فصول من كتاب مديحة كامل .. سنوات ما بعد الاعتزال

مديحة‭ ‬كامل‭
مديحة‭ ‬كامل‭

محمد‭ ‬سرساوى

اعتزلت‭ ‬مديحة‭ ‬في‭ ‬هدوء،‭ ‬لم‭ ‬تثر‭ ‬ضجة،‭ ‬وظل‭ ‬احترامها‭ ‬للفن‭ ‬ولزملائها‭ ‬مستمرًا،‭ ‬وكذلك‭ ‬تقديرها‭ ‬لمشوارها‭ ‬الفني‭ ‬ورضاها‭ ‬عنه،‭ ‬ولكنها‭ ‬ابتعدت‭ ‬عن‭ ‬الأضواء،‭ ‬واستمرت‭ ‬علاقاتها‭ ‬بصديقاتها‭ ‬وزملائها‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الفني،‭ ‬علاقة‭ ‬الود‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬تشبع‭ ‬رغباتها‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬والتعبد‭ ‬والحياة‭ ‬الهادئة‭. ‬

فبعد‭ ‬الاعتزال‭ ‬حضرت‭ ‬مديحة‭ ‬عدة‭ ‬لقاءات‭ ‬دينية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬نادى‭ ‬الأطباء‭ ‬بشاطئ‭ ‬سابا‭ ‬باشا‭ ‬بالكورنيش‭ ‬وحضرها‭ ‬250‭ ‬سيدة‭ ‬وفتاة‭ ‬من‭ ‬الطبيبات‭ ‬وزوجات‭ ‬الأطباء،‭ ‬ووجه‭ ‬الدعوة‭ ‬لها‭ ‬د‭. ‬منصور‭ ‬محمد‭ ‬طبيب‭ ‬عائلة‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬فى‭ ‬كامب‭ ‬شيزار،‭ ‬وطبيبها‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬فى‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وتحدثت‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬مع‭  ‬الحجاب‭ ‬واعتزال‭ ‬الفن‭ ‬وهي‭ ‬فى‭ ‬قمة‭ ‬نجاحها‭ ‬وعز‭ ‬شبابها،‭  ‬وأجابت‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬الحاضرات‭ ‬فى‭ ‬أمورها‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭  ‬وتقول‭: ‬إنها‭ ‬أقامت‭ ‬سنة‭ ‬فى‭ ‬المعمورة‭ ‬لتكون‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬والدتها،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬الاعتزال‭ ‬الحقيقى‭ ‬مرض‭ ‬والدتها‭.‬

وأكدت‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬حوار‭ ‬معها‭ ‬له‭ ‬صلة‭ ‬بالصحافة‭ ‬بإجابتها‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬السبب‭ ‬المباشر‭ ‬لقرارها‭ ‬الحاسم‭ ‬بالاعتزال‭ . ‬

أن‭ ‬مرض‭ ‬والدتها‭ ‬هزها‭ ‬بعنف،‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬المرض‭ ‬بالأم‭ ‬الجميلة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تفيض‭ ‬بالحيوية‭ ‬والنشاط،‭ ‬فقد‭ ‬ترك‭ ‬المرض‭ ‬آثاره‭ ‬القاسية‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬وجهها‭ ‬وجسمها‭ ‬وفقدت‭ ‬الحيوية‭ ‬كلها،‭ ‬وتعيش‭ ‬لفترات‭ ‬غير‭ ‬مدركة‭ ‬لما‭ ‬يجرى‭ ‬حولها‭. ‬

اهتزت‭ ‬أعماق‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬بقوة‭ ‬وشعرت‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬ومن‭ ‬الموت‭ ‬ومن‭ ‬الآخرة،‭ ‬وكانت‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬هداية‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬فاتخذت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬قرارها‭ ‬بالاعتزال‭ ‬والسير‭ ‬فى‭ ‬طريق‭ ‬الحجاب‭ ‬والإيمان،‭ ‬وأجابت‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬صريح‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬تردد‭ ‬عن‭ ‬هدايا‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة‭ ‬تقدم‭ ‬إلى‭ ‬المعتزلات‭. ‬مؤكدة‭ ‬نفي‭ ‬هذا‭ ‬تمامًا‭ ‬بل‭ ‬أبدت‭ ‬استغرابها‭ ‬لأن‭ ‬يستكثر‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإيمان‭ ‬الصادق‭ ‬هدية‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬وليس‭ ‬هدايا‭ ‬من‭ ‬الأموال،‭ ‬وأضافت‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬المال‭ ‬لكان‭ ‬الأسهل‭ ‬الحصول‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬والمسلسلات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الإعلانات‭.‬

