عاجل

الزوجة الثانية.. مظلومة أم "خرابة بيوت"؟!

الزوجة الثانية
الزوجة الثانية

كتبت: هبة عبد الرحمن


«من تزوج بثانية فحياته فانية»، مثل شعبي قديم لا يبرر التعاطف مع الزوجة الأولى فقط، وإنما ايضًا يصف الزوجة الثانية بالمرأة التي تستدرج الرجل المتزوج إلى شباكها بهدف خراب بيت الزوجة الأولى، فالزوجة الثانية حتى في الأعمال الفنية نراها تلعب دور البطلة الشريرة فى مسلسل الحياة، وتظهر فى صورة «خرابة البيوت» التى خطفت رجلا من بيته وزوجته وأولاده، رغم أن هذا الرجل ليس طفلا تخدعه امرأة ليتزوجها رغمًا عنه بل باختياره، وربما يكون قد ضغط عليها لتقبل بالزواج منه، وفى بعض الأحيان تصبح هى الضحية، وتدفع وحدها ثمن زواجها من رجل متزوج، وتكون هى الجانب الأضعف والخاسر الوحيد فى تلك القضية، وقد يستغل الرجل ظروفها لأى سبب للزواج منها وتجد نفسها فى النهاية أمام المحاكم لتطلب حقوقها الضائعة.
 

ورغم ان هناك أكثر من مشروع قانون أمام مجلس النواب يهتم بحفظ حق الزوجة الاولى التى يريد زوجها الزواج عليها، وعلى رأسها مشروع قانون المأذونين الجديد المقدم من الحكومه لمناقشته امام البرلمان، والذى نصت فيه الماده 31 على أنه لا يجوز للمأذون إتمام عقد الزواج لمن يتزوج للمرة الثانية، إلا أذا احضر الزوج اذنًا كتابيًا من الزوجة الاولى وذلك لحفظ حق الزوجة الاولى، إلا أنه من المؤكد أن تلك المادة تحفظ أيضًا حق الزوجة الثانية فى إجبار الزوج على إشهار زواجه منها، وألا يكمل زواجه بها سرًا.


امام محاكم الاسرة هناك الكثير من الحكايات لزوجات بحثن عن سند لهن لمواجهة الحياة بقسوتها، لكن خذلهن اختيارهن ووجدن انفسهن يواجهن مصيرًا مظلمًا بعد أن قبلن الزواج من رجل متزوج، نروى تفاصيل بعضًا منها، كما توجهنا بتساؤل «هل الزوجة الثانية في كل الأحوال ظالمة، ام انها احيانا تكون مظلومة؟» إلى استشارى طب النفسي وعلاقات اسرية.


حكايات
بداية تقول»فاتن» 38 سنة موظفة بإحدى الشركات، تزوجت من شاب احببته وانجبت منه ابنى الوحيد وبعد الزواج اكتشفت أنه ترك عمله فى الشركة التى كان يعمل بها، وكان يعتمد على المال الذى يقترضه من والدته وبدأت المشاكل تتسلل حياتنا وانتهت فى النهاية بالطلاق، لم يسأل عن ابنه ولو ليوم واحد ومرت السنوات كنت خرجت للعمل بشركة خاصة، وأصبحت امرأة اقوى كل همى فى الحياة تربية ابنى، لكن فى اوقات كثيرة كنت اشعر بضيق بسبب حاجتى للمال لان دخلى كان بسيطًا من الشركة التي اعمل بها، وكنت اعيش فى بيت اسرتى ووالدى شديد الطباع للغاية، حتى ظهر امامى «ع» رجل وجيه مقتدر ماديًا يمتلك شركة تجارية تعرفت عليه من خلال عملى وبدأ يتودد لى لكنى رفضت تلميحاته، فطلب منى صراحة الزواج منه، وهو يكبرنى سنًا بأعوام، اخبرنى بأنه متزوج بأخرى فى مسقط رأسه وله ابناء منها، طلب مني أن اسافر معه إلى هناك للتعرف على عائلته اشقائه واعمامه واخواله، واشترط على اسرتى بأن يخبر زوجته وابناءه بعد الزواج في الوقت المناسب وأن يصطحبنى إلى هناك ورحبت به أسرتي، واهدانى شبكة كبيرة وجهز لى شقة إيجار جديد بإحدى المناطق الراقية، عشت معه اجمل 25 يوما فى حياتى، شعرت أن الدنيا بدأت تبتسم لى من جديد وتعوضنى عما حدث معى طوال 10سنوات مضت منذ طلاقى من الأول.


