رمز الحياة بعد الموت.. سر اختيار اللون الأزرق في الكرنفالات الفرعونية

 اللون الأزرق في الكرنفالات الفرعونية
اللون الأزرق في الكرنفالات الفرعونية

حملت الاحتفالات التي شهدتها الدولة المصرية، والتي نظمتها وزارة السياحة والآثار وكان آخرها موكب المومياوات الملكية واحتفال إحياء طريق الكباش في الاقصر، سيطرة اللون الأزرق كأيقونة للاحتفال.

وتواصلت "بوابة أخبار اليوم" مع كبير الأثريين في وزارة السياحة والآثار د. مجدي شاكر، عن سبب اختيار اللون الأزرق كلون رئيسي وأساسي في الاحتفالات الفرعونية.

قال د. مجدي شاكر إن الفلاح المصري ورث عن أجداده الأوائل مفهومهم عن الألوان وما زال، موضحا أن اللون الأزرق لون السماء ورمز الحياة بعد الموت عند الفراعنة، والتي كان يؤمن بها المصري القديم فجميعهم كانت الحياة بعد الموت هي الهدف الأساسي للحضارة الفرعونية والسبب وراء بناء جميع المعالم الأثرية بمصر.

وأكمل: "قدم المصريون القدماء تقديرا للحياة التى تم تصويرها بوضوح من خلال فنهم الذين يستمتعون سواء فى هذه الحياة أو فى المستقبل لذلك كان القدماء المصريين ينظرون إلى اللون على أنه عنصر أساسي فى جميع أشكال الفن بما فيها مشاهد الحائط أو التماثيل والمجوهرات ويعتقد أن الصفات السحرية ذات اللون المحدد جزء لا يتجزأ من أي كائن كان لكل لون رمزا خاصا به وتم إنشاءه من العناصر الموجودة من الطبيعة".

وأكد د. مجدي شاكر أن تعود هذه العملية للفنانين المصريين تقريبا إلى ألوان تعود إلى عصر الأسرة المبكرة حوالى ٣١٥٠_٢٦١٣ ق.م ولكنها أصبحت أكثر وضوحا خلال عصر الدولة القديمة، مضيفا أن اللون مكونا مهما فى كل عمل فنى صممه المصريون وتم إنشاء كل لون عن طريق مزج مختلف العناصر التى تحدث بشكل طبيعي واصبح كل منها موحدا فى الوقت المناسب لضمان التوحيد فى العمل الفني على سبيل المثال.

الفيروز

ويقول كبير الأثريين ان الفيروز أهــــم أنواع الأحجار الكريمة التي تتواجد بمصر ويوجد في سـيناء وقد ارتبط بالإلهة حتحور ولونه أزرق فاتح، ويوجد بمنطقة جبل المغارة وسرابيط الخادم في سيناء لقد عرف الفيروز في مصر، إذ استعمل فيها منذ العصر النيوليتي وخلال فترة البداري.

كما اعتبر بعض المؤرخين أن المصريين القدماء قد اكتشفوا هذا الحجر منذ عصور ما قبل الأسرات، وعصر ما قبل التاريخ، إذ كان يوجد هذا الحجر النفيس في مناجم الفيروز في المغارة بشبه جزيرة سيناء ومن محتويات مقبرة توت عنخ آمون ما يؤكد ولع قدماء المصريون وملوك الأسرات من قدماء المصريين بالأحجار الكريمة ومن ضمنها حجر الفيروز.

واستعمل حجر الفيروز في ترصيع عدد من الخلاخيل التي عثر عليها في مقبرة الملكة حتب حرس من الأسرة الرابعة في الجيزة كما وجد الفيروز بكثرة في الحلى التي اكتشفت في دهشور من عهد الأسرة الثانية عشر.

وتشير الأبحاث التاريخية إلى أن المصريين القدماء هم أول من عرفوا الفيروز واستخدموه للزينة منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد على حسب قول د. مجدي شاكر.

اللازورد

كان يستورد من الخارج عن طريق التجارة، وكان لونه غامقًا يميل إلى السماء الزرقاء أو الماء، ولذلك كان له ارتباط بالمياه الأزلية (نون).

وجدت للحجر آثار في مواقع تعود لحقبة مصر ما قبل الأسر ولَازَوَرْد هو فِـلِـزّ سماوي الزرقة يستخدم كحجر كريم للزينة, تعتبر أجود أنواع اللازورد ما كانت زرقته صافية وضاربة إلى الحمرة أو الخضرة.

