الاتحاد المصرى يرصد التجارب العالمية فى مجال التأمين البريدى

علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري للتأمين
علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري للتأمين

رصد الاتحاد المصري للتأمين، برئاسة علاء الزهيري في تقريره الأسبوعي، بعض التجارب العالمية في مجال التأمين البريدي.

وقال الاتحاد المصري، إن هيئات البريد بدأت في تقديم الخدمات المالية منذ أكثر من 150 عاماً حيث تم فتح أول حساب بريدي في عام 1861 في المملكة المتحدة.

 وقد شكل التأمين جزءاً من الخدمات المالية التي تقدمها هيئات البريد على مر التاريخ ففي عام 1884 قامت هيئة بريد الهند بتقديم مشروعاً تأمينياً يستهدف التأمين على موظفيها، ثم اتسع النطاق الخاص بهذا المشروع التأميني ليشمل الموظفين العاملين في المؤسسات العامة للدولة بعد أربعة سنوات أي عام 1888.

واستعرض الاتحاد المصري، بعض التجارب العالمية في مجال التأمين البريدي.

1.   المملكة المتحدة 

مجموعة البريد الملكي البريطاني هي شركة خدمات البريد والبريد السريع في المملكة المتحدة، التي أنشئت في 1516. كان البريد الملكي خدمة عامة، تعمل كإدارة حكومية أو مؤسسة عامة، إلا أنه بعد صدور قانون الخدمات البريدية لعام 2011 تم طرح غالبية الأسهم الخاصة بمجموعة البريد الملكي في بورصة لندن في عام 2013. واحتفظت حكومة المملكة المتحدة في البداية بحصة 30 ٪ فيها لكنها باعت أسهمها المتبقية في عام 2015، منهية بذلك 499 عاماً من الملكية العامة.

إلى جانب تقديم خدمات البريد التقليدية تقوم البريد بتقديم الخدمات الخاصة ببطاقات الائتمان والحسابات الجارية والرهون العقارية والقروض الشخصية ومنتجات التأمين.. حيث تقوم بتقديم تأمين السفر وتأمين الحياة والتأمين على المسكن وتأمين السيارات والتأمين على الحيوانات الأليفة.

2.   فرنسا

وافقت هيئة الرقابة الفرنسية على استحواذ شركة البريد المملوكة للدولة La Poste على شركة سي ان بي للتأمين CNP Assurances   في محاولة لإقامة بنك وشركة تأمين تخضع لملكية الدولة وتركز على المناطق الريفية في البلاد.

وقد تم السماح لشركة الاستثمار المملوكة للدولة Caisse des Depots et Consignations والحكومة الفرنسية بنقل حصتها البالغة 42٪ في شركة سي ان بي للتأمين إلى البنك البريدي La Banque Postale

ومن خلال ذلك سيتاح لمكتب البريد الفرنسي فرصة التنويع بعيداً عن أعمال البريد التي تتسم بالانكماش، بينما ستتمكن شركة سي ان بي للتأمين من الوصول إلى عملائها ويمتلك البنك البريدي بالفعل حوالي 18% من شركة سي ان بي للتأمين 

ويعد الاندماج بين البنك البريدي وشركة سي ان بي للتأمين هو محاولة من قبل الحكومة لضمان وصول الخدمات المصرفية والتأمينية إلى المناطق الريفية في الوقت الذي تغلق فيه البنوك الرئيسية فروعاً لها في الريف.

التجارب الآسيوية

1.    الهند

تقدم هيئة البريد في الهند منتجات التأمين منذ عام 1884. وعلى الرغم من أنها لا تملك ترخيصاً محدداً من هيئة الرقابة على التأمين، فإن البريد يوفر التأمين لعملائه بموجب قانون البريد. وفى الوقت الراهن، يوجد لدى هيئة البريد بالهند منتجان للتامين وهما التأمين البريدي على الحياة والتأمين البريدي على الحياة الريفية.

وفي عام 1994، لاحظت اللجنة الرسمية للإصلاحات في قطاع التأمين أن عدد السكان المؤمن عليهم لا يتجاوز 22٪ فقط من حجم السكان الذين لديهم القابلية للتأمين في الهند، وبالتالي صدرت توصية بالسماح لهيئة البريد بتقديم منتجات التأمين في السوق الريفية. وجاءت هذه التوصية بناءً على ما ارتأته اللجنة من أن البريد من المؤسسات الموثوق فيها في المجتمع، كما أنه يتمتع بشبكة واسعة النطاق مما سيساعد في اتساع نطاق التغطية التأمينية والوعي بين سكان الريف. 

