أحد علماء الأزهر الشريف: ترسيخ «النزاهة» رسالة اطمئنان للمواطن

د.عبدالغني عبدالعزيز عودة
د.عبدالغني عبدالعزيز عودة

أكد د.عبدالغنى عبدالعزيزعودة من علماء الأزهر الشريف، على أهمية تصويب وإحياء مفاهيم بعض القيم والسلوكيات في ضوء ما شرعه الإسلام والمفهوم النبوى القائم على قاعدتى الجميع أمام القانون سواسية والاقتداء بالأسوة الحسنة.

 

وتابع: "نحن على أعتاب عام ميلادى جديد ما أحوجنا إلى الوعى بأهمية تصويب وإحياء مفاهيم بعض القيم والسلوكيات فى حياتنا إن تحقق لها الانضباط والترسيخ سلم المجتمع وساده الأمن والأمان والاستقرار، وعلى رأسها قيمتان لا تنفصلان النزاهة والرقابة على الذات وهما من متممات صفات العبد فى كل الأعمار لمحاربة الفساد فى شتى المجالات فيتربى على تذوق المسئولية والالتزام بالأمانة وعدم الخوف من المستقبل وخاصة بين الأجيال الشابة التى يستشعر بعضها القلق من القادم".

 

يقول د.عبدالغنى عبدالعزيز عودة: النزاهة سلوك أخلاقى رفيع لا تستقيم الحياة إلا به، ومن معانيه الشائعة الزهد فى المال العام وحمايته والحفاظ عليه لكن النزاهة لا تقف عند هذا المعنى وتحوى نوافذ عدة فى حياتنا ومنها النزاهة عن النظر إلى المحرمات ومسك اللسان عن الزلات والتسمع إلى الكلمات ونهى الهوى عن إتباع الشهوات ومد الأيدى للناس دون حاجة والتذلل لغير الله سبحانه وغيرها كثير، وما أحوجنا إلى تصحيح وترسيخ مثل هذه المفاهيم ونحن مقبلون على عام ميلادى جديد نخطط فيه بوعى لحياة كريمة أفضل تنعدم فيها الجرائم وصور الفساد مما يغنى الدولة عن ملاحقة الفاسدين برقابة الجهات الرسمية والردع بالقانون، فالنزاهة قيمة دينية ترتبط بالأمانة التى أبت السموات والأرض والجبال حملها لثقلها، وهى ثقافة يهتم بها الغرب من منطلقات اقتصادية واجتماعية ونحن المسلمون معنيون بها من منطلق دينى قوامه الشفافية ومحاربة كل سوء وطهارة اليد وتطهير الأخلاق بجانب المنطلقات الأخرى.

 

ويتابع: تكريس ثقافة النزاهة ونشرها على أوسع نطاق من أهداف الدولة ولذلك من الضرورى طرحها عبر وسائل الإعلام والصحافة الإلكترونية والمؤسسات التعليمية لتصبح ثقافة مجتمع تصطحب الطلاب بعد التخرج لتعزز مؤهلاتهم وتضيف بعداً مهماً للمخرجات التعليمية التى تتجه إلى سوق العمل بواحدة من أهم القيم الإنسانية.

إقرأ أيضاً | ورشة عمل لتوعية النشأ بالسلوكيات الصحيحة في التعامل مع المياه بسوهاج

ويضيف: أفضل ما يعين المسلم على التخلق بالجانب السلوكى والأخلاقى للنزاهة تعليم النشء منذ الصغر الفرائض والقيم الإسلامية قال الرسول صلى الله عليه وسلم :(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع) لأن فى تركها دوافع عديدة لارتكاب المعاصى، والتربية على اليقين وحسن الظن بالله قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( يا غلام إنى أعلمك كلمات:احفظ الله يحفظك،احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)، والخوف من الله وحده لا شريك له فمعظم الانتكاسات تحدث لأن الإنسان يبدو أمام الناس قديساً وفى الخلوات هو إبليس.

ويستكمل: من أسس ترسيخ النزاهة قيمة القناعة الدافعة إلى تحمل المسئولية الدينية والأخلاقية والوطنية للأفعال والتصرفات على المستوى الشخصى أو الوظيفى أو المجتمعى ، والرضا بالقليل فلا ينظر الإنسان إلى من هو فوقه فى وظيفة أو ممتلكات أو غنى بل ينظر إلى من هو دونه.
ويوضح أنه من ثمار سيادة النزاهة فى المجتمع رواج الثقة بين الناس والتسامح فى الخلافات وتراجع الطمع والجشع والرشوة والسرقة والكذب والقطيعة وغيرها من المفاسد المؤدية إلى

ارتكاب الجرائم والعنف المجتمعى، ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لمنع غياب النزاهة عن العمل والمعاملات قوله صلى الله عليه وسلم:( يا فاطمة بنت محمد اعملى فإنى لا أغنى عنك من الله شيئا) وذلك تطبيقا لمنهجه الشريف أن الجميع أمام القانون سواسية، ولن يكون لمنهج القرآن الكريم ولا للموعظة النبوية الشريفة أثر حقيقى إلا بوجود نماذج بشرية قدوة تبرهن على مصداقية منهجه الشريف وقابلية تطبيقه فى الحياة.