حوار| وزير المالية: الرئيس يسعى للارتقاء بمصر ونجتهد لتنفيذ رؤيته رغم التحديات

د. محمد معيط وزير المالية خلال حواره مع الأخبار
د. محمد معيط وزير المالية خلال حواره مع الأخبار

90 مليار رغيف خبز مدعم سنوياً.. ونتحمل 75 قرشاً عن كل رغيف
أى دعم نقدمه للمستثمر هو دعم غير مباشر للمواطن
مادام اقتصادنا ينمو.. يظل الدين فى الحدود الآمنة

الزيادة الجديدة فى أجور العاملين بالدولة .. ملائمة للتضخم
قادرون على التعامل مع التضخم ونتحمل أقصى قدر ممكن عن المواطن
أنفقنا الكثير على البنية التحتية ونتطلع إلى جذب المزيد من المستثمرين 

12 مليار جنيه زيادة فى فاتورة استيراد القمح و أزمة أوكرانيا سترفع تكلفة البترول 

تنفيذ أول طرح من الصكوك السيادية بين أبريل ويونيو
بدون القطاع الخاص سنواجه مشكلة كبيرة فى التوظيف
خفض زمن الإفراج الجمركى يفيد المواطن ويجذب المستثمرين

 

« ترقب وانتظار وقلق.. هذا هو حال العالم أجمع الآن وهو يتابع التطورات المتسارعة فى ملف الأزمة الروسية - الأوكرانية..

مصر وإن كانت بعيدة جغرافيا عن منطقة الأزمة إلا أنها ستتأثر حتماً بالتبعات الاقتصادية لهذا التوتر الخطير مثل مختلف دول العالم، فى «حوار الساعة»..

أجاب وزير المالية د. محمد معيط على تساؤلات «الأخبار» التى حملت هموم المواطن المصرى البسيط، كيف سنتأثر بالأزمة؟ وكيف استعدت مصر؟.. ماذا تحمل الأيام والشهور القادمة؟ وكيف سننجو من التبعات الاقتصادية للصدام الوشيك؟..

أسئلة كثيرة حملها الكاتب الصحفى خالد ميرى رئيس تحرير الأخبار بين طيات أوراقه وطرحها - بدون مواربة - على د. محمد معيط وزير المالية، وكانت الإجابات صريحة بلا تهويل فى شأن الأزمة أو تهوين من قدرها.. إلى «حوار الساعة» مع وزير المالية».


 

لا حديث الآن يعلو فوق حديث الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، الآثار ظهرت سريعا فى أسعار البترول والغاز والقمح.. هل تتأثر مصر؟

 

 

د. معيط: قولاً واحداً سنتأثر بالتبعات الاقتصادية لهذه الأزمة، لأننا نستورد القمح، ولكن يمكننا فى الوقت الحالى التعامل مع هذه الأزمة خاصة أننا نبدأ الإنتاج المحلى مع بداية شهر إبريل كما أن لدينا مخزون جيد فبالتالى يمكننا تجاوز هذه الأزمة من خلال استخدام المخزون لحين بداية توريد القمح المحلى، لكن ارتفاع السعر العالمى للبترول والغاز بالطبع سيكون له تأثير سلبى على الموازنة، فسعر برميل البترول فى الموازنة الحالية 60 دولاراً بينما سعره العالمى قفز إلى حوالى 100 دولار، سنتعامل مع هذه الوضع باعتبارها فترة أزمة لا يستطيع أحد التنبؤ بما ستئول إليه.

هل ستلجأ الوزارة إلى فتح اعتمادات إضافية لتغطية الفارق بين سعر البترول بالموازنة وسعره العالمى حالياً؟

د. معيط: دائما ننسق مع وزارة البترول والهيئة العامة للبترول وفى نهاية كل ربع سنة نقوم بعمل التسوية والتسوية المقبلة ستتأثر سلبياً، ولكن لا يمكن الجزم حاليا بوجود ما يدعو لفتح اعتماد إضافى ولا نية لذلك حالياً.

