عاجل

قادرون باختلاف .. ذوي الهمم.. أوان الورد

ذوي الهمم.. أوان الورد
ذوي الهمم.. أوان الورد

كتبت: ريزان العرباوى

يتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسي مجموعة من القرارات ويصدر التوجيهات التي تعكس حالة من الدعم الحقيقي والفعال لكل من ينتمي إلى فئة أصحاب الهمم, إيمانا منه بالدور الذي يقوم به أبناء مصر وضرورة دمجهم مع المجتمع, قرارات فى جوهر الحياة الإنسانية تؤكد أن اختلافهم هو سر تميزهم, لأنهم حقا قادرون على الإبهار, فطموحهم اللامحدود هو الوقود الذي يساعدهم على الوصول إلى طريق النجاح, ذلك الطريق الذى لايحمل سوى اشارات تفهم قوة الاختلاف واحترامها مهما كان نوعها ومهما كانت طبيعتها, مجموعة من التوصيات أصدرها الرئيس خلال المؤتمر الثالث لذوى الهمم تحت شعار قادرون باختلاف وكان من ضمنها دعوة قطاعات الإنتاج الفنى والثقافى لإنتاج أعمال درامية تستهدف إبراز قدراتهم وإبداعاتهم, لمنح الحياة لأحلامهم, وتبقى خطوة التنفيد أمام صناع الفن لترجمة حياة ومشوار أبطال الهمم دراميا.

فى الحياة مجموعة من التجارب الملهمة لأشخاص تجاوزوا اختلافهم ونجحوا في حياتهم المهنية والشخصية على الرغم من مشاكلهم الصحية, تجارب لشخصيات استطاعت أن تفهم قوة الاختلاف, وأن تبرهن للعالم أن أصحاب الهمم قادرون دائما على التميز والإبداع, وأن العجز والقوة ليسا بالجسد, وإنما بالروح والإرادة, هم شريحة كبيرة من المجتمع المصرى, يوجد بينهم العديد من النماذج المتميزة علميا ورياضيا وفى مختلف المجالات, ومن أبرز الشخصيات المتميزة فى مجالها حقق بصمة إعلامية من خلال أثير إذاعة القرآن الكريم, صاحب نبرة الصوت المميزة الإعلامى رضا عبد السلام والذى يعتبر أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم من ذوي الهمم.

وأثبت أبطال مصر البارالمبيين أن الإرادة القوية والعزيمة الصلبة قادرة على قهر الصعاب لتحقيق الإنجاز وبلوغ الأهداف المنشودة, وهو ما لمسناه خلال دورة الألعاب البارالمبية فى طوكيو 2020 بعد فوز محمود محمد صبري, وفاطمة عمر بفضية رفع الأثقال, وهاني محسن لاعب رفع الأثقال الفائز بالبرونزية.

 ويعتبر محمد كرم أول غطاس مصري من متلازمة داون على مستوى العالم وحصوله على شهادة غطس عالمية بعد أن أصبح مؤهلا للغوص على عمق 12 مترا تحت سطح الماء, كما فاز ببطولة الجمهورية للسلة لذوي الاحتياجات الخاصة, ثم بطولة الجمهورية للجمباز, وتم تكريمه من رئيس الجمهورية عام 2018.

إبراهيم الخولى, هو بطل العالم في التنس, تفوق في دراسته وتم تعيينه مساعد باحث بالجامعة الكندية ليصبح أول معيد جامعي من أصحاب متلازمة داون في مصر, نال الخولي تكريما من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في احتفالية “قادرون باختلاف”, بعد أن حقق المركز الثالث فردي, ومركز أول زوجي في بطولة العالم 2019 للتنس.

ومن نجوم الشاشة رحمة خالد تخرجت من معهد “السياحة والفنادق” واستطاعت أن تكسر الشكل المألوف للإعلاميين لتصبح أول مذيعة من أصحاب متلازمة داون.

وقفت على مسرح دار الأوبرا, وحصدت الجائزة الأولى فى مسابقة الصوت الذهبى, تجاوزت أصعب فترات حياتها عندما حاول تحطيم حلمها أحد منتجى وصانعى النجوم بحجة أن الشكل أهم من الصوت, لكنها استطاعت أن تثبت له وللجميع أن الإنسان ليس بشكله, بل بطموحه وموهبته, هى أميرة سعيد من قصار القامة التى عزفت قصة نجاح منفردة فى دنيا الفن والغناء.

تلك لمحات بسيطة لأبطال التحدى, فحياتهم الثرية تكفى لسرد آلاف الحواديت الدرامية, ويبقى على أهل الفن التنفيذ, فكيف ستعبر عنهم الدراما لتصل أصواتهم وبطولاتهم للعالم, وتغير نظرة المجتمع لهم لتحقيق الإنصهار المجتمعى المطلوب بعيدا عن القوالب الدرامية النمطية؟.

سؤال أجاب عليه الكاتب والسيناريست  مجدى صابر, قائلا: “قرارات الرئيس السيسي بشأن أصحاب الهمم  واهتمامه بهذا الملف في منتهى الأهمية, ستحدث طفرة حقيقية لوضعهم فى المجتمع وعلى صعيد نشر الوعي بحقوقهم, لأن لديهم من التحدي والطاقة ما يكفي لإنجاز المهام الموكلة إليهم, خاصة أولئك الذين يتمتعون بالموهبة المطلوبة, وعلينا جميعا كصناع للفن استغلال تلك التوصيات من قيادة الدولة للاهتمام بهذه الفئة التى تعتبر جزءا لا يتجزأ من الكيان المجتمعى.

