إعداد - عبدالعزيز عبدالحليم
هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهرى
اطلق عليه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقب أمين الامة فقال «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنًا، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ»، فمنذ أن أسلم سيدنا أبو عبيدة بن الجراح وهو يحمل فى قلبه أمانةَ الدين وكيف يصل هذا الدين للعالمين بواسطة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وفى سبيل ذلك نجده رضى الله عنه يتحمل من المصاعب ويظهر من الجلد والشجاعة ما يجعله جديرًا بلقب أمين الأُمَّة .
فبعد الهجرة إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة ، يشترك فى غزوة بدرٍ فيبلى البلاء الحسن، ثم وفى غزوة أُحد يرى أبو عبيدة رضى الله عنه المشركين يحيطون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويحاولون قتْلَه، فلم يتأخر أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه فى أن يسرع للدِّفاع عن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويحكى لنا سيدنا أبو بكر رضى الله عنه ذلك الموقف العصيب فيقول : «لما كان يوم أحد، ورُمِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى دخلت فى وجنته حلقتان من المِغْفَرِ (الخوذة التى تحمى الرأس)، أقبلت أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنسان قد أقبل من قِبَلِ المشرق يطير طيرانًا، فقلت: اللهم اجعله طاعةً، حتى إذا توافينا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا هو أبو عبيدة بن الجرَّاح قد سبقني، فقال: أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركنى فأنزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..
فتركتُه، فأخذ أبو عبيدة بأسنانه إحدى حَلَقَتَيِ المِغْفَر، فنزعها، وسقط على الأرض وسقطت أسنانه الأماميَّة معه، ثم أخذ الحلقة الأخرى بسِنَّةِ أُخرى فسقطت!.
- استعان به خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ففى خلافةِ سيدنا أبى بكرٍ الصديق رضى الله عنه يرسله على رأس جيوش المسلمين التى تواجه الرومان فى بلاد الشام، واستطاع أن يدير المعارك بكفاءَةٍ مما مهَّد لفتح بلاد الشَّام بلدا تلو الأخرى، وفى عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه فتح بيت المقدس، وكان إيذانًا بزوال ملك الروم عن سائر بلاد الشام، ونظرًا لجهود أبى عبيدة بن الجراح رَضى الله عنه فى فتوح الشام جعله الفاروق عمر أميرًا على الشام، فسار بين الناس بالعدل وكان زاهدًا متواضعًا حتى أن سيدنا عمر رضى الله عنه زاره فى يوم من الأيام قال لأبى عبيدة: «اذهب بنا إلى منزلك»، قال:«وما تصنعُ عندى؟ ما تريد إلا أن تبكى عليّ!»، فدخل فلم يرَ شيئاً، قال: «أين متاعك؟ لا أرى إلا لِبدًا (الصوف المتلبد) وصَحْفةً (وعاء الطعام) وشنًّا (القربة من الجلد)، وأنت أمير، أعندك طعام؟»، فقام أبو عبيدة إلى جَوْنةٍ (وعاء يشبه السلة أو الجرة يوضع فيه الخبز) فأخذ منها كُسَيراتٍ، فبكى عمر رضى الله عنه، فقال له أبو عبيدة: «قد قلت لك: إنك ستبكى عليَّ، يا أمير المؤمنين إنما يكفى المرء القليل .!”
فى سنة 18 هجرية لقي أمين الأمة ربه شهيداً بمرض الطاعون .
فحزن المسلمون لفقدهم واحداً من كبار الصحابة