حوار| القنصل العام بنيويورك: المرأة حظيت بمكانة كبيرة في الدبلوماسية المصرية

السفيرة هويدا عصام
السفيرة هويدا عصام

قريبا أخبار سارة عن عودة آثار مصرية لأرض الوطن 
الأعداد الجالية بالساحل الشرقي للولايات المتحدة تقدر بحوالي 170 ألف مصري
يؤلمني تعثر بعض أبناء الجيل الثاني من الجالية في التحدث بالعربية

يتوهم الكثيرون أن العمل بالمجال الدبلوماسي يتميز بالرفاهية الشديدة، إلا أنه في حقيقة الأمر ظاهره حياة مخمليه، وباطنه الجهد والعرق فضلا عن الالتزام بالمسئوليات الجسيمة

وبالأمس القريب اختيرت السفيرة هويدا عصام لتكون القنصل العام لمصر في نيويورك، خلفا للسفير هشام النقيب.

وفي زمن قياسي، نجحت القنصل العام الجديد من خلق حالة من الانسجام والترابط بين أبناء الجالية المصرية، رغم صعوبة المهمة في زمن كوفيد19.

حرصت بوابة "أخبار اليوم" على لقاء الوافدة الجديدة لبلاد العام السام، لتتعرف على المبعوث الدبلوماسي الجديد، وأول ما يجذب الانتباه، في اللقاء مع السفيرة هويدا أن لديها قدرة هائلة على اكتساب مساحات من الود والألفة في الحديث معها، فتمنحك مساحة الصديق القديم، وتفتح قلبها وعقلها بلا تكلف، وتلمس الترحاب في كلماتها. ابحرنا معا في ذكريات امتدت لأكثر من ربع قرن، وتستشف منها واقع المرأة في المجال الدبلوماسي، وتطرق اللقاء أيضا للجانب الأسري والدراسة وتأثير كل هذا على الحياة الدبلوماسية... وكان هذا اللقاء:

س: بكلمات بسيطة من هي هويدا عصام؟
 ج: هويدا عصام عبد الرحمن، سفيرة في وزارة الخارجية، القنصل العام لمصر في نيويورك.

س: حديثينا عن ملامح الأسرة التي نشأت بها؟
ج: والدي هو السفير عصام عبد الرحمن، والدتي لظروف عمل الوالد وحرصا على الترابط الأسري تركت العمل، إخوتي، لي آخ طبيب، وأخت وزير مفوض في وزارة الخارجية.

س: إذن أنت من أسرة ليست بغريبة على المجال الدبلوماسي؟
ج: صحيح، من أسرة دبلوماسية، حرص والدي على أن تكون تجربة التنقل من وإلى عبر عمله في وزارة الخارجية أن تكون إيجابية، فظلت الخارجية بالنسبة لي أسلوب عمل وحياة تستدعي لدي تجارب حياة سعيدة، وظلت الخارجية سواء كتجربة مهنية أو حياتية مريحة وسعيدة.


س: منذ نعومة أضافرك وأنت على موعد مع السفر والترحال، ما البلاد التي زرتها قبل عملك في الخارجية؟
ج: ولدت في باكستان وعشت بها سنواتي الأولي، ثم انتقلت إلى البحرين والمكسيك، والهند، ولبنان، وكينيا.

س: حظيت بزيارة عدد لا بأس به من البلدان ما أجمل بلدة عشت بها وتركت أثرا لديك؟
ج: حقيقي أجمل مكان كان دائما مصر، لأنها موطني وبها أهلي، كما أن دولة لبنان الشقيق أيضا من الأماكن التي سعدت بها كثيرا، فهم شعب محب للحياة والسعادة، وقد عشت بها في مرحلتين، أثناء الحرب الأهلية وبعد ما وضعت الحرب أوزارها، كانت تجربة غنية جدا، اللبنانيين شعب يجيدوا العيش بسعادة، وهو شعور ينتقل للأخرين.

س: هل دخولك المجال الدبلوماسي عن دراسة واختيار، أم دفعت بك الأقدار لهذا الطريق؟
ج: من الصعب القول إن دخول هذا المجال يأتي بالصدفة لأنه طريق شاق من الدراسة والاختبارات شديدة الصعوبة، والحقيقة أنني لم اجتاز الاختبارات التحريرية من أول مرة، واجتزت الاختبارات الشفوية، من غير المنطقي أن يدفع بك للعمل بالخارجية، لأنه مجهود شخصي من جانبك ويحتاج إلى دراسة مستمرة إلمام بكم هائل من المعلومات، وكان اختياري بعد دراسة القانون بكلية الحقوق الالتحاق بوزارة الخارجية.

