تقول الحكمة إن بناء الرجال أصعب من بناء المصانع، وفى اليوم العالمى للرجل الذى يوافق 19 نوفمبر من كل عام، نلقى الضوء من خلال هذا الملف على النصف القوى من المجتمع ولكن من زاوية جديدة.. نتطرق إلى دراسات جديدة تشير لنتيجة صادمة وهى أن بعض الرجال يتعرضون للضرب والإهانة من زوجاتهم!
ولأن هناك فارقاً كبيراً بين الذكورة والرجولة، تحدثنا أيضاً مع عدد من أساتذة علم النفس لنعرف كيف تنجح الأم فى تربية أبنائها الذكور ليصبحوا خير رجال للمستقبل.
ويظن كثيرون أن الدموع مرتبطة بالجنس الناعم فقط، لكن الحقيقة أن البكاء وسيلة للفضفضة وتفريغ الطاقة السلبية الناجمة عن الحزن، والكثير من الرجال المشاهير يلجأون إلى البكاء لمواجهة الصدمات التى يتعرضون إليها، وهذا لا يقلل من شأنهم بل يعكس رهافة حسهم وإنسانيتهم.
وأخيراً الرجل ليس اأبوشنبب فقط، فليس كل الذكور رجالاً، فقد يكون إنساناً رقيق المشاعر، دموعه قريبة وقلبه طيب، وهذا يكفى لأن يكون رجلاً عظيماً.. باختصار هذا الملف يرصد خبايا لا نعرفها فى دنيا الرجال.. هو نظرة مختلفة إلى عالم يبدو واضحاً لكن فى الحقيقة ينطوى على كثير من التفاصيل والأسرار الخافية.
دائما ما يرتبط مصطلح العنف بالمرأة كونها الجانب الأضعف فى المجتمع، فى حين يتغاضى الجميع عمّا يتعرض له الرجل من أشكال عديدة للعنف، ويمكن أن يكون ذلك بسبب إنكار العديد من الرجال لهذا العنف، بسبب الإحراج والكبرياء والعادات الشرقية المتعارف عليها فى مجتمعنا.. وبمناسبة اليوم العالمى للرجل فى هذا التحقيق نلقى الضوء على هذه القضية بعد أن أصبحت حواء قادرة على سحق زوجها بـاالضربة القاضيةب!.
يؤكد كثير من الأطباء النفسيين أن للرجال نصيبا من العنف الواقع عليهم، وليس شرطا أن يكون العنف جسديا فحسب، بل إن هناك أنواعاً أخرى عديدة كالعنف اللفظى أو المادى، وقد يظهر العنف ضد الرجل فى الحياة الزوجية فى عدة جوانب خصوصاً إذا كانت الزوجة تتمتع بمستوى تعليمى أعلى منه مما يجعلها تشعر بأنها أفضل منه وتقوم بتوبيخه أو إشعاره بذلك، كما يمكن أن يكون عنفها تجاهه كنوع من رد الفعل وتحملها كثيرا مما يمارسه ضدها من أشكال العنف فتتكوَّن لديها رغبة فى الانتقام.
قصص واقعية وآراء
ومن واقع الاستشارات النفسية ظهر العديد من حالات العنف ضد الرجل، والتى أثبت معظمها أنها تكون نوعا من رد الفعل، ونذكر منها تعدى زوجة على زوجها بالضرب بأداة حادة وأصابته بإصابات شديدة وذلك بعد أن مارس هو العنف ضدها أولا، وأخرى كانت تعمل بأجر مرتفع مما جعلها تمارس العنف ضد زوجها وتجبره على عدم الذهاب لعمله للجلوس مع الأبناء ورعايتهم وبالفعل ظلت هكذا حتى تم رفده من العمل تماما.
