الدراما الإجتماعيةl صراعات فى عش الزوجية

الدراما الإجتماعية
الدراما الإجتماعية

هاجر زيدان

شهدت الفترة الأخيرة جرعة مكثفة من أعمال الدراما الإجتماعية، والتي ركزت على مناقشة قضايا فشل الحياة الزوجية، وهو ما جعل المتابعين على السوشيال ميديا ينقسمون بين من ينتقد تلك الأعمال التي تصور الحياة الزوجية بأنها مشروع مصيره الفشل، وبين من يرى أن تلك الأعمال تعرض الواقع فقط ولا يجب أن نحملها أكبر مما تتحمله من مسئولية إجتماعية.. وبجانب هذه الأراء فقد اختلف أيضا النقاد والمؤلفون على نظرتهم لهذه النوعية المقدمة من الأعمال الفنية.. إليكم أراء النقاد في تلك الأعمال.

«الدراما عامل مؤثر قوي، وهو تواجد لغرض توجيه رسالة توعية للمشاهد، وليس لترك أثر سلبي بداخله»، هكذا علق المؤلف محمد الحناوي على تأثير الأعمال الدرامية على المجتمع، قبل أن يضيف: «يمكن القول أن تناول قضايا العلاقات الزوجية الفاشلة بالتكرار الذي نراه في الفترة الأخيرة هو ما يجعل المرأة تشعر أنها تشاهد رسالة موجهة إليها عن طريق عمل فني، كما أعتقد أن الدراما تبدأ بترك أثر سلبي عندما تقدم القضايا بشكل غير واقعي ومبالغ فيه، وهنا معيار تأثير الدراما يتعلق بنوع الدراما التي تعرض ومدى موهبة نجوم العمل الفني» .

كما يرى الحناوي أن الأزمة الحالية في صناعة الدراما المصرية، سببها أن القائمين عليها تشغلهم أولويات أخرى غير موهبة المؤلف العمل والسيناريو، لأنهم أصبحوا ينظرون إلى النجوم والإخراج أولا، ثم في المرتبة الثالثة تأتي رؤية المؤلف والسيناريو، وهذا عكس ما كان متعارف عليه في الماضي، كما أن موضوعات (السوشيال ميديا) أصحبت تجذب انتباه صناع الأعمال، وأصبحت مصدر لصناعة السيناريوهات، تحت عنوان (مناقشة قضايا إجتماعية من أرض الواقع)، و هذا لا يمثل الواقع، لأن هناك فجوة بين الشارع ومواقع التواصل الإجتماعي، والدليل على ذلك أن المسلسلات التي تعرض القضايا الزوجية الفاشلة لا يتحدث عنها الجمهور في الشارع، مقارنة بأعمال قديمة لازالت تجذب الجمهور مثل (ليالي الحلمية)» .

الحناوي أضاف أيضا: «الجمهور أصبح لا يتقبل تكرار مناقشة نفس الموضوعات الإجتماعية في أعمال مختلفة، لأن النصيحة وصلت والقضايا قتلت بحثا، كما أن بعض المؤلفين ليس لديهم تنوع كافي يرضي الجمهور، فأصبحوا يقلدون الأعمال التي حققت نجاح، لكن إذا نظرنا للسنوات السابقة سنجد مؤلفين منهم أسامة أنور عكاشة ومحسن زايد وغيرهم، كانت لديهم الموهبة في تنويع الدراما الإجتماعية». 

الناقد عصام زكريا بدأ تعليقه على المسلسلات الإجتماعية التي تعرض مؤخرا بالقول: «دور الدراما هو التركيز على المشكلات الإجتماعية، وبالتالي لابد من مناقشة العلاقات الزوجية الفاشلة، وأنا أرى أنه لا يوجد تكرار في تناول تلك القضية إلا لمن يركز فقط على مشاهدة تلك الأعمال، ومن يرغب في التنوع عليه البحث عنه بين القنوات الكثيرة الموجودة على الشاشات». 

ويرى زكريا أنه لا يمكن القاء تهمة «المؤامرة على الحياة الزوجية» على  الدراما التليفزيونية، لأنه لا يمكن محاسبة مؤلف أو مخرج على عمل درامي إجتماعي يقدمه، ويجب الاكتفاء بالقول أن هذه الأعمال حصلت على موافقة الجهات الرقابية والإنتاجية.

وعلق زكريا على هجوم الحناوي على الدراما وأنها تسببت في تزايد نسب الطلاق وتراجع الزواج قائلا: «وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء فقد أكدت الاحصائيات أنه هناك انخفاض في عقود الزواج بنسبة 5.6%، لكن يوجد أيضا انخفاض في الطلاق بنسبة 5.3%».

د. خالد عبد الفتاح - رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة حلوان – قال عن إحصائيات الزواج والطلاق في مصر وتأثير الدراما على تلك النسب:  «تلك الاحصائيات لا تعبر عن الواقع بشكل كامل، فالأمر الأفضل لقياس هذا الأمر هو مقارنته بزيادة السكان، وهل تلك المعدلات طبيعية أم أكثر من الطبيعي، كما يجب قياس الأمر في إطار الأزمات التي تحدث في العالم مثل تأثير أزمة (كورونا)». 

د. خالد أكد أنه يوجد علاقة بالتأكيد بين الدراما الاجتماعية والظواهر الإجتماعية الموجودة، لكن دون مبالغة في حجم هذا التأثير، كما أن شكل التأثير غير محدد، فهناك عوامل أخرى تساعد على تضخم هذا التأثير أو تراجعه، فهناك كثير من الأمور التي يجب أن يقاس من خلالها ذلك التأثير، كما أن مناقشة الدراما لمشكلات الطلاق وفشل الحياة الزوجية لا يعني أن المجتمع مريض أو يعاني.