وأنت كمان يا محمد ...!

د.محمود عطية
د.محمود عطية

أعلم أن قلبك شديد الطيبة..

لكن ليس لدرجة أن تخشى ترك «أشرف» وحيدًا، فتبادر بالرحيل معه حتى تؤنس وحدته.. طيبة قلبك يا محمد وأنت ما زلت فى ميعة الشباب جعلتك تبتعد تماماً عن أى صراعات وتلوذ بالصمت وتتنقل من قسم لآخر ربما قلقاً أو شعوراً بالاغتراب.. حتى شعر البعض بأنك لست موجوداً بالعمل رغم وجودك بيننا.


وكأن القدر لا يرحمنا ولا يعطى لنا فرصة حتى فى الحزن على الراحلين.. وأشد من الفقد أن ندرك برحيلهم، كم كانت غفلتنا عنهم وعن خصالهم الحميدة.. وكأننا برحيلهم نعيد اكتشافهم أو كأننا لم نكن معهم. 


حاولت مراراً أن أتفهم لماذا تتخفى يا محمد داخل نفسك ولا تتبدى بيننا كثيراً ولم أفهم.. ومع ذلك ضبطتك مرات تحاول الاقتراب منا بابتسامتك الطفولية، لكنك لم تدرك أنك كنت تبتعد أكثر..

وأخيراً وكأنك قد وجدت ضالتك وهدفك جلياً واضحاً فى التقرب للكون برحابته، فأمسكت بالمصحف لتقرأ وتتلو كلمات الله تحفظها وتحفظها لغيرك.


رحلت عن الدنيا وكنت تحيا فيها..

عشت خفيفاً تمشى هوناً وتبعد عن قهر الرجال.. ولم يهن عليك رحيل الزملاء ففضلت البقاء بجانبهم لتتلو كلمات الله وتلوذ بالرحمن الرحيم.. وننتبه نحن من غفلتنا ونرى فيك وفيهم ما غمض علينا وكان نوراً ساطعاً لكنه ربما أبهرنا فعمينا عن رؤية محاسنكم.