«أستاذ عظام»: 4% من الأطفال لديهم اعوجاج بالعمود الفقري.. وأغلب الحالات ليست خلقية

د.هانى عبد الجواد خلال حواره مع «الأخبار»
د.هانى عبد الجواد خلال حواره مع «الأخبار»

قصتى مع الطفلة اليمنية هى الأشهر.. وتعاملت مع أندر حالة على مر التاريخ
لا أتاجر بصور المرضى.. وأغلبهم يطلبون نشرها لتوعية غيرهم  
عملى فى مصر منحنى نجاحًا لم أكن أستطيع تحقيقه فى أى مكان بالعالم

 

مشرط الجراحة بين أنامل الدكتور هانى عبد الجواد، أستاذ العظام المساعد بكلية الطب جامعة الأزهر، ليس مجرد عصا سحرية يصلح بها المعوج من عظام العمود الفقرى، بل يتحول إلى أداة يكتب بها تاريخا جديدا فى هذا الفرع النادر من الجراحات، ليكتسب بذلك شهرة تعدت حدود القطر المصرى إلى الأقطار العربية.

ويصبح أحد الجنود المهمين فى كتيبة القوة الناعمة المصرية.. كانت بداية معرفتى بالدكتور عبد الجواد تقريرا قرأته على أحد المواقع اليمنية يشيد ببراعة الطبيب المصرى فى إصلاح اعوجاج نادر وخطير فى العمود الفقرى لطفلة يمنية تدعى «ماريا».

 

 

فحاولت الوصول للطبيب سعيا للكتابة عن هذه الحالة التى تستطيع من خلال رؤية صورتها قبل وبعد الجراحة، إدراك مدى الكفاءة التى يتمتع بها الطبيب المصرى فى هذا الفرع النادر من الجراحات..

وسيلتى للوصول إلى الطبيب، كانت صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، والذى يحتفى من خلالها ببعض إنجازاته الطبية، لأكتشف أن حالة الطفلة اليمنية ليست استثناء، إذ تعج الصفحة بالعديد من قصص النجاح لمرضى من أقطار عربية، جاءوا إلى مصر فاقدى الأمل فى إصلاح اعوجاج عمودهم الفقرى، فعادوا وقد ملأت الابتسامة وجوههم..

وبينما كنت أسعى لكتابة تقرير عن حالة الطفلة اليمنية، وجدت أن الطبيب عبد الجواد، مرشح مثالى، لأن يكون ضيفا فى ..

سلسلة حوارات «جنود القوة الناعمة»، لنتحدث عن ماريا وغيرها من الحالات التى كتبت ابتساماتها ملامح قصة نجاح فريدة لطبيب مصرى، بدأت فصولها من الريف المصرى، ليصبح ابن قرية البساتين بمحافظة البحيرة، أحد أشهر جراحى اعوجاج العمود الفقرى بالعالم العربى.. وخلال الحوار تحدث عبد الجواد عن أبرز قصص النجاح، ورحلته فى هذا المجال الدقيق من الجراحات، والصعوبات التى واجهته.. وإلى نص الحوار.
 

دعنى أبدأ من انطباع وصلنى عند متابعة صفحتك بالفيس بوك، حيث بدا وكأنك تشعر بسعادة مضاعفة عند النجاح مع حالات الاعوجاج الصعبة التى تأتيك من خارج مصر؟

تظهر ابتسامة خجولة على وجهه قبل أن يقول: رفع المعاناة عن المريض سواء كان مصريا أو عربيا أو من أى دولة، هو غاية ما يسعى له أى طبيب، ولكن قد تكون محقا فى انطباعك، لأن هذه الحالات لا تأتى إلى مصر إلا بعد فقد الأمل فى العلاج، وكثيرا من الحالات التى وفقنى الله فيها، رفض أطباء فى دول أوروبية اجراء جراحات لها، لأن نجاحها غير مضمون، فضلا عن احتمالات وفاة المريض، وهذا ما حدث مع حالة طفلة يمنية تدعى «ماريا» تحدثت كثيرا من المواقع والصحف العربية عن نجاح عملية اصلاح اعوجاج العمود الفقرى عندها.