وكيف ترى مستقبل التضخم خلال الفترة المقبلة، خاصة أننا مازلنا نعانى من تضخم ما بعد جائحة كورونا؟

 

 

 

د. معيط: التضخم ضرب معظم دول العالم لأن تكلفة الشحن تضاعفت ومنتجات البترول ارتفعت وسلع كثيرة زاد سعرها كما ارتفعت تكلفة التمويل عالميا، كل هذه العوامل تأثرت بها دول العالم وتسببت فى رفع معدلات التضخم المحلية بكل دولة، فالتضخم فعليا موجود لأننا نستورد من الخارج وأحيانا نلجأ لتمويل من الخارج، والأرقام الأخيرة فى التضخم توضح حجم الأثر الحالى فضلا عن التغيرات التى طرأت مؤخرا بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية، ولكننا حتى الآن قادرون على التعامل مع هذه الأزمة وتحمل أقصى قدر من هذا التضخم عن المواطن.
 

دعم الخبز

تحدثت الحكومة مؤخرا عن الخبز، فكم تتكلف الدولة فى إنتاج ودعم الرغيف؟

د. معيط: حاليا بلغت تكلفة إنتاج رغيف الخبز حوالى 80 قرشاً بما يعنى أن موازنة الدولة تتحمل 75 قرشاً من تكلفة الرغيف الواحد، ومصر تنتج سنويا نحو 90 مليار رغيف مدعم.

وكم يبلغ دعم الخبز والمواد التموينية بالموازنة؟

د. معيط: قبل الزيادات الأخيرة بفعل أزمة أوكرانيا كان الدعم بالموازنة 87 مليار جنيه للخبز والتموين ولكننا سنتخطى هذا المبلغ بكثير، فبند القمح وحده سيرتفع 12 مليار جنيه، وبشكل عام تبلغ مخصصات باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بالموازنة نحو 323 مليار جنيه.

زيادة الأجور

الأجور سترتفع مع الموازنة الجديدة.. فهل الزيادة ستكون مكافئة لنسبة التضخم أم أنها أقل؟

د. معيط: الدولة تتحمل جزءا من فاتورة التضخم عن طريق دعم الخبز مثلا والمواد التموينية، وقبل ارتفاع سعر القمح كانت تكلفة الرغيف حوالى 63 قرشاً وقفزت الآن إلى 80 قرشاً، أيضا أسعار المواد البترولية تحاول الدولة الحفاظ على استقرارها بالقدر المستطاع حتى لا تتسبب فى تحريك أسعار مختلف السلع، أى أن الدولة تسعى لتحقيق التوازن بين ما تتحمله من فاتورة التضخم وما يتحمله المواطن، وفى الوقت نفسه نقدم زيادات فى الأجور يتراوح متوسطها ما بين 9% و12% بينما متوسط التضخم يبلغ حوالى 7% وبالتالى مازلنا فى منطقة ملائمة لأننا لا نقدم فقط العلاوة سواء للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية أو غير المخاطبين ولكنها حزمة متكاملة تتضمن حداً أدنى للعلاوة ومبلغا مقطوعا من 175 جنيها إلى 400 جنيه بالإضافة إلى علاوة الترقية للموظفين، وزيادة المخصصات المالية المقررة فى مشروع الموازنة الجديدة لحافز تطوير التعليم قبل الجامعى العام والأزهرى ليصل إلى نحو ٣.١ مليار جنيه، الذى يمنح للمدرسين والموجهين للصفوف الدراسية التى يشملها التطوير، فضلا عن مزايا أخرى للمعلمين وأساتذة الجامعات والقطاع الطبى.

ولكن يرى البعض أن الأجور مازالت منخفضة.