س: كيف كانت خطواتك الأولي بوزارة الخارجية؟
ج: معظم حياتي الوظيفية كانت في القطاع القانوني، باستثناء بعض التعرجات البسيطة، كعملي في بعض الإدارات العربية، أو إدارة إسرائيل أيضا كانت لفترة بسيطة، وغالبا كنت أعود مرة أخري للقطاع القانوني وهي رحلة عمل ممتدة قرابة 32 عاما. 


س: من وجه نظرك هل المرأة في مجال الدبلوماسية المصرية تعد من الرائدات؟
ج: حظيت المرأة في الخارجية المصرية بمكانة كبيرة، فهناك على سبيل المثال السفيرة ميرفت التلاوي، والسفيرة هدي المراسي، والسفيرة دولت حسن، والسفيرة سهير زكي التي رحلت منذ أيام، وكانت قنصل عام في نيويورك ونعيش على ذكراها الطيبة، السيدات بالخارجية استكمال لخطوات سبقتنا عظيمات لهن بصمة في واضحة، واتصور اننا مكملين لدور الرجل أيضا لأنني لست من أنصار خلق بيئة تنافسية في مجال العمل الرجل بين والمرأة.


س: وزارة الخارجية من المفترض أنها من الوزرات التي ينظر لها بالتقدمية، فهل كان العنصر الذكوري والشرقي طاغي بها ومتجذر في البدايات؟
ج: إطلاقا، فوزارة الخارجية من الوزارات التي تعتمد على المجهود والعمل على الذات، فهي ليست من الأماكن التي تعتمد على التراكمية المتوقعة في الدرجة الوظيفية، وحتى أكون منصفة، لم اشعر على الاطلاق داخل الوازرة بكفاح أو معاناه بوصفي سيدة، كان علي الالتزام بعملي وبذل قصاري جهدي الوظيفي للوصول لمكانه طبيعية.

س: هل العمل الدبلوماسي قاسي على طبيعة المرأة، خاصة وأن عماد هذا المجال التنقل والترحال بين البلدان؟
ج: قسوة العمل أو راحته يرجع إلى نظرة الإنسان نفسه وتناوله للأمور، سواء رجل أم سيدة، قد يكون العمل الدبلوماسي قاسي على بعض الدبلوماسيين نظرا لظرف أسرية ما، كل واحد قادر علي التكيف وفقا للظروف.

س: تأثرت بمن في الدبلوماسية؟ 
ج: كلهم اثروا في بلا استثناء، لقد تعاملت مع بداية التحاقي بالخارجية مع السفير عزيز سيف النصر، وكان انسانا شديد التواضع، السفير إبراهيم يسري، اشتغلت معه في القطاع القانوني وعلمني كيف نقيم تجانس متكامل مع فريق العمل كله، في سفراء سمعت عنهم، ولكني تأثرت بالسماع أيضا، مثلما يتأثر الإنسان بقراءة السير الذاتية، اليوم تناهي لمسامعنا خبر وفاة السفير شكري فؤاد، رحمه الله عليه وهو من الشخصيات التي أثرت في كل أجيال الوزارة.

س: كنت قنصل العام بدولة الكويت الشقيق كيف كانت التجربة؟
ج: كل الدول المستقبلة للوافدين لديهم تحديات انضباط وفقا لقوانين الدولة المضيفة، وعلى الوافدين أن يلتزموا بالقوانين من أجل سنوات مستقرة. الجالية المصرية بالكويت نجد أنها أكبر جالية علي مستوي العالم، مع وضع في الاعتبار كبر وحجم الجالية مقارنه بمساحة الدولة،  من المؤكد أن الجالية المصرية بالسعودية أكبر عددا ولكن مقارنة برقعة الأرض، فإن جالية الكويت تعد الأكبر خاصة أن الوافد عادة يستقدم  أسرته وهناك غالبا ينشأ ميلاد ثلاثة أجيال جدد  بالجالية، والتحديات تتلخص في استيفاء الدورة الإدارية و المستندات بشكل  منضبط ، لأن الوافد المصري يبقي عايش مستقر وتكون أوراقه سليمة، ويمكنني القول أصبح لدي نقطة ضعف تجاه الجالية هناك، لأنني نجحت أن أكون علاقات تكاد تكون علاقات دم، هم بالنسبة لي هم الأهل.

كما أن فريق العمل القنصلي الذي شاركني العمل بالكويت كان في غاية الروعة وأدائه عالمي في الدقة والإنجاز. أتصور عندما تتوصلي لأن يكون مجال عملك هو المهنة والراحة النفسية في ذات الوقت، فهذا في رأيي هو النجاح، وهو ما وجدته أيضا في نيويورك أن يتحول مجال العمل إلى مبعث عمل وسعادة في الوقت ذاته دي نعمه كبيرة.

