بينى وبينك

ضد التاريخ

زينب عفيفى
زينب عفيفى

التاريخ ببساطة دروس مستفادة، لكنه ليس مادة معرفية ثابتة إلا بالتدقيق والتحقق من أحداثه، فإذا قالوا: التاريخ يكتبه المنتصرون والمؤرخون، فالواقع يؤكد أنه وجهات نظر قابلة للمناقشة والإثبات. 


كتاب «ضد التاريخ» الذى صدر حديثا للكاتب مصطفى عبيد، يكسر كل الثوابت التى درسناها فى مادة التاريخ المدرسية، فكما يقول الكاتب فى مقدمته: «التاريخ ليس ما رواه المنتصرون سلطة وشعبا، وإنما هو ما نراه ويراه أولادنا من بعدنا، فلا توجد قراءة واحدة للتاريخ، وإنما عدة قراءات، لا حقائق ثابتة، ولا أحكام نهائية» بهذا المنطق أعاد الكاتب النظر فى أمور تاريخية كان يتصورها البعض محسومة سلفا، ليعيد قراءتها بعين مستقلة، إمعانا للمصداقية، وطرحها من قبل محققين ومدققين ساعين للحقيقة.


من العناوين الصادمة فى كتاب «ضد التاريخ» والقابلة بالفعل إلى النقاش، ما تناوله الكاتب عن حقيقة  الزعيم «مصطفى كامل»، بأنه ليس زعيما وطنيا كما درسناه فى المدارس شارحا وموضحا أسبابه التى يقبلها المنطق ويؤكدها العقل، كما تناول الوجه الآخر للسياسى إسماعيل باشا صدقى، والمعاكس للصورة السائدة فى الكتابات التاريخية، فضلا عن طرح السؤال الممنوع حول ما كان يفترض أن يكون عليه محمد نجيب لو استمر فى السلطة كرئيس لمصر مستعينا بآرائه وخطبه وتصريحاته التى تنبئ عن ديكتاتور لم يأخذ فرصته! كما يضعنا الباحث أمام حياة سيد قطب وتحوله من أديب وناقد إلى تكفيرى متشدد، ويضيف الكتاب لأول مرة متهمين جددا فى جريمة اغتيال السادات، وغيرها من الأحداث.


 رغم ما حققه مصطفى عبيد فى كتابه من تكسير لبعض الوقائع التى عرفناها كثوابت تاريخية فإن التاريخ سيظل جمعا للمعلومات من أكثر من جهة ليصبح دروسا مستفادة، نتمنى ألا يكرر نفسه فيها.