وكان‭ ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬يلح‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬ومنها مجلة سيدتي التى‭ ‬نشرت‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع:‬ لكن‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬هى‭ ‬الدافع‭ ‬وراء‭ ‬اعتزال‭ ‬مديحة‭ ‬كامل؟‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬هى‭ ‬حكاية‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬مع‭ ‬رمضان؟‭ ‬متى‭ ‬بدأ‭ ‬الوجع‭ ‬يسكن‭ ‬قلبها؟‭ ‬ثم‭ ‬لماذا‭ ‬أخفت‭ ‬خبر‭ ‬مرضها‭ ‬عن‭ ‬الجميع،‭ ‬وكلما‭ ‬سألوا‭ ‬كانت‭ ‬تقول‭: ‬أنا‭ ‬بخير‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭. ‬ولماذا‭ ‬ظلت‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬صامتة‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬اعتزالها‭ ‬ولم‭ ‬تتكلم‭ ‬إلا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة؟

والإجابات‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬كانت‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعددة‭ ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬الإجابات‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬الشائعات‭ ‬وعلى‭ ‬فلانة‭ ‬وفلان،‭ ‬ولكننا‭ ‬فى‭ ‬سيدتى‭ ‬لا‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجابات،‭ ‬فلم‭ ‬تجب‭ ‬على‭ ‬أسئلتنا‭ ‬سوى‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬نفسها‭. ‬ولسيدتى‭ ‬فقط‭ ‬أعلنت‭ ‬مديحة‭ ‬بكل‭ ‬بصراحة‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬اعتزالها،‭ ‬فقد‭ ‬قالت‭ ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬تأمل‭: ‬الواجب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬ويراجع‭ ‬نفسه‭ ‬لذلك‭ ‬توقفت‭ ‬وراجعت‭ ‬نفسى،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لما‭ ‬حلمت‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬سنين،‭ ‬ففى‭ ‬رمضان‭ ‬كنت‭ ‬أترك‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وأقرأ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬والتفسير‭ ‬والسيرة،‭ ‬وفى‭ ‬كل‭ ‬رمضان‭ ‬كنت‭ ‬قريبة‭ ‬جدًّا‭ ‬من‭ ‬الاحتجاب‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬ولكن‭ ‬شيئًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يمنعنى‭. ‬

وتواصل مديحة كلامها قائلة، بمجرد‭ ‬إنتهاء‭ ‬رمضان‭ ‬وأيام‭ ‬العيد‭ ‬والأيام‭ ‬البيض‭ ‬تعود‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وتعرض‭ ‬على‭ ‬الأعمال،‭ ‬وأعود‭ ‬وأنخرط‭ ‬فى‭ ‬العمل،‭ ‬ولكن‭ ‬قرار‭ ‬الاعتزال‭ ‬لم‭ ‬يغب‭ ‬عن‭ ‬ذهنى‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة،‭ ‬وكان‭ ‬بداخلي‭ ‬هاجس‭ ‬يذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬المقبل‭ ‬سوف‭ ‬أتراجع‭ ‬وانسحب‭ ‬من‭ ‬الوسط‭ ‬الفنى‭ ‬فى‭ ‬هدوء‭.‬

‭-‬هل‭ ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬بأن‭ ‬الوسط‭ ‬الفنى‭ ‬ما‭ ‬يعيبه؟

كل‭ ‬وسط‭ ‬فيه‭ ‬الطيب‭ ‬والشرس،‭ ‬فيه‭ ‬النقى‭ ‬والتقى،‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬والمفيد‭ ‬أن‭ ‬الوسط‭ ‬الفنى‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬لى‭ ‬من‭ ‬تحولات‭. ‬إننى‭ ‬ومنذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬أقرأ‭ ‬فى‭ ‬الدين،‭ ‬وأتعلم،‭ ‬وأدرس،‭ ‬وأسال،‭ ‬وأحاول‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬أن‭ ‬أبعد‭ ‬عن‭ ‬الكل،‭ ‬وأتقوقع‭ ‬مع‭ ‬نفسى‭ ‬وذاتى،‭ ‬وأنظر‭ ‬لمعرفة‭ ‬أين‭ ‬أقف‭ ‬بالضبط‭ ‬فهو‭ ‬عامل‭ ‬نفسانى،‭ ‬والله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬يلهمنا‭ ‬الوقفات‭.‬

