اذا كانت واشنطن تدين عمليات اعتقال مشروعة فإن الدستور الأمريكي الذي يعتبر نصا مقدسا لدي صانع القرار الأمريكي يتم التحايل عليه والالتفاف حوله <
من المقرر أن تعقد الجمعية العامة للامم المتحدة خلال الاسبوع القادم مجموعة من الاجتماعات غير الرسمية مع المرشحين لتولي منصب سكرتير عام الامم المتحدة خلفا لبان كي مون الذي تنتهي ولايته في نهاية شهر ديسمبر القادم، ويلاحظ أن التنافس علي هذا المنصب الدولي يتم بصورة مختلفة تماماً عما جري في المرات السابقة، وذلك لأن اختيار سكرتير عام المنظمة الدولية كان يتم خلال جلسات مغلقة لمجلس الامن وبسيطرة الدول الخمس الدائمة العضوية والتي تمتلك حق الفيتو أو الاعتراض. وكان دور الجمعية العامة طوال السنوات الماضية هو مجرد التصديق علي قرار مجلس الأمن دون أي تدخل أي مجرد بصمجي.
أما هذا العام فأن الامر مختلف حيث سيتم الاختيار في إطار من التشاور والشفافية مما اضفي علي عملية الاختيار اهتماماً خاصاً في أوساط الدول الاعضاء والإعلام ومنظمات المجتمع المدني حيث ستجتمع الجمعية مع كل مرشحة أو مرشح علي أنفراد لتطرح عليه أو عليهما اسئلة للتعرف علي شخصية المرشح. وإذا كانت الدول الخمس الدائمة العضوية ستحتفظ بحقها في الاعتراض فإن هذا الاسلوب الجديد سيعطي الدول الاعضاء دوراً اكثر فاعلية ومضي في أختيار من يحظي برئاسة المنظمة الدولية. وليس هناك شك في أن توافق الدول ومساندتها لأي مرشح - وهو أمر غير وارد - قد يجعل مهمة مجلس الأمن في اختيار مرشح اخر مهمة صعبة.
وكان كل من رئيس الجمعية العامة ورئيس مجلس الأمن قد اضحا أن من يحظي بهذه الوظيفة يجب ان تتوافر فيه: القدرة علي القيادة والأمكانيات الادارية الي جانب الخبرة في مجال العلاقات الدولية والمهارات الدبلوماسية والتواصل مع اجادة عدة لغات.
وهنا لابد ان نذكر ان فرنسا كانت دائماً تصر علي ان يكون سكرتير عام الامم المتحدة متحدثاً باللغة الفرنسية. ويتميز المرشحون هذا العام بخبرة خاصة في مجال الادارة الدولية فهناك مثلاً: انطونهيو جوتريس الذي شغل منصب رئيس وكالة الأمم المتحدة لشئون اللاجئين علي مدي السنوات العشر الماضية.
وايضاً ايرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو ومن المعروف أنها تحظي بمساندة روسيا.
ومن المرشحين كذلك رئيس جمهورية سلوفانيا دانيلو ترك الذي عمل بالمنظمة الدولية كما كان مبعوثا لبلاده لدي الامم المتحدة قبل أن ينتخب لرئاسة بلاده.
ومن السيدات المرشحات هيلين كلارك رئيسة برنامج الامم المتحدة للتنمية. كما أن من المرشحين من يتميز باجادة عدة لغات ويأتي علي رأس القائمة سيرجان كريم وهو من مقدونيا حيث انه يجيد 9 لغات الي ان فرص توليه للمنصب ضئيلة.
وهناك توجه واضح في الاوساط الدولية نحو اختيار سيدة لتولي هذا المنصب لأول مرة بعد أن شغله ثمانية رجال من قبل. كما أن هناك توجه متفق عليه أن يكون من يشغل منصب السكرتير العام هذه المرة من مواطني دول أوروبا الشرقية أذ أنها المجموعة الاقليمية التي لم تتول المنصب من قبل. وهناك بالفعل ثمانية مرشحين من هذه المجموعة منهم 3 سيدات.