وتقول زوجة أخرى تبلغ من العمر 38 عاما وزوجها 50 عاماً، أن الزوج كان دائم الانشغال فى عمله بشكل زائد عن الحد، وكان يترك كل أمور المنزل والأبناء لها واستمرت الحياة هكذا لسنوات طويلة حتى ظهر لها من يتودد إليها ليعوضها هذا الإهمال، فطلبت الانفصال عن زوجها لكنه رفض، فانهالت عليه بالتوبيخ والتجريح ثم تطاول بالأيدى وهددته بالقتل حتى تم الانفصال.
وتروى زوجة أخرى أن زوجها كان دائم الانفعال والعصبية وكان سليط اللسان وكانت تحتمل كل ذلك لأنها نشأت على أن الزوجة لابد أن تتحمل وتمتص غضب الزوج، إلا أن استمرار الإهانات اللفظية والجسدية جعلها تدافع عن نفسها وترد عليه بنفس الإهانة فى كل مرة يفعلها.. وأكدت آراء بعض السيدات التى تواصلت معهن اآخرساعةب فى هذا السياق، أن الأمر متعلق بالدفاع عن العنف أيضا ويمكن أن يكون ذلك رد فعل طبيعيا، بينما رفضت آخريات التعدى بأى أشكال العنف على الرجل.
وقالت شيماء 37 عاما: اأنا أرفض العنف بكل أشكاله.. مش أسلوبى.. وإذا حدث ومارس زوجى العنف ضدى، سيكون لى رد فعل قوى وموقف إيجابى للحد من هذا الأمرب.
أما دعاء 38 عاما فرفضت ممارسة العنف ضد الزوج تماما حتى وإن هو قام بذلك، لكنها فى هذه الحالة وقالت أنها ستقوم بكسر أى شيء بالمنزل وتطلب الطلاق منه.
أما شيرين فقالت: الو ضربنى هاضربه، كما يمكن أن أصرخ فيه، وهذا يكون رد فعل طبيعيا بالنسبة لى إذا تعرضت للعنف منهب.
أما الرجال فكان لهم رأى آخر، إذ يرون أن الرجل يتعرض لكثير من أشكال العنف، ما عدا التعدى بالضرب، فيقول محمد 36 عاما، إن الرجل يتعرض للعنف عند وضعه تحت ضغط سواء فى العمل أو فى الأمور اليومية، ويرى أن أسوأ أنواع العنف التى قد يتعرض لها الرجل هى مساومته فى أمور المنزل التى تكون من أساسيات عمل الزوجة كالغسيل والطهى والنظافة والعناية بالأطفال الرضع، وكذلك الضغط عليه المقارن بـاالزنب والمقارنات المستمرة بغيره.
أما أحمد فيرى أن العنف المجتمعى أكثر أنواع العنف التى يتعرض لها الرجل، خاصة فى العمل وتحميل أعباء إضافية عليه بدون مقابل كونه رجلاً وعليه أن يتحمل، فضلا عن ضغط المسئوليات الأخرى.
ويعلق الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، قائلاً: البعض يظن أن العنف يمارس ضد المرأة فقط ولكن على أرض الواقع وجميع الدراسات والإحصائيات أثبتت أن الرجل معرض هو الآخر للعنف بل أكثر من المرأة فى أحيان كثيرة.. ويرى أن الرجل فى المجتمع الشرقى يتعرض للعنف منذ مرحلة المراهقة بحيث لا يتم النظر إليه باعتباره رجلاً يجب احترامه، فالكثير من الأهل لم يفعلوا ذلك ويتم معاملته على أنه مازال الطفل الصغير بل ويمكن أيضا أن يتعرض للتوبيخ والضرب والإهانة والتجريح والحرمان العاطفى وغيرها من الأشكال الكثيرة التى تعد من أشكال العنف.
ضرب الأزواج
وأوضح هندى أن 30% من الأزواج فى مصر يتعرضون للضرب من زوجاتهم وذلك من واقع التقارير الطبية والمحاضر والقضايا الموجودة بأقسام الشرطة، كما وجد أن 50% من الزوجات اللواتى يقمن بالاعتداء أميات و50% منهن متعلمات.
