عاجل

فرفش كدة.. بنت متعرفش أبوها

بنت متعرفش أبوها
بنت متعرفش أبوها

عبد الصبور بدر 

حين أركب الميكروباص عائدا من العمل فى ساعة متأخرة، أختار الجلوس بجوار رجل، حتى لا أضطر للقعدة بجانب امرأة وتطبيق كتفىّ، ولزق ساقى، وترك مسافة آمنة بينى وبينها لأتجنب اتهامى بالتحرش، خاصة وإنى بروح فى النوم بمجرد أن تتحرك السيارة ورقبتى بتفضل تتطوح لغاية ما دماغى ترسى على كتف اللى جنبى، ولكنى فى ذلك المساء لم أجد كرسى فاضى إلا بجوار بنت جميلة سبحان الله فيما خلق، وبالتالى قررت انتظار الميكروباص اللى بعده، ولكنى فوجئت بها تنادى: تعالى تعالى!


ظننت أنها تتحدث إلى شخص خلفى فتجاهلت دعوتها، إلى أن سمعت اسمى يخرج من بين شفتيها الورديتين: عبصبور.. عبصبور.. اركب 


حضرتك تعرفينى؟


إنت مش فاكرنى؟.. سألتنى وهى تزيح خصلة من شعرها الناعم من على وجهها.. فقلت لها: أعذرينى.. أنا زهايمر.. مين حضرتك؟

أنا شروق يا عبده.. تعالى

شروق مين يا فندم؟

شروق بس!

مش فاهم؟

ماعرفش اسم ابويا عشان اقوله.. انا صديقتك شروق!

حاولت أن أتذكرها، وفشلت فقلت لها:  يمكن حضرتك تقصدى حد تانى غيرى؟

مش انت عبدالصبور بدر؟

صعدت إلى السيارة وجلست بجانبها ليظهر الغضب على وجهها البرئ وهى تعاتبنى برقة: إزاى مش فاكرنى؟

عادى زى منتى مش فاكره ابوكى!

لأ.. انا مش عرفاه!

وقبل أن أتعجب، فوجئت بشخص يصعد السيارة ويقطع الحوار وهو يسألني: ممكن أقعد جنبك؟!

 قلت له: الكرسى اتنين بس.. هتركب فين؟

مش فاهم

مش فاهم.. ولا مش شايف؟

مش شايف أيه يا أستاذ؟

شاورت له على الأنسة شروق.. لأكتشف  أنها ليست موجودة!

نظر إلىّ الرجل باستنكار وقالي: ماتخلص يا أستاذ، عايز تقعد جنب الشباك ولا تحب ادخل أنا؟.. قلتله: لا.. انا هقعد جنب الشباك.. وبالفعل وقفت لأجلس بجانب النافذة، ولكنى فوجئت بالكائن شروق تصرخ: انت هتقعد عليا يا عبده.. حرام عليك!


قلت لشروق: انت بتهزرى!؟.. مش انتى لسا مختفية من شوية.. الراجل عايز يقعد 


يقعد فين؟.. انت شكلك مرهق أوى..

من الشغل والتركيز طول اليوم 

لسا مافتكرتنيش

والله يا شروق مكدبش عليكى لسا

أيه يا أستاذ خلصنى

عاد الرجل يزن من جديد على دماغى.. فظننت أن الكائن شروق اختفت مرة أخرى، وبالتالى لو رجعت لأجلس بجوار الشباك فسوف تصرخ  والرجل سيعتقد أننى مجنون.


زعق السواق: ماتخلصونا يا كباتن.. فقررت أنزل وانفد بعقلى.. وأنا أقول له: معلش يسطا نسيت حاجة.


وعلى الرصيف وجدت الكائن شروق أمامى تقول لي: مكنش مفروض ننزل.. الوقت اتأخر وحلّنى لما نلاقى عربية تانى

ونبى؟

أيوه طبعا

هو انتى بجد.. وزينا وكده؟

أومال يعنى جنية واحنا بنمثل فيلم!؟ 

طب انتى مين؟

شروق.. شرووووق

شروق مين؟

والله معرف!

طب إنتى رايحة فين يا شروق؟

مروحة 

وليه الناس مش بتشوفك؟

كل الناس بتشوفنى عادى.. فى أيه.. هو أنا عفريتة

والراجل اللى فى الميكروباص؟

بيستهبل طبعا.. ولامؤاخذة بيستغفلك

طب وانا لما ماشفتكيش.. بستهبل برضو.. وبستغفل نفسى؟

انت مرهق من الشغل والتركيز يا عبده

طب ثوانى.. 

ناديت على شاب يقف بالقرب منا وسألته: إنت شايف فيه بنت جنبى؟


تنح وقالى: القمر كله جنبك يا استاذ!


شروق العفريته اتكسفت وقالتله: ميرسى. لأجد نفسى أنتظر الميكروباص مع بنت حلوة متعرفش أبوها.

إقرأ أيضاً|سوسن بدر .. عفريتة «في يوم وليلة»