س: الجالية المصرية في ولايات البر الشرقي بالولايات المتحدة الأمريكية من الجاليات الضخمة، فضلا عن أن معظم المقيمين هنا يحملوا جنسية ثانية ما التحدي تجديه؟
ج: الملحوظة التي لمستها ومحتاجة مراقبتها عن كثب، وهي نحن كمصريين علينا أن نكون أكثر اهتماما بموعد انتهاء المستندات والأوراق الرسمية الخاصة المصرية، مثل البطاقة وجواز السفر وخلافه، فالتعامل مع القنصلية يستلزم أن تكون تلك المستندات سارية التاريخ، والقدوم للقنصلية من أجل تجديد تلك المستندات ، والطبيعي أن بعض المستندات يكون المسوغات الخاصة بها لدينا نحوها تعليمات، وليس من صلاحيتي كقنصل عام تعديلها، وأتصور لراغبي تجديد تلك الأوراق حرصا علي الوقت والأموال عليهم أن يطلعوا علي المواقع الخاصة للقنصلية أو مواقع الأحوال المدنية في مصر ويتعرفوا علي الأوراق المطلوبة لأي تجديد أي مستخرج وذلك حرصا علي الوقت والأموال. مثلما يتطلب أي إجراء عدد من الخطوات المطلوبة، كذلك استخراج أي أوراق يتطلب إثباتات صحيحة وسارية المفعول.  

س: هل هناك أنشطة توفرها القنصلية خاصة بالمناسبات القومية؟
ج: فترة وجودي لم تتزامن مع المناسبات والأنشطة بعد، ولكن كل هدفي الآن هو التوسع في المجموعات التي تتواصل مع القنصلية على مستوي ولايات البر الغربي الـ 11، وهم نيويورك، نيوجيرسي، ماساشوسوتس، بنسيلفانيا، أوهايو، نيو هامشير، ماين، كونيتيكت، رود ايلاند، بورتو ريكو، فيرمونت، طبعا يشرفني التواصل مع كل المصريين ولدينا بالقنصلية دفتر تسجيل، سواء انتقاد أو شكر، وأحرص على التواصل على المستوي الشخصي، ورقمي متاح للجميع.

س: هل هناك أحصاء دقيق لحصر أعدد الجالية المصرية بالولايات المتحدة؟
ج: يتطلب الإحصاء الدقيق لأعداد الجالية إلى تعاون من جانب المصريين في تسجيل الزواج والمواليد والوفيات وخلافه، وغيرها من شئون إدارية. وهذا متاح داخل جمهورية المصرية كعمل روتيني، ولكن كقنصلية، هنا اتعامل مع هيئة الإحصاء الأمريكية، آخر احصاء ودراسة لأعداد المصريين المولودين في مصر، كان سنة 2012، وأشار إلى أن اجمالي العدد في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 144 ألف مصري، وهو رقم غير الدقيق نظرا لأنه لا يضع في الحسبان المصريين الأمريكيين من الجيل الثاني الذين ولدوا هنا.
تقدر القنصلية الأعداد الحالية للمصريين بالساحل الشرقي للولايات المتحدة بحوالي 170 ألف مصري، علما بأن الغالبية العظمى ترتكز بولاية نيو جيرسي وخاصة مدينتي بايون وباترسون. 

س:الدولة والقيادة السياسية مهتمة بالشباب، من الملاحظ أن الجيل الثاني من أبناء المهاجرين لا يعرفوا لغتهم الأم، كيف تفسري تلك المأساة؟
ج: دعينا نقول ببساطة كانت نشأتي معظمها خارج مصر، ولكني تعلمت اللغة من البيت الذي هو الأساس، وأري أن تعلم اللغة يأتي في المقام الأول من البيت والاهل، ودي مسئولية الاهل. الحرص يأتي من البيت، ومش متأخر على الانسان التعلم في أي وقت.
وأحب أن أؤكد على أننا كلنا محتاجين لجذورنا، وأن نكون على تواصل مع أوطاننا لأنه شرف لنا، فالجذور تعطي الثبات. 

س: هناك اتفاقية بين مصر والولايات المتحدة ابرمت عام 2016 بشأن استراد الاثار المهربة؟ هل هناك جديد في هذا المجال؟ 
ج: الولايات المتحدة من الدول الشريفة في هذا المجال وتعمل على رد الآثار المهربة، ويتم إعلاننا واخبارنا فورا، ويسعوا لرد الآثار لمصر وبسرعة، قريبا في حاجات عظيمة في طور التعامل معها وسنكشف عنها قريبا.