ويجدر بالاشارة أن هذا المنصب لا يحصل عليه أي من مواطني الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن. وإذا كان اختيار السكرتير العام يتم كما هو معروف بأنه تولي «الوظيفة الأكثر استحالة في العالم» وذلك لأن من يشغل الوظيفة لا يستطيع أن يرضي كافة دول العالم... وأما عن الدول الخمس الدائمة العضوية فأنها تريد أن يكون شاغل المنصب سكرتيراً أكثر من كونه جنرالا... وحتي الآن يبدو أن ايرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو تحظي بشعبية ملحوظة إلا أن توليها رئاسة المنظمة عندما تم قبول فلسطين كعضو بها مما أثار غضب مؤيدي إسرائيل من الساسة الأمريكيين قد يؤثر علي الموقف الأمريكي تجاه فوزها بالمنصب.
ومن المعروف أن السكرتير العام الجديد سيتولي منصبه في مرحلة صعبة نظراً لتعدد الازمات الدولية والازمات الإدارية داخل جهاز الأمم المتحدة. فهناك أزمة لاجئين وأزمة انسانية غير مسبوقة علي مستوي مناطق كثيرة من العالم إلي جانب ازمة ادارية نتيجة فضيحة التحرش الجنسي التي تنال من سمعة قوات حفظ السلام الدولية.
ازدواجية المعايير
ترفع الولايات المتحدة شعارات الديمقراطية وتبادر باعلان القلق وغالبا إدانة أي نظام يسعي لـ حماية أمنه الوطني بينما تعطي واشنطن لنفسها حق اتخاذ اي اجراء مهما كان بدعوي حماية الشعب الامريكي.. وابرز دليل علي ذلك هو اسلوب الحماية الوقائية الذي يمارس باستخدام طائرات الدرون التي تتجه بدون طيار لتقضي علي سكان مناطق عديدة كما حدث في سوريا واليمن والعراق وراح ضحيتها العديد من المدنيين الابرياء.
واذا كانت واشنطن تدين عمليات اعتقال مشروعة فإن الدستور الامريكي الذي يعتبر نصا مقدسا لدي صانع القرار الامريكي يتم التحايل عليه والالتفاف حوله من خلال تشريعات تصدر عن الكونجرس تعطي للرئيس الأمريكي الحق في القبض علي أي شخص واعتقاله دون توجيه أي اتهام أو تحديد مدة الاعتقال بدعوي حماية الأمن الوطني.
وازدواجية المعايير من الممارسات الامريكية المعروفة ومازلت اذكر موقف الولايات المتحدة في منظمة الامم المتحدة عند تشكيل المحكمة الجنائية الدولية التي تستهدف عقاب من ينتهكون حقوق الانسان في بلادهم.
وقد وقفت واشنطن لتعارض قانون عمل المحكمة ورفضت خضوع جيشها لأي عقاب.
والتاريخ يشهد علي أساليب القمع الجماعي الذي مارسته الولايات المتحدة بدعوي حماية الامن الوطني حيث تم اثناء الحرب العالمية الثانية إلقاء القبض علي جميع الامريكيين ذوي الاصول اليابانية وايداعهم في معتقلات جماعية بولاية كاليفورنيا.
وقد تجلت ازدواجية المعايير مؤخرا في اسلوب تعامل الولايات المتحدة مع تركيا حيث اكد الرئيس اوباما للرئيس التركي التزام بلاده بحماية الاراضي التركية دون حتي الاشارة إلي ما تمارسه انقرة من عمليات قمع تمس بوضوح حرية إبداءالرأي.
