أحمد جمال
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصى الشافعى، وقد وُلد الإمام الشافعى فى غزة، ومات أبوه فى طفولته فعاش يتيماً، وانتقل إلى مكة وهوابن عامين، فتعلّم الرماية منذ طفولته حتى أنه فاق أقرانه، وقد تعلّم الشافعى اللغة العربية والشرع وبرع فيهما وتقدم، ثم درس الفقه وأحبّه، إلى أن ساد أهل زمانه فيه.
رحلة الإمام فى طلب العلم
ارتحل الإمام الشافعى إلى المدينة المنورة وهو فى العشرين من عمره، وقد كان فى ذلك الحين مُفتياً مُؤهلاً للإمامة، وكان قد حفظ موطأ الإمام مالك، وضبط قواعد السنة، وفهم مقاصدها وعلم الناسخ والمنسوخ منها، وقد ضبط قواعد القياس والموازين، وتلقّى العلم على يد شيوخ كثر متفرقين فى بلاد مختلفة، وقد أخذ عنهم فى أثناء ترحاله. ومن شيوخه: سفيان بن عيينة، مسلم بن خالد الزنجى، سعيد بن سالم القداح، مالك بن أنس، داود بن عبدالرحمن العطار، إبراهيم بن سعد الأنصارى وغيرهم الكثير.
واستمر فى الترحال وطلب العلم، فذهب إلى اليمن وبغداد مرتين وأسّس مذهبه، وقد ارتحل إلى مصر وبقى فيها عدة سنوات ثم توفيّ فيها وقد صنّف الكثير من التصانيف، ودوّن الكثير من العلم، وكتب مصنفات فى أصول الفقه وفروعه، وقد ذاع صيته فى ذلك الوقت وكثر عدد الطلبة عنده، فكلهم أرادوا أن يتعلموا من بحر العلم الذى كان عنده ومن تلاميذه أبوبكر الحميدى، وأبوإسحاق إبراهيم بن محمد العباسى، وأبوبكر محمد بن إدريس، وأبوالوليد موسى بن أبى الجارود، والحسن الصباح الزعفراني.
أخلاقه وصفاته
الإمام الشافعى كان يتصف بمكارم الأخلاق وحسن المعاملة، وشهد له كثيرون فى ذلك، فقد كان صاحب علم وخلق، ويتصف بالذكاء الشديد وقد قيل عنه: «لو وُزن عقل الشافعى بنصف عقل أهل الأرض لرجحهم»، وقال المأمون عن الشافعى: «امتحنته فى كل شيء فوجدته كاملاً»، وقد كان صافى العقل والذهن وسريع الفهم.ومن أفقه الناس فى كتاب الله والسنة النبوية، وقد قال أحمد بن حنبل عنه: «كان الفقه قفلا على أهله، حتى فتحه الله بالشافعي»، وقد كان الشافعى فيلسوفاً فى اللغة، واختلاف الناس، والمعانى والفقه.وكان يتصف بالورع فقد كان يختم القرآن فى رمضان ستين مرة فى الصلاة والتواضع خضوعه للحق وبذل النصح للعالم والسخاء وحسن الخلق الفراسة والفطنة.
منجزاته
أسس الإمام الشافعى مذهباً خاصاً به يدعى المذهب الشافعى، فبعد أن أقام فى بغداد مدة طويلة أراد أن يخرج للناس مذهباً يجمع فقه أهل العراق مع أهل المدينة، وقد دوّن مذهبه فى ثلاثة بلدان على ثلاث مراحل حسب مكان تواجده، وفى كل منها تلاميذه الذين تلقّوا العلم على يديه، وهذه البلدان على الترتيب هى: مكة المكرمة بعد أن عاد إليها، ثم بغداد بعد أن سافر إليها للمرة الثانية، ثم ارتحل إلى مصر ومات فيها.
الشافعى فى مصر
ذهب الإمام الشافعى إلى مصر وكان قد نضج فكره وزادت خبرته واختبر العمل بمذهبه، وهذا أدى إلى ظهور آراء جديدة لديه وحذف بعض الآراء القديمة.
مؤلفاته
ألّف الإمام الشافعى -رحمه الله- العديد من الكتب والمصنّفات، كما أنه أوّل من دوّن علم أصول الفقه ومن هذه الكتب: كتاب الرسالة، وهو أول كتاب كُتب فى علم أصول الفقه. كتاب جماع العلم. كتاب إبطال الاستحسان. كتاب أحكام القرآن. بالإضافة إلى غيرها الكثير من الكتب القيمة التى أثْرت علم الفقه، وأرشدت الفقهاء إلى هذا السبيل.
وفاة الشافعى
توفيّ الإمام الشافعى سنة 150هـ-204هـ فى مصر وكان عمره أربعاً وخمسين سنة، بعد أن ارتحل إليها سنة 199هـ، فعاش فيها مدة خمس سنوات ثم مرض واشتد عليه المرض وتوفى على إثره وقد سأله أحدهم عن حاله وهو فى مرض موته فقال: يا أبا عبدالله كيف أصبحت؟ فرفع رأسه، وقال: «أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخوانى مُفارقاً، ولسوء فعالى ملاقياً، وعلى الله وارداً، ما أدرى روحى تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها، ثم بكى.