الرئيس الألماني المستقيل كريستيان فولف لم يحاول أخونة الجيش الألماني وتسليم قياداته لجماعات من أنصاره.. من أجل البقاء في السلطة إلي الأبد بعد إضعاف هيبة الدولة منذ أيام صدرت مذكرات الرئيس الألماني كريستيان فولف تحت عنوان  »تحت خالص.. وفوق خالص»‬.. وهي مذكرات تهمنا في مصر لأنها تشير لموقعنا فوق خريطة الأخلاق في تاريخ البشرية وتدعونا للتأمل. لقد قدم الرئيس كريستيان فولف استقالته في ١٧ فبراير سنة ٢٠١٢ وأصر عليها، طالبا رفع الحصانة عنه ليتيح الفرصة للنائب العام كي يبدأ التحقيق معه في الاتهامات التي وجهتها له إحدي الصحف وقالت فيها إنه تربطه علاقة صداقة بعدد من رجال الأعمال وأنه يزورهم في المنتجعات التي يمتلكونها، وأنه سافر في إحدي المرات علي متن طائرة فوق مقعد بالدرجة الأولي، بينما كانت التذكرة التي يحملها بالدرجة السياحية.. الخ.وأصر الرجل علي الاستقالة والخضوع للتحقيقات وسط معارضة قطاعات كبيرة من الشعب الألماني وفي مقدمتهم المستشارة أنجيلا ميركل التي كانت تجهش بالبكاء.. وهي ترجوه بجملة: بلاش تفارق! وفي اليوم التالي للاستقالة، أي في ١٨ فبراير ٢٠١٢ خضع الرئيس الألماني للتحقيقات بمبني النيابة العامة، وفي ٢٧ فبراير أصدر النائب العام حكمه ببراءة الرئيس المستقيل وصديقه جرونفولد، رجل الأعمال الشهير. المهم أن الرجل صمم علي الاستقالة واستقال بالفعل وتناول في مذكراته عددا من القضايا التي تشغلنا في مصر، ومن بينها علي سبيل المثال.. لماذا أصدر مذكراته؟. يقول كريستيان فولف: لقد أصدرت هذا الكتاب ليس من أجل الدفاع عن نفسي في قضية قال القضاء رأيه فيها، ولكن لكي تكون قضيتي درسا يساعدنا في مجالات السياسة وحرية الصحافة والقضاء.. ففي مجال السياسة يجب أن ندرك أن رئيس الجمهورية في حاجة لمساندة ودعم القوي السياسية، لأن هذه القوي السياسية هي التي تؤثر في الرأي العام وتشكله، كما يتعين علي رئيس الجمهورية أن يعلم إنه لا يستطيع الاحتماء وراء نصوص قانونية تتعلق بالحصانة، وتحول بينه وبين تقديمه للمحاكمة، وإنه يجب أن يكون رئيس الجمهورية محل ثقة الأجيال الجديدة. *** أهم ما في هذا الكتاب أنه يثير لدي القارئ المتابع للشأن المصري المقارنة بين ما يجري في الدول المدنية الراقية، وبين ما يجري علي أيدي جماعات الإرهاب السياسي التي تسعي للوصول لمواقع السلطة من أجل ارتكاب كل ألوان الموبقات والالتصاق بالسلطة.. تحت هلوسة الدفاع عن الشرعية وإطلاق اللحي الكثيفة التي تتخللها الحشرات، وارتداء الجلاليب البيضاء التي تضيق عند المؤخرة والتي يرتديها الواحد منهم وهو يتمايل ويتثني! والذين يدافعون عن الشرعية في مصر هم الذين وضعوا سيارات رئاسة الجمهورية في خدمة قيادات تنظيم القاعدة عند تنقلاتهم في سيناء. والذين يدافعون عن الشرعية في مصر.. هم الذين تنازلوا عن المناطق الحدودية للبلاد، لإقامة إمارات علي نحو نظم الحكم التي كانت سائدة في عصور ما قبل اختراع أكواب الشراب. وتبدو المفارقات المذهلة عندما نلاحظ أن: لم توجه الصحافة الألمانية للرئيس فولف تهمة اعتبار كتائب القسام هي الدرع الواقي لجماعته. ولم توجه الصحافة الألمانية للرئيس فولف تهمة الخيانة العظمي والتجسس.. الخ، ومع ذلك فقد قدم الرئيس الألماني استقالته ورفع الحصانة عنه للتحقيق معه في تهمة صداقته لرجال أعمال يمضي معهم إجازاته، لسبب بسيط هو أن الرئاسة أخلاق، وتربية منزلية وأصول عائلية، وقدوة للشباب في الوطنية والأخلاق. الرئاسة.. أخلاق!