الطلاق فرصة أخرى لإعادة الحسابات

بعد الفراق.. الحب أحلى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الطلاق حلال، لكنه أبغضه عند الله، يرفضه الناس والمجتمع، لكن الغريب الآن أن الكل يتسرع فى اللجوء إليه كأسرع حل لإنهاء الحياة وهدم كيان الأسرة، ولو علم كل زوجين أن لكل مشكلة ألف حل لما كان هناك طلاق نهائيًا.

الطلاق صعب على كلا الطرفين، ويعقب حدوثه مرحلة صعبة للغاية سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، وهى مرحلة قد تستغرق وقتًا طويلًا ويصعب الخروج منها بسهولة، خاصةً إذا سبقت علاقة الزواج مشاعر الحب، وساد سنوات الزواج بعض من المودة، وهناك زوجات وأزواج اكتشفوا بعد الانفصال أن العشرة لم تكن مستحيلة، وأن هناك أملًا فى نجاح الزواج، فكان قرارهم بالعودة هو الأمثل.

نبأ زواج آية أشعل نار الغيرة فى قلب شريف باللحظات الأخيرة

سمر أدركت أنها سبب بقاء محمد مع أصدقائه فقررت أن تغيـِّر من نفسها

المعتاد أن تزداد الكراهية بين زوجين اختارا أن تنتهى علاقتهما بالطلاق، وأن تتصاعد المشكلات بينهما حتى تصل فى أغلب الأحيان للقضاء، وفى بعض الحالات يكون الطلاق الفرصة الثانية التى منحها كل طرف للآخر ليتأكد من صدق مشاعره، وعدم تحمل العيشة دون الآخر.. فى السطور التالية، نرصد حكايات كان الطلاق فيها بداية لعلاقة حب جمعت بين الزوجين من جديد، ليقررا العودة إلى عش الزوجية.

إقرأ أيضاً | مرصد الأزهر يدعو إلى وضع سياسات جديدة لمواجهة خطاب الكراهية عبر منصات التواصل

مُراقبة مستمرة
أصبح هاتف سمر المحمدى مخزنًا لذكرياتها مع زوجها محمد، صورهما معًا منذ الخطوبة وحتى الانفصال، استدعت سمر كل الذكريات القديمة على هاتفها، وباتت تشاهدها بشكل يومى إلى أن تحول الأمر لكونها لا تفعل شيئًا فى يومها إلا مُراقبته سواء فى تحركاته مع أصدقائه أو فى تواصله عبر السوشيال ميديا، تُشاهد تعليقاته وأماكن تواجده، وكذلك قائمة أصدقائه لتعرف منها هل تعرّف على امرأة جديدة أم لا!

هنا تيقنت أنها لم تكن موفقة فى قرار الطلاق الذى أصرت عليه بعد عشرة دامت 4 سنوات سبقها عام ونصف خطوبة، وتأكدت أنها لا تزال تحب محمد، وأنه أيضًا يشعر بالحزن على فراقها بعد سؤالها أصدقاءهما المشتركين عنه، وشعرت أن سبب الانفصال كان تافهًا، ويمكن حله بالحديث المشترك، فوجوده مع أصدقائه أغلب الوقت لم يكن سببًا كافيًا للبُعد، فكان عليها أن تهتم أكثر بمنزلها وبيتها ونفسها لكى يحب البقاء معها أغلب الوقت، ووضعت سمر تقييما لنفسها بعد أن صممت على الطلاق ووجدت أنها كانت مقصِّرة معه، ولم تكن تُحسن التصرف فى أمور كثيرة.

استغلت سمر مناسبة عيد ميلاد والدته، وقررت الذهاب إليها بتورتة وهدية قيمة، وهى تعرف جيدًا مكانة والدته لديه، وفوجئ محمد بوجود سمر بعد عودته من العمل فى منزل أمه، وكان هذا الموقف بمثابة الشرارة الأولى للعودة بعد انفصال دام ثلاثة أشهر.

