قنا الحلوة وناسها الطيبين 

أبو المعارف الحناوي
أبو المعارف الحناوي

جسدت الدراما التلفزيونية قديمًا، الصعيد بأنه بلاد دم ونار، يتحدث أهله بالسلاح، ودستور تحكمه القبلية والعصبية،  في كافة الأمور، مثل زواج فتيات القبائل، والأخذ بالثأر، في برك من الدم، واغتصاب ميراث البنات، ومنعهن من الذهاب إلى المدارس نهائيا، ولاستكمال التعليم بعد مرحلة معينة. 
كل هذه الأمور،  جعلت الجميع يختذل أهل الصعيد، ويسخر منه في مقولات معينة، كان من أبرزها،  " مرة واحدة صعيدي "، وهو ما أثار غضب أبناء الصعيد، الذين أثبتوا للجميع أنهم عكس ذلك بالمرة، وأنهم أهل طيبة وجدعنة ورجولة، يقفون مع الجميع ويساندونهم ويكرمون الضيف. 
الصعيد في الواقع، هو الأمل في الغد، وهو مكان خصب للاستثمار، ففي محافظة قنا، تجد أهلها معروف عنهم بالطيبة والجدعنة، يكرمون الضيف ويساندون الجميع،  لم يبخلون على أحد، يفضلون الغريب على أنفسهم، يعلمون بناتهم أفضل تعليم، يرتدون الجلباب الصعيدي، الذي يتخطى تكلفته أضعاف ثمن البدلة، يحبون الجميع ، وهذا من طباعهم ومن الأصول التي تربوا عليها. 
في محافظة قنا، تجد الجميع يقفون وقفة رجل واحد في كل المناسبات الاجتماعية،  حتى لو كان بينهم خصام، شبابها ورجالها وفتياتها وسيداتها، تقلدوا أعلى المناصب،  فمنهم المستشار والطبيب والضابط والمهندس والمعلم، ومنهم المحافظ والوزير أيضا، أبنائه هم من ساهموا في تشريع القوانين والدساتير عبر مر الزمان،  ولا ننسى أن من غلظ عقوبة التحرش في مصر، وزير عدل أصله من فرشوط، إحدى مدن محافظة قنا. 
لم تكتف المحافظة بتقلد الفتيات والسيدات مناصب حكومية كييرة، بل ظهر في الآونة الأخيرة سيدات، ضربن أروع الأمثلة في العطاء،  فنجد من تعمل في المعمار، ونجد طالعة النخيل، والعتالة، ومن تعمل مهن شاقة أخرى،  لمساعدة الزوج في تحمل مصاريف الحياة اليومية. 
مشاهد عديدة ومتكررة، ضربت فيها الفتاة والمرأة القنائية، العديد من الأمثلة التي تتسم بقدرتهن على السير قدما في المساعدة في مجال التنمية في مصر بأكملها،  وعلى الجانب الآخر من الرجال، نجد أن من حول حي الزمالك بالقاهرة من عشش تسكنها الحيوانات الضالة،  إلى أرقى الأماكن في مصر، أصوله من قنا. 
وبعيدا عن قنا الجميلة بناسها الطيبين،  تمتلك المحافظة،  أبرز مقومات الاستثمار،  فيوجد بها مصنع الألومنيوم،  و 3 مصانع للسكر، وعصارات العسل الأسود، ومنطقتين صناعيتين ، ومنطقة حرة، ومجمع الصناعات الذي يعد من أكبر المجمعات في مصر، نجدها تمتلك المثلث الذهبي، الذي يعد من أفضل المشاريع الاستثمارية خلال الفترة المقبلة. 
هنا الصناعات الحرفية والمحلية، هنا القلة القناوي، والزير والزبدية والمنطال، والفركة النقادية، والعسل الأسود، والجلاب، هنا معبد دندرة ومتحف الأمير يوسف كمال، هنا قلعة شيخ العرب همام،  حاكم الصعيد،  هنا الحياة جميلة، لم تراها إلا فور زيارتك للمحافظة التي تمتلك كافة مقومات الحياة الجميلة. 
قنا كغيرها من محافظات الصعيد، التي يغلب على أهلها طابع الطيبة والجدعنة، هنا قنا الجميلة بعيدا عن السلاح والدم والنار، فهل تعلم أن أهل القرى المعروفة بأنها بلاد الدم والنار، هم من أول الناس الذين بدأوا بالتغيير إلى الأفضل، هم من حاربوا الثأر والعادات،  خاصة لأنهم أكثر المتضررين منها، وساعدهم في ذلك الحملات الأمنية والقضاء على أباطرة الإجرام،  لتعود هذه القرى إلى طبيعتها المعتادة، خاصة بعد توفير الأمن والأمان في حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودخول هذه القرى في مبادرة حياة كريمة،  وهي من أفضل المبادرات الانسانية على مر التاريخ.