قاعود: «الإسراء والمعراج» ربط بين الماضي والحاضر ودرس تربوي للأمة

الشيخ محمد حسن قاعود
الشيخ محمد حسن قاعود

الإسراء والمعراج كانت مصدر تشريع لعقيدة الإسلام ودروساً تربوية عظيمة لأولى الألباب، الذين يربطون الماضى بالحاضر والدنيا بالآخرة من هذه الأمة، منها الصبر عند الشدائد والصداقة الحقيقية مبادئ.

يقول الشيخ محمد حسن قاعود من علماء وزارة الأوقاف: إن معجزة الإسراء والمعراج تعد الحدث المناسب فى الوقت المناسب للرجل المناسب، نعم لقد حدثت هذه الرحلة فى عام أطلق عليه كتاب السير عام الحزن وحين بلغ الحزن مداه وتألم فيه كثيرا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد ملأ قلبه الحزن لوفاة عمه أبى طالب الذى كان سنداً خارجياً ولوفاة زوجه خديجة رضى الله عنها، التى كانت سندًا داخلياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفى الوقت نفسه ضاقت عليه قريش بدعوته ووقفت له بالمرصاد وحاولت بكل الطرق والأساليب إثنائه عن تبليغ رسالته وإنجاح عقيدته عن طريق الإغراءات المادية والمعنوية فعرضوا عليه مبالغ طائلة ومناصب رفيعة ليبتعد عن طريق الدعوة فلم تجدِ هذه الوسائل معه حاولوا تخويفه بإيذائه وتعذيب أصحابه لكنه صبر صلى الله عليه وسلم وضرب أروع الأمثلة فى الصبر والثبات وفاق صبره الجبال طولاً فهو يعلم علم اليقين إن النصر مع الصبر وإن الفرج مع الكرب وإن الليل يعقبه النهار وإن الضياء يأتى بعد الظلمة والعتمة وإن مع العسر يسرا .

قال تعالى: «فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا».. ويضيف: فذهب إلى الطائف يلتمس منهم أن يؤمنوا به وأن يصدقوا رسالته لكنهم قابلوه بالصد والجمود والإنكار والعناد، ثم سلطوا عليه صبيانهم وسفاءهم فرموه بالحجارة حتى سال دمه الشريف، لكنه لم يفقد إيمانه وتمسك بدعوته، لقد لجأ إلى ربه يطلب منه النصر والتأييد ويرجو العون والمدد فهتف بهذا الدعاء: (اللهم إنى اشكو اليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وانت ربي)، فجاء النصر والمدد التكريم الإلهى بهذه المعجزة الفريدة للنبى صلى الله عليه وسلم فكانت رحلة الإسراء والمعراج الحث المناسب فى الوقت المناسب للرجل المناسب ..

ويؤكد هذه الرحلة المباركة كشفت مكانة النبى صلى الله عليه وسلم بين الناس قاطبة والأنبياء خاصة حيث التقى بهم فى المسجد الأقصى وصلى بهم لقد كانت الرحلة تسلية لقلبه وتفريجا لكربه.


 هذه الرحلة المباركة كانت اختباراً لصبر المؤمنين أيضا فى تصديقهم لنبيهم وفى إتباعهم لدعوته لأنها معجزة فوق مستوى البشر وأثبتت العلاقة الخاصة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه فقد وطدت هذه الرحلة من دعائم الصداقة بينهما وحق له أن يقول الله عنه:» والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون»، فالذى جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والذى صدق به هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه، فقد أثبت أبو بكر صدقه وصداقته وقت الضيق وعند الشدة ومعدنه الأصيل وأن الرجال يعرفون عند الأزمات، فقد قال أبو بكر لما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة يحدث الناس عن الإسراء وما رأى قال دون أن يسمع منه أو يرى شيئا ودون تردد أو تفكير (إن كان قال فقد صدق) ولقد أصبحت هذه الكلمات شعارا جميلا للصديق لأنها جاءت فى أشد مراحل الدعوة خطورة.


ويوضح: من فوائد المعراج على سبيل المثال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل من مرحلة علم اليقين إلى مرتبة عين اليقين حيث أخبرنا أن الجنة فيها ما عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وأيضا فرضية الصلاة التى هى بمثابة هدية الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سموات وكذلك أنه حمل رسالة واضحة لهذه الأمة فلقد بدأ معراج النبى من المسجد الأقصى وانتهى على أرض بيت المقدس فهى ميراث النبى صلى الله عليه وسلم وقبلته الأولى ثانى المسجدين وثالث الحرمين وأيضا من فوائد الآيات.

التى رأها الرسول صلى الله عليه وسلم فى معراجه التحذير من أهل الغيبة والنميمة، الذين ينتهكون حرمات الناس الخاصة ويلوكون بألسنتهم فى الأعراض فقد روى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما عرج بى مررت بأقوام لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم  فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى أعراضهم)، فالإسلام دين الأخلاق الحسنة أمر بحفظ الأعراض دون أن تنتهك بالقول لأن ذلك يورث العداوة بين المسلمين .

اقرأ أيضا | تحت حماية شرطية.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى