الفن هو أحد أعمدة الحضارة في الأمم، والفن الهابط هو المؤشر الحقيقي لإنهيار الأمم بشكل كامل، ولا يمكننا أن ننسى أن الأندلس قد فقدها العرب بسبب إنتشار الإسفاف في ربوعها!!
ومن منطلق هذه الفكرة .. أعتقد أن نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر قد اتخذ قراره الهام لوقف موجة أغاني المهرجانات، ومن صعود مطربيها فوق المسارح في مصر، الأمر الذي أثار جدلًا موسعًا ما بين مؤيد وما بين معارض..
فالمعارض يرى أن غالبية أغاني المهرجانات تحمل بين كلماتها تعبيرات تدعو للبلطجة والإنحراف وأن الكلمات تحمل الإسفاف الكامل، وأنه لا يوجد فيها أي طرب أو معنى أو حتى قيمة فنية يمكن طرحها للناس للسمو بهم.
أما المؤيد فيرى أنها أغاني شبابية (روشة) تعبر عن طبقة عريضة من المجتمع، وهي تمثل فكرهم ومعتقداتهم، بل وتناقش مشاكلهم، بل أن المؤيدين يرون أن المهرجانات فن مثل باقي الفنون التي يجب لها أن تحصل على فرصتها، وكذلك لا يمكن الحجر على أي فنان!!
لكن.. هناك وقفة هامة يجب أن نقف عندها ونفكر!!
أين المجتمع من هذا الفن؟.. ما الذي سيضيفه لنا هذا الفن؟.. هل سنأمن على أبنائنا بنشر وسماع مثل هذه الثقافة؟
هل ثقافة البلطجة والخمور والحشيش والتغني بها سيضيف لأبنائنا وأطفالنا بدعوى الفن؟
هل هذه هي النماذج المشرفة التي يجب أن نتركها لأبنائنا؟..بل وأن نقدمها في الدراما والسينما كوسائل ترفيهية؟ .. هل هذه هي رسالة الفن التي نقدمها لأبنائنا؟
يا سادة نحن اليوم نسعى لبناء دولة مصرية قوية عريقة!!.. قوامها القوة والعلم والعزة والكرامة!! .. فكيف يتم تداول مثل هذا اللون عبر ربوع الوطن الذي يُبنى من جديد؟
نحن نريد العودة للإرتقاء بالمواطن المصري كي يعود لما كان عليه سابقًا، واعيًا ذي خلق وعلم وإدراك سليم، ففي السابق كان البسطاء يلتفون حول قصائد أغاني أم كلثوم كي يستمعوا لها بل ويتغنوا بها!!
قصائد يعجز اليوم عن فهمها شريحة كبيرة من حملة الشهادات!!
نحن اليوم في أمس الحاجة لأعمال درامية تنمى الوعي المجتمعي والفكري والسلوكي والخلقي، عوضًا عن دراما القتل والسرقة والمخدرات والإنتقام!!
نحن نحتاج لدراما تعلم المجتمع الذوق العالي والرقي والدعوة للتعلم، عوضًا عن دراما النهب والنصب و(الفهلوة)، فعظماء مصر تعلموا واجتهدوا بالعلم والأخلاق والوعي، ونادوا بالأخلاق والوعي، فاليوم نرى لاعب مصر العالمي محمد صلاح وخلقه السليم، ونرى الدكتور الراقي السير مجدي يعقوب بسمو روحه، والدكتور محمد غنيم بعلمه العظيم، ونجيب محفوظ بإبداعه، وتوفيق الحكيم، وأنيس منصور، ومحمد عبدالوهاب وسيد درويش والشيخ الشعراوي وغيرهم كثيرون!! .. كلهم نادوا بالفضيلة، ونادوا بالحضارة والنمو السليم، وكلهم أمثلة عظيمة مشرفة لبلادنا، لا نادوا بالخمر ولا بالبلطجة، بل نادوا بالعدل والأخلاق والفضيلة.
أتمنى من الله أن تعود السينما من جديد لتبث لنا القيم الراقية، وأتمنى من دراما رمضان كي تعود وتتحدث عن الموظف الأمين، وعن المدرس صاحب المباديء، وأن تتكلم عن الطبيب الإنسان، عن ربات البيوت العظيمات، عوضًا عن المهربين، واللصوص والبلطجية!!
تحيا مصر!!