خيارات فرنسا بعد الانسحاب من «مالى» وتدهور العلاقات

قوات فرنسية تنسحب من مالى
قوات فرنسية تنسحب من مالى

كتبت : سميحة شتا

بينما تستعد فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون لمغادرة مالى، تخطط باريس لزيادة تعاونها العسكرى مع النيجر فى الحرب ضد المتمردين فى منطقة الساحل. لكنه زواج مصلحة لأن الانقلابات والمشاعر المعادية للفرنسيين المتزايدة فى المنطقة لم تترك لباريس الكثير من الخيارات.


فبعد تسع سنوات من وجودها العسكرى فى مالى، أعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون رسميا الخميس الماضى انسحاب قواتها من هناك وإنهاء العمليتين العسكريتين «برخان» و«تاكوبا» وسط توترات مع المجلس العسكرى الحاكم فى البلاد منذ أن تولى السلطة فى أغسطس 2020 فى هذا البلد الذى يغرق منذ عام 2012 فى أزمة أمنية وسياسية عميقة .


ورغم ان السياسيين الماليين والخبراء الدوليين أعربواعن قلقهم من أن الانسحاب الفرنسى سيؤدى لفراغ أمنى من شأنه أن يشجع الجماعات الجهادية على زيادة قوتها.

الا ان المتحدث باسم الجيش المالى العقيد سليمان ديمبيلى قال إنه على الرغم من وجود القوات الفرنسية والأوروبية فى مالى، لا تزال البلاد تعانى من الجهاديين الذين توغلوا فى العديد من المناطق.


ويعد هذا الانسحاب نتيجة مباشرة لتدهور العلاقات بين باريس وباماكو على مدى الأشهر الماضية منذ تولى المجلس العسكرى الحكم هناك وتكهنات حول انتشار مرتزقة ينتمون لمجموعة «فاجنر» الروسية فى البلاد بالاضافة إلى تنامى مشاعر العداء ضد فرنسا فى مالى قد يؤدى الانسحاب القسرى من مالى فى منطقة الساحل منذ بداية العملية إلى انتكاسة مؤلمة لباريس التى تتولى الآن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى وتريد باريس أيضًا تجنب انسحاب غير منظم يمكن اعتباره هزيمة لماكرون قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التى من المتوقع أن يترشح فيها من جديد.


وكانت العلاقات بين مالى وجيرانها الأفارقة والاتحاد الأوروبى قد تدهورت منذ تراجع المجلس العسكرى عن اتفاق لتنظيم الانتخابات فى فبراير وقد فرض الاتحاد الأوروبى هذا الشهر عقوبات على خمسة من كبار أعضاء الحكومة الانتقالية فى مالي، بمن فيهم رئيس الوزراء تشوجويل مايجا، واتهمهم بالعمل على عرقلة انتقال البلاد من الحكم العسكرى إلى الحكم المدني.


وكانت الحكومة المالية المؤقتة قد أمرت مؤخرا، بمغادرة السفير الفرنسى من مالى، متهمة فرنسا بتقويض سيطرتها، كما أمرت مالى الجنود الدنماركيين المنتشرين فى عملية تاكوبا العسكرية بقيادة فرنسا بالمغادرة وبررت السلطات المالية هذا القرار بتصريحات «معادية» أطلقها مسؤولون فرنسيون ضده.


وتحارب مالى تمرداً فى شمالها منذ عام 2012 وفى عام 2013، تدخلت فرنسا، بناءً على طلب من زعماء ماليين، لوقف الإرهابيين الذين استولوا على مساحات شاسعة من الأراضي. وتم تمديد العملية لاحقًا إلى دول أخرى وهى تشاد والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا.


وقد وصلت العلاقات بين المجلس العسكرى فى مالى وفرنسا إلى أدنى مستوياتها وتصاعد التوتر بين البلدين خصوصاً بعد إعلان السلطات المالية عن اتفاق مع مجموعة الأمن الروسية الخاصة «فاجنر» للمساعدة فى مكافحة الإرهاب.


وسارعت الحكومة المالية إلى المطالبة بمراجعة اتفاقيات الدفاع مع فرنسا، كما طالبت قوة عسكرية من الدنمارك بمغادرة مالى بسبب عدم وجود اتفاق عسكرى بين البلدين.

وأدت عقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «تضم 15 دولة» على مالى بسبب عدم التزامها بإجراء الانتخابات وإعادة السلطة للمدنيين، إلى أزمة جديدة بين باماكو وباريس بسبب اتهام مالى لفرنسا باستغلال المنظمات الإقليمية وإطلاق تصريحات غير مقبولة تجاه المجلس العسكرى.


ويرى المحللون أنه بالرغم من ان فرنسا كانت تحافظ على تفوق عسكرى فى منطقة الساحل، وانها حققت بعض النجاحات ضد الحركات الجهادية، الا أنها خسرت استراتيجيا وسياسيًا. وتتمثل الخسارة، فى فشل باريس ميدانيا فى منع الحركات الجهادية من تمديد عملياتها إلى خليج غينيا، كما أنها لم تتمكن من منع تنامى المشاعر المعادية لها بين الشعوب الغاضبة بسبب سياساتها التى تسببت فى سقوط ضحايا من المدنيين وزيادة اللاجئين.


مع الانتقال إلى النيجر وإعادة تنظيم الجيش الذى تم تشكيله فى المنطقة، تأمل فرنسا وحلفاؤها فى تجنب وضع مشابه للفوضى التى أعقبت انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان العام الماضى.


اقرأ ايضا | بينما تستعد فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون لمغادرة مالى، تخطط باريس لزيادة تعاونها العسكرى مع النيجر فى الحرب ضد المتمردين فى منطقة الساحل