وقرأت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬حديثًا‭ ‬للرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭ ‬القوى‭ ‬الخير‭ ‬أحب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬المؤمن‭ ‬الضعيف،‭ ‬وقفت‭ ‬أمام‭ ‬الحديث‭ ‬طويلا،‭ ‬وأدركت‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬يحب‭ ‬عباده‭ ‬الأقوياء،‭ ‬وقررت‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قوية‭‬، القوة‭ ‬هى‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬الإنسان‭ ‬فى‭ ‬الحياة،‭ ‬ويعرف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أقصى‭ ‬شيء‭ ‬فيها،‭ ‬وما‭ ‬قيمة‭ ‬النجاح‭ ‬والنجومية‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬الهدوء‭ ‬والعطاء‭ ‬والحب‭ ‬الخالص،‭ ‬والفارق‭ ‬بين‭ ‬القيمتين‭ ‬واضحًا‭ ‬وضوح‭ ‬الشمس،‭ ‬لهذا‭ ‬انسحبت‭ ‬ورأيت‭ ‬أنه‭ ‬واجب‭ ‬عليّ‭ ‬التفرغ‭ ‬بقدر‭ ‬استطاعتى‭ ‬للعبادة‭. ‬

‭-‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬اللقاء‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬بينك‭ ‬وبين‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬متولى‭ ‬الشعراوى،‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬اللقاء‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬اعتزالك‭ ‬وارتداء‭ ‬الحجاب؟

نعم‭ ‬التقيت‭ ‬بالشيخ‭ ‬الشعراوى،‭ ‬ودار‭ ‬بيننا‭ ‬حديث‭ ‬طويل،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أذيعه،‭ ‬كان‭ ‬حديثًا‭ ‬خاصًّا،‭ ‬ولهذا‭ ‬لا‭ ‬يمكننى‭ ‬البوح‭ ‬بما‭ ‬دار‭ ‬فيه‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬التغيرات‭ ‬التى‭ ‬حدثت‭ ‬لى،‭ ‬فأنا‭ ‬وكما‭ ‬قلت‭ ‬لست‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬ربى‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬دينى،‭ ‬ولا‭ ‬الدين‭ ‬ببعيد‭ ‬عنى،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬أنا‭ ‬أحفظ‭ ‬آيات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية‭ ‬الشريفة،‭ ‬ودائمًا‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أرضى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬وأرضى‭ ‬ضميرى‭ ‬كى‭ ‬أريح‭ ‬عقلى‭ ‬وقلبى‭.‬

كما‭ ‬حصلت‭ ‬صباح‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬مهمة‭.. ‬شريط‭ ‬فيديو‭ ‬لجلسة‭ ‬نسائية‭ ‬تتحدث‭ ‬فيها‭ ‬مديحة‭ ‬فى‭ ‬بيت‭ ‬إحدى‭ ‬العائلات‭ ‬بالمهندسين‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬اعتزالها‭ ‬الحقيقية‭. ‬ولن‭ ‬نصف‭ ‬لكم‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فقط‭ ‬نترك‭ ‬لكم‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬مديحة‭.‬

يبدأ‭ ‬الشريط‭ ‬بظهور‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهن‭ ‬بين‭ ‬العشرين‭ ‬والثلاثين‭ ‬فى‭ ‬منزل‭ ‬الأسرة‭ ‬التى‭ ‬احتفظت‭ ‬بالشريط‭ ‬لمدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭. ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬الجلسة،‭ ‬قالت‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭: ‬يشرفنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬بينكم‭ ‬الآن،‭ ‬وأحب‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬هذه‭ ‬الجلسة‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬درسًا‭ ‬دينيًّا‭ ‬أو‭ ‬خطبة‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أرقى‭ ‬لهذا،‭ ‬أنا‭ ‬لست‭ ‬داعية‭ ‬دينية‭ ‬أنا‭ ‬امراة‭ ‬مسلمة‭ ‬أحب‭ ‬الله،‭ ‬وقررت‭ ‬أن‭ ‬أتقرب‭ ‬منه،‭ ‬وأعرف‭ ‬دينى‭ ‬أكثر،‭ ‬أنا‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬تلميذة‭ ‬فى‭ ‬العلم،‭ ‬وأجتهد‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الجلسة‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬أحكى‭ ‬مشاعرى‭ ‬وأحاسيسى‭ ‬قبل‭ ‬الحجاب‭. ‬سألتها‭ ‬إحدى‭ ‬الحاضرات‭: ‬