وجاءت دراسة أخرى أشد قوة من الأرقام السابقة وهى دراسة من مركز الأقصر للدراسات فى الحوارات والتنمية عام 2015 والتى أكدت أن نصف الرجال المتزوجين فى مصر معرضون للضرب من زوجاتهم، و50.6% تحديدا تم ضربهم، و5.63% منهم يتعرضون للضرب من السيدات اللاتى يستخدمن آلات حادة، والغريب أن الدراسة أكدت أن ثلث السيدات لا يشعر بالندم بعد تصرفاتهن ضد أزواجهن مطلقا.
وتؤكد إحصائية عالمية لهيئة الأمم المتحدة أن الرجل أكثر عرضة للقتل بنسبة 4: 1 من النساء، وأن كل 10 رجال يتم قتلهم يكون على يد نساء مقربات.
وأشار استشارى الطب النفسى، أنه وفقا للإحصائيات، تعد المرأة المصرية هى الأولى عالميا فى ضرب الأزواج وهذا يرجع لأمور كثيرة منها تعرضها للخيانة الزوجية، العناد، سرعة الاستثارة، التسلط، أو تعرضها للعنف.
وأكد أن المرأة أصبحت لا تركز على الأسلوب الأنثوى داخل منزلها، وساعدها على ذلك قيامها بالعديد من الأعمال اليومية الشاقة مثل نزولها إلى مجال العمل مع القيام بأعمال المنزل وتربية الأبناء وتوفير احتياجاتهم، كل هذه الأمور عملت على التغيير من طبيعتها وجعلتها أقوى لتستطيع مواجهة أعباء الحياة.
فضلا عن وجود مفاهيم خاطئة تدور بعقل المرأة عن صراع القوة وفرض السيطرة على الرجل وما يؤكد هذا هو إقبال كثير من الزوجات على تناول المهدئات مما يوحى بزيادة نسبة العصبية والتوتر بينهن.
ونوه الاستشارى النفسى أيضا إلى أن الزواج المبكر له دور كبير فى زيادة العنف ضد الرجل فكلما نضجت الزوجة وشعرت بحمل زائد عن حدها زاد لديها العنف، وكذلك ضعف شخصية الرجل يحفز المرأة على السيطرة عليه وممارسة العنف نحوه.
ويرى هندى أن كل الحالات السابق ذكرها كانت نادرة الحدوث قديما بينما الآن أصبحت ظاهرة خاصة وأن بعض السيدات يتخذن من العنف أداة ووسيلة لمواجهة هيمنة الرجل أو كنوع من الدفاع عن النفس.
أما عن العنف المعنوى الذى يتعرض له الرجل فى الحياة الزوجية فيكون له أشكال كثيرة أيضا كالعناد المستمر أو تعقيد إجراءات الزواج وانتهاك الخصوصية وسرد الزوجة كل أسراره خارج المنزل وكذلك الصراخ المستمر التى تجعل صورته ضعيفة لكل من حوله والإفراط فى قضايا الخلع لأسباب واهية ووهمية.
لذا يجب وضع حلول للحد من كل أنواع العنف ضد الرجل، وأبرزها الاختيار الأمثل لشريك الحياة، التمسك بالقيم الأسرية الإيجابية وتعريف الأبناء بها منذ الصغر ويمكن فعل ذلك من خلال مناهج التعليم، كما يجب التوسع فى إنشاء مكاتب الراغبين فى الزواج للتدريب والإرشاد عن أساليب التعامل السليم فى أساسيات الحياة الزوجية، وأيضا التوسع فى إنشاء مكاتب فض المنازعات تضم إخصائيين نفسيين ورجال دين للتوعية بشكل سليم، وأيضا يجب إلا نغفل دور الإعلام والأعمال الدرامية الهادفة التى تقدم محتوى جيدا بعيداً عن أحداث العنف بكل أنواعها، وأخيراً ضرورة توفير خط ساخن لتلقى شكاوى العنف ضد الرجل.