وأشار إلى سبقه فى تقديم أعمال درامية عن أبطال التحدى قائلا: “تعهدت منذ دخولى عالم الدراما ان أسلط الضوء على النماذج المهدور حقها فى المجتمع وكنت من أوائل من كتب عنهم وجاء ذلك من خلال الشخصية التى جسدها أحمد رزق فى مسلسل “الرجل الآخر” للراحل نور الشريف, وكذلك مسلسل “للعدالة وجوه كثيرة” الذى قدم نموذج مجهول النسب وبعد عرضه قررت الدولة منح إعانات لتلك الحالات, وأيضا مسلسل “عائلة الحاج نعمان” وقدم من خلاله تيم الحسن شخصية مريض الفصام.

ويتابع: “تلك الأعمال ناتجة عن اهتمام شخصى وإيمانى بقضية مهمة وهى ضرورة دمج هؤلاء الأطفال فى المجتمع وضرورة حصولهم على حقوقهم فى التعليم  لتنمية مواهبهم سواء فى الرياضة أو الفنون وشتى المجالات, ووقت عرض تلك الأعمال كنا نعانى من جهل فى التعامل مع تلك الحالات الخاصة, ووجدت أن الأسر التى يولد فيها طفل معاق يخجلون من الإعلان عنهم, لذلك تحملت كشف القضية على عاتقى, وبالفعل حققت تلك الأعمال مردود إيجابى وبدأ اهتمام الدولة بهم بتشكيل جمعيات لرعايتهم ومؤسسات تعليمية خاصة بهم, وهو ما يؤكد أهمية دور الفن فى هذه القضية, فكثير من القطاعات الاجتماعية تجهل طبيعة هؤلاء الأطفال وكيفية التعامل معهم ودمجهم فى المجتمع والاستفادة منهم بتحويلهم إلى أشخاص منتجين ومتميزين.

ويضيف: “من منطلق إيمانى واهتمامى بتلك القضية انتهيت مؤخرا من كتابة عمل درامى يتناول قصة حياة طفل من ذوى الهمم, يسرد حكايته من ميلاده وحتى حصوله على بطولة دولية فى السباحة ومروره بمراحل كثيرة إلى أن يتم تكريمه من قبل الرئيس فى النهاية بعد حصوله على جوائز دولية, وهى قصة تنطبق على نماذج كثيرة من أبطال الهمم, وبالمناسبة رأيت بعض العروض الفنية أبطالها من ذوى الهمم أنفسهم انبهرت بأدائهم وطريقة تعاملهم مع الكاميرا باحترافية شديدة”.

أكد الكاتب والسيناريست عمرو سمير عاطف، أهمية دور الدراما في معالجة قضايا المجتمع لما تتميز به من عناصر التشويق والإثارة، والتي تستطيع من خلالهما التأثير على جمهور المشاهدين وتشكيل اتجاهاتهم، وفقا لما يتماشى مع ما يتم طرحه, وهذا ما يملي على المواد الدرامية التي تبث من خلال التليفزيون مسئوليتها الاجتماعية للتصدى لأوجه التناول النمطية لقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة, ويقول: “تعتبر الدراما أداة لتشكيل الاتجاهات نحو القضايا المختلفة، لما لها من تأثير على غرس المدركات والاتجاهات وما لها من تأثيرات إيجابية أو سلبية على إمكانية دمجهم في المجتمع, وطالما جاء الاهتمام والتوصية من القيادات العليا فنحن نسير على الدرب الصحيح، وستشهد الفترة القادمة إقبالا من صناع الفن لطرح قضايا ذوى الهمم سواء من خلال مناقشة المشاكل الاجتماعية التى يتعرضون لها، وخاصة التنمر للحد منه, أو من خلال أعمال تحكى عن بطولات القادرين باختلاف بهدف إعادة الاعتبار للإنسان ذو الاحتياج الخاص, وإصلاح ما أفسده دهر من الأعمال الدرامية من خلال التركيز على كيفية التعامل مع هذه الشريحة, على أن تكون هذه القضية ودواخل ذلك الإنسان المحاور الرئيسية للعمل.

ويضيف: “بالرغم من أن رحلة كفاح أى بطل من أبطال الهمم من الممكن أن تمثل عملا داراميا قادرا على جذب المشاهدين، وأبرز مثال على ذلك مسلسل “الأيام” لطه حسين, إلا أنه مع الأسف كان هناك افتقار ملموس سواء فى السينما أو التلفزيون فلم يتم تقديم، إلا قليل من كثير من النابغين والمتفوقين منهم, ويرجع السبب فى ذلك إلى أن الإنتاج الدرامي أصبح خاضعا لعنصر التسويق الذي يفرض على الصناع تقديم موضوعات تقليدية لا علاقة لها بمعاناة ذوي الاحتياجات الخاصة, فلابد من تغيير الصورة النمطية لهم وإبراز الجماليات المغيبة وراء الإعاقة التي لا تعوقهم عن استكمال مسيرتهم في الحياة, ومن مبدأ أنه كلما زادت المشاهد والتغطيات التلفزيونية الحقيقية عنهم أسهم ذلك في عملية تغيير نظرة المجتمع لهم, مع ضرورة تحرى الصدق فى التناول، وترجمة قصص حقيقة لهؤلاء الأبطال”.