د. معيط: إننا مستمرون فى تحسين الأجور رغم كل التحديات العالمية، ونحرص على انضباط المالية العامة لتجنيب المواطن أى آثار سلبية، معدل التضخم تجاوز 200% فى بعض البلاد، كما أن أمريكا تشهد معدل تضخم لم تشهده منذ نحو 40 عاما، والأهم من التضخم هو عملية التوازن بين العرض والطلب لأنه فى حال ثبات كل المعطيات واختلال ميزان العرض والطلب بأن ينخفض المعروض من السلع ويزداد الطلب فتتحرك الأسعار بشكل ملحوظ، والأكثر أهمية فى هذه المعادلة هو توفير احتياجات المواطنين وهو ما فعلته الحكومة منذ بداية جائحة كورونا.
 

الاقتصاد الموازى

الإصلاحات الضريبية كيف تساهم فى دمج الاقتصاد غير الرسمى؟

د. معيط: تساهم بشكل كبير فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فعلى سبيل المثال كانت قاعدة ممولى ضريبة القيمة المضافة منذ نحو 3 سنوات ونصف تضم 192 ألف ممول فقط بينما ارتفعت حاليا إلى 600 ألف ممول أى أن الزيادة بلغت نحو 3 أضعاف وذلك بفضل زيادة معدلات الحصر والدخول فى المنظومة، وعملية الحصر ليست سهلة وأصبح لدينا قناعة أن الاقتصاد غير الرسمى يمثل نحو 55% من الاقتصاد الكلى وذلك من واقع ما أفرزته حملات الحصر التى نفذتها مصلحة الضرائب على مدار 3 سنوات ونصف فوجدنا أن نحو 55% من حوالى 20 ألف..

منشأة غير مسجلة ضريبياً وهذا مؤشر على أنه غير مرخص لأن من ضمن شروط ترخيص مزاولة النشاط وجود سجل ضريبى، ولذلك اتخذنا عدة إجراءات لضم هذا القطاع مثل قانون المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وميكنة الإجراءات الضريبية، والفاتورة الإلكترونية، والإيصال الالكترونى الذى سنبدأ تطبيقه فى إبريل، ورقمنة الجمارك.

فى تقديرك ما سبب تفاقم ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى؟

د. معيط: مشكلة الاقتصاد غير الرسمى متراكمة منذ عقود بسبب ثقافة المجتمع على مدار نحو 70 سنة التى سهلت فكرة وجود هذا القطاع، وفرصتنا فى الميكنة وتبسيط الإجراءات دون الإضرار بمصلحة الدولة والتأثير على قدرتها فى الوفاء بالتزاماتها، فبند الأجور سيصل إلى 400 مليار جنيه والمعاشات نحو 190 مليارا ونحتاج 130 مليارا لتسيير دولاب عمل الدولة وأكثر من 600 مليار جنيه..

لخدمة الدين واستثمارات حكومية تبلغ نحو 350 مليار جنيه ودعما قد يتجاوز 340 مليار جنيه، أى أننا لدينا مخصصات ضخمة يجب الوفاء بها وفى نفس الوقت الضرائب تمثل الجزء الأكبر من الإيرادات، وأتحدث عن الحصيلة الضريبية بأنواعها من كسب عمل وقيمة مضافة وجمارك وضريبة عقارية وأرباح تجارية وصناعية والدخل على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين ورسوم تنمية الموارد، فالضرائب أنواعها مختلفة وليس كل تركيزنا على المواطنين كما يردد البعض.

ولكن المواطن فى النهاية يتحمل كل هذه الضرائب فى السعر النهائى للمنتج؟

د. معيط: هناك نحو 40 سلعة مستثناة من ضريبة القيمة المضافة، ولكن الضرائب أحد العناصر التى تدخل ضمن تكلفة المنتج فهناك تكاليف الأجور والمواد الخام والكهرباء والمياه والنقل وهذا النظام معمول به فى جميع دول العالم وبعض الدول لجأت لرفع نسبة ضريبة القيمة المضافة فى ظل جائحة كورونا لتعويض جزء من خسائرها بينما لم نلجأ لهذا الإجراء، والأهم هنا هو عدالة إعادة التوزيع فبعد تحصيل الضرائب نعيد ضخها فى مشروعات تخلق فرص عمل ودعما للأكثر احتياجاً.

