هل أصبحت الحقيقة فى خطر ؟

إيهاب فتحى
إيهاب فتحى

‭..‬فى‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬اجتاحت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الفيديوهات‭ ‬الإباحية‭ ‬لبعض‭ ‬نجوم‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحققت‭ ‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة،‭ ‬وسريعًا‭ ‬اتجهت‭ ‬الشركات‭ ‬الضخمة‭ ‬التى‭ ‬تنتج‭ ‬المواد‭ ‬الإباحية‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬إلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬النجوم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعاقد‭ ‬حصريًا‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الشركات‭ ‬بسبب‭ ‬ماتحققه‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‭ ‬عالية‭ ‬وأرباح‭ ‬كبيرة،‭ ‬لكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬النجوم‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬شيئًا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬وأنها‭ ‬لاتمت‭ ‬لهم‭ ‬بصلة‭. ‬

تدخلت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المختصة‭ ‬للبحث‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬الغامضة‭ ‬بعد‭ ‬تلقى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشكاوى،‭ ‬وبدأت‭ ‬تظهر‭ ‬التحقيقات‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬موقع‭ ‬متخصص‭ ‬مغلق‭ ‬على‭ ‬مطورى‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬يتبادلون‭ ‬فيه‭ ‬أحدث‭ ‬ماتوصولوا‭ ‬إليه‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬التطور‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المشتركين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬حساب‭ ‬باسم‭  ‬‮«‬‭ ‬Deepfake‮»‬‭ ‬أو‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬وسبب‭ ‬عرض‭ ‬المشترك‭ ‬وحسابه‭ ‬على‭ ‬الموقع‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬إظهار‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعى‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬حقيقة‭ ‬مزيفة‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬للواقع‭ ‬بصلة،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أحد‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭  ‬هذا‭ ‬المشترك‭ ‬الغامض‭ ‬الذى‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات،‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬التوقيت‭ ‬ظهرت‭ ‬أخطر‭ ‬وسيلة‭ ‬للتلاعب‭ ‬بالحقيقة‭ ‬والأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬والتى‭ ‬أصبحت‭ ‬تسمى‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬عنوان‭ ‬حساب‭ ‬المشترك‭ ‬الغامض‭.‬

تنبهت‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬المالكة‭ ‬لوسائط‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬لهذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬الكارثية‭ ‬الجديدة‭ ‬وبدأت‭ ‬فى‭ ‬تعيين‭ ‬خبراء‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬مايتم‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬مواقعها‭ ‬وفى‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخبراء‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الاكتشاف‭ ‬والتفريق‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حقيقى‭ ‬ومزيف‭ ‬من‭ ‬فيديوهات‭ ‬ينشرها‭ ‬بعض‭ ‬مطورى‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬

‭ ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬عام‭ ‬حتى‭ ‬استفاقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬صدمة‭ ‬فيديو‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬وخلفه‭ ‬العلم‭ ‬الأمريكى‭ ‬وهو‭ ‬يوجه‭ ‬ألفاظًا‭ ‬نابية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬وقتها‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬وحقق‭ ‬الفيديو‭ ‬فى‭ ‬دقائق‭ ‬ملايين‭ ‬المشاهدات،‭ ‬ولكن‭ ‬أعلن‭ ‬الممثل‭ ‬والمخرج‭ ‬الأمريكى‭ ‬جوردان‭ ‬بيل‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬هذا‭ ‬الفيديو‭ ‬بواسطة‭ ‬برمجيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استخدام‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المسجلة‭ ‬للرئيس‭ ‬أوباما،‭ ‬واضطر‭ ‬جوردان‭ ‬بعدها‭ ‬أن‭ ‬ينشرفيديو‭ ‬آخر‭ ‬مصنعًا‭ ‬لأوباما‭ ‬يحذر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬تقنية‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬بعد‭ ‬الاضطراب‭ ‬الذى‭ ‬سببه‭ ‬فيديو‭ ‬الألفاظ‭ ‬النابية‭. ‬