وفجأة اخبرنى بأنه سوف يسافر لزيارة زوجته أم أولاده ويمهد لى الطريق ليأخذنى للتعرف عليهم، وكان ذلك منذ 8 أشهر، لم يعد حتى يومنا هذا بل كل ما فعله أن شقيقه اتصل بوالدى وأخبره بأن زوجى سافر وعمل توكيل له ليطلقنى من خلاله، لكن ابى رفض أن يطلقنى بهذا الشكل غير اللائق واخبره بأنه سوف ينتظره حتى عودته ليعرف سبب زواجه منى منذ البداية، جن جنونى حاولت الاتصال به لكنه لم يجب، فأسرعت إلى محكمة أسرة الجيزة وتقدمت بدعوى نفقة زوجية ضده لانه لا ينفق علي.


وبدموع عينيها وقفت «ريهام.ص» 34سنة موظفة بإحدى الشركات تروى مأساتها امام المحكمة تقول:تزوجته زواجًا شرعيًا رغم فارق السن بيننا فهو يكبرنى بخمسة عشر عامًا، لكنى احببته بعد مطارداته الكثيرة لى وإغراقى فى مشاعر الحب وكلمات الغزل والهدايا والاهتمام البالغ، لم اعرف أنه متزوج إلا بعد وقوعى فى حبه، قاومت فكرة الزواج منه، لكنه اخبرنى بأنه يعانى من زوجته ولا يشعر بسعادة معها وأقنعني بأنى «الست» التي ستعوضه عن الحياة التعيسة التى يعيشها، وللاسف صدقته، وعشت اجمل عام فى حياتى معه بعد الزواج قبل أن تعرف زوجته، وفجأة علمت بخبر حملى وأخبرته بضرورة أن يخبر زوجته الاولى، وتهرب منى حتى انجبت ابنى،ثم حملت فى ابنتى الثانية بعدها بأشهر قليلة، عندها بدأت المشاكل تدب بيننا بسبب حملى، طلبت منه اخبار زوجته الاولى، التي خيرته بينها وبينى، لم يتردد فى التفكير وفوجئت به يبيعنى فى لحظة واخبرنى بأنى السبب في خراب بيتي وكأنه مكتوب عليّ أن اعيش زوجة في السر، والعجيب أنه اختفى تماما ورغم عمله فى شركة كبيرة مرموقة ويعتلى منصبًا فيها،لكنه لا ينفق على ولديه جنيها واحدا، تحملت انا وحدى مسئولية ابنائى، وتقدمت ضده بدعوى نفقة بأنواعها وتبديد قائمة منقولات حملت رقم 6063 لسنة2021 جنح حدائق القبة، وحصلت على حكم حبس سنه وغرامه ألف جنيه، كما حصلت على حكم بالنفقة لأبنائى، لكنى لم اتمكن من تنفيذ أي منها ولا أعرف ماذا افعل وكيف احصل على حقى منه؟!


بصرخات مدوية من القلب روت «دعاء.س» 35 سنه مأساتها قائلة:طليقى فى الخمسينيات من عمره،عندما تجلس امامه تجده يتكلم في الدين والشرع والاخلاق، تقدم للزواج منى واخبرنى بأن معه ولدين، وأن طليقته خانته وتركت له ابناءه، ثم تزوج بعدها من اخرى لكنها عاملت اولاده بقسوة فطلقها، تعاطفت معه ووافقت على الزواج منه، ورغم عدم ارتياح والدتى له رضخت لرغبتى فى الزواج منه بعد أن صدقت اكاذيبه، ثم اكتشفت الحقيقه المؤلمة؛ فهو متعدد الزيجات، ولديه ابناء كبار من زوجة اولى تعيش فى محافظة اخرى ولازالت على ذمته لكنه لا ينفق عليها ولا يعرف عنهم شيئا، واكتشفت كل افعاله السيئة بعد شهر واحد من الزواج، دائم التعدي عليّ بالضرب والشتائم، كما كان يتعدى على ابنائه الصغار الذين كانوا يعيشون معنا وكنت عندما ادافع عنهم يزيد الضرب والسباب لي ولهم، وفى النهاية تركت له منزل الزوجية وقالى «أحسن ومش هطولى منى حاجه»،خاصة انه يتنقل من بيت لآخر بسرعة، طلقنى فتقدمت بأكثر من دعوى مؤخر ونفقة متعة ومنقولات زوجية إلا انى عاجزة عن تنفيذ احكامي.