وازدواجية المعايير تنسحب ايضا علي موقف الاتحاد الاوروبي من تركيا حيث يقدم الاتحاد الاوروبي منحا وصلت إلي ما يقرب من ٦ مليارات دولار مقابل تحسين أوضاع اللاجئين السوريين في الوقت الذي تقوم فيه حكومة أردوغان بترحيلهم قسرا إلي سوريا وإلي مناطق تخضع لتهديد داعش.
الوضع في سوريا
كلما شاهدت الدمار الذي عم سوريا ومعاناة شعبها اشعر بأسي عميق ويعود بي شريط الذكريات إلي ثلاث زيارات قمت بها لهذا البلد الجميل.
اثنان منها برفقة سكرتيرعام الامم المتحدة السابق كوفي عنان وعلي متن طائرة خاصة في جولة بدول منطقة الشرق الاوسط.. وكانت الزيارة الثالثة ايضا علي متن طائرة بان كي مون سكرتير عام الامم المتحدة الحالي وذلك بعد حضور مؤتمر القمة الإسلامية الذي عقد في الرياض وكانت هذه الزيارة قد شهدت محاولات لم تنجح في التعامل مع خلافات سوريا ودول عربية.
الا ان افضل ما علق بذهني كان الزيارة الاولي التي قام بها كوفي عنان حيث انها كانت في اعقاب نجاحه في فض خلافات حول الأوضاع في العراق وأدي ذلك إلي تأجيل حلول كارثة غزو العراق لبضعة اشهر.. وفي اليوم الثاني للزيارة قام كوفي عنان وبصحبته الوفد الصحفي المرافق له بزيارة المسجد الاموي ثم اتجاه بعد ذلك الي سوق الحامدية الشهير وكانت المفاجأة حيث استقبل تجار السوق ورواده سكرتير عام الامم المتحدة بالترحيب والهتاف بحياته في صورة مظاهرة صاخبة حتي انني اقتربت من السكرتير العام وقلت له: هل انت صلاح الدين الجديد؟ وضحك لانه ادرك مدي تطلع هذا الشعب للسلام.. تري هل يمكن ان يعود السلام لسوريا؟.
مستقبل مشرق
سعدت للغاية بقراءة مقال علي شبكة الانترنت بقلم اللواء اركان حرب دكتور مهندس سمير فرج ذكر فيه إن الولايات المتحدة كشفت عن واحدة من أهم الوثائق حول شكل القوي العالمية في عام ٢٠٢٠ وأن الوثيقة قسمت العالم إلي مجموعات من الدول.
إلا انها شملت دراسات مستقلة ومنفصلة عن مصر وروسيا في التقديرات الأمريكية.
ويقول صاحب المقال إن الدراسة الأمريكية اكدت ان مصر بحلول عام ٢٠٢٠ ستصبح من اكبر الدول المنتجة للغاز الطبيعي في المنطقة من حقولها الجديدة بالبحر الابيض وشرق الدلتا.
وهذا الانتاج من الغاز الطبيعي سيحقق لمصر اكتفاء ذاتيا من الوقود في مجالات الصناعة والاستهلاك المنزلي إلي جانب فائض كبير للتصدير.
وذكر اللواء سمير فرج وفقا للدراسة الامريكية ان هذا الانتاج الوفير سيمكن مصر من انشاء خط لتصدير الغاز الي اوروبا عبر قبرص واليونان وهو ما اكدته زيارةالرئيس السيسي مؤخرا للدولتين لتوثيق اتفاقيات الحدود البحرية وبدء فعاليات التعاون بين الدولتين.
وسيؤدي ذلك إلي مضاعفة الدخل القومي المصري لتصبح مصر واحدة من اكبر القوي الاقتصادية طبقا للخطط الاستثمارية الطموح للاستفادة من الطاقة البشرية.
واشارت الدراسة الي ان مصر منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد وزارة الدفاع المصرية وتطوير وتحديث القوات العسكرية ليكتمل ذلك بحلول عام ٢٠٢٠ وهو ما يعد بداية لخروج مصر من العباءة العسكرية الأمريكية.