تحركت‭ ‬مراكز‭ ‬بحثية‭ ‬أمريكية‭ ‬سريعًا‭ ‬لمعرفة‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الدعاية‭ ‬المزيفة‭ ‬على‭ ‬المتلقين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتشفوا‭ ‬حقيقة‭ ‬التزييف‭ ‬وكانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬ممن‭ ‬شاهدوا‭ ‬فيديو‭ ‬الألفاظ‭ ‬النابية‭ ‬لأوباما‭ ‬مقتنعين‭ ‬تماما‭ ‬أنه‭ ‬فيديو‭ ‬حقيقى‭ ‬وأن‭ ‬الفيديو‭ ‬الثانى‭ ‬الذى‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬تقنية‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬نشر‭ ‬فقط‭ ‬للمدارة‭ ‬على‭ ‬فيديو‭ ‬الألفاظ‭ ‬النابية‭.‬

هل‭ ‬توقفت‭ ‬صدمات‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬عند‭ ‬فيديو‭ ‬أوباما‭ ‬؟‭ ‬فى‭ ‬منتصف‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬كان‭ ‬موقعا‭ ‬تيك‭ ‬توك‭ ‬ويوتيوب‭ ‬ينشران‭ ‬فيديوهات‭ ‬للممثل‭ ‬الأمريكى‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬وهو‭ ‬يتكلم‭ ‬ويقوم‭ ‬بألعاب‭ ‬سحرية‭ ‬ويلعب‭ ‬الجولف‭ ‬ويسير‭  ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬المولات‭ ‬وحصدت‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬هى‭ ‬الأخرى‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المشاهدات‭ ‬فى‭ ‬دقائق‭ ‬وساعات‭ ‬قليلة‭ ‬وتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬هى‭ ‬الأخرى‭ ‬أستخدم‭ ‬فى‭ ‬صناعتها‭ ‬تقنية‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬وصممتها‭ ‬إحدى‭ ‬شركات‭ ‬المؤثرات‭ ‬البصرية،‭ ‬لكن‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬الفيدوهات‭ ‬أنها‭ ‬مختلقة‭ ‬تمامًا‭ ‬فلم‭ ‬يتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بمواد‭ ‬مسجلة‭ ‬وسابقة‭ ‬لتوم‭ ‬كروز‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬تصنيع‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ..‬فقط‭ ‬شخص‭ ‬يقوم‭ ‬بالأداء‭ ‬ويتولى‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعى‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬حقيقى‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬مايريد‭ ‬صنعه‭. ‬

فى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬حدث‭ ‬تطوران‭ ‬على‭ ‬تقنية‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬فهى‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مواد‭ ‬مسجلة‭ ‬للشخصية‭ ‬التى‭ ‬يراد‭ ‬تزييف‭ ‬واقعها،‭ ‬والأخطر‭ ‬أن‭ ‬البرامج‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تصنيع‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬أصبحت‭ ‬متوفرة‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬ويمكن‭ ‬لأى‭ ‬شخص‭ ‬يمتلك‭ ‬خبرات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬معقولة‭ ‬تصنيع‭ ‬مايريد‭ ‬من‭ ‬فيديوهات‭.‬

أثارت‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬والتقنية‭ ‬التى‭ ‬تقف‭ ‬خلفها‭ ‬الذعر‭ ‬فى‭ ‬أوساط‭ ‬السياسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬وفى‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لأنه‭ ‬يمكن‭ ‬بسهولة‭ ‬تصنيع‭ ‬فيديوهات‭ ‬تشوه‭ ‬صورتهم‭ ‬أمام‭ ‬مؤيديهم‭ ‬وبدأوا‭ ‬حملات‭ ‬ضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إصدار‭ ‬تشريعات‭ ‬قانونية‭ ‬تحجم‭ ‬هذه‭ ‬الدعاية‭ ‬الزائفة‭ ‬والخطيرة‭ . ‬