وبانكسار بالغ قالت «عبير.ح» 41 سنة:تعرضت لحادث وأنا فى الجامعة تسبب لى فى عاهه ولانى من عائلة كبيرة، اجبرت عائلتى احد ابناء اعمامى الزواج منى رغم انه متزوج حتى لا أعيش بمفردى وأصير عانسا، وشاء القدر أن انجب منه بنتين توأم، وبعد أن كانت زوجته الاولى دائمة الخلاف معه فى السابق تحولت 180درجة، اصبحت تهتم بمظهرها وصارت رقيقة معه لدرجة جعلته يشعر بسعادة بالغة بأنى اصبحت سببًا لإسعاده مع زوجته الاولى، ونسى أنه بجفائه معي يكسر بداخلى اشياءً كثيرة، ومرت 3 سنوات والبنات تكبر ويزداد زوجى فى بعده وهجره لنا، حتى اصبح لا يأتى نهائيًا إلينا فقط يرسل لنا الاموال، لكن لم يكن له أى وجود فى حياتنا حتى اجبرنى على أن اطلب الطلاق، ورغم تدخل الاقارب للصلح وتقديم النصائح له لكنه اصر على هجره لنا، بل انه قلل النفقة التى كان يدفعها لنا، حتى فوجئت به يرسل لى ورقة طلاقى، فجن جنونى بعد تحملى كل تلك السنوات فحضرت الى محكمة الاسرة لطلب الحصول على كل حقوقى من مؤخر صداق ونفقة متعة وقائمة منقولات وايضا حقوق بناتى من نفقة ومصروفات مدرسية.

الزوجـة الثانية كما يراهــــا أساتـذة الطــب النفسـي

رغم أن هناك أصواتًا بمجلس النواب تطالب بتجريم الزواج الثاني في مشروع قانون الأسرة، إلا أنه يبقى السؤال؛ كيف تقبل امرأة أن تتزوج من رجل متزوج؟، ما الذي يدفعها لهذا؟، وماذا لو كان هذا الزواج سببًا لخراب بيت الزوجة الأولى؟!


توجهنا بهذه الأسئلة لأساتذة الطب النفسى والعلاقات الاسرية في محاولة للاجابة على الأسئلة وهل الزوجة الثانية ظالمة أم مظلومة؟!، كما قدموا روشتة بنصائح لكل زوجة ممكن أن تحمل لقب «زوجة ثانية» حتى تحافظ على نفسها وحقوقها ولا تصبح ضحية لزوج يستغل حاجتها.
 

تقول الدكتورة هالة حماد استشارى الطب النفسى: حتى نكون منصفين ليس في كل الأحوال الزوجة الثانية تكون ظالمة لكنها فى احيان كثيرة تكون مظلومة ومغلوبة على امرها، فمعظم حالات الزوجة الثانية تتم دون حقوق، محرومة من العيش في شقة تمليك غالبًا ما تكون إيجار جديد، أو مهر أو شبكة او غيرها من مراسم الزواج الاول، وقد واجهت الكثير من تلك الحالات في عيادتي، ويمكن تلخيص حالات الزواج الثانى فى ثلاثة مشاهد، الاول استغلال المرأة عاطفيًا ونفسيًا بأن يتزوجها سرًا مع الوعود بإخبار الزوجة الاولى، ودائما يختار الرجل أرملة أو مطلقة ولديها أبناء، أى أنه يختار من لديها احتياج نفسى لوجود رجل فى حياتها، ويكون الحب وسيلته لإقناعها بالزواج الثانى، رغم أنه لا يعطيها حقوقا مثل الزوجة الاولى، فالرجل يعتبرها عشيقته وليست زوجة ولكن عشيقة بصفة دينية رسمية، وفى كثير من الاحيان لا يذهب اليها إلا مرة كل اسبوع، ولا ينفق عليها بل على العكس قد يذهب إليها يأكل ويقضى معها اليوم ويرحل فى هدوء، ودائما ما يتحدث عن الحياة أو علاقتهما بشكل مؤقت وليس فيه مستقبل، وجميعها صفات العشيقة وليست الزوجة. 


المشهد الثانى يكون فيه استغلال لحاجة المرأة المادية، بأن يتزوج زيجة ثانية ولا يخبر الاولى، اتذكر حالة زارتني في العيادة بطلتها زوجة جميلة ومن عائلة عريقة المستوى، طلقها زوجها الاول ورفض الانفاق على طفليهما وهي لا تعمل، فاضطرت للزواج من رجل اكبر منها سنا مستغلا حاجتها للمال، مقابل ان يقضى معها الوقت والابقاء على علاقة الزواج سرا.