‭-‬هل‭ ‬تبرأتى‭ ‬بعد‭ ‬اعتزالك‭ ‬وارتدائك‭ ‬الحجاب‭ ‬من‭ ‬الفن؟

فأجابت‭ ‬بدهشة‭: ‬أتبرأ‭ ‬من‭ ‬الفن،‭ ‬أحرم‭ ‬الفن،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فنان‭ ‬يملك‭ ‬أن‭ ‬يحرم‭ ‬الفن،‭ ‬فالفن‭ ‬ليس‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬بالعكس‭ ‬الفن‭ ‬رسالة‭ ‬سامية‭ ‬وعظيمة‭. ‬الفنان‭ ‬قدوة‭ ‬للمجتمع‭ ‬لأنه‭ ‬يقدم‭ ‬نماذج‭ ‬شخصية‭ ‬تفيد‭ ‬الجمهور،‭ ‬فأنا‭ ‬مثلا‭ ‬قدمت‭ ‬عبلة‭ ‬كامل‭ ‬فى‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬الهاوية،‭ ‬وهو‭ ‬دور‭ ‬أعتز‭ ‬به،‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أشاهده‭ ‬دائمًا‭ ‬فى‭ ‬التلفزيون‭. ‬وهو‭ ‬دور‭ ‬يوضح‭ ‬العقاب‭ ‬الذى‭ ‬يلقاه‭ ‬أى‭ ‬إنسان‭ ‬يخون‭ ‬وطنه،‭ ‬ثم‭ ‬أننى‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬مَن‭ ‬يحرم‭ ‬الفن‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬فعل‭ ‬الحرام‭ ‬فحرمه،‭ ‬فمن‭ ‬يقول‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬حرام‭ ‬يتكلم‭ ‬عن‭ ‬ناسه‭ ‬فقط،‭ ‬ولا‭ ‬يعمم‭ ‬الحرمانية‭ ‬على‭ ‬الفن‭ ‬كله‭. ‬

أقول‭ ‬لكم‭ ‬مثالا‭ ‬لما‭ ‬شاهدت‭ ‬بنتًا‭ ‬تسير‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬ليست‭ ‬محجبة‭ ‬مثلا‭ ‬وترتدى‭ ‬ملابس‭ ‬قصيرة،‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬إنسانة‭ ‬سيئة‭ ‬غير‭ ‬متلزمة‭ ‬ممكن‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬منى‭ ‬عند‭ ‬ربنا،‭ ‬بدل‭ ‬ما‭ ‬أنقد‭ ‬الناس‭ ‬خلينى‭ ‬فى‭ ‬نفسى‭ ‬ماليش‭ ‬دعوة‭ ‬بغيرى‭ ..‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬أنا‭ ‬علاقتى‭ ‬طيبة‭ ‬بزملائى‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬يتصلون‭ ‬بى‭ ‬وأتصل‭ ‬بهم‭ ‬لأطمئن‭ ‬عليهم‭.‬

‭-‬سألتها‭ ‬سيدة‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬حجابها‭ ‬وهل‭ ‬وراءه‭ ‬ابنتها‭ ‬ميريهان‭ ‬والتى‭ ‬سبقتها‭ ‬فى‭ ‬الحجاب؟