يقدر تاريخ بداية استخراج حجر اللازرد إلى 6500 عام حيث كان يستخرج من بدخشان في أفغانستان. كما يمكن إيجاد الحجر في القوقاز وموريتانيا.

الخرزة والعين الزرقاء (عين حورس) عند الفراعنة

عرف المصريون القُدماء اللون الأزرق، ومدى ارتباطه بالحسد، وذلك عن طريق (عين حورس) وهي عبارة عن شعار مصري قديم، يسٌتخدم للحماية من الحسٌد ومن الحيوانات الضارة ومن المرض وهي في شكل قلادة يتزين بها الشخص، وترمز الى القوة الملكية المستمدة من الآلهة "حورس" أو "رع"، وكانت تلك القلادة توضع أيضا على صدر مومياء فرعون لتحميه في القبر لتتوارث بعد ذلك داخل المجتمع المصري وكانت تلك العين على منقوشاتهم وتوابيتهم الفرعونية.

بدأت الأسطورة قبل سبعة آلاف سنة، عندما عبد المصريون الإله حورس، إله السماء ورمز الخير والعدل، بعد أن انتصر على إله الشر «سِت» الذي قتل والده أوزوريس. لكن ما علاقة هذه القصة بالخرزة الزرقاء التي تحمي من الحسد؟

عين حورس إله السماء

تعتبر أسطورة إيزيس وأوزوريس وحورس من أهم الاساطير التي أسست للديانة المصرية القديمة. في هذه الأسطورة «سِت» هو إله الشر، الذي غرر بأخيه أوزوريس، وقتله في حفل تتويجه على عرش مصر، ثم مزق جسده ووضع كل قطعة منه في مكان بوادي النيل، لتبدأ زوجته إيزيس في البحث عنه وجمع أشلاءه لتُعيده للحياة مرة أخرى.

وبعد رحلة طويلة يُبعث أوزوريس مرة أخرى ويصبح إلهًا للبعث والحساب بعد الموت، تُنجب إيزيس من أوزوريس ابنهما حورس، الذي يستكمل انتقامه من «ست».

وفي حرب شرسة بين الخير والشر، يفقد حورس إحدى عينيه، لكنها تُستبدل بعين لها قوة خارقة، يستطيع بها هزيمة خصمه «سِت» واستخدامها كتعويذة سحرية لإعادة أوزوريس للحياة.

ومن هنا أصبح حورس إله السماء والعدل والخير، وأصبحت عينه هي العين الحارسة التي تحمي الإنسان من الشرور والأمراض، واتخذها الفراعنة كتميمة تحمي عروشهم، وكرمز لاستقرار نظام الدولة.

واستطرد: "اللون الأزرق من الألوان المحيرة للمصري القديم، كان المصدر الأساسي للون الأزرق بالنسبة له هو حجر الأزورَيت، لكن المصري القديم وجد أن اللون الأزرق متغير ولا يبقى بنفس نقاءه، فاخترع لونًا أزرق خاصًا به، وبدأ يصدره لجميع أنحاء العالم".

وأوضح أن اللون الأزرق بدأ تصنيعه منذ الأسرة الفرعونية الثالثة وبالأخص في عهد الملك زوسر، صاحب هرم زوسر؛ بعكس المعلومات المغلوطة والمنتشرة في جميع الأبحاث، والتي تقول إن صناعة اللون الأزرق بدأت في الأسرة الخامسة.

و اختتم كبير الأثريين د. مجدي شاكر أن قدس المصريون اللون الأزرق، واعتبر رمزا للملوك وللوقاية من الحسد والأرواح الشريرة، وكان اللون الأزرق الخام يوضع في المقابر ويلون سقف المقبرة باللون الأزرق، و ارتبط هذا اللون بكثير من الدلالات الدينية، فهو لون السماء، وكان حورس هو إله السماء، والمتوفي بعد الموت يصعد للسماء، ليلتقي بإله الموت أوزوريس الذي هو والد الإله حورس.

وكان الملك فى الحرب يرتدى تاجا يسمى الخبرش بمعنى التاج الأزرق الديانة المصرية القديمة اعتمدت بشكل كبير على الظواهر الكونية، ولأن المصري القديم آمن بفكرة انتصار الخير على الشر، فرمز لهذه القوة بالإله حورس الذي انتصر على إله الشر سِت.

ومن هنا ارتبطت بحورس كل الرموز التي تدل على السيطرة والقوة وحماية البشر، مثل عين الصقر.

اقرأ أيضا| بالأزرق والذهبي.. كواليس عروض احتفال «طريق الكباش» بالأقصر| فيديو