خالتى ملاك
كريم إسماعيل لم يكن يرغب فى تطليق نور كونها حبه الأول منذ الطفولة فلم يعرف فتاة غيرها، ولم يكن يرغب فى العيش دونها، إلا أن خالته وحماته فى الوقت ذاته، كانت سببًا رئيسيًا فى الطلاق فهى تتحكم فى كل أمور حياتهما وتتدخل فى شئون أطفالهما، وتظل متواجدة فى بيتهما بالأشهر بحجة أنها لا تطيق العيش دون ابنتها الوحيدة، الأمر الذى جعل كريم يضع قلبه جانبًا ويتخذ قرار الطلاق.

تحدث كريم كثيرًا مع زوجته لكنها لم تكن تنصفه، ولم تكن تراعى مشاعره فهو يريد الحصول على حريته فى بيته، تحدث لها فى المرة الأخيرة أمام خالته، وقال لها: "دى آخر فرصة تختارى بيننا"، فاختارت نور أمها، ورفضت الخضوع لرغبة زوجها فما كان أمامه إلا تطليقها عند المأذون دون علمها حتى يضغط عليها، لتُفاجأ نور برد فعل زوجها القوى، وهنا شعرت الخالة أن زواج ابنتها هُدم بسببها، وقررت حينها تحكيم عقلها، ونصحت ابنتها بالعودة لزوجها وأن تعتمد على نفسها دون اللجوء لأمها.

اللحظة الأخيرة
"ستورى" على الإنستجرام أشعل نار الغيرة والحب والعودة معًا، هذا ما حدث مع آية شاكر بعد أن وضعت صورة لـ"دبل الخطوبة" على صفحتها، وكتبت عليها "بداية جديدة يا رب وفقنى"، هنا توجه شريف "طليقها" لمكان عملها يسأل أصدقاءها عنها ليجد أنها فى إجازة للتجهيز لفرحها، جن جنون شريف ولم يتمالك أعصابه، وحاول الاتصال بها لكنها لم تجبه، تحدث لوالدها، وقال له: أنا لا أستطيع العيش دونها، وأنا تغيرت فعلًا، وأريد فرصة أخيرة، تدخُل شريف فى هذا الوقت جعل آية تشعر بمعزتها لديه فهى أيضًا لا تزال تحبه لكنها ترغب فى أن يثبت لها ذلك، فشريف قليل الكلام ولا يُعبِّر دومًا عن مشاعره، ولا يُعبر لها عن امتنانه لوجودها بحياته، ودائمًا ما يُحبطها ويُقلل من شأن ما تفعله، بادرة أمل فُتحت أمام شريف حينما قررت آية الحديث معه، وكان الرجوع بعد الفراق حتميًا.

علامات العودة
الدكتورة سالى الشيخ، استشارى الطب النفسى، والعلاقات الأسرية، تؤكد أن قصص العودة بعد الانفصال لا تُعد ولا تُحصى، لكن جميعها يخضع لقانون واحد وهو صعوبة الفراق والتعلق بالطرف الآخر، حتى إن كانت عيوبه تفوق مَيزاته، وقالت: "الحب الذى ينشأ بعد الطلاق هو حب اعتلالى مرضى، يكون فى الغالب رد فعل تجاه حدث الطلاق، وليس بالضرورة أن يكون حبا خالصا نقيا خاليا من أى شوائب تُعكر صفوه، ويجب مصارحة الطرفين بذلك الأمر لبعضهما وعليهما فى بعض الأحيان أن يقرا بذلك فعلًا لتستمر الحياة".

وتوضح الشيخ، أن هناك علامات يستطيع من خلالها كلا الطرفين معرفة أن هناك مشاعر بعد الطلاق أم لا وهى، المقارنة دائمًا بين العلاقة الأولى وأى علاقة جديدة، ووضع شريك الحياة فى اختبار دائم لإثبات أنه أفضل مما سبق، حديث الرجل عن طليقته باستمرار وبشكل مُبالغ فيه، وإقحام اسمها فى كل موقف دون سبب، وكذلك المرأة أيضًا، فهما بذلك يستعيدان الذكريات دون إرادة، وهذا يؤكد عدم نسيانهما الأمر، وأنهما ما زالا يُفكران ببعضهما ويُحبان بعضهما، وأيضًا إقبالهما على القيام بكافة الأمور التى كان يحبها الطرف الآخر، أو ارتداء ملابس أهداها أحدهما للآخر، والتردد على الأماكن التى كانا يذهبان إليها معًا، ومحاولة الرجل التواصل مع طليقته باستمرار أو العكس، خاصةً إن كان لديه أطفال منها فيجعلهم حجته المتكررة.

