«العربية للطاقة الذرية»: البحث العلمي خيارا استراتيجيا لتجاوز صعوبات التنمية

الدكتور سالم حامدي
الدكتور سالم حامدي

قال الدكتور سالم حامدي المدير العام للهيئة العربية للطاقة الذرية، إن البحث العلمي والتطوير والابتكار في الدول العربية يعدّ خياراً استراتيجياً لتجاوز مختلف الصعوبات التي تعترض خطط التنمية التي يجب أن تتأسس على مقومات ونتائج علمية تدعمها وتطورها، بما ينعكس بالإيجاب على تطور المجتمع وتنميته بشكل مستدام ومستقر من أجل تحقيق التنمية الشاملة والرفاهية للشعوب العربية.

وأضاف حامدي، خلال افتتاح المؤتمر العربي الخامس عشر للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية المنعقد بأسوان، أن اتباع البحث العلمي يؤدّي إلى تأسيس اقتصاد المعرفة وفروعه المتعددة خاصة إذا أضفنا إلى هذا الخيار الموروث الفكري والحضاري العريق للأمة العربية حيث كان العرب خلال القرن السابع حتى أواسط القرن السادس عشر منارة العلم والمعرفة، إذ مع انهيار الدولة الفارسية والبيزنطية لجأ علماء وأطباء هاتين الدولتين وحرفييها ونخبتها الاقتصادية والإجتماعية إلى الدولة العربية الناشئة، وجلبوا معهم كم هائل من المعارف والعلوم والتقنيات التي لم يكن العرب يعرفونها. وأصبحت دمشق، وحلب، وبغداد، والقيروان، والقاهرة، وفاس، وقرطبة مراكز علم بها جامعات وفيها صناعات متقدمة وأطباء ومهندسون، فكانت هذه المدن مزاراً لطالبي العلم وكان العلماء محل احترام العامة والخاصة، وانتشرت المكتبات ونَسخ الكتب واهتموا بالترجمة من جميع اللغات المعروفة وقتها من الهندية إلى الفارسية إلى اليونانية، وبرز علماء كثيرون مثل ابن سينا والفارابي والخوارزمي وجابر بن حيان وابن رشد والكندي وغيرهم كثيرون.

 

 

وأوضح أن هذا أدّى إلى إنهيار الدولة العباسية ومن بعدها الدولة الفاطمية ثم سقوط الخلافة في الأندلس إلى ظهور دول جديدة، كالدولة الإسبانية والدولة البرتغالية والدولة العثمانية التي بسطت سلطتها على المنطقة العربية باسم الخلافة الإسلامية ثم تلاها الاستعمار الأوروبي، حيث دخل العرب في حالة خمول حتى النصف الأول من القرن العشرين.

 

وأوضح الحامدي، أنه ظهرت دول الاستقلال التي بدأت تهتم بالبحث العلمي واكتساب المهارات وتوطين التكنولوجيا والتشجيع على التعليم والبحث العلمي وصولاً إلى المرحلة التي نعيشها اليوم، حيث ازداد الإيمان بأن البحث العلمي والتفكير العلمي والأخذ بأسباب التقدم والتطور وتوطين التكنولوجيا هو السبيل الأمثل لتحقيق الإزدهار والتنمية ورفاهية الشعوب.

وتابع: بذلت الدول العربية جهوداً لا يستهان بها للنهوض بالبحث العلمي واختلف واقع البحث العلمي من دولة إلى أخرى، حيث الإنفاق على البحث العلمي لا يزال متدنياً ممّا أدى إلى انخفاض الإنتاج العلمي بالدول العربية مقارنة بالدول المتقدمة، وهذا الأمر يدفعنا إلى التفكير بعمق في إصلاح منظومة التعليم والبحث العلمي بصفة عامة، والتعليم العالي بصفة خاصة، وتتأكد ضرورة الإصلاح إذا ما علمنا أن نسبة الشباب في الوطن العربي هي %33 من مجموع السكان، بينما النسبة العالمية لا تتجاوز 26.% وتمثل هذه الفئة العمرية لبعض الدول العربية التي تعاني من مؤسسات قاصرة وخدمات اجتماعية محدودة عبء مرهق، لذلك فإن حتمية إصلاح المنظومة التعليمية أصبحت ضرورة مؤكدة.

 

وأضاف: انتبهت الدول العربية مبكراً إلى أهمية الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، فبادرت منذ القمة العربية الأولى التي عقدت بالإسكندرية عام 1964 إلى الدعوة لتأسيس جهاز عربي يعنى بتطوير التعاون العربي في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، وتأسست اللجنة العربية للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية التي أدت إلى إعلان إنشاء الهيئة العربية للطاقة الذرية وبدء العمل الفعلي لها في 15/2/1989.

اقرا ايضا

بمشاركة 170 باحثًا.. انطلاق مؤتمر«الاستخدامات السلمية للطاقة» بأسوان

وأشار الحامدي، إلى أنه منذ نشأتها بذلت الهيئة جهوداً مكثفة للنهوض بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في الدول العربية وتعزيز التعاون بينها في هذا المجال الهام، وأولت بالباحثين العرب عناية خاصة وفتحت لهم فرصة اللقاء المشترك.،فكان هذا الفضاء الذي نلتقي فيه اليوم تحت عنوان المؤتمر العربي للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية الذي عقدت دورته الأولى في مدينة طرابلس- ليبيا خلال العام 1992 وتوالت دوراته من القاهرة ودمشق وتونس وبيروت وصنعاء وعمّان وأربيل والخرطوم والحمامات وشرم الشيخ، وصولا إلى مؤتمرنا هذا الذي نلتقي فيه اليوم مجموعة خيرة من أبناء شعبنا العربي من العلماء والباحثين الأجلاء لإلقاء بحوثهم وعرض أهم نتائجها ومناقشتها وتبادل الرؤى والخبرات وتعزيز أواصر التعاون وتطوير البحث العلمي وتحقيق التراكم المعرفي النووي وتحقيق الإستفادة مما توصلوا إليه من نتائج.