ويرجع النجاح الذي حققته هيئة البريد في بيع منتجات التأمين إلى الخطوات التي تم اتخاذها لدعم وتعزيز فريق المبيعات وإعطائهم التدريب اللازم لصقل مهاراتهم التسويقية، بالإضافة إلى إنشاء قنوات مبتكرة للتفاعل مع العملاء. ولتحسين قنوات الاتصال مع العملاء، قامت هيئة البريد بتطوير البوابات الإلكترونية الخاصة بها، بالإضافة إلى إنشاء مركز اتصال للتعامل مع الخدمات. علاوة على ذلك، تم إنشاء 809 مركز معالجة مركزية في مكاتب البريد الرئيسية في الدولة للتعامل مع عروض التأمين وطلبات الخدمات والمطالبات.

 

2.    كازاخستان 

منذ عام 2011، قامت كازبوست (هيئة البريد الوطنية في دولة كازاخستان Kazpost) بإبرام اتفاقيات شراكة مع تسع شركات تأمين لتقديم خدمات الوكالة لمنتجاتها؛ وذلك استنادا إلى نموذج الأعمال الخاص بشراكة الوكالة.  وبموجب هذه الشراكة بدأت كازبوست في إصدار وثائق التأمين نيابةً عن الشركات وفى مقابل ذلك يتم فرض رسوم على كل معاملة يتم إبرامها. يتم تقديم منتجات التأمين في 94 منفذ بريد، تمثل 2.8٪ من الشبكة البريدية بأكملها، واعتبارا من عام 2015 أصبحت تساهم بنسبة 0.12٪ من إجمالي إيرادات كازبوست.

 

اتسم هذا النموذج بسهولة التنفيذ نظراً لأن قانون البريد لجمهورية كازاخستان يسمح للبريد بتقديم خدمات الوكالة. علاوة على ذلك، لم تضطر كازبوست إلى أن تقوم باستثمارات كبيرة في شبكتها أو في الموارد البشرية.. وإنما كان التعديل الرئيسي المطلوب هو إنشاء برنامج لإصدار الوثائق نيابة عن شركات التأمين المختلفة. وبهذا يتم تقديم منتجات التأمين بجانب المنتجات المالية الأخرى التي تعد بالفعل جزءً من محفظة منتجات هيئة كازبوست. ومن خلال هذه الاتفاقيات، تمكنت شركات التأمين من الوصول إلى جزء من الشبكة البريدية وتمكنت من الوصول إلى أسواق جديدة، بما في ذلك المناطق الريفية. لم تضطر شركات التأمين إلى القيام باستثمارات كبيرة في البنية التحتية البريدية لتقديم منتجاتها.

 تجسد الحالة الخاصة بكازبوست مدى سهولة نموذج شراكة الوكالة كما تلقى الضوء على المنفعة المتبادلة بين البريد وشركة التأمين؛ وأنه مع القليل من الاستثمار من كلا الطرفين، يمكن وضع النموذج وتحقيق الربحية. 

التجارب الأفريقية

1.    بوركينا فاسو

تقدم سونابوست (الشركة الوطنية للبريد بدولة بوركينا فاسو SONAPOST) خدمات التأمين لعملائها منذ عام 2005. وفى الوقت الحالي أصبحت تقوم بتقديم المنتجات التأمينية لاثنتين من شركات التأمين. حيث تقوم  بإصدار وثائق التأمين وتحصيل الأقساط وصرف التعويضات من خلال جميع المنافذ البريدية البالغ عددها 108 في شبكتها. وفى كلتا الحالتين، بادرت شركات التأمين بتقديم فكرة التعاقد مع البريد ليكون وكيلهم. وقد رأت سونابوست في خدمات الوكالة هذه إمكانية لتنويع مصادر دخلها. 