كرامة الرجل
من جانبه، يرى الدكتور سعد المصرى، أستاذ علم الاجتماع، أن هناك دائمًا فرصة أخرى للعودة بعد الفراق فى كل دول العالم، لكن الوضع فى مصر مُختلف قليلًا لأن فرص العودة تكون أقل بكثير من المتوقع حال لجوء السيدات للقضاء سواء بدعوى خلع أو طلاق أو نفقة، فهنا يصعب الأمر على الزوج ويكون مُجبرًا على عدم العودة مرة أخرى.

"كيف تعود لها بعد أن وقفت أمامك فى المحكمة".. هذا هو لسان حال أغلب الحموات المصريات، فيرفضن تمامًا عودة الابن بعد الطلاق حال وصول الأمر للقضاء لأنه بمثابة كسر لكبرياء الرجل، ويبقى الباب مفتوحًا للعودة إذا تم الطلاق بشكل ودى دون تدخل أطراف أخرى فيه، وفى كثير من الأحيان يُجبر الابن من والدته وعائلته الأولى على الزواج الثانى قبل مرور أشهر قليلة على الطلاق لاسترداد كرامته، وليشعر مرة أخرى برجولته وعزة نفسه، إلا أن الرجل قد يكتشف معدن زوجته الأولى بعد الزواج الثانى، فالرجل قد تخدعه المظاهر، وقد يرى بعد الطلاق امرأة أخرى بمظاهر كاذبة، كل همها أن تتزوج من رجل بعد أن توقعه فى شباكها، فتبدأ بتنفيذ خطتها للزواج به، وتبالغ فى الاهتمام به وتحسن اختيار ألفاظها معه، وتثيره بجمالها المصطنع وطباعها المزيفة فهى بالأساس تحاول إثبات أنها أفضل من الأولى فى كل شىء كى تتزوجه، وما إن يتم الزواج إلا وتبدأ عيوبها فى الظهور، فما أظهرته هذه المرأة لم يكن صادقًا، ويكتشف الرجل الحقيقة الصعبة بعد فوات الأوان، وليس ذلك فحسب فقد يجد الرجل طباعا كثيرة فيها تبلغ من السوء أقصاه، الأمر الذى يخلق مجالًا للمقارنة بينها وبين مُطلقته، ومن هنا يبدأ الندم وتظل المرأة الأولى فى حياة الرجل هى الأولى والأخيرة دون أن يشعر.

أضاف، أن ما يُسمى بـ"الصدمة الأولى" هو السبب الرئيسى فى40% من حالات الطلاق بمصر، وتكون بين السنة الأولى والثالثة، وسببها الخطوبة السريعة والزواج التقليدى، وفيها يكتشف الزوجان بعضهما ويتفاجأ كلٌ منهم بطباع الآخر التى يصعب تقبلها وتحملها، وهنا إما يقرران تهدئة الأوضاع واللجوء لطرف محايد لحل الخلاف أو يقرران الانفصال، وهنا تصعب العودة كونهما كارهين للعيش معًا، وهناك سبب آخر يرجع لعدد كبير من السيدات وهو صعوبة تحمل مسئولية البيت ، وعدم القدرة على تربية الأبناء، وهنا تقرر الزوجة الانفصال كونها ترغب فى العيش بحرية دون قيود عليها حتى وإن كان لديها أبناء، وهناك سيدات يرفضن الطلاق حتى وإن استحالت العشرة ويقررن استكمال الحياة الزوجية للمحافظة على كيان الأسرة، وقد تنجح أحيانًا تلك النظرية وينصلح الأمر بينهما تدريجيًا.