أمس واليوم وغدا

حكـايـات العـبور مسـتمـرة

عصــام السـباعى
عصــام السـباعى

أكثر من «عبور» قامت به مصر، وليس فقط ذلك العبور الكبير الذى حققناه فى حرب السادس من أكتوبر1973، سواء بالمعنى الحرفى أو المعاش لكلمة «العبور»، فقد انتقلت مصر إلى الجانب الآخر المستقر من ضفة النهر، ودعت الانكسار إلى الانتصار، وعبرت حيث يستطيع البلد أن يتنفس، عبرت بحار اليأس، وكذبت ظنون الذين تخيلوا أن كبرياء وشموخ المواطن المصرى قد ذبل، وأن أشجار الأمل قد جفت فى جذورها، وأن «بكرة» قد مات قبل أن تشرق البراعم على الأغصان، وأعاد الجندى المصرى للمصريين بلدهم من جديد، بعد أن كاد ينهار، ويموت الأمل فى قلوبهم، وحقق الجندى المصرى العظيم المعجزة، وعبر القناة وحطم أنف العدو المعتدى المحتل، وقطع ذراعيه وقدميه، وانتزع قلبه واحتل هواءه، وأعاد ما قد سرقه وسلبه، وعلمه درساً لا ينساه، ولن يحاول أن يكرر ما فعله فى أى جيل من أجياله، فما حدث له فى حرب أكتوبر كابوس لن يجرؤ أبداً أن يكرره مرة أخرى، لأن هناك وعدا قطعه الجندى المصرى لشعبه، وهناك وعيدا لمن يتجرأ على المساس بأرض مصر والمصريين.
ما أريد قوله إن مصر كانت على موعد مع العبور فى العديد من المراحل الزمنية والمفصلية، كادت فيها أركان الدولة أن تميل، ولكم أن تتخيلوا حالنا لو حدث ذلك مقارنة بدول أخرى حولنا، وهكذا عبرت مصر مرحلة الانكسار ما قبل عام 1973، وهكذا أيضا عبر المصريون نكسة حكم الإخوان الإرهابى بثورة الشعب فى 30 يونيو، التى استجاب لها الجيش الذى هو من ذلك الشعب، ليلبى نداء جموع المصريين من أجل إنقاذ الوطن، فكان بيان 3 يوليو العظيم، وكانت تلك الثورة أو العبور الثانى لمصر، لتحقق مصر من بعده أكثر من عبور وفى أكثر من مجال، وهل ينسى أحد ملحمة قناة السويس الجديدة، أو معركة العبور لتثبيت أركان الدولة وإعادة بناء المؤسسات الوطنية، وهل يمكن أن يغفل أحد معركة انتشال اقتصاد البلد من السقوط، وتنفيذ عملية إصلاح اقتصادى شامل، تتضمن أكبر معجزة وهى تحرير سعر صرف الجنيه المصري، وبدء خطة إصلاح هيكل الدعم؛ بدعم وتأييد من الشعب المصرى، الذى تحمل كل شيء من بلده، وثقة فى قيادته، ولا أعتقد أننا سننسى يوما انتصارنا فى معركتنا ضد الإرهاب والجماعة الإرهابية، ونجاح الجيش والشرطة بدعم شعبى كامل فى حماية دماء المصريين، وتحقيق الاستقرار، وتدمير البنية الأساسية للجماعة الإرهابية.
وهل يستطيع أحد داخل مصر أو خارجها أن ينكر ملحمة العبور الكبرى، وتلك النهضة الكبرى التى يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى بثقة ودعم وبمشاركة الشعب المصرى وجيش مصر العظيم الذى يحمل بيد السلاح، وبالأخرى يعمر ويبنى ويضحى، تلك الملحمة التى عبرت بنا إلى الجمهورية الجديدة، وتقفز بالمؤشرات فى كل قطاعات البلد إلى الأمام، وكلها عوامل ساعدت مصر على عبور أزمة التجارة الدولية، والخروج من الأزمة الاقتصادية التى عانت منها كل دول العالم نتيجة جائحة فيروس كورونا، فنجد التقارير الاقتصادية العالمية والمؤسستين العالميتين صندوق النقد والبنك الدوليين تشيد بأداء الاقتصاد المصري، ودعونا نكون صادقين ومباشرين غير مبالغين فى الوصف والتقدير، فما حققته مصر يفوق بكثير ما تحقق خلال عقود طويلة مضت، وخاصة ما يتعلق ببناء الإنسان وتوفير حقوقه الأساسية فى البيئة والسكن والصحة والتعليم وكافة مؤسسات الدولة، ويكفى مشروع حياة كريمة بكل تفاصيله ومشروع مستقبل مصر وإنشاء رئة جديدة خضراء وسلة غذاء مهمة ومطلوبة حالياً وفى المستقبل، ياسادة: لقد خضنا معركة العبور الكبير منذ العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين، وبعد أن خضنا معركة تحرير الأرض فى القرن العشرين، فنحن فى عمل متواصل حاليا مع معركة العبور العظيم فى القرن الحادى والعشرين بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى لبناء ونهضة الأمة المصرية، وإنا فيها لمنتصرون. 