قالت‭ ‬مديحة‭: ‬مسألة‭ ‬الحجاب‭ ‬والاعتزال،‭ ‬وكيف‭ ‬تغيرت‭ ‬حياتى،‭ ‬وتحولت‭ ‬لهذه‭ ‬الصورة‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬أحاسيس‭ ‬خاصة‭ ‬جدًّا‭ ‬سيطرت‭ ‬عليّ‭ ‬جعلتنى‭ ‬اعتزل‭ ‬الفن‭ ‬وأرتدى‭ ‬الحجاب،‭ ‬وغير‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬ابنتى‭ ‬تحجبت‭ ‬قبلى‭ ‬فأنا‭ ‬تحجبت‭ ‬قبل‭ ‬ابنتى‭ ‬ميريهان‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬1992‭ ‬ودعوت‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يهديها،‭ ‬وتتحجب‭ ‬فاستجاب‭ ‬الله‭ ‬لدعائى،‭ ‬ففى‭ ‬يوم‭ ‬وقفة‭ ‬عرفات‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬حجابى‭ ‬بشهرين‭ ‬كنت‭ ‬أقيم‭ ‬فى‭ ‬منزلى‭ ‬بالمهندسين‭ ‬مجلسًا‭ ‬دينيًّا،‭ ‬ودخلت‭ ‬ابنتى‭ ‬عليّ،‭ ‬وقلت‭ ‬لها‭ ‬تعالى‭ ‬يا‭ ‬ميريهان‭ ‬نصلى‭ ‬معًا،‭ ‬فصليت‭ ‬وانهمرت‭ ‬الدموع‭ ‬فى‭ ‬عينيها،‭ ‬ولم‭ ‬تخلع‭ ‬الطرحة‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

‭-‬وعندما‭ ‬سألتها‭ ‬سيدة‭ ‬ثالثة‭ ‬كيف‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬التمثيل‭ ‬إلى‭ ‬الحجاب؟‭ ‬

ابتسمت‭ ‬مديحة‭ ‬كامل،‭ ‬وقالت‭: ‬أدعو‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يهدينى‭ ‬إلى‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬التدخين‭ ‬مثلما‭ ‬هدانى‭ ‬إلى‭ ‬التقرب‭ ‬منه‭ ‬أكثر‭ ..‬يا‭ ‬رب‭ ‬أبطل‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬لأن‭ ‬عندى‭ ‬جلطة‭ ‬فى‭ ‬رجلى‭ ‬ممكن‭ ‬لو‭ ‬نفس‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬سيجارة‭ ‬تطلع‭ ‬لقلبى‭ ‬أو‭ ‬لمخى‭ ‬لو‭ ‬ربنا‭ ‬أراد‭ ‬،وتكمل‭ ‬مديحة‭ ‬كلامها،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لسؤال‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬إلى‭ ‬الحجاب‭ ‬كيف‭ ‬جاء؟‭ ‬فأنا‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬فى‭ ‬المدرسة‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬أبطال‭ ‬الرياضة‭ ‬والتمثيل،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الهويات‭ ‬تأخذ‭ ‬من‭ ‬تركيزى‭ ‬فى‭ ‬الدراسة‭ ‬وكنت‭ ‬أذاكر‭ ‬آخر‭ ‬الشهر‭ ‬وأنجح‭.‬

فى‭ ‬أثناء‭ ‬عملى‭ ‬للسينما‭ ‬حدث‭ ‬لى‭ ‬حادث‭ ‬هزنى‭ ‬بشدة،‭ ‬وهو‭ ‬وفاة‭ ‬أخى‭  ‬مصطفى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬17سنة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬عام‭ ‬1978‭ ‬بعد‭ ‬الحادث‭ ‬بدأت‭ ‬التقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أواظب‭ ‬على‭ ‬صلاتى‭ ‬حتى‭ ‬وأنا‭ ‬أمثل‭ ‬كان‭ ‬موعد‭ ‬صلاتى‭ ‬كان‭ ‬موعد‭ ‬إقامة‭ ‬الصلاة‭ ‬مهما‭ ‬جدًّا‭ ‬ومقدسا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭‬، بعدها‭ ‬أخذنى‭ ‬بريق‭ ‬السينما،‭ ‬ومنذ‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬زهدت‭ ‬الدنيا‭ ‬والعمل،‭ ‬وكنت‭ ‬أتحاور‭ ‬مع‭ ‬نفسى‭ ‬فى‭ ‬غرفة‭ ‬المكياج،‭ ‬أستعد‭ ‬لمشهد‭ ‬أقوم‭ ‬بتمثيله‭ ‬فى‭ ‬البلاتوه،‭ ‬وأقول‭ ‬لنفسى‭: ‬“أنا‭ ‬بأعمل‭ ‬ايه‭ ‬إلى‭ ‬متى،‭ ‬وهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬نهاية”،‭ ‬وبعدها‭ ‬أصبحت‭ ‬أشعر‭ ‬أننى‭ ‬غريبة‭ ‬عن‭ ‬الوسط‭ ‬الفنى‭.‬