طبيب عيون أنشأ بالقاهرة أول معمل لتصنيعها فى الشرق الأوسط

مصر عرفت العدسات اللاصقة لأول مرة عام 1955

قالب العين أول خطوة لصنع العدسة اللاصقة
قالب العين أول خطوة لصنع العدسة اللاصقة

تنتشر حالياً الإعلانات الدعائية لأنواع جراحات تعديل الإبصار باستخدام تقنيات عديدة، تعتمد فى المقام الأول على الليزر، وهناك من يفضل أيضاً استعمال العدسات الطبية اللاصقة لتحقيق الغرض ذاته وهو الرؤية الجيدة، وقد عرفت مصر العدسات اللاصقة قبل نحو 66 عاماً، وفى عام 1955 نشرت اآخرساعةب تقريراً تحت عنوان ااخلع نظارتك وألق بها من النافذةب، معتبرة أن عصر النظارات الطبية قد انتهى وبدأ اختراع جديد يزحف إلى مصر، ولم يكن سوى العدسات الملتصقة.. التفاصيل نعيد نشرها بتصرفٍ محدود فى السطور التالية:-

 

انتهى عهد النظارات، وبدأ زمن العدسات الملتصقة التى لا تنكسر ولا تقع، ولا تشوه منظرك! عدسة من البلاستيك رقيقة مثل ورق السيجارة، سُمكها ربع مليمتر فقط.. وخفيفة وأنيقة وتلتصق بالعين مباشرة، وتتحرك مع العين ولا يلاحظها إنسان.. وتلبس العدسة الملتصقة ولا يشعر بك أحد وتغطس فى الماء، وتقفز فى الهواء ولا تقع العدسة الملتصقة، أما النظارة فكل واحد يعرف متاعبها وأخطارها.

والاختراع الجديد وصل إلى مصر لأول مرة، وتم فى هدوء إنشاء مصنع لعمل هذه العدسات العجيبة التى وصلت من ألمانيا، والتى يستعملها نصف مليون أمريكى، منهم عدد كبير من ممثلات السينما فى هوليوود، ولا يلاحظ أحد أنهن يلبسن عدسات ملتصقة، وهى سهلة جداً.. ضعها فى الصباح على عينيك، ولا تخلعها إلا قبل النوم.. وفى حالات كثيرة لا تنفع فيها النظارات، تصلح العدسات الملتصقة وحدها، وتحل الأزمات وتفتح أبواباً جديدة أمام الناس ليروا الدنيا بوضوح وصفاء.

وفى سلاح الطيران الإنجليزى والكندى والألمانى يستعملون العدسات الملتصقة للطيارين، ولا تعوقهم أن يقودوا الطائرات، وفى أمريكا وحدها لا يوافقون على أن يرتدى الطيارون العدسات الملتصقة بدلاً من النظارات، والسبب لا أحد يعرفه حتى الأمريكيون أنفسهم.

ينسى عيونه أسبوعين!

والغريب أن أحد الجنود الإنجليز وضع فوق عينيه العدسات الملتصقة واشترك فى حرب بورما، واشتدت المعركة واستمرت أسبوعين كاملين والجندى لم يخلع العدسات التى التصقت فوق عينيه، ولم يحس بشيء على الإطلاق.. وفى الحالات العادية تبقى العدسات فوق العين خمس ساعات بدون أى تأثير وبعد التعود عليها تبقى فوق العين اليوم كله فلا تخلعها إلا عند النوم.

والاختراع الجديد نافع جداً للرياضيين.. فى الملاكمة والسباحة وكرة القدم والانزلاق على الماء والغطس وهذه كلها لا تنفع فيها النظارات العادية.. والممثلون والممثلات هم الآخرون يحتاجون لاستعمالها حتى لا تشوه منظرهم النظارات العادية والأطباء والجراحون أثناء العمليات، حتى لا تسقط النظارة العادية أو يغطيها غيم أو ضباب أو عرق.

وفى مصر طبيب واحد أعجبه هذا الاختراع عندما قرأ عنه مقالاً فى إحدى المجلات، وقرر السفر إلى ألمانيا ليشاهد هذه الأعجوبة، وسافر منها إلى إنجلترا والنمسا، وعرف كل شيء عن الاختراع الجديد، وكانت المشكلة فى العدسات أنها غالية الثمن، إذ يكلف الزوج منها خمسين جنيهاً.

وقرّر الدكتور زكريا طاهر أن ينشئ مصنعاً فى مصر لصنع هذه العدسات، وعرض الأمر على المسئولين فى مستشفى الدمرداش، وتمت الموافقة على إنشاء هذا المعمل الأول من نوعه فى الشرق، وتكلف 4 آلاف جنيه فقط، ووصلت الآلات، وتم إعداد المعمل، وبدأ إنتاج العدسات الملتصقة للمرة الأولى فى مصر.

ميكانيكى ودكتور!

والدكتور زكريا طاهر من هواة الميكانيكا، وهو بنفسه الذى يتولى إصلاح الآلات الدقيقة التى يعمل بها كطبيب للعيون، ويقوم بإدارة مصنع العدسات الملتصقة، وهو وحده الذى ينتج العدسات، ويتولى من الدقيقة الأولى عمل قالب للعين، ويدهن العين بنوع من المخدر اسمه ابانتوكينب ويضع نوعاً خاصاً من المعجون فى قالب خاص، ويعرف بعد أربع دقائق شكل العين تماماً، ويضغط بآلة خاصة فوق لوح رقيق من البلاستيك (الباغة) وتخرج العدسة الملتصقة التى تشبه شكل العين تماماً.

ويقوم بتركيبها وقياس النظر بعد استعمالها، ويجرى فيها تعديلات بآلة خاصة حتى تناسب النظر تماماً ويتم هذا بعد أيام من ابتداء الكشف على العين. ولا تحتاج العدسة الملتصقة إلا لشيء واحد هو نظافة اليدين قبل لبسها وعند خلعها، وبعد التعود عليها تصبح عادية جداً حتى أن كثيرين من الناس ينسونها وينامون.

وحقيقةً، الاختراع الجديد غالى الثمن، لأن الزوج يساوى خمسين جنيهاً، ولكن المصنع الجديد الموجود فى مصر يكفى للحالات الضرورية، ولن تساوى العدسات نصف هذا المبلغ أو ربعه، وبعدها سوف تختفى النظارات التى تشوه المنظر وتسقط وتتحطم، وتحرمك من الجرى والقفز والسباحة.. والاختراع الجديد يتحرك مع العين ولا يلاحظه أحد حتى أنت.. يمكنك أن تنساه وتنام والعدسات الملتصقة فوق عينيك.. وقد تبقى أسبوعين كما حدث للجندى الذى كان يحارب فى بورما