وجع قلب

بعد الستين

هبه عمر
هبه عمر

هل تتغيّر عندما تتجاوز الستين عاما من عمرك ؟


فى هذا العمر تشعر أنك أنجزت فى عملك وحياتك معظم رسالتك ،ولم يعد لديك ماتعطيه أكثر مما مضى ،تشعر أن مايمكن أن تحققه فى قادم الأيام لن يتجاوز ماحققته فى كل سنوات العمر السابقة، وآن أوان الراحة من اللهاث المستمر فى معركة الحياة قد بات وشيكا، لن تتعلم أكثر مما تعلمت، ولن تسعى أكثر مما سعيت، سوف تشعر أن كل مشاريعك وأحلامك المؤجلة، بسبب تعدد المسئوليات التى تثقل كاهلك، أصبحت متاحة للتنفيذ أخيرا لأن العالم لم يعد يقف فوق رأسك  أو يتعجلك لإنجاز مهام لاتنتهي.


قد يحدث التغير داخلك دون أن تشعر به ، تتغير مشاعرك ومواقفك واحتياجاتك، وتتغير نظرتك للبشر وطبيعة الأشياء، قد تصبح أكثر إحساسا بالأمور الصغيرة والأحداث الصغيرة والكلمات البسيطة، أو تصبح أكثر إلحاحا وأكثر حدة وأكثر انتقادا فى تعاملك مع كل من حولك ومايحدث حولك، وبالتالى تتأثر أحوالك الصحية والنفسية والعصبية، رغم أن الأمر كله بيدك وحدك لو أحسنت إدارته واستثماره لصالحك، دون أن تنتظر مساعده أو تقدير من المجتمع أو الحكومة.


أتذكر حين قررت منذ شهور الالتحاق بإحدى الدورات التعليمية المتخصصة فى الاقتصاد، مدى الدهشة التى قابلنى بها أغلب من أعرفهم، كان السؤال الذى يبادرنى به معظمهم هو «لماذا؟ وماضرورة ذلك الجهد فى التعلم؟»، كنت أقول فقط أن السعى للتعلم لايحدده وقت أو عمر،وأن كل مايحصله الإنسان من معرفة يساهم فى زيادة  وعيه وإدراكه للحقيقة، ويبقى العقل متقدا والنفس منشغلة عن توافه الأمور بما هو أجدى وأنفع.


فى بلاد أخرى من العالم ينتظر الناس بلوغ سن التقاعد من العمل لينعموا بالميزات التى تمنحها حكوماتهم للمتقاعدين،من تأمين صحى ومالى مناسب ورعايه إجتماعية ومعنوية، بينما لا تزال بلاد أخرى تحتم عليهم الاستمرار فى السعى بحثا عن عمل آخر لتعويض مافقدوه من ميزات بتقاعدهم.