فى الصميم

بين ارتفاع الأسعار.. واللعب فى الممنوع

جـلال عـارف
جـلال عـارف

توابع «كورونا» بلاشك هى سبب أساسى لموجة ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، لكنها وبالتأكيد ليست وحدها.


قبل «كورونا» كانت بوادر الحرب التجارية «خاصة بين أمريكا والصين» قد بدأت تفرض نفسها على اقتصاد العالم، وكانت إجراءات الحماية والضرائب الإضافية أسلحة مهمة فى هذه الحرب، وكان المستهلك فى النهاية هو من يتحمل النتائج.


وقبل «كورونا» وبعده.. كانت التغييرات المناخية تترك آثارها خاصة فى الزراعة التى تضررت كثيراً من الفيضانات والحرائق ومن التغيرات المناخية  القاسية لتكون النتيجة نقصاً فادحاً فى المحاصيل الغذائية الأساسية.


ومع «كورونا» كان انكشاف خطورة الاعتماد على سلاسل إمداد خارج نطاق الدولة، وكانت أزمة الشحن وتعطل التجارة وبعد «كورونا» واستعادة الاقتصاد العالمى لبعض حيويته كان النقص فى مستلزمات الإنتاج. ثم كانت أزمة الطاقة التى رفعت أسعار النفط والغاز لما يقرب من ٣٠٠٪ وهو ما سيستمر لفترة بعد قرار الدول المنتجة للنفط بعدم زيادة الإنتاج فى الوقت الحاضر..

كل هذا كان يعنى موجة «استثنائية» من ارتفاع  الأسعار العالمية، هو ما يترك آثاره على اقتصاد كل الدول وعلى استقرار الأسواق بها، وعلى خطط التنمية، وقبل كل ذلك على ما يتحمله المواطن وما ينبغى أن يتخذ من إجراءات لمواجهة كل ذلك..

لدينا - والحمدلله - اقتصاد صمد فى وجه الظروف الصعبة لجائحة «كورونا» واستمر فى تحقيق نتائج إيجابية فى معدلات النمو، وهو قادر - بلا شك - على تجاوز أزمة ما بعد «كورونا» والانطلاق منها إلى ما هو أفضل، لكن هذا ليس أمراً سهلاً بل يستلزم جهداً من الجميع، وتحملا للمسئولية، من كل الأطراف، وليس ترك العبء على المستهلك لكى يدفع وحده ثمن الأزمة.. إن استطاع!!


بالتأكيد ستكون هناك إجراءات حكومية لحماية الفئات غير القادرة، ولتوفير السلع الأساسية فى ظل نقص المتاح عالمياً، ولإعادة ترتيب الأولويات لتخطى هذه الظروف الاستثنائية..

لكن ذلك كله لابد أن يكتمل بضبط كامل للأسواق، وبإجراءات حاسمة تمنع كل صور استغلال الموقف من جانب بعض الاحتكارات الفاسدة لتحقيق ربح حرام على حساب مستهلك لم يعد يستطيع التحمل!


لقد تابعنا ما جرى فى سوق السيارات من تلاعب بالأسعار، لكن الأهم هو ما يجرى فى سوق السلع الأساسية التى لا غنى للمواطن عنها.

بالطبع هناك جهد من الدولة لتوفير هذه السلع لكن سيبقى دور بعض الجماعات المنتجة أحيانا أو المستوردة غالباً لهذه السلع الضرورية أساسياً فى ضبط الأسواق، وسيبقى ردع كل من تعودوا على استغلال الأزمات للإثراء وغير المشروع أمراً ضرورياً.


لابد أن يدرك الجميع أننا فى ظرف استثنائى، وأن المستهلك قد تحمل ما يكفى من الأعباء، وأن على الجميع أن يتعاونوا لتجاوز الأزمة وتقاسم الأعباء..

المنتج والمستورد والتاجر عليهم أن يتحملوا نصيبهم من عبء تجاوز هذا الظرف الاستثنائى الذى لن يدوم طويلاً لأن كل المؤشرات تقول إن الأوضاع العالمية ستتغير سريعاً مع زيادة إنتاج البترول وتلافى النقص فى مستلزمات الإنتاج.


عندما نقول إن الأزمات تخلق معها الفرص الجيدة فإن ذلك يعنى أن ننتج أكثر وأن نستهلك أقل، وأن نتضامن جميعاً لكى نتجاوز كل الصعاب على الطريق، وأن نتخذ كل الإجراءات لردع من يتصورون أن الأزمات فرصة لمضاعفة الثروات الحرام على حساب أمن المجتمع وسلامته.


من فضلكم العبوا فيما يمكن أن يكون ملعبكم..

ارفعوا الأسعار فى السيارات الفاخرة أو الفيلات المتميزة أو ما شابهها.
لكن اتركوا ما يحتاجه الغلابة خارج المضاربة..

اتركوا ساندوتش الفول وزجاج الزيت وكوب الشاى والبيضة وكوب اللبن للطفل خارج مضارباتكم.. إنه طريق السلامة لكم قبل أن يكون للمجتمع كله.