عبروا عن الاحتفال بلوحات «إعجاب المجوس»

«ميلاد المسيح».. بريشة كبار الفنانين حول العالم

إعجاب المجوس برؤية السيد المسيح  ( ليوناردو دافنشى ـ 1480)
إعجاب المجوس برؤية السيد المسيح ( ليوناردو دافنشى ـ 1480)

فاطمة على

تحتفل مصر بمولد السيد المسيح، الجمعة المقبل، حيث تُضيء الكنائس المصرية احتفالاً باستقبال إخواننا الأقباط لعيد الميلاد، وهذا الاحتفال عبّر عنه آلاف الفنانين حول العالم خاصة فى لوحات حملت عنوان «إعجاب المجوس» وهى اللوحات الأشهر. وتمثل حادثة زيارة المجوس يوم علموا بميلاد السيد المسيح فى «بيت لحم».
 

توجد لوحتان مهمتان إحداهما لأحد كبار فنانى النهضة ليوناردو دافنشى بعنوان «إعجاب المجوس» رسمها عام 1480، ورغم عدم اكتمالها إلا أنها تُعد من أجمل اللوحات لما لها من سحر خاص وروعتها ومكانتها المتميزة الشهيرة كلوحة رسمت بالحبر ولم تكتمل فى تاريخ الفن، كما أنها تكشف عبقرية ليوناردو وصفاء روحه.. وكان ليوناردو قد بدأ التحضير الأول للوحة باللون الواحد ومازالت هكذا حتى اليوم بتخطيطاته الواضحة التى تكشف أسلوبه فى إعداد لوحاته بما يغلفها بسحر تقنى خاص.


وتبدو بوضوح مهارة تكوين اللوحة وتوزيع الشخوص فى حركة فى مجملها على شكل دائرة تدور حول السيدة العذراء والسيد المسيح الطفل، ونجد حركة ضمنية كامنة فى إيماءات وجوه «المجوس» بتعبيراتهم المختلفة بين الانبهار والمفاجأة والدهشة، وهذه الإيماءات تلقى بصدى عالٍ يتردد فى اندفاع الشخوص على درجات السلالم فى الخلفية.. وأيضاً فى المصادمات بين الخيول إلى أعلى الجانب الأوسط.. وحيوية هذه الخلفية تأتى كصدى للعلاقات المتشابكة فى حيز مكانى واحد ارتباطاً بالفكرة الرئيسية وهى السيدة العذراء والطفل فى مركز اللوحة الذى فيه استطاع ليوناردو وسط التشابك البشرى بالعلاقات والإيماءات أن يرسم الأشخاص الواقفين فى غموض إلى جانبى اللوحة عند حافتها السفلى الذى يؤكده تضاد تعبيرات الوجوه.


أما مركز اللوحة فيسوده هدوء له مغزى نفسى بين الأم والطفل، وأقوى رابطة فى تكوين اللوحة هى ذراع السيد المسيح اليسرى ممدودة إلى الخارج فى حين كل الإيماءات والحركات متجهة إلى المركز ومنه تنتشر فى اللوحة كلها حالة من العاطفة الرمزية.


واللوحة الثانية الرائعة تمثل «إعجاب المجوس» أو الملوك الثلاثة برؤية السيد المسيح طفلاً وقد رسمها عام 1504 الفنان الألمانى ألبرخت دورر بتكليف لمذبح سكلوسكيرش فى كنيسة القلعة بفيتنبرج، وظلت هناك حتى 1604 ثم انتقلت إلى فيينا، ثم فى جاليرى أوفيزى بفلورنسا.. ولوحة المجوس ظلت لها شعبية لعدة قرون وصُورت فى آلاف اللوحات الفنية.
اللوحة تتميز بالمنظور إلى أقصى عمق اللوحـــة، كمــا تتمـــيز بالنســـب فـــى انسجام بين الأحجـــام للســــيد المســـيح والمجــــوس وبقايا المعمـار.. وأسـلوب الفنان فى المشهد والشخوص يعطينا مكانا لنكون منه شاهدين على هــذا الحـــدث المقـــدس.. وبين الآثـــار والأقواس نستشعر الهواء هشاً ساكناً.


نلاحظ فى الخلفية بمدينة بيت لحم الأنقاض الخربة تصل إلى السماء.. ربما إلى جانب واقعية الأنقاض فإنه يرمز أيضاً لا إلى اضمحلال المعمار فقط بل إلى اضمحلال النفوس الخربة أيضاً التى تتصل بما فى الخلفية من حشد من نبوءة بصرية تحققت بحشد هيرودس اليهودى لجنوده لقتل الطفل الرضيع الذى وصلت نبوءته إليه فقتل بالفعل 144 ألف طفل من الذكور فى بيت لحم.. رغم الحشد فى الخلفية نجد حشدا من الفرح والسلام فى المقدمة من ملوك المجوس الثلاثة من الشرق بملابسهم الفخمة العجوز الراكع على الأرض إعجاباً بالطفل الرضيع والملتحى الواقف فى استقامة والملك الشاب الأسمر أمام السيد المسيح الطفل.. أحضروا له الهدايا بينما هو نفسه الهدية الكبرى.


وقد رسم المشهد آلاف الفنانين عبر مئات السنين يصعب ذكرهم، ونذكر بعض لوحات «إعجاب المجوس» الهامة مثل لوحات الفنانين: الإسبانى إستبان موريلليو، والبلجيكى فان دير ويدين، والهولندى بيتر روبنز.