أمس واليوم وغدا

القواعد الذهـبيـة للجمهورية الجـديدة

عصام السباعي
عصام السباعي

الاستعمار التقليدي وكذلك الحروب التقليدية، لم يعد لها مكان فى عالم اليوم، لا تحتاج أى دولة كبرى، أو أي منظمة صاحبة قدرة إلى بسط هيمنتها بتواجد قواتها على الأرض، ولكن يتم تحقيق كل الأهداف عن بعد، أو بأيدى الآخرين وبقتلاهم، وربما لا يتم استخدام الأسلحة، وتحقيق نفس الأهداف من خلال فرض الأنماط الثقافية والقيم  الاجتماعية، الاستعمار الجديد هدفه استعمار العقول، وتحقير كل ما لدى الشعوب من روحانيات وعادات وتقاليد وقيم، وزرع أخرى بدلا منها، بل وتقليب القلوب عليها، لدرجة خلق موالين لتلك القيم الجديدة يؤمنون بها ويخلصون لها، ولا يشك واحد منهم أن فيها أذى وطنهم وضرر أهلهم.

وهكذا تم الأمر فى ترويض بعض الدول الآسيوية والأوروبية، وهكذا كان من المخطط أن يتم فى الشرق الأوسط الجديد، ولما نجحت القاهرة فى إحباط تلك المؤامرة، تم على الفور تطوير الخطة وانتقاء منفذيها، بإشعال النار فى مناطق، والاكتفاء بتصعيد الأوضاع فى مناطق، والعمل على تسوية المشاكل فى مناطق أخرى، ولن تتوقف المساعى الخبيثة لا اليوم ولا غدا، هى بين أيدينا وأمام عيوننا فى تطبيقات الموبايل التى يروجون لها لتكوين الصداقات والعلاقات بين الصبيان والبنات، وتسهيل إقامة العلاقات، وتحليل وتحسين صورة أي شذوذ من أي نوع، وستظل تواصل فحيحها ولدغاتها فى المؤسسات الاجتماعية والثقافية، ولا يختلف اثنان على أن مصر تجاوزت العديد من العقبات والعراقيل فيما يشبه المعجزة في كل المجالات، ولن تنجح طالما أن وعينا مستيقظ وإرادتنا قوية، ونواصل عملنا فى التنمية وشغلنا الشاغل في رفع وتحسين معيشة أهلنا وتطوير تعليمنا وإنتاجنا وتصديرنا.

كانت تلك المقدمة ضرورية لتناول الأساسيات التى تراهن عليها الجمهورية الجديدة، وفي مقدمتها الرهان على المواطن المصرى بطبيعة التحديات والمخاطر ومحاولات التسلل التى لم تتوقف لتشويه الحقائق ونشر الشائعات بين المواطنين، وخصوصاً فى ضوء تلك الثقة التي لا حدود لها بين الشعب وقيادته، والاعتماد الرئيسى على القواعد الذهبية: «العمل والعلم والتعليم والتخطيط  والإنتاج، والابتكار والفنون»، وكلها مداخل حقيقية من أجل إنشاء دولة فتية واقتصاد وطني سليم قادر على الوفاء باحتياجات الوطن من أجل حياة ذات جودة ودولة صاحبة قوة وهيبة وعلاقات متوازنة مع العالم الخارجى تقوم على قاعدة السلام والمصالح المتبادلة ورفاهية الشعوب .

ويمكن لأي مراقب أن يجد فى تحليله الأخير أن مصر التى نجحت في تدارك كل الأخطاء ومواجهة كل الأخطار في مرحلة مابعد 2011، قد نجحت في تحقيق أرقام ليست بسيطة في المؤشرات الكلية للاقتصاد، فضلا عن تحقيق نقلة نوعية فى الأنشطة الاقتصادية، كما يمكنه أن يفهم أنه لا يوجد لقاء أو اجتماع داخلى أو خارجى، أو أى قرار إلا ويأتي في إطار خطوة مدروسة تحقق مصالح مصر بالدرجة الأولى، ولا شك أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للعاصمة الصينية بكين لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 24، وما أجراه من لقاءات، وما تم فى مباحثات القمة مع الرئيس الصينى «شى جين بينج»، ستكون إضافة كبيرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة خاصةً فى المجالات الاقتصادية والتجارية، وتأتى الأهمية الكبيرة أيضا فى ضوء ما تم من تبادل وجهات النظر ومشاورات بشأن الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وجاء فى مقدمتها بالطبع تطورات ملف سد النهضة، وأزمات ليبيا وسوريا واليمن، وتطورات القضية الفلسطينية، وتعزيز التعاون فى مكافحة الإرهاب.
أستطيع التأكيد على أهمية تلك الزيارة المهمة لبكين، وما أسفرت عنه من نتائج حتى لو كان بعضها على المدى المتوسط والبعيد، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو الإقليمية والدولية، وكلها تصب فى الهدف الرئيسى للجمهورية الجديدة لمصر القوية الفتية .. ويارب احفظ مصر وكل المصريين من كل وأى سوء.