وتعد أحد العقبات التي تعوق المزيد من التوسع في بيع منتجات التأمين وفقاً لما ذكرته سونابوست هو عدم الوعي بفوائد ومزايا التأمين. ولا تزال هناك حاجة إلى وضع استراتيجية مناسبة لزيادة الوعي بين العملاء نظراً لنقص الوعي لديهم، كما انه من الممكن أن تكون المنتجات غير ملائمة لاحتياجات العملاء. ولمعالجة هذه المشكلات، تحتاج شركة البريد إلى الاستفادة من علاقتها مع العملاء من أجل تبنى الأساليب و/ أو المنتجات الملائمة للعملاء.

2.    كينيا

بدأت مؤسسة البريد الكينية (PCK)  في تقديم مجموعة متعددة من منتجات التأمين لعملائها من خلال منافذ البريد الخاصة بها بعد الموافقة على قانون البريد في عام 1999.

دخلت مؤسسة البريد الكينية في مباحثات مع العديد من شركات التأمين وأصبحت وكيلاً لثلاث شركات وكجزء من الاتفاقيات المبرمة مع هذه الشركات كانت مؤسسة البريد الكينية عن تسجيل عملاء جدد نيابة عن شركات التأمين وكذلك تحصيل الأقساط. تم تحديد نموذج الأعمال الذي سيتم تنفيذه بناءً على أساس بعض الأمور التنظيمية..  حيث أن قانون مؤسسة البريد في كينيا ينص على عدم قيام المؤسسة بوضع تصور لخدمات التأمين. لذلك، لا يمكنها العمل إلا كوكيل لشركات التأمين. 

3.    زامبيا

نظرت مؤسسة الخدمات البريدية في زامبيا (ZamPost) إلى التأمين كاستراتيجية بديلة للترويج للمنتجات الأخرى للبريد، وليس كمنتج موجود في محفظتها الخاصة  وخلال سعيها في البحث عن استراتيجيات لزيادة الإيرادات ومحاولة البعد عن المنافسة في سوق تحويل الأموال في زامبيا، أبرمت مؤسسة البريد شراكة مع إحدى شركات التأمين لإضافة قيمة أخرى إلى خدمة تحويل الأموال من خلال الشراكة، حيث ستقوم مؤسسة البريد بتقديم تأمين مجاني على الحياة للعملاء الذين يبلغ إجمالي حجم معاملات التحويل لديهم أقل من 165 دولار أمريكي مع مبلغ تأمين 125 دولارأمريكى، وبالنسبة لأولئك الذين لديهم معاملات تحويل تتعدي 165 دولار أمريكي  يتضاعف مبلغ التأمين إلي  250 دولار أمريكي.

وعلاوة على ذلك، تمكنت الشراكة من مساعدة شركة التأمين في التصدي إلى إحدى المشكلات التي كانت تتعرض لها الشركة، ألا وهي قنوات التوزيع الخاص بها. وبعد عام واحد من الشراكة ارتفع عدد الوثائق التي كانت تصدرها شركة التامين من 403 إلى 224483 وثيقة، وبالتالي كانت مؤسسة البريد هي المسؤولة عن 99٪ من هذا النمو.

مع نموذج الشراكة الكاملة، إلى جانب الوصول إلى أسواق جديدة، يمكن لشركات التأمين عادةً الاعتماد على مدخلات هيئات البريد في مرحلة تطوير المنتجات وفي أنشطة المبيعات، حيث سيؤدى ذلك إلى جعل موظفي هيئة البريد أكثر تحفيزاً واستعداداً للترويج لمنتجات شركة التأمين. 

تجربة البريد المصري

 

في إطار دعم خطط الدولة الرامية إلى تحقيق الشمول المالي لمختلف فئات المجتمع وتوفير نماذج تأمينية مختلفة لكافة قطاعات الأنشطة الاقتصادية في مصر  تم توقيع بروتوكول تعاون بين الاتحاد المصري للتأمين و الهيئة القومية للبريد ، و يستهدف البروتوكول تنويع قنوات توزيع التأمين على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر سواء الجديدة أو القائمة وبرامج التأمين على الأفراد والأسر ونشر الوعي التأميني وتنمية المجتمع، والاستفادة من القدرات المادية والبشرية التي يمتلكها الاتحاد المصري للتأمين وشركاته الأعضاء واستثمار الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها البريد المصري والمتمثلة في البنية التحتية والانتشار الجغرافي الواسع لمكاتب البريد، بالإضافة إلى تشجيع ثقافة التأمين و تحقيق الشمول المالي.