والمشهد الثالث يزعم مروجوه بأن الشرع يبيح للرجل الزواج من مثنى وثلاث ورباع والنهاية هي خراب بيوت واللجوء للمحاكم لحصول الزوجة الأولى أو الثانية على حقوقها، ومن النماذج التي أتت للعيادة زوجة تبكى ندمًا بأنها وافقت أن تكون الزوجة الثانية، بعدما ظل يطاردها لأكثر من عامين بالحب والورود حتى أوقعها فى شباكه ووافقت على الزواج منه بعد أن اخبر زوجته الاولى، وبعد الزواج وجدته بخيلا عاطفيًا وماديًا، وبدأ يتركها ويعود لزوجته الاولى حتى بعد أن انجبت طفلا، وهذا النوع من الرجال لديه مرض اخلاقى وحب للنفس ورغبات دونية بمجرد ان يحصل على احتياجه وأطماعه يترك زوجته الثانية التي تزوجها باسم الشرع تدفع الثمن بمفردها.
وانهت الدكتورة هالة حماد استشارى الطب النفسى كلامها مقدمة النصائح لأى امرأة يمكن أن تكون زوجة ثانية:يجب أن يكون هناك صراحة مع الزوجة الاولى من البداية وألا تقبل بأن تكون زوجة سريه باسم الحب، ويجب أن تشترط عليه تأثيث بيت جديد يكتبه باسمها طالما يحبها، فالزوجة الثانية لها حقوق مثل الاولى تماما.


نظرة دونية

وتقول الدكتورة عطيات الصادق استشارى العلاقات الانسانية والاسرية: الزوجة الثانية ليست «خطافة رجاله» في كل الأحوال بالعكس ممكن تكون مظلومة، فالرجل ليس طفلا كى تخطفه امرأة اخرى، وليس كل رجل «عينه زايغه»، فلابد من دراسة كل حالة على حده، فكل زواج ثانى له ظروفه، فقد اثبتت الأبحاث؛ أن الرجل بعد الزواج بخمس سنوات يبدأ يبحث عن الذكريات الجميلة التى مرت بينه وزوجته فى بداية نشوة العلاقة والزواج، لكن احيانا لا يجد اهتمامًا من زوجته وسط زحمة الابناء والمسئوليات، وانشغالها بأشياء اخرى غيره، فيضطر للبحث عن علاقة اخرى تكون فى إطار الشرع.
ايضا الزوجة الثانية قد تكون مظلومة لأن الظروف دفعتها لقبول هذا، فمثلا نسبة العنوسة كبيرة وهذا السبب يدفع الكثير من الفتيات بأن يقبلن أن يكن زوجه ثانية،وأنا احمل السبب في هذا إلى مغالاة الأسر في المهور إلى أن تجد الفتاة نفسها بأن لحقت بقطار العنوسة فتضطر للزواج من رجل متزوج، وعليها أن تتحمل نظرة المجتمع الدونيه لها بأنها خطافة رجاله.


واضافت الدكتورة عطيات الصادق كلامها بتقديم النصائح لكل الزوجات:حاولن الحفاظ على بيتكن وأزواجكن حتى لا يفكر فى الزواج الثانى، واذا اضطرت الظروف امام المرأة أن تكون زوجة ثانية، عليها اولا أن تحرص على معرفة السبب الذى جعله يتزوج من أخرى لانه من الممكن أن يكون شخص ليس لديه ارتواء عاطفى أو رضاء زوجى وبذلك تعلمى انه سوف يتركك انتِ الاخرى بمجرد أن يشبع رغباته معك، أما اذا كان يعانى فى زيجته الاولى ولديه مشاكل فهو رجل مظلوم وعليكى أن تتعبى نفسك فى ان تتعلمى من اخطاء الزوجة الاولى والسبب الذى جعله يتزوج مرة اخرى حتى تمنحيه ما يريده ولا يبحث عن غيرك، لانه طالما تمكن الرجل أن يتزوج من ثانية فمن السهل أن يكرر الموضوع مرة ثالثة.
ويجب أن تحافظي على حقوقك، مهما كان سنك او ظروفك التى دفعتك لان تكونى زوجة ثانية، فلا تقبلى التنازل عن حقوقك الشرعية من طلب مهر ومؤخر مثل الزوجة الاولى وأكبر منه وقائمة منقولات، وألا تقبلي ان يكون الزواج سرا.