النوع التلقائى

عندما طالعت صفحتك تعجبت بالفعل من تجاوب متابعيك مع حالة ماريا، مع أنك تملك سيرة ذاتية مليئة بعشرات القصص؟

يخرج هاتفه المحمول من أحد أدراج مكتبه ليعرض بعض الصور وهو يقول بنبرة متحمسة: سؤالك جيد، لأنه يعطينى الفرصة للحديث عن أصل اعوجاج العمود الفقرى، وهى مشكلة توجد عند 4% من الأطفال، وتبدأ صغيرة ثم تتطور.

والنوع الشائع من حالات الاعوجاج، والذى تمثل نسبته 90% من الحالات، هو النوع التلقائى غير الخلقى أى لا يولد به الطفل، ومثل هذه الحالات يمكن اكتشافها بالمسح المبكر الذى تجريه بعض الدول بانتظام لأطفال المدارس، ولكن عدم اكتشافه مبكرا يؤدى إلى تطور الحالة، وكلما تم التأخر فى التعامل معها تسوء أكثر وأكثر، حتى تصل إلى الوضع الذى كانت عليه الطفلة ماريا.


وما وصف حالة الطفلة اليمنية بالتحديد؟

يقلب فى الصور الموجودة على هاتفه ليأتى لحالة الطفلة ماريا قبل اجراء العملية، قائلا وقد بدت على وجهه ابتسامة الثقة: كما ترى من الصورة أصبح الاعوجاج خطيرا جدا بطول العمود الفقرى، وأثر على وظائف التنفس لتصل إلى 37%، وهى نسبة خطيرة للغاية، فمن المعروف أن انخفاض وظائف التنفس عن 40%، يجعل هناك صعوبة فى إجراء أى تدخل جراحى، خشية حدوث فشل فى التنفس، يمكن ان يؤدى إلى الوفاة، أثناء إجراء الجراحة، ولذلك رفض كثير من الأطباء التعامل مع هذه الحالة، واعترف لى والد الطفلة بذلك.


المسئولية المشتركة

ولماذا وقع اختيار والد الطفلة عليك لإجراء هذه الجراحة الخطيرة؟


تعود الابتسامة الخجولة لوجهه ليقول: لأنى والحمد الله أصبحت مشهورا بالنجاح مع الحالات شديدة الخطورة، لأنى تدربت على تنفيذها فى أهم مكان فى العالم يجرى مثل هذه الجراحات فى مركز متخصص بجامعة مونتريال بكندا، ولن تصدق إذا قلت لك إن هذا المركز كان يجرى سنويا ثلاث جراحات خطيرة، إلى جانب نشاطه اليومى المعتاد مع الجراحات العادية، بينما أقوم فى الوقت الراهن بتنفيذ ثلاث من هذه الجراحات الخطيرة فى الأسبوع الواحد، وهذا يكشف لك مدى زيادة هذه الحالات الخطيرة بسبب قلة الوعى والإهمال فى العالم العربى، مقارنة مع الغرب، وهو ما يتسبب فى وصول الحالات إلى مستوى مرتفع من الخطورة، تصبح معه الجراحة خطيرة، وتكون احتمالات حدوث الوفاة أو الشلل أثناء اجراء العملية واردة بنسبة كبيرة.

وكيف تقبل اجراء عملية انت تعلم ان احتمالات فشلها سواء بالوفاة أو الشلل واردة؟

بلهجة متحمسة يقول: الحالات التى أقبل اجراء الجراحة لها، هى تلك الحالات التى تيقنت بعد دراستها، انى أستطيع، رغم صعوبتها، ان أصل بها إلى بر الأمان، ومع ذلك فأنا لا أقدم على اجراء العملية، إلا إذا شعرت أن أقاربها يشاركوننى تحمل المسئولية، وذلك بتوقيعهم على إقرار الخطورة القصوى، وإذا رفضوا التوقيع لا أجرى الجراحة، فأنا أخاطر بتاريخ بنيته فى المهنة، ويجب أن يكون لديهم أيضا رغبة واستعداد للمخاطرة والمشاركة فى المسئولية.