كيف ستنهى الوزارة أزمة المصانع مع الضريبة العقارية؟
 

د. معيط: المصانع كان لديها أزمة مع احتساب ضريبة عقارية على الأراضى الفضاء التابعة لها وتم إعفاؤها وحاليا يطلبون إعفاء كاملا من الضريبة وندرس هذا الطلب وقبل نهاية يونيو سيكون هناك قرار فى هذا الشأن، ولكن بالشكل الذى يحقق العدالة فليس من المنطقى إعفاء قطاعات تحقق أرباحا جيدة ولكن سنأخذ فى الاعتبار القطاعات التى تسعى الدولة لدعمها ومساندتها وتخفيف أعبائها ومنحها الفرصة للنمو.


دعم الصناعة

الإجراءات الضريبية بشكل عام هل تخدم مشروع الدولة فى دعم الصناعة وجذب استثمارات؟

د. معيط: الضريبة ليست عنصراً حاكماً فى جذب الاستثمارات، فالعناصر الحاكمة هى الشفافية والحوكمة والقضاء على البيروقراطية وسرعة إنهاء الإجراءات ووجود استقرار أمنى، وما نسعى لتحقيقه هو تقديم سعر ضريبة منافس مقارنة بدول المنطقة.

إذن ما هى أشكال دعم الدولة لقطاع الصناعة بعيدا عن سعر الضريبة؟

د. معيط: نفذنا برنامجاً لرد الأعباء التصديرية ونجح بكل المقاييس، ومؤخرا قررنا مد البرنامج وخفضنا رسم تعجيل السداد من 15% إلى 8%، كما نقدم دعماً للصناعة فى سعر الكهرباء حيث تم تخفيضه 10 قروش للصناعات كثيفة استهلاك الكهرباء وتكلف خزينة الدولة حوالى 6 مليارات جنيه سنويا، كما خفضنا سعر الغاز استجابة لطلب الصناع، نحن فى وزارة المالية نتعامل مع مطلبهم فى الضريبة العقارية والمطلب الثانى هو المساهمة التكافلية وحاليا نعد تعديلا فى قانون التأمين الصحى الشامل لحل هذه المشكلة، كما نسعى لإنهاء جميع المنازعات الضريبية قبل نهاية يونيو القادم، وفيما يتعلق بمشكلات المنظومة الجديدة للجمارك يتم التعامل معها بشكل فورى وبنهاية الشهر المقبل سيتحقق الاستقرار بالمنظومة، فنحن على اتصال دائم مع مجتمع الصناع وفى حالة حوار مستمر.

هناك شعور لدى البعض أن الحكومة منحازة للمستثمر ومهتمة بدعمه أكثر من للمواطن .. ما تعليقك؟

د. معيط: أى دعم تقدمه الحكومة للمستثمر هو دعم غير مباشر للمواطن، فأكبر تحدٍ لأى دولة هو توفير فرص عمل لمواطنيها وكلما استطاعت الدولة جذب مستثمرين ـ استطاعت توفير مزيد من فرص العمل وهذا دعم للمواطن، وكلما نجحت الدولة فى جذب مستثمر ينتج سلعة ويتم طرحها بالأسواق بوفرة للحفاظ على استقرار الأسعار فهذا دعم للمواطن، وكلما تمكنت الدولة من زيادة قدرة المستثمر على الإنتاج والتصدير ومن ثم توفير عملة صعبة فهذا دعم للجنيه الذى يستخدمه المواطن فى تلبية احتياجاته.