جيش النبـــــلاء العظيم 

كم أتمنى لو كنا على موعد مع عمل فنى درامى أو وثائقى أو تسجيلي، يتم إذاعته سنويا مع احتفالات النصر وخاصة للأطفال والنشء والشباب، فأنا من الذين عاشوا أيام ذلك النصر وعمرى لا يزيد على 11 سنة بالتمام والكمال باعتبارى من مواليد الخامس من أكتوبر، وما زلت أعيش ذكريات أيام النصر وكأنها حدثت بالأمس، عندما زرت معرض الانتصار فى أرض المعارض وكان مقرها فى ذلك الوقت، حيث توجد حاليا دار الأوبرا المصرية، أتمنى لو أصبحت زيارة بانوراما أكتوبر من الثوابت المدرسية، وأن يكون النصر العظيم أحد موضوعات المسابقات بكل أنواعها، أتمنى لو عرف كل جيل أن الله قد اختص مصر بحفظه وعنايته، أتمنى لو عرف كل جيل أن مصر صاحبة وعد بالعبور المستمر إلى الانتصار، قد تتعثر، وقد يعرقلها البعض، ولكنها أبدا لا تسقط ولا تضيع، أتمنى لو عرفوا من التاريخ أن بلدهم قد عبر الكثير من العقبات وتجاوزها بفضل الجيش المصرى جيش الشعب، أقدم جيش نظامى ثابت فى العالم، أتمنى لو عرف أن جيشهم الذى هو منهم، يحمل لقب «جيش النبلاء»، لأنه لم يكن فى يوم ما جيشاً للعدوان أو اغتصاب حقوق الغير، وهكذا كان منذ البدء عندما قام مينا بتوحيد القطرين عام 3425 قبل الميلاد، وعندما تم قهر الهكسوس الغزاة البغاة، على يد أحمس الأول بطل استقلال مصر فى الزمن القديم، مرورا بتحتمس الثالث، بطل معركة «مجدو» الشهيرة، ورمسيس الثانى قائد معركة قادش التى حطمت تحالف الآسيويين المتربصين بأمن مصر، ويتم بعدها توقيع أول معاهدة سلام فى التاريخ، واستمرت بطولات جنود مصر النبلاء، ومنها معركة حطين بقيادة الناصر صلاح الدين، كم أود لو عرفت كل الأجيال الحالية والمستقبلية، كيف كان المقاتل المصرى صاحب دور عظيم فى وقف طوفان التتار فى معركة عين جالوت، ونحت بحروف من نور، بطولات سجلها تاريخ العسكرية أيام محمد على فى بداية القرن التاسع عشر، خلال الحروب التى خاضها ضد تركيا فى الشام، مثل معارك الزراعة وعكا وحمص وبيلان، وفى كل الأحوال ستبقى حرب أكتوبر 1973، هى الأبرز وهى الأسطورة والمعجزة العسكرية التى حققها الجندى المصرى منذ ذاك الوقت وحتى اليوم.
عاشت مصر.. عاش شعبها.. عاش جيشها.. وحفظ الله قائدها. 

بوكس

شكراً لكل جندى مصرى يعمل فى كل مجال.. شكرا لجنود مصر فى كل قطاع.. شكرا حتى لهواة الرغى والكلام.. لأنهم جعلونا نعرف جيدا الفرق الكبير بين أهل العمل و«أهل المصطبة»!!!