وهل واجهتك حالات رفض أقاربها التوقيع على إقرار الخطورة القصوى؟


يشير بالرفض قبل ان يقول: قلت لك سابقا إن الحالات الخطيرة تأتى بعد أن يكون قد أعياها البحث، ويتمسكون بأمل الشفاء، فوالد الطفلة اليمنية ماريا قال لى مثلا وهو يوقع على إقرار الخطورة القصوى»هى مكنتش عايشة، فإذا ماتت فهذه إرادة ربنا، ويمكن ربنا يكتب لها الشفاء على يديك، وأنا عندى ثقة كبيرة فيك»، وتوجد عشرات القصص الأخرى من الأقطار العربية الأخرى، والتى كانت خطيرة ورفض غيرى التدخل جراحيا فيها، دافعا لأقاربها للتوقيع على اقرار الخطورة بدون أى تردد.


أبرز القصص

أعلم أن فى جعبتك الكثير من القصص ولكن حدثنى عن أبرزها؟

يعود لالتقاط هاتفه المحمول لاستخراج أرشيف الحالات قبل أن يقول: قصتى مع الطفلة ماريا ربما هى الأشهر، ولكن رغم صعوبة الجراحة التى أجريتها لماريا يوجد ما هو أصعب منها، ومنها حالة الطفل محمد أيضا من اليمن، والتى كانت صعوبة الجراحة الخاصة به أن وزنه لم يتعد الـ16 كيلو، والمعروف أن الدم فى الجسم يكون متناسبا مع حجم الجسم، وعمليات اصلاح اعوجاج العمود الفقرى من العمليات التى تستنزف الكثير من الدماء، هذا فضلا عن أن الحالة كانت تعانى من اعوجاج شديد وتحدب عال فى العمود العمود الفقرى.


ويأخذ رشفة من كوب الشاى، قبل أن يستأنف الحديث قائلا بكلمات لا تخلو من الثقة: ومع ذلك كل هذه الحالات، لا تقارن فى صعوبتها مع حالة الشاب أحمد ابن الـ18 عاما، والذى ينتمى لأسرة مصرية تعيش فى إيطاليا.

ما الأصعب فى هذه الحالة؟!

سألته بنبرة تعكس التشوق لمعرفة تفاصيلها، فأخذ يقلب فى صور هاتفه المحمول حتى وصل لها، ليقول وهو يتحدث بنبرته المتحمسة المعتادة: إذا وصفت حالة أحمد بأنها الأولى من نوعها على مستوى العالم وعلى مر التاريخ، فأنا لا أبالغ وأتحدى من يأتى بحالة تشببها، فما كان يعانى منه هذا الشاب لم يكن مجرد اعوجاج وتحدب كبير.

ولكنه كان لديه فتحة خلفية فى فقرات الرقبة، ومتصلة بكيس خارج الجلد، وهذه أمر نادر جدا حدوثه فى الرقبة، وكان لديه أيضا كيس سائل حول النخاع الشوكى، وهذه مشكلة خلقية ولد بها، وأجريت له عملية لإغلاق هذا الكيس فى عمر 9 أيام، ثم حدث له تشوه شديد فى العمود الفقرى مع وجود تكيسات ماء كبيرة بالنخاع الشوكى والتصاقات نتيجة الجراحة القديمة.

ولم يذكر فى تاريخ العلم إجراء جراحة لإصلاح تشوه بهذه المواصفات، وكان ذلك هو سبب تأخره فى إجراء العملية حتى سن 18 عاما، لأن كل الجراحين الذى اطلعوا على الحالة فى ايطاليا وألمانيا قالوا ان دخوله العمليات يعنى خروجه من الجراحة مصابا بالشلل، والحمد لله نجحت فى اجراء هذه الجراحة وخرج أحمد منها إنسانا جديدا.

أشعر من الصور التى رأيتها لهذه الحالة وغيرها أنه لا توجد حالة تستعصى على الدكتور هانى؟

يومئ بالرفض قبل أن يقول مبتسما: غير صحيح، فرغم هذه القصص، فإن قدرتى لها حدود، وأرفض يوميا اجراء جراحات لمرضى ، بعد أن أصل ليقين عقب دراسة الحالة جيدا أن الجراحة لن تكون مجدية .

ويصمت لوهله يأخذ خلالها رشفة أخرى من كوب الشاي، قبل أن يضيف وقد غابت ابتسامته لتفسح المجال لمشاعر الحزن التى ارتسمت على وجهه: بالأمس انهمرت دموع مريضة فلسطينيه بشكل مؤلم للنفس، بعد أن أخبرتها أن الجراحة بالنسبة لها غير مجدية، وأنها وصلت لمرحلة يصعب معها الجراحة.

ما الصعب عندها عن حالة الشاب أحمد التى وصفتها بأنها الأندر فى التاريخ؟

 يرد على الفور: رغم انها الأندر، إلا أننى بعد دراستها وجدت أنه يمكن أن أجرى الجراحة، ولكن فى هذه الحالة كانت المريضة قد اجرت جراحة لحمل الفقرات على طول العمود الفقرى على وضع مشوه، وكانت وظائف تنفسها 27 %، وهذه حالة صعبة احتمالات وفاتها أثناء الجراحة كبيرة جدا.


اعوجاج بلا ألم

وما الذى أوصل هذه الحالة لهذا المستوى؟

بدور تردد يقول: قلة الوعي، فالمرضى لا يفكرون فى زيارة الطبيب، إلا بعد أن يصبح الوضع مؤلما، فمشكلة الاعوجاج، مقارنة بمشاكل العمود الفقرى الأخرى، أنه فى البداية لا تكون هناك آلام، وبالتالى يصل بعض المرضى إلى الطبيب فى مرحلة متأخرة لا يصلح معها الجراحة، ولكن الصور التى ننشرها لبعض الحالات التى نجحنا فى علاجها تعطى بعضهم الأمل، وأشعر للأسف بحزن بالغ عندما اخبر بعضهم بأنه لم يعد من المجدى التعامل جراحيا مع حالته.

بمناسبة الصور التى تنشرها، ألا تخشى من اتهامك بالمتاجرة بصور مرضاك؟

يبدى انزعاجا من السؤال، قبل ان يقول بنبره صوتى مرتفعة: ما أنشره هو قليل من كثير، ولا أنشر إلا بعد موافقة المرضى، بل أن بعضهم يطلب منى نشر صوره من اجل التوعية وبث الأمل فى نفوس بعض ممن يعانون من المرض ويعتقدون أنه ليس له علاج.

وهذه الصور بطبيعة الحال تجلب لك مرضى جدد؟

يحافظ على نبرته المرتفعة وهو يقول: لا أنشر سوى الحالات الصعبة، وأنا كجراح يمكننى أن أنفذ يوميا عشرات الجراحات السهلة، ولكن مثل هذه الجراحات الصعبة لا أجريها إلا مره واحدة فى الأسبوع، فليس فى صالحى أن يكون لدى عدد كبير من الحالات الصعبة، ولكن هدفى من النشر هو التوعية، بأن يوجد أمل لمن يعانى من هذا المرض.

ولكن أليس من الأفضل أن تأخذ التوعية شكلا آخر، وهو الكشف المبكر عن المرض قبل ان تصبح الحالة المرضية من النوع الصعب؟

لم ينتظر استكمال السؤال وقال على الفور: لقد أنفقت الكثير من وقتى فى هذا الهدف، وأدعو دائما الأباء والأمهات إلى التقاط هذه الحالة مبكرا بالعين من خلال فحص بسيط، لأنى كما قلت لك سابقا أن مشكلة الاعوجاج هى أن الطفل لن يشعر بالألم فى البداية.

وكيف يمكن للعين التقاطه؟

يعود إلى صور هاتفه، ليشرح من خلال صورة قائلا: عندما يكون الكتفين غير متماثلين والوسط غير متماثل فهذه علامة على الاعوجاج، يمكنك تأكيدها بأن تطلب من طفلك تنفيذ وضع الركوع، فإذا كان هناك كتف أعلى من الآخر، فهذه علامة على الاعوجاج، وفى هذه الحالة يجب التحرك سريعا، لأن وقتها سيكون التدخل الجراحى سهل للغاية، ويمكن علاج الحالة بدون تدخل جراحى عن طريق استخدام حزام الظهر.

دعنا ننتقل إلى تكوينك المهني، والذى يجمع بين التعليم فى مصر وكندا، فإلى أى مدى كان التعليم فى مصر مفيدا لك؟

خرجت من مصر وانا حاصل على الماجستير والدكتوراة فى العظام، ولكن جراحات العمود الفقرى كانت تستهويني، فحصلت على زمالات فى جراحات العمود الفقرى من جامعة مونتريال بكندا خلال مدة ست سنوات قضيتها هناك، وعندما عدت إلى مصر، تخصصت فقط فى هذه الجراحات، فأنا مؤمن بتخصص التخصص.

أفهم من ذلك أنك لا تتعامل مع أى حالات عظام خارج نطاق العمود الفقري؟

يومأ بالموافقة قبل أن يقول: بالضبط، وهذا وضع فريد من نوعه، فلا يوجد فى مصر، بل وربما فى العالم العربى طبيب عظام اختار ان يتخصص فى العمود الفقرى فقط.

ربما تكون هذه الثقافة موجودة بالخارج، ولكنها غير متداولة فى مصر، فهل واجهت صعوبة فى تنفيذها؟

يصمت لوهلة قبل ان يقول: قبل السفر إلى كندا، كان من الصعب التخصص فى هذا الفرع فقط، ولكن بعد السفر والحصول فى جامعة مونتريال على تدريب كاف فى هذا الفرع، قررت بعد العودة إلى مصر أن أخلق وضع خاص بي، وهو تخصص التخصص، والحمد لله أكرمنى الله بأضعاف ما كنت أتوقع.
تحقيق الشهرة 

تقصد تحقيق الشهرة فى هذا المجال؟

الشهرة لم تأتى إلا بعد النجاح فى الجراحات الصعبة، التى رفض غيرى التعامل معها، وهذه الجراحات تعاملت مع حالات تشبهها فى جامعة مونتريال، ولكن الفرق أننا فى مونتريال كنا نجرى جراحتين أو ثلاثة من هذا النوع الصعب فى السنة، بينما فى مصر أجرى هذا العدد من الجراحات فى الأسبوع، لذلك فإن النجاح الذى حققته فى مصر، لم أكن أستطيع تحقيقه فى أى مكان بالعالم.

وهل كنت تتوقع هذا النجاح وأنت تغادر كندا عائدا لمصر؟

ترتسم على وجهه ابتسامة تعكس رضاه عن مشوار حياته، قبل ان يقول: قرارى وأنا أغادر مصر مسافرا إلى كندا، انى سأسافر لأتعلم فى أفضل مكان فى العالم متخصص فى جراحات العمود الفقرى، ثم أعود إلى مصر، لأنى محب جدا لوطنى وأهلى، ومن الصعب ان أنسلخ عن حياتى هنا، وأقرر الاستمرار فى الخارج.

ربما كان للنشأة الريفية دور فى تشكيل هذا التوجه؟

يومئ بالموافقة قبل أن يقول: ربما، فأنا انتمى لأسرة ريفية بسيطة الحال من قرية تسمى «البساتين» بمحافظة البحيرة، وكنت أول ابناء هذه القرية من الملتحقين بكلية الطب، وأول من يعمل أستاذا بكلية الطب من أبناء القرية.
 

وأخيرا: بالرغم من عدد الحالات الكثيرة التى نجحت فى علاجها، من المؤكد ان هناك حالات لا تنساها وتأثرت بها على المستوى الإنسانى.. فهل يمكن أن يكون ختام الحوار هو الحديث عن إحداها؟


قبل أن أنتهى من السؤال قال بنبرة صوت منخفصة تعكس تأثره بالحالة: لا أنسى الطفلة الفلسطينية ابنة الـ14 عاما وئام، والتى كانت تعانى من اعوجاج وتحدب شديد للغاية، وقد لاحظت قبل العملية أنها لا تبدو متوترة، بل كانت مبتسمة ومرحة، فسألتها: ألا تخافى من العملية، فردت: لماذا تسألنى..

هل أنت خائف؟، فأجبتها بتلقائية: انا مرعوب، فقالت لى: «قوى إيمانك يا دكتور».

اقرأ أيضا

حوار| الجامعات الدولية بمصر خطوة إيجابية بشرط استيعاب المتفوقين غير القادرين