التصرفات العقارية

ما تفسيرك لموقف البرلمان من تعديلات ضريبة التصرفات العقارية؟

د. معيط: القانون موجود من سنة 1978 وكانت 5% ثم تم تخفيضها فى ثمانينيات القرن الماضى إلى 2.5% وكانت مستقرة، ولكن قبل 19مايو 2013 كانت العقود العرفية غير مسجلة لها حجيتها ثم تم عمل تعديل يشترط تسجيلها، فتقدمنا بتعديلات تقدم مزيد من التسهيلات لعملية تسجيل العقارات، واقترحنا أن تكون ضريبة التصرفات العقارية لكل عمليات البيع التى تمت قبل ذلك التاريخ مقطوعة بواقع ألف جنيه للعقود حتى 250 ألف جنيه ومن 250 ألفا حتى 500 ألف تبلغ ضريبتها 2000 جنيه ومن 500 ألف جنيه إلى مليون تبلغ الضريبة 3 آلاف جنيه وأكثر من مليون جنيه تبلغ ضريبتها 4 آلاف جنيه والاكتفاء بتطبيق هذه الضريبة على البائع الأخير بينما قبل ذلك كان القانون يلزم كل بائع لنفس العقار بسداد 2.5% عن عملية البيع، وهذه التعديلات تتيح للمشترى التسجيل بالشهر العقارى وتتولى وزارة المالية مخاطبة البائع بالضريبة.

أى أن جميع هذه التعديلات هدفها التخفيف عن المواطنين وتوفر عليهم نحو 2 مليار جنيه كانت ستذهب لخزينة الدولة ورغم ذلك قرر البرلمان إعادة مشروع القانون للجنة الخطة والموازنة لدراسته من جديد.

ما الجديد فى ملف طرح الشركات الحكومية بالبورصة ؟

د. معيط: طرحنا 3 شركات حتى الآن ولدينا خطة لطرح 10 شركات فى قطاعات مختلفة العام الحالى ولكن عند اختيار توقيت الطرح نراعى ظروف السوق ليتم اختيار التوقيت بعناية، ففى مثل الظروف التى يمر بها العالم حاليا والتوتر القائم ليس وقتاً مناسبا للطرح.

ومتى نشهد أول طرح للصكوك السيادية؟

د. معيط: نسعى لتنفيذ أول طرح من الصكوك السيادية خلال الفترة من ابريل إلى يونيو القادمين.
 

يتساءل الكثير من المواطنين عن معنى انضمام مصر لمؤشر جى بى مورجان.. هل هو خطوة لقروض جديدة؟


د. معيط: ليس له علاقة بالقروض ولكن له علاقة بالتعامل على أدوات الدين الحكومية وتحديداً السندات، وجود مصر فى المؤشر مهم لأن المستثمرين المتعاملين به غير موجودين بمصر ولكن فى أنحاء مختلفة من العالم ويحتاج إلى كيان موثوق يرشح له الأسواق التى يضخ بها استثماراته، كما أن انضمامنا للمؤشر يعنى أن جى بى مورجان قرر أن مصر دولة مؤهلة للتعامل على سنداتها وبالتالى المستثمر يكون مطمئناً أن السوق المصرى اجتاز متطلبات الانضمام للمؤشر.


الدين العام


هل مازال الدين العام فى الحدود الآمنة؟


د. معيط: مادام اقتصادنا متنوعا وينمو ونحقق إيرادات للدولة ونستطيع الإنتاج أكثر والتصدير أكثر فنحن فى الحدود الآمنه، ولكن التحدى الأكبر من ذلك هو تمويل المشروعات حيث إن أكبر التحديات التى تواجه مصر الزيادة السكانية والبطالة، فالزيادة السكانية تتطلب مزيدا من الرعاية الصحية والغذاء والسكن والتعليم ومتطلبات كثيرة جدا تحتاج تمويلا كبيرا، ومواجهة البطالة تتطلب توفير فرص عمل جديدة فسوق العمل يستقبل سنويا نحو 2 مليون شاب وفتاة منهم مليون يدخلون سوق العمل بعد المرحلة الإعدادية والمليون الآخر من خريجى الجامعات.

وبالتالى الحكومة مطالبة بتوفير مليون فرصة عمل جديدة سنوياً على الأقل لهؤلاء الخريجين، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بوجود مشروعات جديدة سنوياً وبدون ذلك لن نخلق فرص عمل، وهذه المشروعات تتطلب تمويلا ومن هنا تظهر الحاجة للاقتراض، فإيراداتنا تبلغ نحو تريليون و400 مليار جنيه ومصروفاتنا تصل إلى 2 تريليون جنيه.