بدأت‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬السياسيين‭ ‬تستشعر‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬التى‭ ‬تعتبر‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬مافعلته‭ ‬من‭ ‬زيف‭ ‬فى‭ ‬مراحلها‭ ‬الأولى‭ ‬فتحرك‭ ‬البنتاجون‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بإنشاء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬تتيح‭ ‬لمستخدمى‭ ‬الشبكة‭ ‬المعلوماتية‭ ‬كشف‭ ‬حقيقة‭ ‬المواد‭ ‬الدعائية‭ ‬المزيفة‭.‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬تنظر‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بأن‭ ‬الغرض‭ ‬منها‭ ‬مجرد‭ ‬الإعلان‭ ‬والدعابة‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬وتطور‭ ‬خطير‭ ‬فى‭ ‬الحروب‭ ‬المعلوماتية‭ ‬فما‭ ‬تم‭ ‬تصنيعه‭ ‬من‭ ‬زيف‭ ‬كان‭ ‬بيد‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬والهواة‭ ‬ووصل‭ ‬لهذه‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬الإتقان‭ ‬فما‭ ‬بال‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬تصنيع‭ ‬الزيف‭ ‬دول‭ ‬وأجهزة‭ ‬مخابراتها‭ ‬أو‭ ‬تنظيمات‭ ‬إرهابية‭ ‬تمتلك‭ ‬قدرات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬متقدمة‭ ‬وتبدأ‭ ‬حملات‭ ‬دعاية‭ ‬مزيفة‭. ‬

منذ‭ ‬فيديو‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬المزيف‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬تكليفات‭ ‬إلى‭ ‬المراكز‭ ‬البحثية‭ ‬المتخصصة‭ ‬فى‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدراسة‭ ‬تأثيرات‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الكارثية‭ ‬وغير‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬نشطت‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الاتجاه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المتخصصة‭ ‬فى‭ ‬تطورالتكنولوجيا‭ ‬ومراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعلوم‭ ‬الهندسة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتفاعل‭ ‬الجماهير‭ ‬مع‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬الساحة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لنشر‭ ‬هذه‭ ‬الدعاية‭ ‬المزيفة‭. ‬

عندما‭ ‬تقرأ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬التى‭ ‬تتوالى‭ ‬فى‭ ‬الظهور‭ ‬بإطراد‭ ‬نكتشف‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬تغيرات‭ ‬مفزعة‭ ‬قادمة‭ ‬خاصة‭ ‬بهذه‭ ‬الدعاية‭ ‬المزيفة‭ ‬فالقدرة‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬الحقيقى‭ ‬من‭ ‬المزيف‭ ‬أصبحت‭ ‬ضعيفة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وسيأتى‭ ‬الوقت‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬ببعيد‭ ‬أن‭ ‬نفقد‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭ ‬والأخطر‭ ‬أن‭ ‬باستخدام‭ ‬أساليب‭ ‬الدعاية‭ ‬السوداء‭ ‬والحرب‭ ‬النفسية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬مستخدمى‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬والجمهور‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الحقيقة‭ ‬هى‭ ‬الزائفة‭ ‬والزائف‭ ‬هو‭ ‬الحقيقى‭. ‬

يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬فى‭ ‬صنع‭ ‬حملات‭ ‬ممنهجة‭ ‬تولد‭ ‬تأثيرات‭ ‬عميقة‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إلى‭ ‬الدينية‭ ‬والأخطر‭ ‬هو‭ ‬مايطلق‭ ‬عليه‭ ‬التأثير‭ ‬الذى‭ ‬لايزول‭ ‬من‭ ‬عقل‭ ‬المتلقى‭ ‬لأن‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬المتلقين‭ ‬الذين‭ ‬تعاملوا‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الدعاية‭ ‬المزيفة‭ ‬وبعد‭ ‬كشف‭ ‬زيفها‭ ‬لم‭ ‬يصدقوا‭ ‬أنها‭ ‬تخدعهم‭ ‬فهم‭ ‬تعاملوا‭ ‬معها‭ ‬كحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الشك‭.‬

