يجب ألا نغفل الدعم الخارجي المادي والعملياتي والتدريبي للإرهاب من دول محيطة تستهدف سقوط مصر لفقدان توازن المنطقة بالكامل وفرض الإرادة علي باقي دولها
الأول من يوليو أصعب يوم مر علي مصر منذ سنوات طارحاً ثلاثة أمور.. الأول: «لماذا لجأت العناصر التكفيرية مبكراً لبث أخبار كاذبة بأرقام محددة مُعلِنة إسقاط العشرات والعديد من المصابين والأسري والاستيلاء علي مدينة الشيخ زويد، والتي أكدتها البوابات الإليكترونية والفضائيات ووكالات الأنباء اعتباراً من السابعة صباحاً، تلاها بيان القيادة العامة للقوات المسلحة مساء نفس اليوم مؤكداً سقوط(17) شهيداً و(13) جريحاً في مقابل أكثر من (100) قتيل تكفيري.. ليخرس هذا البيان كل ما سبقه؟».
والإجابة أنها لم تكن نيتها بإطلاق أخبار (كاذبة) بل (متوقَعَة).. فقد كرر التكفيريون في الشيخ زويد نفس التكتيكات التي سبق استخدامها بنجاح في العراق وسوريا، فقامت بدفع عربات مفخخة ذات تدريع خاص لتقتحم الكمائن وتنفجر بداخلها مُحدثة موجة انفجارية تقتل أفراد الخدمة وأقرب أفراد منهم ليكون عدد القتلي في كل كمين حوالي (4) أفراد من إجمالي قوته الـ(18) فردا، بإجمالي (60) قتيلاً وإصابة أضعافهم في الـ(15) كميناً المستهدفين معاً.. مستكملة الإجهاز علي المصابين ومن لم يتمكنوا من الفرار فتتصاعد خسائر جنودنا للمئات يليها رفع أعلام التكفيريين مُعلنين استيلاءهم علي الشيخ زويد والعريش ورفح بما أطلقته علي نفسها «ولاية سيناء»، ثم تستكمل مرحلياً وبنفس الأسلوب تقدمها تجاه قناة السويس عازلة سيناء تماماً.
وجب أن نفتخر جميعاً برجالنا لنجاحهم في التصدي لأصعب أسلوب لمهاجمة النقاط المنعزلة والكمائن في الشيخ زويد، والذي أسقط مُسبقاً فرقا كاملة في جيوش العراق وسوريا وأدي للاستيلاء علي أجزاء كبيرة من أراضيها..حيث أفشلوا هجمات التكفيريين في سيناء بأسلوبهم هذا لأول مرة رغم تدريبهم وإعدادهم الجيد وتسليحهم المتطور.. فالأسلوب معروف والمدرب واحد.
أما الأمر الثاني: فبشأن بيان القوات المسلحة محدداً سقوط(17) شهيداً فقط جراء الهجمات، وهنا يأتي السؤال.. أين بقية العشرات المٌعلن عنهم؟ هل سيتم التعتيم عليهم علي أساس أنهم ضباط وجنود (مقطوعين من شجرة) ليس لهم أهل يسألون عليهم، ودفنهم في مقابر الصدقة (سُكتم بُكتم)؟ لم تكن المشكلة في عدد الشهداء، ولكن فيمن تطوعوا باللهث خلف معلومات مزيفة ونشرها وكأنهم في حالة «مازوكيزم» سعداءً بتعذيب أنفسهم ومن حولهم حتي الانهيار.. فما حدث يُعد ثمناً غالياً لدرس مهم، أن أبناءنا يواجهون الإرهاب بصدورهم، ووجب أن نكون رجالاً في ظهورهم، إن لم يكن بالدعم الملموس فبكلمة تشد من أزرهم حتي آخر رجل وليس (17) ولا (60) ولا حتي (90) مليونا.
ما يحدث كان متوقعاً ولا يمكن منعه كل الوقت في كل مكان، فالإرهاب غير معروف الهوية ولا التدريب ولا التسليح، واندساسه بين الأهالي يمنحه عنصر المبادأة.. فيركز علي أسهل أهداف وهي(الكمائن الثابتة والنقاط المنعزلة) والتي في نفس الوقت تُعد لا غني عنها.. ويعتمد تأمينها علي قواتها وعلي عناصر الدعم خفيفة الحركة، والتي يُخصص العنصر الواحد منها لتأمين أكثر من كمين وتتحرك طبقاً لاتجاه التهديد.. ومن ثم فالهجوم بقوات كبيرة ونيران كثيفة في توقيت متزامن علي عدة أكمنة ثابتة يشتت جهود الدفاع عنها وتأمينها مما يحدث بها خسائر كبيرة، وقد يتطلب تدخل عناصر ذات قدرات نيرانية عالية كالقوات الجوية.. ويجب ألا نغفل الدعم الخارجي المادي والعملياتي والتدريبي للإرهاب من دول محيطة تستهدف سقوط مصر لفقدان توازن المنطقة بالكامل وفرض الإرادة علي باقي دولها.
أما الثالث: فبشأن المثلث غير واضح المعالم للآن، وأضلاعه الثلاث هي (الدولة الإسلامية ومبايعتها في سيناء - وحماس - وإسرائيل) ما بين قيام الدولة الإسلامية مؤخراً بإرسال تهديدات لحركة حماس وإسرائيل علي السواء، وبين دعمها للتكفيريين في سيناء، وآخرها إطلاق صواريخ (منفسة) علي إسرائيل والتي أذاعت أنها من سيناء بمجرد فشل الهجمات الإرهابية في الشيخ زويد، وكأن هناك من يريد تحقيق أهداف لم تُحقق بالهجمات الفاشلة، وسوف أتطرق لهذا بالتفصيل في مقالاتي القادمة بإذن الله.
وعلي أية حال علينا ان نفطن الآن أن الإرهاب لم يبدأ في مصر ليتوقف، وفشله الذريع لأول مرة في أقوي عملياته النوعية سيضطره لتطوير أساليب قتاله ومعاودة الهجوم من جديد، وبناءً عليه ومن كل ما سبق قد نتأكد أن هجمات الشيخ زويد مجرد محاولة خلال مرحلة حاسمة، مما يستوجب تطوير أساليب قتال قواتنا وبما يستوعب ويفوق أساليب قتال التكفيريين للقضاء التام عليهم.