وفى حالة الاكتفاء بالإنفاق من الإيرادات وتجنب الاستدانة ستتوقف مشروعات كثيرة، كما أن مسألة الحدود الآمنة للدين نسبية فأكثر دولتين ليدهما قروض هما اليابان بنسبة دين تصل إلى 250% من الناتج المحلى الإجمالى وأمريكا بنسبة 150% من الناتج المحلى بينما مصر ستحقق دينا بنسبة 90% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية العام المالى الحالى، وهناك عنصر آخر لتقييم خطورة ملف الدين العام وتأثيره على الدولة وهو خدمة الدين الذى يتأثر دائما بالتضخم .

ولكن البعض ينصح الحكومة بالمبدأ الشعبى « إمشى على قدك».. هل يفيد ذلك فى التعامل مع ملف الدين؟

د. معيط: ممكن مشاكلنا «تمشى أسرع»، ونحن نحاول أن نسير أسرع من المشكلة ونتجاوزها بحلول عملية، وعلى سبيل المثال لو تعاملنا بهذه الفلسفة لكانت أزمة انقطاع الكهرباء مازالت مستمرة حتى الآن سواء للمنازل أو المصانع وحتى نصل إلى هذه المرحلة أنفقنا نحو تريليون جنيه وعدم التعامل مع هذه الأزمة كان يعنى توقف عدد كبير من المصانع ولا يوجد مستثمر يضخ استثماراته فى بلد يعانى من أزمة كهرباء، ملف آخر هو اكتشافات الغاز ولتشجيع الشركات على التنقيب كان لابد من سداد ديون هذه الشركات والسداد الفورى لمستحقاتهم.

أيضا جذب الاستثمارات لم يكن ممكنا بدون وجود أراضٍ صناعية مرفقة ومتصلة بشبكة طرق.. الكلام سهل ولكن التنفيذ على الأرض صعب، كما أن هناك تحديا كبيرا وهو حل المشاكل التى يتعرض لها المواطن يوميا كصيانة الطرق وتوصيل الصرف الصحى والغاز الطبيعى للمنازل وإنشاء وحدات صحية ومدارس جديدة لتلبية احتياجات الزيادة السكانية.
 

زيادة الصادرات

هل يمكننا تحقيق الـ 100 مليار دولار صادرات التى تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى؟

د. معيط: حققنا بنهاية ديسمبر الماضى 32 مليارا و340 مليون دولار صادرات ولدينا فرصة لنحقق نحو 40 مليار دولار .. وتحقيق هذه المستهدفات يتطلب مزيدا من العمل وإزالة الكثير من العوائق وتقديم دعم أكبر للصناعة والزراعة، ولابد أن نأخذ فى الاعتبار تصدير الخدمات.

تحدثت كثيرا عن خفض زمن الإفراج الجمركى ولا يفهم البعض فائدة ذلك على المواطن.


د. معيط: بالتأكيد هذا الإجراء يفيد المواطن لأنه يخفض من تكلفة دخول السلعة للبلاد، كما أن المستثمر يهتم بمؤشر متوسط زمن الإفراج الجمركى وكلما انخفض كان ذلك عاملا لتشجيعه على ضخ استثمارات بمصر، أحيانا يظن البعض أن منظومة الجمارك هى مصلحة الجمارك فقط وهذا غير صحيح لأن منظومة الجمارك واجهة لأكثر من 50 جهة عرض رقابية ، ومن الممكن أن تنهى مصلحة الجمارك عملها فى ساعات بل إننا فى ظل منظومة التسجيل المسبق للشحنات يمكننا إنهاء إجراءات مصلحة الجمارك قبل وصول الشحنة، ولكن لا يمكن الإفراج عنها مالم تتسلم موافقة الجهات الأخرى المنوطة بالسلعة الواردة، نحاول التعامل مع هذا الوضع لخفض زمن الإفراج الجمركى أكثر.