إن‭ ‬تطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعى‭ ‬تشهد‭ ‬تطورًا‭ ‬متسارعًا‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصوره‭ ‬وهى‭ ‬العامل‭ ‬الرئيسى‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬التطبيقات‭ ‬ماهو‭ ‬معلن‭ ‬ونتابعه،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬تطبيقات‭ ‬لن‭ ‬نعرف‭ ‬مدى‭ ‬تطورها‭ ‬لأنها‭ ‬سرية‭ ‬وخاصة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وأجهزة‭ ‬مخابراتها‭ ‬التى‭ ‬تريد‭ ‬استخدامها‭ ‬فى‭ ‬حروبها‭ ‬المعلوماتية‭ ‬على‭ ‬وسائط‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬وشبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬ضد‭ ‬خصومها‭ ‬لخلق‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬الزائف‭ ‬الذى‭ ‬يخدم‭ ‬أغراضها‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬سيدفع‭ ‬الثمن‭ ‬هو‭ ‬المتلقى‭ ‬والحقيقة‭ ‬التى‭ ‬يبحث‭ ‬عنها‭. ‬

بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاستخدام‭ ‬الضخم‭ ‬لتقنية‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مجتمعات‭ ‬بكاملها‭ ‬فإن‭ ‬شيوع‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬العاديين‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬جماعات‭ ‬تتبنى‭ ‬أفكارًا‭ ‬معينة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفجر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التى‭ ‬يكون‭ ‬سببها‭ ‬معلومات‭ ‬مضللة‭ ‬و‭ ‬فيديوهات‭ ‬مزيفة‭ ‬متقنة‭ ‬الصنع‭ ‬تشوه‭ ‬الآخر‭ ‬مما‭ ‬تدفعه‭ ‬للانتقام،‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬جرائم‭ ‬الاحتيال‭ ‬والتزوير‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬يعتمد‭ ‬مرتكبوها‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬الزائفة‭.‬

أمام‭ ‬هذه‭ ‬التوقعات‭ ‬التى‭ ‬تشير‭ ‬لها‭ ‬أغلب‭ ‬الدراسات‭ ‬فى‭ ‬تأثير‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ ‬وقيمة‭ ‬المعلومة‭ ‬ففى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬بكافة‭ ‬وسائلها‭ ‬المكتوبة‭ ‬والمرئية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬هى‭ ‬الأفضل‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬موجة‭ ‬الدعاية‭ ‬الزائفة‭ ‬لأنها‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬التى‭ ‬تجعلها‭ ‬تتحقق‭ ‬من‭ ‬صدق‭ ‬ما‭ ‬ينشر‭ ‬وتصبح‭ ‬هى‭ ‬الحصن‭ ‬أمام‭ ‬المتلقى‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬معلومة‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬صادقة‭ ‬دون‭ ‬تزييف‭. ‬

وسط‭  ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬ضرب‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬ضربة‭ ‬أخرى‭ ‬فبدون‭ ‬مواد‭ ‬مسجلة‭ ‬كحالة‭ ‬فيديو‭ ‬أوباما‭ ‬أو‭ ‬شخص‭ ‬يتم‭ ‬استخدامه‭ ‬فى‭ ‬فيديو‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬ظهرت‭ ‬شخصيات‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬مصنعة‭ ‬بالكامل‭ ‬ووهمية‭ ‬تماما‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬لها‭ ‬أى‭ ‬أصل‭ ‬فى‭ ‬الواقع‭ ‬يتم‭ ‬استخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صانعيها‭ ‬لتضليل‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬و‭ ‬المتلقين‭ .. ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الهجمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬يبقى‭ ‬سؤال‭ ‬هل‭ ‬أصبحت‭ ‬الحقيقة‭ ‬فى‭ ‬خطر؟‭ ‬