمل أن يحدث ذلك «. قوبلت تعليقاته بالسخرية والغضب على وسائل التواصل الاجتماعى، حيث أشار الكثيرون إلى أن تصريحاته ساهمت فى المزيد من نزع الصفة الإنسانية عن الأشخاص غير البيض وغير الأوروبيين الذين يعانون فى ظل صراع داخل وسائل الإعلام الرئيسية. اعتذر داجاتا لاحقًا، قائلاً إنه تحدث «بطريقة يأسف لها».


كما تعرض الصحفى البريطانى دانيال حنان لانتقادات عبر الإنترنت بسبب مقال له فى صحيفة «التلجراف» البريطانية، كتب فيه أن الغزو الوحشى لفلاديمير بوتين هو هجوم على الحضارة نفسها، ويجب أن تتصالح بريطانيا والغرب مع فقدان النفوذ وتراجع الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم. يبدون مثلنا هذا ما يجعلها صادمة للغاية. أوكرانيا بلد أوروبي، ويصوتون فى انتخابات حرة ويقرأون الصحف غير الخاضعة للرقابة. لم تعد الحرب شيئًا يزوره السكان الفقراء والمناطق النائية.


كما أعرب السياسيون الأوروبيون عن دعمهم لفتح الحدود تجاه اللاجئين الأوكرانيين، مستخدمين مصطلحات مثل «المثقفين» و«الأوروبيين» - وهى بعيدة كل البعد عن الترويج للخوف الذى تستخدمه الحكومات ضد المهاجرين واللاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى. 


وصفت شبكة «CNN» الإخبارية الأمريكية الحرب الروسية الأوكرانية بأنها أسوأ أزمة أمنية فى أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مما ساهم فى إغفال الصراعات الأخيرة نسبيًا فى القارة مثل حرب البوسنة فى التسعينيات وصراع أيرلندا الشمالية، التى استمرت من الستينيات حتى عام 1998. كما عملت هذه التصريحات وهذا التعميم على إخفاء حقيقة أنه فى حقبة ما بعد الحرب العالمية، صدرت أوروبا العديد من الحروب إلى البلدان التى كانت كيانات استعمارية سابقة.