مع تطوير منظومة الجمارك كان هناك اعتراضات من بعض المستوردين .. هل كان تغيير المنظومة ضروريا؟

د. معيط: كان لابد من هذه الإجراءات لتطوير المنظومة الجمركية حيث تراجعنا فى الترتيب العالمى ونسعى جاهدين لاستعادة مركزنا، فقانون الجمارك القديم مر عليه 63 سنة ولم يكن يلبى التطورات لذلك تم إلغاؤه واستحدثنا منظومة جديدة بقانون مختلف، واللائحة التنفيذية أيضا تم استبدالها، ودورة العمل الورقية تم إلغاؤها، كما تم إلغاء التعامل المباشر مع مصلحة الجمارك وأنشأنا مراكز لوجستية، وطبيعى فى ظل هذه التغييرات أن يصطدم المستورد والمستخلص الجمركى ببعض العقبات ولكن نتعامل معها سريعا.


اقتراحات المستثمرين

هل تأخذ باقتراحات المستثمرين ورجال الأعمال التى يطرحونها خلال لقاءاتك بهم؟
 

د. معيط: بالتأكيد نأخذ بها قدر المستطاع ونهتم كثيرا بتنفيذ أى اقتراح إيجابى وتوجيه الشكر لصاحبه، ولكن أى اقتراح صعب نوضح لصاحبه أسباب صعوبة الأخذ به.


وهل ترى أن الدولة تقوم بواجبها كما ينبغى فى دعم القطاع الخاص؟

د. معيط: لدينا إيمان مطلق بأن القطاع الخاص هو الحل لخلق فرص عمل وليس الحكومة، إذاً بدون دعم القطاع الخاص ستواجه الدولة مشكلة كبيرة جدا فى توفير مليون فرصة عمل جديدة سنويا، وعلى مستوى وزارة المالية لا نتردد فى تقديم أى دعم ممكن للقطاع الخاص.
 

جذب الاستثمارات

هل ترى أن حجم الإقبال من المستثمرين يتناسب مع حجم الأعمال التى نفذتها الدولة فى تهيئة مناخ الأعمال؟
 

د. معيط: نسعى لجذب المزيد من المستثمرين ورؤوس أموال أكثر لأننا أنفقنا الكثير على البنية التحتية وهذا هو الوقت الذى نحتاج فيه الحصول على عائد من حجم هذا الاستثمار الضخم .


ولكن أين تكمن المشكلة فى تقديرك؟


د. معيط: أرى أن مصر مرت بثلاث مراحل، الأولى عندما كان لدينا مشكلة فى الكهرباء وسعر العملة وبالتالى لم نستقبل مستثمرين، وعندما تعاملنا مع هذه المشكلات مرت مصر بفترة ترقب من جانب المستثمرين للتأكد من أن الإجراءات التى اتخذتها الدولة أنهت هذه المشكلات ولكن لسوء الحظ ظهرت جائحة كورونا فاستمر إحجام المستثمرين عن ضخ أى استثمارات، المرحلة الثالثة ونحن نبدأ اجتياز أزمة كورونا ظهر التوتر الحالى نتيجة الأزمة الروسية - الأوكرانية، للأسف الشديد حظنا سيئ لأننا لم نستطع جنى كل ثمار الإصلاح الاقتصادى بسبب كورونا والتحديات العالمية.


وهل أنت متفائل بجنى الثمار قريباً؟


د.معيط: متفائل دائما فالرئيس عبد الفتاح السيسى يقدم كل جهده حتى تتحرك البلد للأمام والحكومة الحالية - بدون تحيز- لا تدخر جهداً فى سبيل تحقيق تكليفات الرئيس وتنفيذ رؤيته ولكن التحديات جسام، نحن نقيس الموقف الحالى بما نتطلع إليه وليس بما كانت ستصل إليه الأوضاع لو لم نتحرك فى ملف الإصلاح خلال الفترة الماضية، فهناك دول لم تتحرك خلال الفترة الماضية والآن وضعها صعب جدا.


الوضع الاقتصادى


كيف تقيم موقف مصر حالياً؟


د. معيط: هناك عدة معايير لتقييم وقياس وضع مصر الاقتصادى، لا أنكر أن من حقنا بعد الإصلاح الاقتصادى أن نكون فى وضع أفضل، ولكن لا يجب أن ننسى الأوضاع السيئة التى تمر بمنطقتنا منذ 2011 والتى أثرت علينا، قبل ذلك كان هناك حوالى 3 ملايين مواطن مصرى يعملون فى ليبيا وشركات مصرية تستثمر هناك ومنتجات مصرية يتم تصديرها للسوق الليبى.

ولكن بعد 2011 تأزمت الأوضاع وعاد العمال بل وتحولت الحدود مع ليبيا إلى عبء جديد على مصر كلفها الكثير للحفاظ على أمنها الداخلي، الوضع فى المنطقة فرض علينا انفاق من نوع معين لم يكن لينفق بهذا المستوى فى حال استقرار الأوضاع، والأمر الآخر المهم فى قياس الموقف هو كيف كانت مصر عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية وكيف أصبحت حالياً كان هناك أزمة كهرباء .

ونقص سلع والأمن غير مستقر وشبكة الطرق متدهورة وفاتورة استيراد الغاز كبيرة ومئات الآلاف من المصريين يسكنون القبور والعشوائيات والمناطق الخطرة كانت مصر فى حالة شبه الدولة، لولا الإصلاح الاقتصادى الصعب الذى تحمله الشعب لتعثرت مصر كثيرا مع تفشى جائحة كورونا مثل غيرها من الدول، فالإصلاح أعطى الاقتصاد المصرى قدر عالٍ من الصلابة فى مواجهة الأزمة ووضع مصر فى موقف مستقر تشيد به دول كثيرة.

هل مازلنا على الطريق الصحيح؟

د. معيط: مازلنا نسير فى الطريق الصحيح، وفى الخارج يرون بلداً ينمو ويحقق نجاحات، بدليل أن دولاً أخرى بالمنطقة تتمنى أن لو كانت فى موقف مصر حتى لو تألمت من إجراءات إصلاحية لأنهم الآن يتألمون أكثر، ولكن الفرق أنه يتألم وهو يرى بلده ينهار بينما كنا نتألم ونرى بلدنا فى حالة بناء.


السؤال الذى يلح دائما على كثير من المواطنين.. متى ينتهى الألم ونجنى ثمار ما تحملناه من عناء خلال الإصلاح؟


د. معيط: كنا نتمنى أن نجنى كل ثمار الإصلاح الاقتصادى الصعب حتى ننقلها إلى الناس، ولكننا لم نلتقط أنفاسنا من الإصلاح حتى فوجئنا بجائحة كورونا، والعالم كله اتجه للإغلاق وتوقفت السياحة والمطارات أغلقت والمصانع أيضا، وكان الهم الأكبر هو التعامل مع الوباء وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين ولم يكن بإمكان مصر التفكير فى أكثر من حماية حياة المواطنين.

جائحة كورونا كانت صدمة للحكومة وكان الهاجس أمامنا هو ضياع ثمار الإصلاح الاقتصادى بعد ما تحملناه من تعب وألم، تحملنا فترة كورونا على أمل استقرار الأوضاع بعدها ثم اصطدمنا بارتفاع تكاليف الشحن الدولى أضعافاً مضاعفة، ولم يكن يتخيل أحد أن تقفز أسعار السلع الأساسية بهذا الشكل، ولا أن يصل سعر برميل البترول إلى هذه المستويات، ولم يكن أيضا فى مخيلة أحد أن ترتفع تكلفة التمويل بهذا الشكل.
 

إقرأ أيضاً|وزير المالية: انضمام مصر لمؤشر جي بي مورجان للسندات الحكومية خطوة هامة