فقاعات الجهـــل التنويرى!

أزعجنى جدا ما قاله «فقاعة» من فقاعات التنوير عن إمام مسجد مطروح، ودعوته إلى تأجيل صلاة العشاء أو قيام الإمام بإعلان تأجيل صلاة الجماعة لحين انتهاء مباراة المنتخب الوطنى لكرة القدم فى بطولة كأس الأمم الأفريقية، فهو أولا قد تجاوز وجرح الناس فى دينهم، وشككهم فى عبادتهم، وسخر منها، فليس من حقه أن ينتقد إمام مسجد حريصاً على مهمته، فقام بتصوير المسجد خاويا أثناء مباراة المنتخب واستنكار ذلك على مواقع التواصل، فهذه مهمته التى يحاسبه عليها ربه قبل وزارة الأوقاف التى يعمل فيها، ويقدره عليها مجتمعه البدوى التقليدى الذى يعيش فيه، ولا أعرف أين نشأ ذلك «الفقاعة» ، ولا البيئة والأسرة التى نشأ فيها، فجعلته يشكك الناس فى دينهم، فالحج ليس هكذا والقرآن كذا وكذا وصيام رمضان غير صحيح، ولا أعتقد أن ما يفعله هؤلاء له أى علاقة بالتنوير، ولكن بإسقاط المجتمعات، لأن القاعدة الأصيلة للوصول إلى مرحلة التنوير، هى العلم والعمل والإنتاج والابتكار والبحث العلمى، ولا يمكن أبدا تجاهل تجربة النهضة الأوروبية التى استغرقت عقودا طويلة حتى تؤتى ثمارها بداية من منتصف القرن السابع عشر الميلادى وحتى أوائل القرن العشرين، وما حدث فى أوروبا حقق لها النهضة وما يفعله أصحاب الفقاعة فى مصر والعالم العربى سيؤدى حتما للنكسة والسقوط الكبير، فهم يرفعون أصواتهم فوق كل صوت، يدعون أنهم يحتكرون الحقيقة، ويحتقرون أى رأى آخر يتعارض مع قناعاتهم التى ربما تكون مرضية، أو تقطع باب الرزق عند بعضهم، التنوير ليس فقط مكلمة ولا نطاعة فى التفكير، لأن المفكر عادة هو ضمير الأمة الذى يهمه نماؤها لا نماء حسابه فى البنوك، هكذا كان التسامح الدينى المشروط الذى دعا له «جون لوك» ومن بعده «فولتير»، وهكذا كان مبدأ «كانت» و«هوجو» و«زولا» و«ميشيل فوكو» ومعهم مفكرون آخرون وبجانبهم علماء كثر مثل «نيوتن» وأصحابه ورجال صناعة ومبتكرون، نكبتنا فى هؤلاء الفقاعات، فهم مثل الجعجعة بلا طحين سوى فى الحساب البنكى، ينزعجون من وضع قطعة قماش على الرأس ويعتبرونها مصدر انهيار العقل، ولا يهمهم خلع «الأندر»، لأن ذلك يساعدهم على التنوير أكثر، ويقف لهم الأستاذ عيسى بكل احترام وتوقير!

عبدالقادر محمد على

وداعا .. «حبيب الكل»

تسقط كـل يـــــوم ورقـــــــة مــــن شجرة الأساتذة العملاقة في دار أخبار اليوم، الورقة الأخيرة كانت لصاحب «صباح النعناع» و«حبيب الكل»، الأستاذ الكبير عبد القادر محمد على، لا أستطيع أن أصف لكم جمال روحه وعقله، وصفاء قلـبـــــــه، ومحـــــــــبتـه لكــل الدنـيــــــا، وإخلاصه وتفانيه فى العمل كما لو كان ابن العشرين، رغم تجاوزه السبعين بسنوات، رحل الأستاذ عبد القادر إلى روح وريحان وسيظل بيننا مادام  على الأرض «نعناع».

بوكس

لن يسقط أبداً الصح أمام الغلط!