واكدت الدراسة أن مصر مع تزايد قوتها السياسية في المنطقة ستصبح من اكثر الدول نفوذا في المنطقة مما سيغير موازيين القوي في الشرق الأوسط.
واعتقد شخصيا ان تصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري اثناء زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري لواشنطن مؤخرا بشأن تأكيد التزام واشنطن بمساندة مصر لضمان استقرارها لابد ان يكون بوحي واستناد لهذه الدراسة.
بلدي مصر أجمل بلاد العالم
قضيت بضعة أيام في القاهرة مؤخرا استمتعت خلالها بكل ما في بلدي من احداث حتي المثير منها.. ومهما حدث فإن حنيني لأرضنا وشعبها يزداد مع الوقت وعند المغادرة أشعر دائما بإحساس غريب وهو أنني مثل النبات الذي ينتزع من الأرض.. وربما كان هذا التشبيه غريبا.. فهل يشعر النبات بالألم عندما ينتزع من الارض.
ولا يشعر بعظمة مصر إلا من يراها من خلال المنظور الذي تراه الشعوب لدولة لها عراقة وتاريخ مصر..
ويتضح ذلك عندما نذكر في الخارج إننا من مصر ويأتي رد الفعل التلقائي: اتمني زيارة مصر.. أو يندفع محدثك ليصف لك رحلة قام بها لمصر.
واثناء تنقلاتي في الولايات المتحدة رأيت ان هناك دعاية مجانية لقطن مصر حيث تحرص الفنادق الفاخرة خمسة نجوم فما فوق إلي أن تضع في اعلاناتها ان الأسرة بها مفروشة ببياضات مصنوعة في مصر ومن قطن مصر.
وقد اثار انتباهي بل ودهشتي ماردده البعض عن الحاجة الي «بديل» فأي بديل يتحدثون عنه حيث أن هذه الكلمة تعكس مشاعر النكران للجميل سواء لجيش وقف ويقف دائما لحماية بلادنا وهو يبذل العرق والدم بل والحياة لتأمين مصر وقهر أي محاولات للنيل من استقرارها.. وقد يمس الحديث عن البديل شرطة بلادنا التي تقف في مواجهة أحداث العنف والتطرف.. ولابد هنا أن نقول إننا نعيش حاليا عصرا من التحديات والانضباط هو اهم سلاح لمواجهة هذه التحديات.
وأود ان أذكر هنا أن ضابط الشرطة في الولايات المتحدة كان منذ سنوات هو المثل الاعلي حيث كان يأتي في مقدمة الوظائف التي يتمناها أي طالب ودون أي مبالغة كان له أولوية علي وظيفة الرئيس الأمريكي.
وقد اختلفت النظرة نسبيا مؤخرا ولكن احترام الشعب للشرطة مهما كانت الظروف وملابسات الأحداث مازالت كما هي.. والقانون في البلد الذي يرفع لافتة حقوق الانسان يعطي لضباط الشرطة سلطة إلزام المواطنين باحترام القانون.. فعند حدوث أي مخالفة حتي لو كانت مخالفة مرور لا يستطيع من يرتكب المخالفة أن يغادر سيارته أو يجادل مع ضابط المرور بل إن الجدل والتفسير يتم أمام المحكمة.
ومرة أخري أعود إلي تعبير «البديل» هل المقصود به الحكومة أو الادارة وهنا لابد ان ندرك ان ذلك يعني اننا لانريد الاستقرار لاننا لانريد ان نعطي فرصة حتي قانونية لجهد جبار ورائع للنهوض بمصر وذلك بدلا من أن نوجه الشكر ونشعر بالعرفان تجاه قيادة تتفاني في خدمة الشعب وهنا اعتقد ان البديل لابد ان يكون في سلوك عناصر تحاول الاثارة والبديل لابد ان يكون إذكاء مشاعر الانتماء للوطن.